“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
شكّل الهجوم الذي تبناه الحوثيون على منشأتين نفطيتين رئيسيتين لصناعة النفط في شركة “أرامكو” السعودية ضربة صاعقة للإقتصاد الدولي وذلك قبل شهر من طرح 1 في المئة من أسهم الشركة للإكتتاب العالمي واستجلب الهجوم ردود فعل دولية شاجبة لضربة أوقفت ضخّ 50 في المئة من تصدير المملكة العربية السعودية للنفط. وكان حقلا بقيق وخريص النفطيان تعّرضا أمس السبت في 14 أيلول، الى هجوم بالطائرات المسيّرة.
أوساط سعودية لـ”مصدر دبلوماسي”
وقبل الدخول في تفاصيل ردود الفعل، فقد تحدثت أوساط سعودية مطلعة الى موقع “مصدر دبلوماسي” عن هذا الهجوم الأول من نوعه على “أرامكو”، إذا كانت وقعت قبله هجومات على محطات مورّدات محدودة.
قالت الأوساط بأن “هذا العمل موقّع من الميليشيات الإيرانية التي يمكن أن تأخذ العالم الى الدمار وبالتالي لم يكن الأمر مستغربا:.
ولفتت الى ان “هذا الهجوم يعدّ فرصة ليرى العالم ماذا تمثل هذه الميليشيات الإرهابية من خطر على العالم، وخصوصا إذا امتلكت مسيّرات واسلحة باليستية”.
في غضون ذلك، وجهت وزارة الخارجية الأميركية اتهاما مباشرا الى إيران وفي حين لم تتبنّ إيران هذا الهجوم.
وقالت الأوساط السعودية المذكورة” بأن المعلومات تفيد بأن الطائرات المسيّرة خرجت من العراق وهذا ما ذكرته ايضا صحيفة الرأي العراقية، وتشير الدلالات بأن ميليشيا الحشد الشعبي هي التي أرسلت هذه المسيّرات”.
وتشير الأوساط الى أن “المملكة العربية السعودية سوف تعمد الى اتخاذ اجراءات دبلوماسية تصعيدية في دوائر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لأن الأمر يعتبر تعديا ارهابيا على أراضيها ومنشآتها وسيادتها”.
ويشبّه السعوديون هجومات أمس بهجومات 11 أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة الأميركية، ويطلقون عليها “هجومات 14 سبتمر”.
لم توجّه المملكة العربية السعودية بعد أي اتهام رسمي لأية جهة، وتقول الأوساط:” الجميع يدرك بأن ايران هي المستفيدة الوحيدة من هذا الهجوم، لأنها صرحت قبل فترة بأنها لن تدع أحدا يصدّر النفط في المنطقة إذا لم يسمح لها بالتصدير”.
وسألت الأوساط:” هل يعقل أن تقوم الميليشيات المدعومة من إيران بأعمال من هذا النوع بلا الرجوع إليها؟ بالتأكيد لا”. بحسب تعليقها.
وأضافت الأوساط “أن المسألة واضحة وكل قوانا موجهة ضد الإرهاب الإيراني”.
وقالت الأوساط بأن” اية شكوى عتيدة ستكون ضد الميليشيات التابعة لطهران وهي مسؤولة عن أعمالها”.
وقالت “بأن أي تأثير بتزويد الأسواق “سوف يتم تخطيه، أما الإكتتاب العام لأرامكو فلن يتأثر، وهؤلاء اختاروا التوقيت للتأثير في هذا الأمر، لكنها ليست نهاية العالم وستعود “أرامكو” للعمل بكامل طاقتها لأن الإستهداف ليس لأرامكو السعودية بل لإقتصاد العالم أجمع”.
واستعادت الأوساط ما قاله السيناتور الأميركي ليندسي غراهام الذي دعا الى توجيه ضربة عسكرية لمنشآت النفط الإيرانية ردا على الهجمات على مصافي النفط في السعودية.
حالة طوارئ مع إيران
وقالت بأنه “بعد الهجوم الإرهاب الأخير سوف يطرح على الطاولة إيجاد حلّ طارئ للأزمة مع إيران وميليشياتها المتفلتة في اليمن والعراق ولبنان، فالسعودية ستكون صريحة مع الولايات المتحدة الأميركية بضرورة لجم هذا السلوك الإيراني، وهذا ما كان طالب به إجتماع مكة السابق”.
ردود فعل شاجبة للهجوم
توالت ردود الفعل الدولية الشاجبة لهجوم أمس، وكان لافتا كلام السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام وهو عضو في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي وحليف وثيق لترامب إذ قال في تغريدة على “تويتر”:” حان الوقت الآن لأن تضع الولايات المتحدة الأميركية على الطاولة مهاجمة مصافي النفط الإيرانية اذا واصلوا استفزازاتهم أو زادوا تخصيب اليورانيوم”. من جهته، اتهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو طهران مباشرة بالهجوم على منشأتي تكرير النفط في السعودية مستبعدا انطلاق الهجمات من اليمن وقال بومبيو:” ندعو جميع الدول الى الإدانة العلنية والقاطعة لهجمات ايران” محذرا من أن إدارة الرئيس ترامب ستعمل من حلفائها للتأكد من “محاسبة” طهران على عدوانها.
كذلك اصدرت وزارة الخارجية الألمانية بيانا استنكرت فيه بشدة الهجمات ضد “ارامكو” السعودية، وكذلك فعلت وزارتا خارجية فرنسا وبريطانيا.
ومساء نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أكد خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب “ان للمملكة الإرادة والقدرة على مواجهة هذا العدوان الإرهابي والتعامل معه” من جهته، “ندد ترامب بالهجوم خلال الإتصال الهاتفي مع بن سلمان وابلغه حق السعودية في الدفاع عن نفسها”. وأصدر البيت الأبيض بيانا بعد الإتصال الهاتفي قال فيه بأن “الولايات المتحدة الأميركية تدين بشدة الهجوم على البنية التحتية الحيوية للطاقة”. وأضاف:” إن أعمال العنف ضد المناطق المدنية والبنية التحتية الحيوية للإقتصاد العلني تؤدي فقط الى تعميق النزاع وانعدام الثقة” واضاف البيان:” إن حكومة الولايات المتحدة الأميركية تراقب الوضع وتبقى ملتزمة ضمان استقرار أسواق النفط العلمية وتزويدها بالموارد الكافية”.
العراق من جهته نفى استخدام اراضيه لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بالطائرة المسيرة، بحسب وكالة الأنباء العراقية.
ونفى المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي في بيان ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام الأراضي العراقية لمهاجمة منشآت نفطية سعودية بالطائرات المُسيرة، مؤكدا التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه وأن الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور، وقد شكلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات”.
ودعت بغداد جميع الأطراف إلى التوقف عن الهجمات المتبادلة، والتسبب بوقوع خسائر عظيمة في الأرواح والمنشآت، مؤكدة أن الحكومة العراقية تتابع باهتمام بالغ هذه التطورات، وتتضامن مع أشقائها وتعرب عن قلقها من أن التصعيد والحلول العسكرية تعقد الأوضاع الإنسانية والسياسية، وتهدد أمننا المشترك والأمن الإقليميّ والدولي.
من جهته، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش أن الهجوم الذي تبناه الحوثيون على المعملين التابعين لشركة “أرامكو” السعودية في مدينة بقيق يطال الإمارات ودول المنطقة.
وقال قرقاش في تغريدة على حسابه في “تويتر”: “إن الهجوم الإرهابي على معملي “أرامكو” يطالنا جميعا ويشير إلى التحدي الاستراتيجي الذي تواجهه المنطقة وضرورة تضافر الجهود تجاهه”.
أضاف “الإمارات أدركت طبيعة التحديات المحدقة والمشتركة مبكرا واختارت بكل مسؤولية أن موقفها وموقعها مع الرياض. نعم مسارنا ومصيرنا واحد”.
وكانت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن أعلنت استمرار التحقيقات الأولية لمعرفة الجهات المتورطة بالهجمات، في وقت تبنّت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران مسؤوليتها عن استهداف الحقلين النفطيين بطائرات من دون طيار.
وأتت هجمات السبت بعد ضربات عبر الحدود على منشآت نفطية سعودية وناقلات نفط في مياه الخليج. وأدّى الهجوم إلى إشعال حرائق في منشأتين نفطيّتين تابعتين لشركة “أرامكو” السعوديّة العملاقة، في ثالث عمليّة من هذا النوع في خمسة أشهر على منشآت تابعة للشركة.
وأعلنت وزارة الطاقة السعوديّة في وقت لاحق السبت أنّ الهجوم أدّى إلى توقّف “مؤقت” للإنتاج في هذين الموقعين وهو ما أثّر في حوالى نصف إنتاج “أرامكو”.
وكان المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية قد صرح، السبت، أنه “عند الساعة الرابعة من صباح السبت، باشرت فرق الأمن الصناعي بشركة “أرامكو” اطفاء حريقين في معملين تابعين للشركة بمحافظة بقيق وهجرة خريص نتيجة استهدافهما بطائرات بدون طيار “درون”، حيث تمت السيطرة على الحريقين والحد من انتشارهما، وقد باشرت الجهات المختصة التحقيق في ذلك”.
أرامكو تطرح في تشرين الأول واحد في المئة من اسهمها للإكتتاب
وقبل يوم من الهجوم الحوثي، قالت وكالة “بلومبرغ” بأن طرح 1 في المئة من أسهم شركة “أرامكو” السعودية للاكتتاب العام قد يحقق عائدات تعادل قيمة جميع الاكتتابات العامة التي أجريت في السعودية خلال السنوات العشر الماضية.
ونقلت الوكالة عن مصادر لم تسمها أن طرح “أرامكو” الأولي، من الممكن أن يتم في تشرين الأول القادم، مشيرة إلى أن ذلك قد يبدأ بطرح داخل السعودية لنحو 1 في المئة من أسهم “أرامكو”.
وأوضحت أنه لو تم تقييم “أرامكو” الشركة الأكثر ربحية في العالم، عند 1.5 تريليون دولار، فإن عائدات طرح 1 في المئة من أسهمها ستساوي عائدات 72 شركة بدأت إدراج أسهمها في بورصة الرياض منذ 10 أعوام.
وتسعى السعودية لرفع أسعار الخام المتقلبة قبل طرح 5 في المئة من أسهم “أرامكو” للاكتتاب العام الأولي، في عملية يتوقع أن تكون أكبر طرح للأسهم في العالم.
والهدف هو جمع مئة مليار دولار، ويشكل طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام حجر أساس برنامج الإصلاحات، الذي وضعه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد المملكة، والتخفيف من اعتماده على النفط.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الشهر الماضي، أن شركة النفط العملاقة تدرس إمكانية طرح الاكتتاب الأولي على مرحلتين تبدأ الأولى في السعودية، مع إدراج الشركة ضمن مرحلة ثانية في بورصة عالمية ربما تكون بورصة طوكيو.