“مصدر دبلوماسي”
ابلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو خلال استقباله له أمس في قصر بيت الدين في مستهل زيارة للبنان تستمر لغاية اليوم السبت، ان استمرار تجاهل المجتمع الدولي لضرورة عودة النازحين السوريين الى بلادهم يطرح علامات استفهام كثيرة حول الاسباب، معتبرا ان الهاجس المشترك للبنان وتركيا يبقى عودة هؤلاء النازحين الى ديارهم.
واكد عون ان لبنان الذي يتمسك بالعودة الكريمة لهؤلاء النازحين، يعتبر ان تقديم مساعدات دولية للنازحين في ارضهم، يشكل حافزا مهما لهذه العودة، لافتا الى ان الذين عادوا من لبنان الى سوريا حتى الان باشراف “الامن العام اللبناني” لم يتعرضوا لاية مضايقات وان عمليات العودة سوف تستمر تباعاً.
وشدّد عون على علاقات التعاون القائمة بين لبنان وتركيا في المجالات كافة محمّلا اوغلو تحياته الى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وتمنياته.
وكان اوغلو استهل اللقاء بالتأكيد على الاهتمام الذي يوليه الرئيس اردوغان للعلاقات اللبنانية- التركية وتقديره لدور رئيس الجمهورية في مقاربة الاحداث والتطورات في المنطقة ناقلا تحياته الى الرئيس عون وتمنياته له بالتوفيق والنجاح. ثم عرض للمصالح المشتركة بين البلدين وللتعاون القائم في المجالين الاقتصادي والتجاري مؤكدا على اهمية دور لبنان في الحفاظ على الامن والاستقرار الاقليميين. كما تناول البحث الاوضاع في سوريا وفلسطين وشرق المتوسط، ورؤية بلاده لمسألة النازحين السوريين لافتا الى انها تتطابق مع الموقف اللبناني الداعم لهذه العودة.
وابلغاوغلو الرئيس عون ان تركيا ستصوت الى جانب لبنان لانشاء ” اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” عندما سيطرح هذا البند في الامم المتحدة في 13 ايلول المقبل لافتا الى ان تركيا تقدر دور لبنان في محيطه والعالم.
وضمّ الوفد التركي الى جانب الوزير اوغلو: سفير تركيا في لبنان حقان شاكيل، وكبير مستشاري الوزير عثمان كوراي ايرتاس والمتحدث الرسمي هامي اسكوي وعددا من الدبلوماسيين. وحضر عن الجانب اللبناني وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الوزير سليم جريصاتي، والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والمستشارون السادة: العميد الركن بول مطر، السفير شربل وهبة، رفيق شلالا، واسامة خشاب.
عند الرئيس الحريري
من جهته، إستقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عصر أمس في السراي الحكومي وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو والوفد المرافق في حضور السفير التركي في لبنان حقان شاكيل والوزير السابق غطاس خوري، وتناول اللقاء مجمل الاوضاع واخر المستجدات في لبنان والمنطقة وسبل تنشيط العلاقات الثنائية وتطويرها في مختلف المجالات.
وخلال اللقاء اشاد الرئيس الحريري بالدور الذي تطلع به الوحدة التركية العاملة في اطار قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، وابلغ اوغلو انه وقع امس المرسوم القاضي برفع الحظر المفروض على استيراد بعض المنتجات التركية الى لبنان.
من ، اعرب اوغلو عن دعم بلاده للبنان ولمؤسساته الدستورية وبشكل خاص الجيش اللبناني ونقل للرئيس الحريري اهتمام الشركات التركية للاستثمار في لبنان وخاصة في مشاريع البنى التحتية التي يلحظها مؤتمر “سيدر” كما تم الاتفاق على تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين وترتيب عقد اجتماع قريب للجنة الوزارية العليا اللبنانية – التركية المشتركة.
مؤتمر صحافي مشترك بين أوغلو وباسيل في وزارة الخارجية
كذلك، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو وتناول البحث تطوير العلاقات بين البلدين والتطورات والاوضاع في المنطقة الى جانب ملف النازحين السوريين.
باسيل
بعد اللقاء عقد مؤتمر صحافي مشترك حيث رحب الوزير باسيل في بداية كلمته بضيفه التركي في زيارته الثانية الى لبنان مؤكدا ان :”تركيا ولبنان يجمعهما تاريخ طويل من العلاقات، تخللها صعوبات وحروب و ازدهار وطمأنينة، الا اننا تخطينا كل هذه المراحل واليوم العلاقات اللبنانية التركية ممتازة على صعيد القيادتين بين البلدين والكثير من الاحترام المتبادل.
وانا تجمعني علاقة اخوة مع الوزير أوغلو ما يساعدنا على تقريب وجهات النظر في الأمور التي ننظر إليها من منظارين مختلفين.
تابع باسيل:” سياسيا نحن نتطلع الى المزيد من التنسيق في الامور الاساسية، ونشكر لتركيا وقوفها الى جانب لبنان في مواجهة التعديات الاسرائيلية ومشاركتها في قوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان ( اليونيفيل) واليوم نعيش معا تحديات عدة ومشتركة أهمها الأزمة السورية التي تَحَمَل البلدين بسببها الكثير من التداعيات على الصعيد الأمني وتسلل الإرهاب الذي تعاملنا معه بما يلزم.
كذلك واجهنا أزمة النزوح وتركيا تستقبل عددا كبيرا من النازحين السوريين ولبنان نسبة الى مساحته وتعداد سكانه يستقبل العدد الاكبر منهم ليس فقط في المنطقة بل في العالم. وهذا واجبنا نقوم به تجاه اي انسان محتاج فكم بالحري اذا كان الشقيق السوري هو من يمر بهكذا حاجة. واليوم نعتبر ان الحاجة تتلاشى وآن الأوان للمواطن السوري ان يعود الى وطنه بشكل كريم وآمن. وعلينا ان نتعاون وننسق مع تركيا والأردن وكل دول الجوار المحيطة بسوريا لتآمين الظروف المؤاتية لهذه العودة .
تابع باسيل:” ليس سرا ان نظرة تركيا ولبنان مختلفة تجاه موضوع النزوح السوري بسبب واقعين مختلفين، لأن كل بلد لديه خصوصيته، لذلك نتعاون وننسق، وكل بلد يمكن ان يجد الحل المناسب مع مصالحه لتأمين هدف واحد هو العودة الكريمة والآمنة للسوريين الى وطنهم”.
تابع:” بالنسبة الى سوريا نحن مع الحل السياسي، وندعم حق الشعب السوري في تقرير مصيره الى جانب دعمنا لمسار آستانة حيث يشارك فيه لبنان بصفة مراقب، ونشكر تركيا على دعوتها لنا . كذلك ندعم مؤتمر جنيف وكل المقررات الدولية المتعلقة بسوريا. ولبنان يدعو الى التفريق بين الحل السياسي وضرورة السير فيه الى جانب ضرورة المضي بتأمين عودة النازحين وإعادة إعمار سوريا”.
أضاف باسيل:” بالنسبة للقضية الفلسطينية وما ترافق أخيرا مع مؤتمر البحرين وصفقة القرن وكل ما يتم التداول حوله بخصوص الحل المقترح، فإن للبنان موقفه مبدئي لجهة رفض شراء الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في لبنان ونعتبر ان الحقوق لا تُباع والكرامات لا تُشترى، وحق الشعب الفلسطيني مقدس وكرامته تعلو فوق كل اعتبارات أخرى.
وأود ان أحيي الموقف التركي المُشرف من القضية الفلسطينية ومن قضية نقل السفارة الاميركية الى القدس، وكل ما قامت به لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني كما نؤكد رفض لبنان قرار ضم الجولان المحتل الى اسرائيل ونؤكد على سوريته وهويته العربية”.
تابع باسيل:” ناقشنا العلاقات الاقتصادية بين البلدين وضرورة تعزيزها ومتابعتها، لأن التبادل التجاري وصل الى حوالي ١،٢.مليار دولار اميركي وتركيا هي وجهة سياحية اساسية للبنانيين الذين قاموا بزيارة تركيا في السنوات الأربع الأخيرة وفاق عددهم المليون حيث قُدمت لهم الخدمات السياحية الجيدة. ونأمل من تركيا ان تُشجع السياح الأتراك لزيارة لبنان و سيلقون استضافة ممتازة الى جانب أفضل الخدمات”.
أضاف باسيل:” أخيرا نحن نشدد على موضوع الحفاظ على التعددية في هذا المشرق و تركيا دورها اساسي في هذا المجال كدولة إقليمية رئيسية وحاضنة للكثير من الأقليات الإثنية والدينية والعرقية، ونعتبر ان المحافظة على التعددية مرتبطة ارتباطا عضويا ووثيقا في الحفاظ على الحريات الدينية وصون حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية. وهذا ما يحافظ على مشرقنا المتنوع والمتنور ونبقى النور الذي يشع منه ومساحة الحرية التي تبقى متاحة للجميع”.
أوغلو
بعدها تحدث الوزير أوغلو معربا عن سروره لزيارة لبنان وقال:”قبل لقائي مع الوزير باسيل قمت بزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على أن أزور بعد ظهر اليوم رئيس الحكومة سعد الحريري ووزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن . وأنا مسرور جدا بلقاء جميع السياسيين اللبنانيين الذين يمثلون جميع الطوائف اللبنانية.
لقد تطرقنا في المحادثات الى العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة.
نحن ننظر الى لبنان كدولة مجاورة وشقيقة واستقراره ونموه بالنسبة لنا مهم جدا وسنستمر بدعم لبنان من أجل تنميته والتعاون بين البلدين في المستقبل. نحن نهتم ايضا بالتنمية الاقتصادية في لبنان، لذلك بحثنا مع الوزير باسيل في كيفية نمو ودعم الاقتصاد اللبناني ونحن نعرف ان الشركات التركية تود الاستثمار في السوق اللبناني وندعم ذلك لتنمية الاقتصاد اللبناني.
تابع أوغلو:” الشركات التركية تود أيضا الاستثمار في مجال الطاقة ونشكر الدولة اللبنانية على دعمها وثقتها بهم في تطوير مجال الطاقة في لبنان. ونتطلع الى موافقة لبنان على اتفاقية التبادل التجاري الحر الذي جرى التوقيع عليه في العام 2010 وننتظر من الدولة اللبنانية التوقيع عليه لتكامل التعاون التجاري في المنطقة بين الجميع”.
أضاف:” بفضل الغاء التأشيرات السياحية بين البلدين، وكما اشار الوزير باسيل فإن عددا كبيرا من اللبنانيين يزورون تركيا وكذلك السياح الاتراك الذين يقومون بزيارة لبنان.
بالنسبة لسياسات المنطقة ،نحن لا نختلف ابدا مع الوزير باسيل ونشاركه ذات الرأي في المواضيع المتعلقة بالمنطقة.
نحن نريد حلا سياسيا للأزمة السورية في المنطقة و ان ينضم لبنان الى محادثات آستانة لذلك وجهنا اليه الدعوة كدولة مراقبة وسيشارك العراق ايضا في المحادثات لحل الأزمة السورية”.
اما بالنسبة للقضية الفلسطينية نحن سنستمر في الدفاع عن حقوق اخوتنا في فلسطين ونريد ان نُطلع العالم كله وخصوصا اميركا التي بدأت بهذه الحملة ان حقوقهم لا تُباع ولا تُشترى.
نحن ضد الاعتداءات الاسرائيلية على الاراضي اللبنانية والفلسطينية وعلى الاراضي السورية في الجولان و ندعم كافة الجهود اللبنانية للتصدي للعدو الاسرائيلي”.
تابع أوغلو:” سنتقاسم الخبرات مع الدولة اللبنانية لإعادة النازحين السوريين الذين نستضيفهم كضيوف الى أراضيهم سالمين وسنتعاون مع المجتمع الدولي لإعادتهم بشكل آمن وسليم الى المناطق التي حررتها تركيا وقد عاد اليها حتى اليوم حوالي 3640 نازحا سوريا.
نحن كدولة تركية نتفهم اكثر من غيرنا من الدول معاناة الدولة اللبنانية بالنسبة للنازحين السوريين وسنتعاون معها لحل هذه الأزمة في أسرع وقت”.
حوار الصحافيين
ردا على سؤال عن استراتيجية معينة بين البلدين لاعادة
النازحين السوريين الى اراضيهم؟ قال أوغلو:”في الدرجة الأولى هو موضوع انساني، و تطرقنا اليه خلال لقاءاتي التي اجريتها اليوم وبحثنا كيفية العمل سويا لاعادتهم، الا ان التعاون بين الدولتين لا يكفي بل يجب تعاون المجتمع الدولي و كافة المنظمات الدولية لحل هذه المسألة، ويجب اعطاء الثقة للنازح السوري كي يعود. وعلى المجتمع الدولي دعم اللاجئين الذين عادوا الى المناطق المحررة وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم. ومن الممكن عقد مؤتمر دولي بين تركيا ولبنان والدول المجاورة مثل الاردن حول عودة النازحين وترغيبهم للعودة وسأتناول هذا الموضوع لاحقا اليوم.
وردا على سؤال قال الوزير باسيل ان الوزير أوغلو أبدى رغبة في استثمار الشركات التركية في لبنان خصوصا في مجال الطاقة:” وقد شرحت له المشاركة التركية الحالية في المشاريع الاستثمارية في لبنان و منها البواخر التركية، وأخيرا فوز شركة تركية في المناقصة حول سد بسري الى جانب مشاريع أخرى في مجال الطاقة. ووضعته في اجواء مشاريع أخرى منوي اجراؤها في مجال الطاقة المتجددة. والشركات التركية هي مؤهلة للمشاركة في المناقصات، ما يساعد في تطوير العلاقات وزيادة الاستثمار بين البلدين.
أضاف:” في مجال الطاقة لا نرى ان لبنان بحاجة للدخول في محاور وتحالفات تتصارع، لان موقعه فريد في المنطقة بكل المعنى الجغرافي والجيوسياسي ولديه المؤهلات البشرية وان شاء الله لديه الموارد النفطية التي تحتاجها المنطقة ودول الجوار وصولا الى اوروبا، وهذا ظهر من خلال استقطاب لبنان لشركات عالمية كبرى للمشاركة في المزايدات التي تحصل وعلى هذا الاساس يستطيع لبنان ان يلعب دورا تكامليا ويتفاهم مع عدد كبير من دول المنطقة ما عدا اسرائيل.
والى جانب علاقاتنا مع تركيا نأمل ان نرتبط معها نفطيا”.
وكانت مداخلة للوزير التركي الذي قال:” نحن جاهزون للعمل مع اي دولة ترغب في التقاسم العادل للطاقة و على استعداد لاستكمال عمل استخراج الطاقة من لبنان وتصديرها الى الدول الاوروبية عبر الخط بيننا. وكما نحرص على عدم الاعتداء على الحقوق النفطية لتركيا وقبرص كذلك نحرص على عدم الاعتداء على الحقوق النفطية للبنان. نحن بدأنا في اعمال التنقيب عن النفط في البحر الابيض المتوسط على الحدود التابعة لتركيا وفي المرحلة الثانية قمنا بالتنقيب في الحدود البحرية شمالي قبرص لاستخراج الحقوق النفطية لهم.
أضاف أوغلو:”نوجه رسالة الى جميع الدول في المنطقة والعالم اننا سنحمي جميع الحقوق النفطية لتركيا وشمال قبرص ولن تكون اتفاقيات لاستخراج النفط في المنطقة من دون تركيا وشمال قبرص. واذا تم الاتفاق العادل بين الجميع ستزدهر وسيتم تصدير الطاقة عبر تركيا الى دول الخارج.
وردا على سؤال نفى أوغلو أن وجود قوات لتركيا في شمال سوريا وقال:”هناك اشتباكات بين مناطق إدلب والجيش السوري في المناطق القريبة من نقاط مراقبة للعسكر التركي ونحن شاركنا في محادثات مع الدولتين الروسية والايرانية لانهاء الازمة السورية من خلال الحل السياسي من اجل عودة سالمة للنازحين وأود ان اؤكد انه ليست لدينا قوات محاصرة و نقول لا نود ان نخرج من المنطقة”.
وعن سبل التصدي للاعتداءات الاسرائيلية على لبنان قال اوغلو:” تركيا دائما كانت الى جانب الضعيف لا القوي والى جانب المستهدف لا المعتدي لذلك ستكون دائما الى جانب الفلسطينيين في القدس والى جانب اللبنانيين في لبنان والسوريين في الجولان. نحن سنكون دائما الى جانب الحق والعدل”.
عند الرئيس برّي
كذلك استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة وزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو يرافقه السفير التركي في لبنان حقان شاكيل وكبير مستشاري وزير الخارجية السفير عثمان كوراي ارتش، الزيارة كانت مناسبة جرى فيها عرض للاوضاع العامة في المنطقة بدءا من فلسطين وضرورة التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني واهمية الحل السياسي في سوريا بما يضمن وحدتها وسيادتها وعودة النازحين الى ديارهم.