“مصدر دبلوماسي”
عقدت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز مؤتمراً صحفياً في المركز التدريبي التابع للهيئة تناولت فيه مشروع القانون الذي يتيح للأم اللبنانية نقل جنسيتها لأولادها والذي قدمته الهيئة أخيرا إلى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.
وشرحت عون روكز بأن “هذا المؤتمر هو نتيجة لردود الفعل التي أثارها مشروع القانون الذي يتيح للمرأة اللبنانية نقل جنسيتها لأولادها، وقد اعتبره البعض قانونا يميّز بين أفراد الأسرة الواحدة”.
واشارت الى أنه “قانون يحترم مبدأ المساواة ويعطي للقاصرين الحق في نيل الجنسية اللبنانية مباشرة، ويعطي الراشدين ( الذين تجاوزوا سن الـ 18 عاما) والذين لديهم شخصية قانونية مستقلة، الحق بطلب الحصول على هذه الجنسية خلال فترة خمس سنوات إذا ما استوفوا بعض الشروط، مع حصولهم خلال هذه الفترة على بطاقة خضراء تمكّنهم من الإستفادة من الحقوق المدنية والاقتصادية. وبالتالي لا يميّز هذا المشروع بين الإخوة إنما يأخذ بعين الاعتبار المخاوف والهواجس المتعلقة بضرورة المحافظة على أمن الدولة” .
وتابعت: ” لنفرّق بين حق المرأة الطبيعي في نقل جنسيتها لأولادها، إنطلاقاً من مبدأ المساواة الذي ينصّ عليه الدستور اللبناني، وبين التوطين، وبين التجنيس. وينطبق مفهوم منع التوطين الوارد في الدستور على “جماعات” وليس على أفراد، ويعني جعل جماعات معينة تستوطن بلداً معيناً، وهو يختلف عن مفهوم منح دولة ما جنسيتها لفرد على طلبه وحسب شروطها (التجنيس)، وفي لبنان تمنح الجنسية اللبنانية من خلال مرسوم. وما نحن في صدده اليوم، هو موضوع مختلف يتعلق بالاعتراف بالحق الطبيعي لوالد أو لوالدة في نقل جنسيته أو جنسيتها إلى أولادهم”
وتابعت:” إن قانون الجنسية هو من بين القوانين التي نعمل على تعديلها، لكنه أثار هذه الضجة ولاقى ردود فعل سلبية، بسبب مرسوم التجنيس الذي صدر في العام 1994 وأخل بالتوازن الديموغرافي في مناطق معينة، وتسبّب بإثارة المخاوف والهواجس لدى البعض، مما انعكس سلباً على الإعتراف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها إلى أولادها فحمّلوها نتائجه واستمروا من حرمانها من هذا الحق.
إن قانون الجنسية المعمول به حالياً هو القرار رقم 15 الصادر في العام 1925 ، ونحن اليوم نطالب بإعادة النظر فيه بعد 94 سنة!
على الدول عندما تواجه مشاكل سياسية، أخذ التدابير اللازمة لمواجهة المشكلة وإيجاد الحلّ المناسب لها، وعلى الدولة اللبنانية أن تجد حلاً للنزوح والتصدي للتوطين، بدلاً من تحميل المرأة اللبنانية تداعيات هذه المشكلة والاستمرار بالانتقاص من حقوقها الطبيعية.”
وأضافت:” في هذا الإطار من الضروري أن نطرح هواجسنا ومخاوفنا نحن كمواطنات لبنانيات، تجمعنا الأولويات والأهداف نفسها، مطلوب منا التضامن والتكاتف لكنّ القانون اللبناني يفرّق بيننا نحن النساء في حقوقنا، في الحضانة والإرث والزواج…فكيف نريد أن نبني مجتمعاً متوازناً ومتضامناً مع بعضه في حين يميّز القانون ليس فقط بين المرأة والرجل، بل أيضاً بين المرأة والمرأة الأخرى.
مشكلتنا ليست في هوية السلطة المخولة البت في قضايا الأحوال الشخصية، مدنية أو دينية، بل مع قوانين الدولة التي تميّز بين المواطنين.
ما نتطلع إليه هو أن تكون المرأة اللبنانية مواطنة بشكل كامل في لبنان أسوة بالرجل اللبناني.
عشية الذكرى المئوية لنشوء الدولة اللبنانية لا يجوز أن تظل اللبنانيات محبطات بالنسبة إلى الإنتقاص من حقهن الطبيعي في نقل جنسيتهن إلى أولادهن. فهدف عملنا هو تحقيق المساواة في الحقوق بين النساء والرجال وهو يندرج ضمن المبدأ الدستوري الذي يساوي بين اللبنانيين أمام القانون..”
وتابعت:” إن تبرير رفض حق اللبنانيات المتزوجات من غير لبنانيين بنقل جنسيتهن لأولادهن، بأن الاعتراف بهذا الحق سوف يتسبب بحصول اختلال في التوازن الطائفي في البلد ليس بتيرير مقنع، إذ إن الأرقام تدل على أن عدد اللبنانيين الذين يسجّلون زواجاً مع غير لبنانيات ومنهن النازحات السوريات، وينقلون بالتالي إليهن وإلى أولادهنّ جنسيتهم اللبنانية، يفوق بكثير عدد اللبنانيات المتأهلات من أزواج غير لبنانيين، خاصة أن القانون اللبناني يقبل بتعدد الزوجات. تشير الأرقام إلى أن نسبة زواج القاصرات من النازحات السوريات قد ازدادت أخيرا بمعدلات مرتفعة، وقسم من هذه الزيجات تمّ مع رجال لبنانيين.
فقانوننا الحالي يتيح عملية التجنيس من خلال الزيجات التي تعقد بين الرجال اللبنانيين ونساء أجنبيات يحصلن على الجنسية اللبنانية بعد مرور سنة على تسجيل الزواج.
ويهمنا أن نلفت هنا إلى أهمية الدور الذي تلعبه الأم في نقل القيم واللغة والثقافة إلى أولادها وبالتالي إلى أحقية الاعتراف بحقها بنقل جنسيتها إلى أولادها.
ونذكّر أنه في الماضي كنا على وشك أن نرى الدولة اللبنانية تمنح الإقامة الدائمة لكل ّعربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان، له ولزوجته ولأولاده القاصرين، من غير أن تعير اعتباراً لمنح هذه الإقامة لأولاد المواطنات اللبنانيات. فما من اجحاف أكبر من هذا الإجحاف”
وأكدت أنه ليس هذا مشروع القانون الأول الذي يتم تقديمه لرفع الإجحاف اللاحق بالنساء اللبنانيات في هذا الموضوع.
وأشارت إلى أنه من بين الوزراء والنواب الذين سبق أن تقدّموا بمشاريع قوانين لتعديل قانون الجنسية بغية إتاحة نقل الجنسية من الأم إلى أولادها، الوزير زياد بارود والنائبان بيار دكاش وبهيج طبّارة ، كما سبق للهيئة الوطنية أن تقدّمت أيضاً بإقتراح نص تعديلي لقانون الجنسية في العام 2012.
واليوم هناك مشاريع واقتراحات قوانين تعديلية مقدّمة من جانب كل من الوزير جبران باسيل، اللقاء الديموقراطي والنائب رلى الطبش، كما أن رئيسة لجنة المرأة والطفل في البرلمان الدكتورة عنايا عزالدين، تقدمت بمشروع قانون لمنح من هم من أم لبنانية الحقوق المدنية والاقتصادية.
إيضاحات
وعن ميزات المشروع التي قدّمته الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أخيرا إلى رئيس الحكومة الذي أرادت الهيئة من خلاله مواجهة الأزمة ومحاولة التوصل لحلّ لها، قالت:” أتى هذا المشروع بعد مناقشات مستفيضة شارك فيها أعضاء الهيئة المنتمين إلى مختلف الطوائف وإلى مدارس ثقافية وفكرية متنوعة وإلى أحزاب شتى، وذلك خلال سبعة أشهر. وتناول هذا المشروع فقط حق نقل الجنسية إلى أولاد اللبنانية ولم يتناول نقل الزوجة اللبنانية جنسيتها إلى زوجها الأجنبي.
كما أخذ هذا المشروع بعين الإعتبار ما يتردد في المجتمع اللبناني من هواجس وميّز بين موضوع اكتساب الشخص الراشد غير المولود من أمّ لبنانية، الجنسية اللبنانية، وبين حق المولود/ة من أم لبنانية بهذه الجنسية. وفي الحالة الأولى نكون متكلّمين عن عملية تجنيس ونحن ندعو المجلس النيابي إلى وضع قانون يحدد شروط حصول الأجنبي على الجنسية اللبنانية، أما في الحالة الثانية فنكون متكلّمين عن حق طبيعي للأم اللبنانية في نقل جنسيتها إلى أولادها”
وأضافت:” حقق هذا المشروع توازناً بين تأمين حق اللبنانية في نقل جنسيتها إلى أولادها وبين الحفاظ على حق الدولة في وضع الشروط التي تراها مناسبة لاكتساب الجنسية اللبنانية من قبل أجانب غير مولودين من أب أو أم لبنانية.”
وختمت:” من أسباب التدهورالاقتصادي والسياسي والاجتماعي للبلدان هي التمييز بين أفراد المجتمع نفسه، وتهميش بعض فئاته ، كالمرأة أو ذوي الاحتياجات الخاصة، من هنا إن تعديل كافة القوانين المجحفة بحق النساء ومختلف شرائح المجتمع أصبحت حاجة ملحّة.”