باسيل: أكنّ كلّ الودّ للسفير علي المولى وأتمنى بروز براءته
وطلبت التوسع بالتحقيق لوجود أكثر من متّهم
“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
أراد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن يسرد روايته حول “حوادث” الأسبوع الفائت في وزارته التي تتخذ من قصر بسترس” التاريخي مقرا لها في وسط الأشرفية.
وكعادته منذ 5 أعوام، يفضل باسيل أن يقدّم شخصيا روايته للحوادث السياسية ولخياراته ولأنشطته، فكيف إن كان الأمر يتعلق بمداهمة “قصر الدبلوماسية” العريق الذي لفّه عناصر الأمن يوم الإثنين الفائت بدءا من “برج الغزال” وصولا الى “مراحيض” الوزارة “المنفوضة” حديثا.
يحاول رأس الدبلوماسية اللبنانية أن يكون شفافا، وكيف لا؟ وقد طالت المداهمة غير المألوفة مقرا رسميا يعتبر سكانه “رؤساء جمهورية لبنان” في أنحاء العالم، وهي تركت وجوما صامتا ونقمة دفينة لدى الدبلوماسيين والسفراء من أسلوب التحقيق في تسريب وثائق لإجتماعات حصلت أخيرا بين وفد نيابي زار واشنطن الى الزميلة “الأخبار” وهو أسلوب لم تعتده الدبلوماسية اللبنانية. طالما كانت المخالفات في الوزارة ومنها التسريبات موجودة منذ الأزمنة الجميلة، لكن لم يذكر تاريخ الوزارة مثلا أن فؤاد بطرس طلب قوات أمنية للتحقيق مع الدبلوماسيين وبالتاكيد أنه في زمانه كان ثمة من سرّب منهم لمحاضر أو لوثائق ولا حتى الوزراء جان عبيد وفارس بويز وفوزي صلوخ وعلي الشامي وعدنان منصور…
وبالتالي فإن “السابقة” التي حققها باسيل والتي يصفها مناصروه (نرجو ألا يكون معاليه موافقا معهم ولا نعتقد ذلك) بأنها “تربية” لكلّ من تسوّل له نفسه مخالفة القانون ليست سابقة صحية، لأن ما يحكم الوزارة تاريخيا هم دبلوماسيوها، ونظامها الداخلي، وأركانها، ولجنتها الإدارية ومفتشيتها، وهي ليست بحاجة الى آليات خارجية للتحقيق، وإن احتاجت فهذا دليل عطب إداري داخلي.
كذلك، لا يجب إغفال أن وزير الخارجية يمكنه شخصيا التحقيق وفرض العقوبات التي يراها مناسبة بقوة منحه إياها القانون الذي ميّزه عن جميع الوزراء في الحكومة. ولا يمكن إغفال أن ضبط الإدارة يكون عبر الأمين عام وهو “أول بين متساوين” من زملائه السفراء، والذي هو اليوم السفير هاني شميطلي الذي ومن سوء حظه أن معالي الوزير صاحب النوايا الطيبة بحفظ حرمة الدبلوماسية اللبنانية وانفاذ القانون بكل السبل كرّر مرارا وتكرارا وخصوصا في دردشته المغلقة (على عكس الدعوة) مع الإعلاميين أن “الأمين العام قال لي أن هذا التسيّب غير مقبول (من حيث تسريب الوثائق) وأنه يجب ضبط الأمور وأنه لا يجوز ووو… والسؤال الذي يسأله أكثر من دبلوماسي همسا: ما هو دور الأمين العام بالذات في هذه “الحفلة”؟ ولماذا سمح بوصول الأمور الى ما هي عليه اليوم من تسيّب ومن مسّ بهيبة الدبلوماسية اللبنانية إنفاذا لقانون محق بالتأكيد لكن كان يمكن إنفاذه بأسلوب داخلي راق؟
ولماذا يقاطع معظم السفراء وخصوصا رؤساء المديريات سعادته ويقاطعهم شخصيا لخلافات واهية تاركا “المستشارين” يسرحون ويمرحون في وزارة سيادية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولن يعرفوا في شعابها ولو بقيوا فيها دهرا إنطلاقا من تعقيداتها ودقّة العمل فيها؟
بأي حال، لم يكن أحدا من الحاضرين اليوم يتمنّى أن يكون بين الدبلوماسيين الـ24 الذين أقسموا يمين الإنضواء في السلك الخارجي، وهم يسمعون وزيرهم يحدثهم عن “المتيلة” (اي الدرس باللغة العامية اللبنانية) بضرورة احترام السرية، “ولتعرفوا منذ بداية عملكم أنكم معرضون للمساءلة في العمل”، كما خاطبهم قائلا… قبل أن يتلو عليهم فصولا قانونية من نظام الموظفين وقانون العقوبات ومنها عقوبات تصل الى الحبس”. ما هذا الدبلوماسي الذي سينطلق في حياته الدبلوماسية وهو يرتجف خوفا من المساءلة؟! في أول يوم عمل له؟
وفي دردشته الصحافية، بدا وكأن باسيل قد أعاد النظر قليلا في “الحفلة” التأديبية التي قادها ضد مسرّب المحاضر المجهول لغاية اليوم، ولعلّ أبرز ما قاله هو أنه طلب التوسّع في التحقيقات، معتبرا بأن الإتهام لا يطال شخصا واحدا
وقال أنه يكنّ كل الود لمدير الشؤون العربية السفير علي المولى وأن قرينة البراءة موجودة حتما لديه، وهو يتمنى أن تظهر للعيان لأن في الأمر إيجابية للدبلوماسية اللبنانية.
وفي دردشته التي حضرها مستشاروه الإعلاميون جميعهم مع مدير مكتبه هادي الهاشم، بدا الجوّ مشدودا ومتوترا الى حدّ ما. وعوض أن يعمد الوزير الى تبرير ما قام به بدا أكثر تشبّثا به وقال بالحرف: انا سأعيد تكرار ما حدث في كلّ مناسبة يتاح لي فيها الأمر!
ولم يقبل الوزير أية أسئلة متكررة، وغض الطرف عن اي سؤال يحمل إحراجا له: فلم يجب على سؤال الزميل آدم شمس الدين عن تجاهل مضامين التقارير المسربة مكتفيا بالقول أن لكل دولة الحق في التعبير عن رأيها السياسي وكذلك للمجتمعين معها مع حفظ السرية، ولم يدع الزميل يسهب في إكمال سؤاله، وكذلك غضّ الطرف عن سؤال موقعنا عمّا اذا كان يزمع إرسال الأمن الى 80 بعثة دبلوماسية حول العالم للتحقيق في كلّ تقرير يتمّ تسريبه الى الصحافة في لبنان لصعوبة هذا الأمر. أما الزميلة ليا قزّي من صحيفة “الأخبار” فقال لها معاليه أنه يحق لها بسؤال واحد ومنعها من مقاطعته ولم يجبها عن مسألة الأختام الزرقاء التي مهرت بها التقارير التي حصلت عليها “الأخبار”.
ولم تمض أكثر من 15 دقيقة (طلب أحد مستشاري الوزير من الإعلاميين عدم التسجيل… لاستسهال النفي لاحقا)، حتى جاء من يذكر الوزير بقدوم موعد.
أما ابرز ما قاله باسيل في دردشته المغلقة فهو الآتي:
-قال ممازحا حين قيل له أنه يمنع الأسئلة: نعم …ما أنا بلطجي أقول ما أريد قوله.
-قال لي الأمين العام (يقصد السفير هاني شميطللي) يجب حماية هيبتنا “فهي رايحة ضيعان”.
-أفهم أن الأشخاص هنا (يقصد الدبلوماسيين والسفراء) قد يكونوا تضايقوا على المستوى الشخصي لكن الجهاز الأمني الذي دخل وهو أمن الدولة تصرّف بإحترام وتهذيب ولم يدخل الى أروقة الوزارة بالبزات العسكرية، وقد حضر رئيس الجهاز شخصيا وهو شخص مهذب ولطيف وأنا طلبت منه التنبه الى كيفية التحقيقات، ويجب أن نعتاد على حصول ذلك.
-لم أعرف أنه تمّت مداهمة مبنى صحيفة “الأخبار” عرفت لاحقا، وأنا حكيت للمعنيين أنه لا توجد مشكلة مع الجريدة بل إن المشكلة تكمن في داخل الوزارة والجريدة تعمل شغلها. ولما سألت عن الموضوع أخبروني أنه لم يتم الدخول الى مكاتب الصحيفة، وأن ما جرى كان في إطار التحقيق أما القضاء فهو من يختار الضابطة العدلية التي يريدها.
-جهاز أمن الدولة هو الوحيد الذي تحوي نصوصه على مواضيع تتعلق بأمن العمل في المؤسسات. وأنا سبق وطلبت منه في الماضي التوجه الى دائرة المناقصات في الوزارة حيث سمعت بوجود سماسرة، وأنا كلفته خطيا وهذا ما سأكرره في كل مناسبة.
-انا اكنّ كل الود للسفير علي المولى، وكنت سأقول ذلك في المؤتمر الصحافي ثم تراجعت عن ذلك. القضاء ادّعى وليس أنا وانشالله تثبت براءته.
-أنا سعيد انني قمت بذلك وسأكرر ذلك عندما يتاح المجال، لأن ما يحصل يمسّ بأمن الدولة، وأفتخر أنني عملت ذلك كسابقة وهذا أمر يجب أن يسجّل لي. أتمنى أن يكون السفير المولى بريئا من كل قلبي، وإذا كانت الجريدة حريصة على براءته فلتكشف عن هوية المسرّب.
-لدي فيديو عن كيفية دخول أمن الدولة الى الوزارة بثياب مدنية، ودخل اللواء ومعه عمداء هل يوجد افضل من ذلك؟
-سئل عن سبب مرافقة الأمنين للسفراء الى باب الحمام: فقال بأن الأمر حصل لأنه رصدت محاولات لتهريب التلفونات….
-لم استثن من التحقيقات مدير مكتبي هادي الهاشم والأمين العام…وفي اليوم التالي طالبني الهاشم بهاتفه فقلت له لست مسؤولا عنه.
-سأله موقع “مصدر دبلوماسي” عن مسألة الموقوفين الثمانية في الإمارات وعمّا إذا حصل على أي جواب على رسالته الى نظيره الإماراتي، فأجاب بالنفي.
*ملاحظة من المحرّر: معالي الوزير الصحافي المحترم والمؤسسة المحترمة لا يفشون مصادرهم، ولا يحق للقانون أن يجبر صحافي على إفشاء مصدره. ملاحظة ثانية، لا أحد يشكك بخطواتك القانونية من ناحية الغيرة على أمن المعلومات الدبلوماسية، ولكن للوزراة أعرافها وهي أهم من القانون، يمكنك أن تعود الى السفراء السابقين لرواية ذلك…مع نصيحة بأن تعمد الى تغييرات في فريقك الإستشاري الذي لا يلعب دور الأستشاري بل يحاول تلميع الخطأ حين يقع وهذا مسيء ما ينعكس سلبا على صورتك وعلى صورة “الخارجية”، فتذهب انجازاتك سدى وبالتأكيد لا نقصد الجميع إنما البعض.
ملاحظة ثالثة: لا يحق لنا اعطاء دروس في إدارة أية وزارة، لكننا في لبنان رئة الحرية في العالم العربي لن نتوقف عن إبداء رأينا كصحافيين أحرار).