“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذه المقابلة التي نشرتها مجلة “الأمن العام” في عددها الرقم 67. لقراءة المزيد من موا ضيع المجلة الضغط على الرابط الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
تلعب مديرية المنظمات الدولية والمؤتمرات والعلاقات الثقافية في وزارة الخارجية والمغتربين دورا رياديا في تعزيز حضور لبنان دوليا، وهي جزء من الدبلوماسية المتعددة الاطراف التي تتطلب دبلوماسيين ذي ثقافة واسعة يتقنون اختصاصات مختلفة تعنى بالأمن والسلم الدوليين وبعمليات حفظ السلام وبالتنمية المستدامة والحكم الرشيد.
تضجّ المديرية الواقعة في مبنى محاذ لـ”قصر بسترس” بطاقم دبلوماسي شباب يخضع دوريا الى دورات تدريبية متخصصة بالدبلوماسية المتعددة الاطراف بغية اتقانه اساليب التعامل مع مختلف المنظمات الدولية في انحاء العالم.
انجزت المديرية في اواخر آذار الفائت ثالث دورة حول مفهوم نزع السلاح المتعدد الاطراف والاولويات اللبنانية في هذا الموضوع، وقد سبقتها دورتان تتعلق الاولى بالتدرب على الخطاب العام مع متخصصين من الامم المتحدة وبفنّ التفاوض.
ترتبط وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان بعلاقة ثلاثية الابعاد بينها وبين المنظمات الدولية المعتمدة في الخارج عبر البعثات الدبلوماسية اللبنانية وكذلك عبر هذه المنظمات المعتمدة في لبنان التي ترعى “الخارجية اللبنانية” اوضاعها بموجب اتفاقية المقرّ، فيما تهتمّ مديرية المراسم بالشق المتعلق بالامتيازات والحصانات.
تترأس المديرية منذ عام ونيّف السفيرة كارولين زيادة، وآخر مركز تبوأته كان القائم بالاعمال ونائبة المندوب الدائم في البعثة اللبنانية الدائمة في نيويورك على مدى 12 عاما، وبرز إسم السفيرة زيادة ابان تولي لبنان ولاية عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي بين عامي 2010 و2011، حيث ترأست مرات عدّة جلسات مجلس اثناء طرح قضايا شائكة منها الاعتداء الاسرائيلي على قافلة المساعدات الانسانية في ايار 2010 وموضوع العقوبات ضدّ إيران وسياسة النأي بالنفس. تبوأت زيادة سابقا منصب نائب السفير في لندن الى مناصب عدة من بروكسيل الى فيينا حيث تعرفت عن كثب الى عمل المنظمات الدولية.
تنبثق اهمية مديرية المنظمات من الدور الذي تضطلع به في مسائل اساسية مطروحة على مستوى الحوار الدولي، ويمكن تقسيم مهامها الى ثلاثة رئيسية: المنظمات الدولية والمؤتمرات والعلاقات الثقافية حيث تتجلى لمساتها جليّا في مواضيع اساسية تؤثر على صورة لبنان الدولية.
تواكب المديرية الاجتماعات التي تعقدها المنظمات الدولية والاجهزة التابعة لها، على سبيل المثال: الدورات العادية للجمعية العامة، اجتماعات مجلس الامن، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكل الجهات واللجان المنبثقة عنها. في منتصف آذار الفائت رافقت المديرية عن كثب بدء اعمال لجنة الامم المتحدة المتعلقة بوضع المرأة، وشارك في هذا الإجتماع وفد كبير. ومن المسائل التي تّمت مناقشتها الخطة الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1325 بعنوان: المرأة والامن والسلم.
عند صياغة خطة العمل للقرار 1325 قامت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بتشكيل لجنة توجيهية ضمّت ممثلين عن مختلف الوزارات بما فيها ممثلين عن المديرية العامة للامن العام. واسهمت كل وزارة بحسب اختصاصها في بنود الخطة.
تتم عملية المتابعة بحسب السفيرة زيادة عبر التواصل مع البعثات اللبنانية المعتمدة لدى هذه المنظمات: البعثة اللبنانية الدائمة في نيويورك، والبعثات الدائمة في جنيف وفيينا والاونيسكو وسواها.
ينطلق اهتمام لبنان بهذا الموضوع “انطلاقا من انفتاحه التاريخي على العالم اجمع، عبر اغترابه وانفتاحه على الارساليات، ولبنان هو عضو مؤسس في الامم المتحدة منذ تشرين الاول 1945، حيث كان به وفد مشارك ضم شارل مالك عبد الله اليافي ووديع نديم، ومالك كان المندوب الدائم للبنان لدى الامم المتحدة ومقررا في لجنة صياغة الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وكان مندوب لبنان خلال ولاية لبنان في مجلس الامن للمرة الاولى بين عامي 1954 و1955، وهو ترأس ايضا الجمعية العامة للامم المتحدة”.
إن هذا الوجه العالمي للبنان كما ترويه السفيرة زيادة، يجعل من المديرية التي تترأسها أساس العلاقة المفتاح لكيفية التواصل بينه وبين المنظمات المعتمدة في لبنان وتطال صلاحيات هذه المديرية 22 منظمة عاملة في لبنان.
هل من خصوصيات معينة للتعاطي مع هذه المنظمات؟
تشير السفيرة زيادة الى ان كل منظمة موجودة في لبنان يجب ان تكون ضمن اطار معين يكون عادة عبر “اتفاقية مقرّ” التي تنظم وجود هذه المنظمة وتحدّد مكانها وصلاحياتها وامتيازاتها وحصاناتها وعدد الموظفين لديها ونقاط الإتصال والتواصل والولاية، ويكون “اتفاق المقر” نتيجة عملية تشاورية مع المنظمة الام. مثلا في موضوع “الاسكوا ” كان هنالك تفاوض مع الامم المتحدة، اما التواصل بموضوع المفوضية السامية لحقوق الاسنان
فيمر عبر المديرية، لكن نتيجة الطابع القانوني لاتفاقية المقر يلعب مركز الاستشارات القانونية في وزارة الخارجية دورا رياديا في التواصل مع الوزارات المعنية للتأكد من ان ما سيتضمنه “اتفاق المقر” – اي العقد بين المنظمة الدولية والدولة المضيفة- ينسجم مع القوانين المرعية الإجراء في لبنان.
تعتبر التقارير جزءا مهما من عمل المديرية، هنالك تقارير طوعية دورية يقدمها لبنان بموجب الاتفاقيات الدولية وحقوق الانسان التي انضم اليها في جنيف لاستعراض اوضاع حقوق الإنسان فيه، وكان هنالك انقطاع لمدة 16 عاما، وقد تمكنت المديرية بجهود السفير عفيف أيوب والعاملين فيها من اداريين ودبلوماسيين وبالتعاون مع الوزارات الاخرى من اعداد التقرير الطوعي الدوري الاول كما تروي زيادة، في حين تنشط المديرية اليوم لاعداد التقرير الدوري الثالث بخصوص وضع حقوق الانسان.
تأخذ المديرية علما بالاستحقاقات وبآليات العمل وبالتواصل مع سفراء لبنان في الخارج، وتعمل على مأسسة العلاقة مع الوزارت الاخرى. فبعد صدور مرسوم تشكيل الآلية الوطنية لصياغة التقارير والتي تولّت الوزارة والمديرية امانة السر فيها، “باتت لدينا آلية وطنية عبر الوزارات كاّفة، وانعقد الاجتماع الاول في كانون الثاني وتم اطلاق ورشة صياغة التقرير الدولي”.
تقوم المديرية بإخطار الوزارات الاخرى بالاستحقاقات اللازمة وبالتنسيق معها في صياغة واعداد التقارير.
في العام الماضي قدّم لبنان 4 تقارير تتعلق باتفاقية مكافحة كافة اشكال التمييز ضد المرأة، ومكافحة العنف والعهد الدولي حول الحقوق السياسية والمدنية ومكافحة كافة اشكال التمييز. تقول زيادة:” هذا جزء من العمل الذي تقوم به المديرية بالتعاون مع الوزارات الاخرى ومع البعثة اللبنانية في جنيف فحسب، وثمة تعاون شبيه ومتشعب مع السفارات في فيينا ونيويورك والاونيسكو لكنه جزء من عملنا”.
في المقابل، تصدر المنظمات الدولية توصيات للبنان فتوصي على سبيل المثال لا الحصر مثلا بالانضمام الى الاتفاقات الدولية التي لم ينضم اليها لبنان بعد كالاتفاقية الدولية للعمّال المهاجرين وعدد من الاتفاقيات الدولية التابعة لمنظمة العمل الدولية، والبروتوكول الاضافي للعهد الدولي للحقوق المدنية. وتقول السفيرة زيادة بأن لبنان هو من الدول التي تتمتع بسجل جيد في الاتفاقيات الدولية التي انضم اليها. واخيرا استقبل وزير الخارجية جبران باسيل الممثلة الشخصية للامين العام للامم المتحدة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومن المسائل التي طرحتها انضمام لبنان للاتفاقية الدولية للاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
كان لبنان وقع على هذه الاتفاقية منذ عام 2007، ويبقى انجاز مراحل الابرام وايداع وثيقة الابرام لدى الامم المتحدة. وهنالك امور تتعلق بعقوبة الاعدام والتمييز في منح الجنسية بين الرجل والمرأة… وهذه من المسائل التي تطرح دوما وبشكل دوري ويكون للبنان مساهمات ايجابية ومسؤولة.
ما هو دور المديرية في المؤتمرات؟
اما في ما يتعلق بالتحضير لمشاركة الوفود اللبنانية في المؤتمرات الدولية، فتنسق المديرية مع السلطات المعنية لضمان افضل ظروف للمشاركة فعلى سبيل المثال لا الحصر التحضير لمشاركة لبنان في مؤتمر الفرنكوفونية الذي انعقد في يريفان العام الفائت وترأس الوفد اللبناني رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. نّسقت المديرية مع البعثة اللبنانية لدى الاونيسكو في عدد من المسائل اولها تقنية وتنظيمية، (تحديد المواعيد، تسجيل الوفود الرسمية والصحافية)، المسائل الاساسية كالقرارات والوثيقة الختامية التي صدرت عن المؤتمر والتدقيق عمّا اذا كانت ستتضمن فقرات عن لبنان وهل من امكانية لتحديث الفقرات التي صدرت عن لبنان في البيان السابق؟ وهنالك فقرات اخرى لا تعني لبنان مباشرة. وبالنسبة الى انشاء المكتب الاقليمي للمنظمة الفرنكوفونية، واكبت المديرية مع البعثة الدائمة في الاونيسكو والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية اللبنانية للفرنكفونية والدوائر المختصة في القصر الجمهوري ووزارة الثقافة هذا الموضوع. فقد حضر وفد من الاونيسكو وهو قام بعملية استكشافية وتم رفع تقرير وعلى اساسه تمّ اختيار لبنان للمكتب الاقليمي. كما تتابع المديرية كل المراسلات التي ترد بهذا الخصوص.
يجري الاستعداد الآن للمشاركة في قمة منظمة حركة عدم الانحياز في باكو (عاصمة أذربيجان) في تشرين الثاني 2019. وقد انجزت المديرية مع الدائرة العربية التحضير لمؤتمر منظمة العمل الإسلامي الذي انعقد في دبي اوائل آذار الفائت.
تقوم المديرية بتقديم الترشيحات اللبنانية وتنظيمها في مختلف الهيئات الدولية سواء كان الترشيح للبنان كدولة او سواء كان هناك مرشحون للدولة. فعلى سبيل المثال واثناء ترشيح لبنان لعضوية مجلس الامن الدولي، ادارت المديرية الحملة الانتخابية لجهة التواصل مع الدول لحشد الدعم او لتبادل التأييد، وهذا ما مكّن لبنان بالفوز بـ180 صوتا.
في العام الماضي تولت المديرية ادارة 3 حملات إنتخابية، فقد تواصلت مع البعثات المعتمدة في لبنان ومع السفارات اللبنانية في الخارج. ونظّمت في مقر الوزارة، جلسات حوار للتعريف بالمرشحتين، الاولى هي الدكتورة فاديا كيوان التي فازت بمنصب المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية والمرشحة الثانية الدكتورة رنا الحاج التي لم يحالفها الحظ لانها لم تتمكن من الفوز في المرحلة الثانية، انما حصلت على 17 صوتا في المرحلة الاولى. أما الفوز الثاني للبنان فقد كان للسيدة سوزان جبور، في عضوية لجنة مكافحة التعذيب.
وكل ذلك ينصب في اطار الجهود المبذولة لتعزيز وجود لبنان على الصعيد الدولي وتفعيل مساهماته في المنظمات الدولية.
اما الدائرة الثقافية فهي تقوم، بالتعاون مع الوزارات المعنية كوزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم العالي، بمهام عدة منها متابعة اتفاقيات التعاون الثقافي بين لبنان والدول الصديقة بهدف تعزيز اواصر التبادل الثقافي كتبادل الطلاب والافادة من المنح الدراسية المخصصة للبنان، وتنظيم المعارض الثقافية وزيارة المتاحف. وكذلك تعزيز الافادة من الدورات التدريبية المقدمة من الدول الصديقة الدورات التدريبية وكلها في اطار بناء القدرات للاداريين والدبلوماسيين العاملين في الوزارة عن طريق رصد الاحتياجات واعداد قاعدة بيانات يمكن استثمارها لاحقا. وفي السياق نفسه، تتواصل المديرية مع مجلس الخدمة المدنية كونه الجهة المعنية بإعداد الموظفين وتدريبهم عند ورود دورات تدريبية تطال قطاعات مختلفة.
كما تقوم المديرية بدور صلة الوصل بين السفارات المعتمدة في لبنان او السفارات اللبنانية في الخارج ووزارة التربية والتعليم العالي لجهة التأكد من صحة الشهادات اللبنانية. وكما ذكر اعلاه، يقع ضمن نطاق الدائرة الثقافية ملف الفرنكفونية والاونيسكو والاليسكو.
Marlene Khalifeh
Marlene Khalifeh, a Lebanese journalist. She worked for a period of twelve years in An-Nahar” newspaper before moving to “As-Safir” were she spent ten years as a diplomatic reporter. Between these two periods, Mrs. Khalifeh published many articles in the Al Hayat” and “Al Riyad” newspapers, “Al Wassat” and “Newsweek Middle East” magazines.
She created her own website “Masdar diplomacy”,on the 11th of July 2016 focusing on diplomatic activities in Lebanon and the Middle East.
After attending many training courses in a number of European, American, and English institutions, she specialized in investigative journalism. Her hard work paid off when she was awarded, twice (in 2004 and 2005), with the “investigative journalist” prize by the Commonwealth (in Jordan) among four Arab participating countries. Afterwards, she focused her attention on the politic and diplomatic press training and research on fact checking.
