“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
كشف وزير الخارجية الفنزويلي خورخي آرياسا عن توجه لبلاده لتوطيد وزيادة التعاون مع لبنان تجاريا وفي الإستشارات المتعلقة بقطاع الطاقة الناشئ في لبنان.
بدت زيارة وزير خارجية الجمهورية البوليفارية الفنزويلية خورخي آرياسا الى لبنان في إطار جولة تشمل تركيا وسوريا وكأنها حدث أثار حرجا في الأوساط السياسية والدبلوماسية اللبنانية، وكان ثمة تردد واضح في التعامل معها وقد تظهّر ذلك في أكثر من مقرّ ومن أسلوب التعامل لا سيما في التغطية الصحافية والإعلامية.
وشخصت الأنظار السياسية والدبلوماسية والأجنبية الى زيارة آرياسا الى لبنان، وخصوصا الأميركيين كذلك الفرنسيين وألألمان اللذان يترأسان مجلس الأمن الدولي بشكل دوري حاليا (فرنسا ترأسته في آذار وألمانيا في نيسان)، وكذلك عقب زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الى لبنان والذي تشنّ بلاده حربا ضروس ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لإزاحته لصالح زعيم المعارضة خوان غوايدو والتي تحولت فعليا الى حرب بديلة على أرض فنزويلا بين روسيا وأميركا.
ويأتي الحرج اللبناني طبيعيا من بعد زيارة بومبيو ولكن أيضا عقب زيارة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الى روسيا والتي توّجت بسلسلة اتفاقيات حيوية للبنان لم يكشف عن تفاصيلها بعد وخصوصا في قطاع التعاون التجاري وفي قطاع النفط والغاز، ولأن فنزويلا هي إحدى دول “الممانعة” في أميركا اللاتينية حيث تواجه الولايات المتحدة “حزب الله” أيضا إذ يقول الأميركيون أن للحزب أنشطة هناك.
أوساط الحريري: رئيس الحكومة ليس مريضا لكنه منشغل بالموازنة وخطة الكهرباء
وبالتالي لم يكن أحد في لبنان يتمنى هذه الزيارة في هذا التوقيت الدقيق والتي تعتبر إستفزازية للأميركيين، وجرى التكتّم الواضح عن مضمونها، لكن آرياسا الذي بدا مستعدا للإجابة عن كل أسئلة الصحافيين قال في دردشة عفوية معهم عقب لقائه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في “ٌقصر بسترس” بأن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لن يتمكن من استقباله لأسباب صحية”.
وسأل موقع “مصدر دبلوماسي” أوساطا مسؤولة في رئاسة الحكومة عن سبب عدم تحديد موعد لآرياسا وخصوصا وأن الرئيس الحريري إستقبل اليوم الأربعاء (في فترة قبل الظهر) السفير المصري نزيه النجاري والنائب بهية الحريري ومجلس أمناء الجمعية الإسلامية العاملية؟ فقالت الأوساط:” لا اسباب صحية تمنع الرئيس الحريري من ممارسة مهامه ولقد عاود نشاطه الرسمي ابتداء من الإثنين الفائت. المسألة مسألة جدول أعمال وأولويات لجنة الكهرباء والموازنة”.
تعاون مع لبنان في مجال الطاقة
في السياق ذاته أشار آرياسا بحماسة الى أنه سيلتقي أحد المسؤولين في “حزب الله” مجيبا:” بالطبع سألتقي “حزب الله” لكن لا أعرف من من مسؤوليه”.
ولعل هذا الجواب كان كافيا لتفسير الحيرة والتردد اللذين تمّ التعامل فيهما مع زيارة رئيس الدبلوماسية الفنزويلية في “نظام مادورو” والتي يتوجها آرياسا بزيارة الى سوريا (بعد أن زار تركيا ) للقاء الرئيس السوري الذي وصفه بـ”البطل”.
وأوضح آرياسا أن هدف الزيارة الأساسي الى لبنان هو العمل على توطيد العلاقات بين البلدين”.
وقال:” أنا سأزور سوريا للقاء الرئيس بشار الأسد تقديرا لنضاله ولبطولته ولبطولة الجيش السوري ولتوطيد العلاقة بشكل عملي أكثر ولتقوية التبادل مع سوريا.”
ونفى في ردّ على سؤال للزميل محمد محسن من تلفزيون “الميادين” أن يكون هنالك اي تدخل لروسيا في بلاده، وقال:” نحن لدينا تعاون عسكري وسياسي مع روسيا منذ أكثر من 17 عاما، وهي علاقات تتطور كما يجب، إن التدخّل الوحيد الذي حصل منذ 20 عاما والذي يحصل في كل يوم وكل دقيقة هو من قبل الولايات المتحدة الأميركية”.
وقال ردّا على سؤال لموقع “مصدر دبلوماسي” عمّا تطلبه فنزويلا من لبنان وما سعى اليه مع وزير الخارجية جبران باسيل: “لا توجد طلبات محددة، لكننا جئنا للتعبير عن تضامننا ومحبتنا للبنان ورغبتنا بالعمل معه في قطاعات مختلفة وخصوصا في الطاقة. وما فعلناه هو أننا شرحنا الوضع السائد في فنزويلا راهنا والهجومات التي تتعرض لها، بشكل أن تتوافر لدى كل الدول حول العالم المعلومات اللازمة من أجل العمل على احترام القانون الدولي وأن تعمل بحسب هذا القانون”.
وسئل هل سيلتقي رئيس الحكومة سعد الحريري فأجاب:” لا لأنه غير قادر لأسباب صحية”.
وسئل عن تقييمه لزيارته الى تركيا ولبنان، فقال:” أنا راض جدا عن جولتي التي أتابعها في سوريا، لأنها بلدان مستقلة تحترم القانون الدولي وتعددية الأطراف، وبالنسبة الى لبنان تربطنا فيه علاقات وثيقة جدا بسبب مئات آلاف الفنزويليين من اصل لبناني”. وقال آرياسا:” ثمة إمكانات عدّة للتعاون مع لبنان ولا سيما من الناحية التجارية، وقد يستفيد لبنان كثيرا من الخبرة الفنزويلية في مجال الطاقة حيث من الممكن أن تقدّم فنزويلا استشارات للبنان في هذا القطاع الناشئ هنا”. واضاف:” إننا في طور فتح علاقات متجددة مع لبنان، أما بالنسبة الى تركيا فتوجد علاقة شاملة ومتطورة كثيرا وفنزويلا عازمة على تطويرها أكثر فأكثر”.
ووجه رسالة الى الشعب اللبناني قائلا:” إن فنزويلا هي بلد صديق للبنان نحن إخوة واخوات ونحن تهمنا العلاقات مع الشعب اللبناني بمختلف انتماءاته، ولدينا شريحة واسعة من اللبنانيين في فنزويلا يهمنا التعاون معها”.
وكان آرياسا زار رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون بلا أن يدلي بأي تصريح للصحافيين، وفي وزارة الخارجية والمغتربين اجتمع مع نظيره اللبناني جبران باسيل، ثم كان لقاء مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس النيابي اللبناني ياسين جابر نظرا لسفر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى العراق وقطر.
يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية حاولت أخيرا إستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يطلب من فنزويلا إدخال مساعدات إنسانية وتنظيم انتخابات نزيهة، إلا أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض ما عرقل المشروع الأميركي وعكس انقساما دوليا جديدا حول هذه الأزمة المستجدة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية على الأراضي الفنزويلية.