“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة
تجاوزت الفترة التي مرّت على انعقاد مؤتمر بروكسيل (3) في 14 آذار الفائت الأسبوعين، وعاد الوفد الرسمي اللبناني برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري أدراجه ملتزما الصمت بسياسييه ومستشاريه، في حين أن أعضاء المجتمع المدني اللبناني أكملوا جهودهم الحثيثة لتنفيذ الأجندة الدولية المستمرة منذ انعقاد مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة منذ اجتماعي الكويت في 2013 و2015، ثم في لندن في 2016 وفي بروكسيل في أعوام 2017 و2018 و2019.
ولعلّ أبرز “المعلومات” التي “سرّبت” للإعلاميين هي أن حجم التعهدات الدولية بلغت 7 مليارات دولار لسوريا والمنطقة في سنة 2019. وقلّة من وسائل إعلامنا لحظت أن هنالك تعهّدات أيضا لسنة 2020 “وما بعدها” بلغت 2,4 مليار دولار.
ولأن الشيطان في التفاصيل، حاول موقع “مصدر دبلوماسي” التمحيص في بيانات المؤتمر وإعلانه النهائي، وقبل التوغل في تفاصيل الإعلان النهائي للمنظمين والشركاء أي الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وشركائهما. كان لا بد من التوقف مليا (كالعام الماضي بعد مؤتمر بروكسيل (2) راجع موقعنا) عند تعهدّات الدول.
وأكدت المقدمة التي تسبق الجداول والأرقام بأن “المجتمع الدولي يؤكد تعهده بـ7 مليارات دولار أميركي “للدعم الإنساني ولدعم الصمود والأنشطة التنموية في عام 2019 استجابة للأزمة السورية”.
ولدى التمحيص في الجداول نكتشف أن ثلاث دول عربية فحسب استجابت لنداء المجتمع الدولي هي الكويت التي تعهدّت بـ100 مليون دولار أميركي كمساعدات لأزمة اللجوء (ليس لبنان فحسب) لسنة 2019 من دون أن تقدم اية تعهدّات لعام 2020.
ومثلها فعلت قطر بالمبلغ ذاته اي 100 مليون دولار لسنة 2019 بلا اية تعهدات لسنة 2020. والأمر سيّان بالنسبة الى الإمارات العربية المتحدة التي تعهّدت بـ65 مليون دولار أميركي لسنة 2019 دون اية التزامات منها لسنة 2020. في حين لم يلحظ الجدول أية تعهدّات للمملكة العربية السعودية. (لم يتمّ التأكد من حضورها المؤتمر).
بالنسبة الى القروض التي سيتم تقاسمها على الدول بحسب المشاريع والتي لم نعرف عنها شيئا بالنسبة الى لبنان وسط تكتّم ملحوظ وضبابية من قبل المعنيين فهي بلغت قرابة الـ 21 مليار دولار أميركي معروضة من قبل بعض الدول، ومن قبل البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، وبنك الإستثمار الأوروبي والبنك الدولي، وبنك التنمية الإسلامي.
الإعلان المشترك
أما البيان المشترك الذي نشره الإتحاد الأوروبي على مواقعه المتاحة فقد أبرز دورا رئيسيا للمجتمع المدني في الحل السياسي وفي اللجنة الدستورية العتيدة واضعا كوتا 30 في المئة من النساءمؤكدا ايضا على تطبيق القرار 2254 . وكشف البيان أن قرابة 1،4 مليون نازح سوري عادوا الى مناطقهم الأصلية عام 2018 وتبلغ نسبة النازحين من داخل سوريا 95 في المئة. واشار الإعلان المشترك الى أن الصراع لا يزال يسبّب النزوح وبلغ عدد من نزحوا عام 2018 رقما هو 1،6 مليون نسمة.
وقال الإعلان بأن المنظمين والشركاء يعتبرون العودة الطوعية هي قرار فردي وكرروا أهمية وثيقة صادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عام 2018 والتي تمّت مناقشتها مع السلطات المعنية وهي بعنوان:
” عتبات الحماية والمعايير الخاصة بعودة اللاجئين الى سوريا”.
The Protection Thresholds and parameters for refugee return to Syria.
وقال البيان بأن الدعم سيستمر بإعطاء الأولوية للإحتياجات الحيوية مع تركيز متزايد على توفير فرص الرزق والمعيشة وتطوير المهارات وخصوصا لدى الشباب والنساء وكذلك المشاركة في المجموعة (المجموعات المحلية).
واشاد الإعلان بالتقدم الذي أحرزته الحكومات المعنية ومنها حكومة لبنان التي نفذت كما دول الجوار كل ما التزمت به في بروكسيل (2) ، وطالب بمزيد من الحماية للاجئين كتزويدهم بالوثائق القانونية والإقامات المؤقتة ومنحهم القدرة على الإكتفاء الذاتي (…).
وتبنى الإعلان الدعم المستمر للتعهدات المتعددة السنوات بالنسبة الى التعليم والصحة والإقتصاد والإصلاحات في أسواق العمل وتطوير القطاع الخاص. وكانت أنشطة موازية للمؤتمر منها حول ضرورة دعم العدالة الدولية والسلام المستدام في سوريا تناولت المساءلة الدولية وآلياتها. وأكد المؤتمر أخيرا على نقاط مستقبلية رئيسية منها أهمية العمل المستمر مع المجتمع المدني السوري ودعمه، وتحدث عن أهمية التزامات الدول وتقرر توسيع الصندوق التعاضدي الأوروبي الذي أنشئ خصيصا للإستجابة للصراع في سوريا ويحوي حاليا ما يزيد عن مليار و600 مليون دولار. وختم الإعلان بأن إعادة الإعمار والدعم الدولي لها ممكنة فقط بعد التوصل الى حل سياسي موثوق ومنسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254 وبيان جنيف، بالإضافة الى شروط استقرار وحكومة جامعة وديموقراطية تضمن أمن الشعب، وخلص الى أن هذه الشروط ليست موجودة بعد في سوريا.