“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تدور مفاوضات شائكة جدا حول إعادة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص وإسرائيل، وتطالب قبرص (كانت أبرمت اتفاقا ثنائيا مع اسرائيل) بإبرام الإتفاقية المعقودة مع لبنان عام 2007 والمتعلقة بترسيم حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة بين البلدين، والتي لم يبرمها المجلس النيابي اللبناني بعد بسبب وجود خطأ بالنسبة الى مواقع الترسيم استنادا الى القانون الدولي.
وقالت أوساط متابعة لهذا الملف لموقع “مصدر دبلوماسي” أن ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل موضوع على نار حامية من دون أن يتبلور بعد، وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد عرض أخيرا العودة الى خطّ هوف الذي يفقد لبنان “جزءا بسيط” من المنطقة الإقتصادية الخالصة إذا ما تمّ احتساب المنطقة المتنازع عليها بطريقة عادية، فلا تتعدّى خسارة لبنان الأمتار السبعة، إلا أن الواقع أظهر أنه بعد الترسيم النهائي الذي يمتدّ في البحر سيفقد لبنان عمليا منطقة واسعة تتعدّى الـ300 كيلومتر مربّع، وهو ما تنبه اليه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وكان حاسما في رفضه، علما بأن بعض المسؤولين اللبنانيين قبلوا به على قاعدة أن بضعة أمتار لن تكون مؤثرة.
وتبدو عيون الدول المحيطة بلبنان جاحظة على تحركاته آنيا سواء بالنسبة الى الإتفاق الذي وقعته وزارة الطاقة والمياه أخيرا مع شركة “روسنفت” الروسية بشأن بناء منشآت النفط في مرفأ طرابلس، أو بالنسبة لآلية التعاون الثلاثي بين لبنان وقبرص واليونان والتي انعقد في شأنها اجتماع على مستوى الخبراء في وزارة الخارجية والمغتربين تمهيدا للمنتدى الثلاثي بين وزراء خارجية البلدان الثلاثة الذي سينعقد في 10 نيسان المقبل، أو بالنسبة الى الكلام عن إعادة ترسيم الحدود البحرية أو في ما يخص الطريق التي سيسلكها الغاز اللبناني حين يتم إستخراجه وهل سيمر عبر أنابيب مشتركة مع بلدان تتعاون مع إسرائيل (أنبوب شرقي المتوسط) أم أن ثمة مشروع آخر؟ أم أن لبنان سيعتمد تصدير غازه عبر طريقة “أل أن جي” عبر البواخر وهي لا تجعل هذا الغاز تنافسيا.
بانتظار الإجابة على هذه الأسئلة التي يشخص اليها السفارات والخبراء والدبلوماسيين بمختلف الجنسيات، علم موقع “مصدر دبلوماسي” في هذا السياق أنه بعد توقيع الإتفاق على منتدى غاز شرقي المتوسط الذي سبق وتمّ التفاوض عليه في اليونان في حزيران الفائت، كان طرح مصري بإمكانية انضمام لبنان الى هذا المنتدى، على قاعدة أنه ما إن يبدأ انتاج الغاز اللبناني سيستفيد لبنان من خدمات هذا المنتدى عبر تسييل الغاز في مصر تمهيدا لتصديره الى اوروبا. وكان ردّ الرئاسة الثانية المتمثلة برئيس المجلس النيابي نبيه بري حازما برفض هذا الإقتراح لأنه تجاريا يحتاج الى دراسة متأنية ومعمّقة، أما سياسيا فهو يعني التطبيع مع إسرائيل الموجودة في هذا المنتدى ولبنان يرفض “خلط” الغاز اللبناني والغاز الإسرائيلي. وصبّ اقتراح دايفيد ساترفيلد أخيرا في هذا الإطار، داعيا لبنان الى الإنضمام الى هذه السوق أي سوق الغاز القبرصي عبر تسييل الغاز في مصر، على أن يطرح بعدها في سوق مشتركة تضخ الى أوروبا عبر قبرص واليونان وإيطاليا.
في هذا الإطار وجه وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل كتابا واضحا الى الجهات الدولية المعنية مصرا على الحفاظ على حقوق لبنان الإقتصادية والسياسية في المنطقة وشرق المتوسط وخصوصا وأن ساترفيلد الذي تمسك بخط هوف وبتصريف الغاز اللبناني عبر منتدى غاز شرقي المتوسط ومقره في القاهرة أثار ألغازا وخصوصا وأن هذه العملية ستكون كلها بإشراف أميركي وبشراكة استراتيجية مع إسرائيل.