“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يتربّع وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على عرش الدبلوماسية البحرينية منذ 2005، خرّيج هارفرد في التاريخ والعلوم السياسية، تسلّم مناصب قيادية عدّة وشارك في حلّ نزاعات عربية مختلفة وخصوصا مع قطر. وصل الى لبنان مساء أمس بعد غياب دام قرابة التسعة أعوام، وكان سعيدا جدّا بالعودة الى بيروت التي زارها للمرة الأولى وهو في عمر التسعة أعوام. في حديثه الخاص لموقع “مصدر دبلوماسي”، أبى رئيس الدبلوماسية البحرينية الفذّ بإجاباته المحبوكة بخبرة عميقة من دون أن تفقد صدقيتها، إلا أن يتحدث بوجدانية عن لبنان، قائلا بالحرف: “لبنان وجهي الجميل”. كان متأثرا جدّا بوصوله الى بيروت متسائلا :”لم غبت عنها كل هذا الوقت”.
ويشير ممازحا:” أولا أنتم فينيقيين ونحن أيضا لدينا حضارة فينيقية، فيعلم الله إذا كنتم أنتم بحرينيين أم نحن لبنانيين”!.
لكنّ الوجدانيات لم تمنع الوزير البحريني من إطلاق مواقف سياسية مهمّة جدا قبيل انطلاق القمة التنموية والإقتصادية والإجتماعية اليوم: تمنّى بألا يتأثر لبنان بما أحاط بالقمة من ظروف، مؤكدا بأن نجاح القمة رهن بمضمونها ومتنميا لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون التوفيق بإدارتها.
وفيما وعد بأن يتم افتتاح سفارة بحرينية في بيروت، أكد بأن الإستراتيجية الأميركية لمحاربة إيران لا تستهدف لبنان بل “ناس في لبنان”.
يقارب رأس الدبلوماسية البحرينية المسائل العربية بكثير من الحكمة والروية، يؤكد بأن لقاءه مع نظيره السوري في نيويورك لم يكن الأول، نافيا وجود تباطؤ في إعادة سوريا الى الجامعة العربية “لكن لتترك الأمور على سجيّتها”.
وتطرق في حواره الى البند الخلافي حول النزوح السوري وإعادة إعمار سوريا وأسباب إعادة تفعيل عمل سفارة البحرين في دمشق وإمكانية عودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية في قمّة تونس.
هنا نصّ الحوار:
*منذ متى لم تزر لبنان؟
-لم أزر لبنان منذ قرابة التسعة أعوام.
*ماذا يعني لك لبنان؟
-أنا كعربي أعتبر بأنّ لبنان هو وجهي الجميل، الله يحفظ لبنان لأن هويتنا هي من هوية لبنان. لبنان بلدنا، وأنا جلت العالم كلّه، ولكنني حين ازور لبنان أشعر بأن العالم كلّه ههنا. أقولها بصراحة جئت الى لبنان للمرة الأولى بعمر التسعة أعوام لأزور أخوالي الذين درسوا في الجامعة الأميركية في بيروت. وجدانيا، نحن ننتمي الى هذا البلد كما ينتمي هو الينا ونحن سعداء بذلك. فجّر فيّ وصولي الى أرض بيروت شجونا جمّة، وجعلني أتساءل: لم غبت عن هذا البلد كل هذا الوقت؟
الله يحفظ لبنان ويردّه المارد الكبير الذي ينتشر في العالم.
*ما هو تقييمك لفاعليات القمّة التنموية الإقتصادية والإجتماعية التي تشاركون فيها اليوم رئيسا لوفد البحرين؟
-هي على غرار سابقاتها، القمّة تقاس بمضمونها والمضمون المهم يتعلّق بالإقتصاد والتنمية، وإذا أردنا في العالم العربي التركيز على أي أمر ينفعنا، فهو التنمية والإقتصاد المشترك. هنالك إتفاقيات أتمنى تفعيل آلياتها الى أقصى حد، أما بالنسبة الينا كعرب فإذا ركّزنا على الأمر الصحيح فسنحقق مصلحتنا.
*يتضمّن جدول أعمال القمّة بندا خلافيا يتعلّق بالنزوح السوري، هل من رأي للبحرين في هذا الخصوص؟
–إن رأينا هو أن يعود الإستقرار الى سوريا، وحين يعود الإستقرار الى سوريا فإن هذه المأساة الإنسانية الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية وهو ما قيل في جامعة الدول العربية وأنا بنفسي قبل الجامعة، ستنتهي. طالما كنت أنبه قائلا بأننا كعرب لدينا مسؤولية تجاه بلد عربي شقيق، فأن تستقر سوريا وأن يعود الشعب السوري الى بيوته، فهذا أمر مهمّ جدا بالنسبة الينا.
*هذا يعني أنكم ترون أن العودة تلي تبلور الحلّ السياسي؟
-لست في معرض أي قول، ما أقوله هو أن الحل هو بين يدي الشعب السوري، لن أتمسّك بهذا الموقف، لكن سيفرحنا جدّا في البحرين عودة الشعب السوري الى مدنه والى بيوته.
*كان لقاؤك بوزير الخارجية السوري وليد المعلّم على هامش اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول الفائت تمهيدا لانفتاح عربي واضح على سوريا…
-هذا ليس أول لقاء لي مع الوزير المعلّم، ربما هو اللقاء رقم 10 أو أكثر منذ عام 2011، فأنا التقي به كل سنة.
*لكن كانت لديك سابقا مواقف ضدّ النظام السوري…
–لا، لم يكن لديّ أية مواقف ضدّ النظام السوري، المتابع لمواقفنا في البحرين يدرك أننا لم نتخذ يوما موقفا ضدّ النظام السوري، لأنه وبكل صراحة “مش شغلنا” أن نتخذ مواقف مع أو ضد. نحن ليس من شغلنا أن نملي على السوريين ما يفعلونه أو ما لا يفعلونه، او أن نقول لهم نريد كذا أو لا نريد كذا. كان كلامنا دوما بأننا نتطلّع الى حلّ سياسي يحقق تطلّعات الشعب السوري حسب اتفاق جنيف. ثم نحن لم نقطع العلاقات الدّبلوماسية مع سوريا، السفارة السورية في البحرين تعمل بشكل طبيعي، أما السفارة البحرينية في سوريا فقد اتخذ مجلس التعاون قرارا بإغلاق السفارة وليس قطع العلاقات، ونحن لم نقطع العلاقات مع سوريا.
*ماذا يعني إعادة فتح سفارة البحرين أخيرا في سوريا وتفعيلها مجددا، وكذلك إعادة افتتاح سفارة الإمارات العربية المتحدة في دمشق؟
-يعني أننا دول عربية وسوريا بلد عربي. ومهما كانت هنالك تباينات في وجهات النّظر ومهما كانت هنالك أمور تختلف رؤيتنا لها، لكن في النهاية يجب أن نتكلّم بع بعضنا بعضا.
*لكن يحكى الآن في هذه القمّة عن تباطؤ في إعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا؟
-لا يوجد تباطؤ، دعوا كلّ شيء يمشي على سجيّته، وبحسب خطواته. أنا لا أقول بوجود تباطؤ، لكن قد يكون هنالك من يرى وجود تسارع محموم قد يثير العثرات، أو يوجدها. فخلّونا نمشي بحسب سرعتنا، وسوريا هي جزء من العالم العربي، وبعمرها ما طلعت من العالم العربي، أما المسائل الإجرائية ستحدث في وقتها.
*هل ستعود سوريا الى حضن الجامعة العربية في اجتماع القمّة في تونس في آذار المقبل؟
-لا يمكنني قول ذلك، لأن هذا القرار يجب أن تبحثه جامعة الدّول العربية، ولا أستطيع استباق الأحداث.
*هل البحرين والدول الخليجية معنيّة بإعادة إعمار سوريا؟
-لغاية الآن لم يبحث هذا الموضوع، هنالك الكثير من الكلام، لكن لغاية الآن لم يعقد أي اجتماع ولم تبحث أية تفاصيل في هذا الشأن.
*ما هو موقف البحرين ودورها في الإستراتيجية الأميركية المتجددة في المنطقة في محاربة إيران وخصوصا وأن لبنان أيضا يستهدف في هذه الإستراتيجية؟
-لبنان ليس مستهدفا، أرجوكم لا تشعروا بأنّ لبنان مستهدف في هذه الإستراتيجية الأميركية. لأكن صريحا معكم، لبنان بلد عربي صديق، ونحن ليست لنا مشاكل مع لبنان، عندنا مشاكل مع ناس في لبنان وليس مع لبنان. نحن لدينا مشكلة كبيرة مع إيران، وأنا أيضا لا أحبّذ استخدام كلمة إيران، لأن إيران شعب وبلد وحضارة وجيران ونعرفها منذ آلاف السنين، نحن لدينا خلاف مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالوضع الموجودة فيه حاليا، لدينا خلاف كبير معها. فإذا كان هنالك استهداف يؤدّي الى تخفيف التوتّر في منطقتنا ويؤدي الى أن يعقلوا، فنحن نؤيد هذه السياسة.
*لماذا لا توجد سفارة بحرينية في لبنان؟
-كانت هنالك سفارة بحرينية في لبنان الى أن بدأت الحرب اللبنانية، وكلّما جئنا لنفتح السفارة يطلع لنا واحد يقول كلام يخلّينا نؤجّل الموضوع.
*ليس من الدولة اللبنانية؟
-لا ليس من الدولة اللبنانية، هذا صحيح وانشاالله نتمنّى أن تفتح السفارة مجددا.
*هل من كلمة أخيرة قبل دخولك للمشاركة في أعمال هذه القمّة؟
-نتمنى لفخامة الرئيس العماد عون النجاح في إدارة هذه القمّة، ونتمنّى للبنان أن ينجح وسينجح بهذه القمّة وان لا يتأثر بأي شكل من الأشكال بالظروف التي أحاطت بهذه القمّة، وانشاالله نتطلّع الى أن لبنان يستقبل أشقاءه لأن أهم ما للبنان أشقاءه وأهم ما لأشقائه لبنان.