“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
ملاحظة: بلّغت الرئاسة الصومالية الآن الدوائر المنظمة للقمة التنموية الاقتصادية والتنموية، باعتذار الرئيس الصومالي عن الحضور لسبب طارئ، وسيمثل الصومال وزير الخارجية أحمد عيسى عوض.
إشتغلت الدول الخليجية الوازنة بضوء أخضر أميركي على إفشال قمّة بيروت التنموية الإقتصادية الإجتماعية بالشكل، ونجحت بالشكل فحسب.
أما مضمون القمة فلن يكون مختلفا عن القمم الثلاثة الفائتة التي انعقدت في الرياض والكويت وشرم الشيخ، وطالما لم تتم انسحابات دولية منها فإن فاعلياتها تكون قد سارت على الطريق الصحيح والعبرة في القرارات وتطبيقها لاحقا.
إن المتابع لتطوّرات تنظيم هذه القمّة منذ شهرين، يعرف جيّدا بأن المملكة العربية السعودية ومعها الإمارات العربية المتحدة اتخذتا قرارا بتخفيض مستوى تمثيلهما في قمّة بيروت الى رتبة وزير، لم يكن يوما وزير الخارجية بل وزير المالية أوالإقتصاد، وذلك كرسالة سلبية للبنان على انتهاجه سياسة تعتبرها الدولتان منحازة الى محور إيران، وكدليل احتجاج على العهد الذي يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بمسايرة “حزب الله” والتغطية على سياساته وبعدم اتخاذ التدابير اللازمة لقصقصة أجنحة “الحزب السياسية وحتى العسكرية.
لم تتقبل السعودية والإمارات خروج لبنان لمرتين عن الإجماع العربي في اجتماعات كان سيتم التصويت فيها على إدانة إيران وتوصيف “حزب الله” بـ”الإرهابي”.
وبعد أن كانت هاتان الدولتان تتعاملان مع لبنان بنوع من التسامح، اتخذتا القرار منذ قرابة العامين بحصاره بشكل غير معلن: منع سفر الرعايا السعوديين والإماراتيين اليه، تخفيض التمثيل الدبلوماسي، منع أية مساعدات ذي قيمة للبنان، والإكتفاء بالإيعاز لسفراء هذه الدول بتقديم مساعدات للنازحين السوريين وللمجتمعات المحلية الموالية، مع العلم أنه في المضمون فإن هذه المساعدات التي لا تقي من جوع تفيد هذه الدول في سجلّها الإنساني لدى المنظمات الإنسانية الدولية.
استمرت هذه الدول بسياسة التحجيم للبنان، وبمحاصرة عهد ميشال عون لنسف التسوية التي لم تأت بثمارها بفصل عون عن “حزب الله”. وكما تمّ حصار السياحة، حوصر الإعلام اللبناني، فتمّ رفع أي دعم عن الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية، التي لا مبرّر لها البتّة بالقبض من هذه الدول على مرّ التاريخ، من دون العمل على تحصين ذاتها مهنيا ومواكبة العصر الرقمي والثورة التكنولوجية، إتخذ القرار بحجب صورة بيروت المنارة الصحافية وصوت العالم العربي، حجب المال فاحتجبت “السفير” و”الحياة” و”دار الصياد” و”المستقبل” وهزلت صحف رئيسية مثل “النهار”. انتقل الجهد الإعلامي الى دبي، واغلق الباب أمام الكثير من اللبنانيين الذين رحّلوا إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عبر عدم تجديد عقود عملهم.
عملت هذه الدول مستثمرة عبر سفرائها في لبنان في الفقر والتراجع الإقتصادي، رمت الفتات للبعض ومنها مواقع هزيلة ومنها وسائل إعلام تحجمت بعيون اللبنانيين بفعل تبعية أفقدتها أي بريق مهني، ودخلت الى حلبة المطبلّين والمهللين لكلّ شيء إلا لوطنها. فلا عجب ان تعمد تلفزيونات عدة اليوم ومواقع إلكترونية على التهليل لما تسميه “فشل” القمة في لبنان لأنها بلا رؤساء من دون التدقيق فعليا بمضمون الحدث، ومن دون أية قراءة سياسية موضوعية لهذا النوع من القمم وآلية عمله، لأن التمحيص بذلك يظهر بشكل لا لبس فيه بأن القمة التنموية الإقتصادية والإجتماعية في لبنان والتي ستنعقد غدا بحضور عربي كامل باستثناء ليبيا مع وجود كاد سيكون مثمّنا لرئيسي دولتي الصومال وموريتانيا، اللتان بقيتا صامدتين لغاية كتابة هذه السطور، وكدنا نظنّ أنهما ستمثلان التضامن العربي خير تمثيل بعد اعتذارات متتالية كان آخرها أمس لأميري قطر والكويت وللرئيس التونسي، إلا أن الصومال اعتذرت منذ لحظات، وقد تكون موريتانيا على طريق الإعتذار.
نجح بعض الخليجيين بنسف الشكل الناجح للقمة، من حيث عدم وجود تمثيل رئاسي رفيع، نجحوا بألا يتمّ التسلّم والتمثيل على مستوى عال، واستثمروا في خطأ فريق لبناني أنزل مجموعة من الشبان المتحمسين لاحراق علم دولة شقيقة، دون رؤية لتداعيات هذا التصرف الذي رفضه لبنان مرة عبر بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية والمغتربين ومرة ثانية عبر كلمة مباشرة لليبيا وجهها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري.
نجح الأشقاء الخليجيين والعرب في نسف الشكل، على أمل ألا ينجحوا غدا في نسف مضامين مهمة مثل بند اقترحه منتدى القطاع الخاص العربي بإدراج بند إعادة إعمار الدول العربية التي تعرضت لصراعات، وتخفيف لهجة البيان السياسي الذي طلبه لبنان في شأن عودة النازحين السوريين.
يقول أحد السفراء اللبنانيين المشاركين في فاعليات القمة أن نجاحها مرتبط بإقرار البنود التي تمّ الإتفاق عليها وهذا هو الأساس، أما عدم حضور الرؤساء فهو رسالة سلبية للبنان بلا شك من الدول العربية ولكنها لم تؤثر على مضمون القمة ولا على فاعلياتها التي سارت بشكل طبيعي.
من جهة ثانية، تحدّث موقع “مصدر دبلوماسي” الى أحد الدبلوماسيين العاملين في جامعة الدول العربية والذي واكب القمم الأربعة التي انعقدت في الكويت وشرم الشيخ والرياض وبيروت فأكد بأن فهم آليات عمل هذه القمة المنبثقة عن المجلس الإقتصادي يظهر أن نجاحها مرهون بالقرارات التي تصدر عنها أولا وبعدم انسحاب الدول من فاعلياتها من جهة ثانية وهذا لم يحدث في قمّة بيروت.
وشرح بأن بعض الدول العربية عمدت الى تخفيض تمثيلها كنوع من التضامن مع بلد عربي هو ليبيا أهين علمه، ولا يمكن لجامعة الدول العربية وللدول العربية أن تتهاون في حادثة مماثلة كي لا تتحوّل الى سابقة، وكرّر قوله بأن نجاح القمة غير مرهون بنوعية الحضور وآلية اتخاذ القرار التي لا تتأثر بمستوى التمثيل.