“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذه المقابلة التي نشرتها مجلة “الأمن العام” في عددها الرقم 64 الصادر في كانون الثاني الجاري.
لتصفّح المزيد من المواضيع المجلّة الضغط على الرابط الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
خرجت بريطانيا من تحت مظلة الإتحاد الأوروبي عبر مسار ما بات يعرف بـ”البركست”، لكنها لا تزال متشبثة بالتعاون الثنائي مع الدول الصديقة ومنها لبنان وتسعى الى توطيده على المستويات المختلفة.
اذا كان للأمن الحدودي هاجسه الخاص لدى البريطانيين، فإن السفير البريطاني في لبنان كريس رامبلنغ يؤكد بأن تحسّنا ملحوظا في هذا المجال ترصده بريطانيا سواء على الحدود الشرقية حيث بنت 39 برجا للمراقبة او عبر مطار رفيق الحريري الدولي حيث تعاون وثيق مع الامن العام اللبناني مرشح للتطور.
لكن رامبلنغ لا يخفي “قلقا” بريطانيا من الوضع الجنوبي مشددا على ضرورة تطبيق القرار 1701. في حديثه الى “الامن العام” اكد رامبلنغ بان الحل في سوريا سيكون عبر مظلة الامم المتحدة، مشددا على ضرورة الابقاء على وقف اطلاق النار في ادلب، ولم يقدم موقفا معترضا على العودة الطوعية للنازحين السوريين شرط ان تكون “آمنة وكريمة وطوعية”.
يأتي السفير رامبلنغ من خبرة دبلوماسية واسعة، هو يعرف الشرق الاوسط بشكل جيد: امضى 4 أعوام في بروكسيل حيث شغل منصب ممثل بريطانيا في الاتحاد الاوروبي وكان يهتم بالسياسات الدفاعية والخارجية والتنموية، قبلها كانت له خبرة في الشرق الاوسط وفي شمالي افريقيا، في الاردن وليبيا ومصر ثم في القدس المحتلة.
*تسلّمت مهامك الدبلوماسية رسميا منذ 4 اشهر تقريبا، ما هو انطباعك عن السياسة اللبنانية، وخصوصا وانك وصلت في ظلّ فراغ حكومي مستمر؟
-طالما تحمّست للعمل في لبنان ويمكنني القول بأنها كانت فترة جيدة وممتعة اذا صح التعبير. توجد في لبنان فرص عدّة وطاقات كامنة ومواهب. صحيح بأن لبنان يواجه تحديات عدة داخليا وخارجيا، لكن المؤكد ان بريطانيا تريد الإستمرار بالوقوف الى جانب امنه وازدهاره واستقراره وهي مهمّة لها.
بالنسبة الى تشكيل الحكومة فنحن نستمر بدعم مسار التأليف ونتمنى انتهاءه باسرع وقت بطبيعة الحال، وخصوصا وانه يمكن تحقيق الكثير على المستوى الإقتصادي، وسيستمر دعمنا للحكومة الجديدة.
*هل لديك تخوفا من الوضع الامني في لبنان وخصوصا في الجنوب؟
-لاحظنا تحسّنا في المجال الامني في الاعوام الاخيرة، وخصوصا في ضوء ما يحدث في سوريا. شاركت اخيرا في اجتماع دوري للجنة الاشراف العليا على برنامج المساعدات لحماية الحدود البرّية حيث تمّت مناقشة مشروع امن الحدود اللبنانية – السورية. شكل الاجتماع فرصة لتهنئة الجيش اللبناني في عيد الاستقلال الخامس والسبعين ولجهوده في تأمين كامل الحدود اللبنانية السورية بحلول العام 2019. اصغينا مجددا الى النجاح الذي حققه البرنامج المختص بحماية الحدود الشرقية ويوجد الكثير لانجازه بعد. بات لدينا الكثير من الابراج اليوم، فنحن دفعنا 69 مليون جنيه استرليني من اجل دعم الجيش اللبناني، 11 ألف عنصر سيتم تدريبهم بحلول اذار 2019 وقد سلمت في مركز حامات في ايلول الفائت شهادة تقدير للجندي الـ10 آلاف الذي تم تدريبه، وانشأنا 37 قاعدة للتشغيل بالاضافة الى 39 برج مراقبة حدوديّة. نحن مستمرون بهذا المسار حيث العمل على تحسين القدرات هو اولوية الآن. من المحتمل بناء ابراج جديدة، والامر لا يتعلق ببناء الابراج بل ان تكون هنالك قدرات لاجراء المسوحات ولتأمين الحدود. لقد زرت عرسال اخيرا ورأيت بوضوح ان الوضع هنالك لا يتعلق بوجود الابراج فحسب بل بقدرة الاهالي على التجول والعمل في اراضيهم بشكل آمن. بالنسبة الى برنامج التدريب البري فأعتقد باننا سنكمل التدريبات.
*ماذا عن الحدود الجنوبية؟
-يوجد قلق فعلي على الحدود الجنوبية، ومن المهم تطبيق القرار 1701.
*طالما التزمت بريطانيا دعم لبنان وخصوصا القوات المسلّحة اللبنانية اي الجيش اللبناني وخصوصا في الامن الحدودي، ماذا حققتم لغاية الآن، وما هي المشاريع الجديدة وخصوصا في ما يخص الخطة الخمسيّة الجديدة التي قدّمها الجيش اللبناني في مؤتمر روما (2)؟
-لقد اطلعنا على الخطة الخمسية التي قدمها الجيش اللبناني، ونحن ندعمها وسنستمر بدعم رؤية الجيش اللبناني وانشطته وخصوصا في ما يخصّ تقوية القدرات. اعتقد بان الارقام التي اوردتها تعني بأننا درّبنا ثلث القوات المقاتلة في الجيش اللبناني.
*ماذا عن تعاونكم مع الامن العام اللبناني في ما يخصّ الامن الحدودي ومكافحة الارهاب؟
-لدينا تعاون جيد مع الامن العام اللبناني، وخصوصا في ما يخص التعاون في مجال مكافحة الارهاب واعتقد انه ينبغي علينا المتابعة في تطوير هذا التعاون وهذا جزء مهم مما نقوم به. قمنا بالتركيز مع الامن العام اللبناني على موضوع المطار واعتقد انه بات لدينا تعاون جيد في المطار مع عدد من الوكالات، ولدينا خبراء يزورون المطار دوريا لتوفير الدعم، ومن الامور التي قمنا بها والمستمرة استضافة عدد من عناصر الامن العام في بريطانيا للتدرّب.
*هل تقولون ان مطار بيروت اليوم آمن؟
-اعتقد انه حصل تحسّن ملحوظ، وبالتالي انا سعيد من هذا البرنامج المتعلق بالمطار.
*كيف تواجه بريطانيا عودة الارهابيين من سوريا؟
-نحن مستمرون بمراقبة حركة الارهابيين من سوريا ونسعى لابقاء مجتمعنا وعائلاتنا آمنة في بريطانيا، وهذه اولوية لحكومتنا، واي ارهابي قرر العودة الى بريطانيا فسيعامل بحسب القوانين البريطانية.
*هل لديكم تعاون مع لبنان في هذا الشأن؟
-كما سبق وقلت، لدينا تعاون مع الامن العام اللبناني في مواضيع الارهاب بشكل عام، ونتطلّع للاستمرار بذلك.
*كيف تنظرون الى بلورة الحل السياسي في سوريا وهل ترون انه وشيك ام لا؟
-كنت في الاردن عام 2011 عندما بدأت الحرب في سوريا، وبطبيعة الحال تابعت تطوراتها على مدى الاعوام الثمانية الفائتة وهي كانت حربا رهيبة حيث تم استخدام اسلحة مريعة ومدمرة، وهذه برأيي كانت ظروفا رهيبة على الحدود اللبنانية، وقد قتل قرابة الـ400 الف شخص وتمّ تشريد نصف سكان سوريا. نحن نستمر بدعم المسار السياسي في سوريا تحت مظلّة الامم المتّحدة، وهو امر مهمّ جدا ونحتاج لرؤية تقدّم في هذا المنحى، وهو امر صعب ولكن في الوقت نفسه نحن ندعم المبادرات التي منعت القصف والتدمير في ادلب.
*هل لدى بريطانيا الموقف نفسه تجاه ادلب واللجنة الدستورية كما الولايات المتّحدة الاميركية؟
-اعتقد ان معظم الاوروبيين لديهم الموقف ذاته حيال هذه المسائل.
*كيف ترى الى الوضع الحالي في ادلب وايضا ماذا عن مصير الانتقال السياسي واللجنة الدستورية المعرقل تشكيلها منذ فترة؟
-آمل ان نرى بدء العمل في اللجنة الدستورية وكما سبق وقلت تحت مظلة الامم المتحدة ونحن نستمر بدعم المسار السياسي الذي تقوم به الامم المتّحدة من خلال مهام المبعوث الدولي الخاص بسوريا وهو بنظرنا المنتدى الصحيح للحل. كما سبق وقلت بخصوص ادلب، فمنذ اشهر قليلة كان العالم خائفا جدا من ان تدمّر المدينة كليا ويقع عدد كبير من القتلى والجرحى، وهذا تمّ تجنّبه اليوم واتمنى ان يبقى هذا الوضع قائما.
*نعم، لكن الجماعات الارهابية لا تزال هناك، فماذا عنها؟
-اعتقد بان عدد الاطفال والمدنيين في ادلب اكبر بكثير من عدد الارهابيين ويجب التأكد من ان المدينة لن تدمّر فوق رؤؤسهم.
*زادت بريطانيا من دعمها للتعليم في المدارس اللبنانية للسوريين وللبنانيين معا، هل هذا سبب لكي يطمئّن اللبنانيون ام لكي يقلقوا من ان اللاجئين السوريين سيمكثون بعد في لبنان لاعوام طويلة؟
-انا فخور جدا من دعمنا للنظام التعليمي في لبنان، وصحيح ان فائدته تطال اللبنانيين والسوريين معا ونحن ندعم مبادرة العلم لجميع الاطفال وهي تطال جنسيات مختلفة. طالما تحدثت رئيسة حكومتنا عن اهمية التعليم، انه مسار طويل، لكنّ المبدأ يبقى. ان التعليم يبقى احدى الخدمات الاساسيّة في بلد كلبنان، وقد صرفنا 65 مليون جنيه استرليني من 2016 ولغاية 2020 في هذا القطاع المهم جدا. نحن نستمر بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، ولكن ايضا نتعاون مع المؤسسات التعليمية الخاصة وهذا اساسي.
بالنسبة الى مخاوف اللبنانيين من برامج الدمج فطالما كنّا واضحين بأنه ينبغي على السوريين العودة الى سوريّا، ما يمنع السوريين من العودة حاليا هو الخوف من القتل او الانخراط في الخدمة العسكرية او من الا يجدوا ممتلكاتهم، هذه هي الاسباب التي تمنع الناس من العودة راهنا، ولكن يجب التأكيد على اننا نتوقع ان يعود السوريون الى سوريا ونحن واعون تماما بأن العبء الذي تحمّلته وتتحمله الدولة اللبنانية كبير جدا ونتيجة لهذه الازمة، وانا واع لهذه المسألة سواء في احاديثي مع مسؤولين رفيعين او مع الاشخاص المعنيين من هؤلاء اللاجئين. لذا كان مؤتمر لندن عام 2016 للتأكد من ان تركيز المجتمع الدولي ليس على سوريا فحسب بل على المنطقة برمتها، لبنان والاردن وتركيا، ونحن نستمر بسياستنا في دعم مؤتمرات مختلفة في بروكسل.
*ما هو عدد السوريين الذين استقبلتهم بريطانيا؟
-لدينا برنامج مختص بهذا الموضوع. التزمنا باعادة توطين 20 الفا من اللاجئين السوريين بحلول عام 2020. يستهدف نظام اعادة توطين الاشخاص الاكثر ضعفا والذين يحتاجون إلى المساعدة بمن فيهم الاشخاص الذين يحتاجون إلى علاج طبي عاجل والناجين من العنف والتعذيب والنساء والاطفال الذين هم في خطر.
، قمنا الآن بإعادة توطين 10 آلاف سوري في بريطانيا من انحاء المنطقة والعدد الذي تم استقباله من لبنان هو اعلى بثلاثة مرات من الاردن.
*ما هو رأيكم بالمبادرة الروسية والعودة الطوعية التي تحصل من لبنان الى سوريا؟
-نحن ندعم العودة الآمنة والكريمة والطوعية. اذا كانت هذه المبادرة تساعد السوريين الراغبين بالعودة الطوعية على تحقيق مرادهم فنحن ندعم هذا النوع من المبادرات. اكرر ما سبق وقلته، ان الاسباب الرئيسية التي تمنع الناس من العودة تتعلق بالوضع الميداني ونحن ندعم كل من يريد العودة طوعيا ومن المهم ان تضطلع الامم المتحدة بوجود في سوريا، ولكن اذا كانت اية مبادرة تضمن هذا الامر وتوفره فنحن ندعمها.
*ولكن انتم تدعمون العودة الكاملة بعد الانتقال السياسي، اليس كذلك؟
-يوجد سوء فهم هنا، طالما كنا واضحين، ان امورا عدة تعتبر من ضمن الانتقال السياسي منها اعادة الاعمار، ولكن اذا كان ثمة اشخاص يريدون العودة فنحن لا نعارضهم اذا كانت العودة آمنة وكريمة وطوعية.
*تهتمّ بريطانيا بشكل خاص بتقوية قطاع الاعمال في لبنان هلا اخبرتنا عمّا تحقق وما هي المشاريع المقبلة وخصوصا على ضوء “المنتدى اللبناني-البريطاني للاعمال والاستثمار” الذي انعقد في لندن في كانون الاول الفائت؟
-لدى بريطانيا ولبنان علاقات تاريخية متينة، سواء امنيا او اقتصاديا او انسانيا او تعليميا او سياسيا، وانا سعيد لتحقيق الامكانات السائدة في المجال الاقتصادي. اعتقد اننا نجحنا بإرساء علاقة اقتصادية جيدة، مثلا فإن مرفأ بيروت هو نتاج تعاون بريطاني لبناني مشترك، ولدينا برامج عدة اذكر منها على سبيل المثال برنامجا يتعلق بمجموعة بورصة لندن الجديدة للتجارة اللبنانيّة، وهذا يساعد الجهات اللبنانية على عمل لوائح بتداول الاسهم، وهذا مثل. كما اطلقنا في لندن اتفاقا بين شركة طيران الشرق الاوسط لتزويدها بمحركات لاسطولها وهذا امر مهم جدا وله رمزيته عن رغبتنا بأن نتعاون سويا في مجال الاعمال، وهذا دليل ثقة متبادلة ليس في الاقتصاد فحسب.
*هل لا يزال الاهتمام البريطاني بمؤتمر “سيدر” هو ذاته بعد الخروج البريطاني من المظلة الاوروبية؟ وما هي اولوياتكم من “سيدر”؟
-نحن دعمنا مؤتمر “سيدر” والوثيقة التي صدرت عنه، واعتقد بأنها هذه خطّة جيدة، ونحن مستمرون بدعمها وقد لاقت دعما قويا في لبنان، واعتقد ان الوصول الى الفرص المتاحة يقتضي اصلاحات مهمة.
في مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في 6 نيسان 2018 ، طرحت الحكومة اللبنانية خطة طموحة للاستثمار في البنية التحتية والتزمت بالاصلاحات الاساسية التي من شأنها ان تساعد في ضمان بناء البنية التحتية والفوائد التي يتم تقديمها إلى جميع المجتمعات اللبنانية. اعلنت المملكة المتحدة وقتذاك عن حزمة دعم بريطاني بقيمة 40 مليون جنيه إسترليني للاقتصاد اللبناني لخلق فرص العمل وتحسين البنية التحتية لتعزيز التنمية الاقتصادية. بينما نتطلع الى تعزيز علاقاتنا التجارية والاستثمارية مع لبنان، نحن مصممون ايضا على ضمان استمرارية التجارة القائمة بعد مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.
*لم لم تشترك بريطانيا في دورة التراخيص الاولى في قطاع النفط والغاز في لبنان وهل سيكون اهتمام لشركة البترول البريطانية بالمشاركة في دورة التراخيص الثانية؟
-صحيح، نحن لدينا اعمالا ممتازة في هذا القطاع ولدينا شركات رائدة منها “بي بي”، و”شيل”، ولدينا ايضا شركات مورّدة ممتازة، فقد قامت “سبكتروم” مثلا بالعديد من مسوحات الاراضي في لبنان، وبالتالي فان لدى هذه الشركات حساباتها وينبغي سؤالها عن السبب لكن اعتقد ان بعضها قد يشارك في الدورة الثانية لانها مهتمة بفرص النفط والغاز. لدى البريطانيين الكثير من الخبرات يقدّمونها في قطاع النّفط والغاز وآمل ان ارى شركات تشارك في الدورة الثانية.
* بعد خروج بريطانيا الرسمي من الاتحاد الاوروبي، كيف سيؤثر “البركست” على مساعداتكم وتعاونكم مع شركائكم في الشرق الاوسط وخصوصا وانّ جزءا منها كان تحت مظلّة اوروبا؟ كما انّ وزير الخارجية جيريمي هانت اوضح ان اقتصاد بريطانيا سيكون “اصغر بقليل”؟
-لست متأكدا من ان وزير الخارجية صرّح بان اقتصاد بريطانيا سيكون اصغر، واعتقد بان اقتصاد بريطانيا سيستمر بالنمو بطريقة صحيّة ونحن سنبقى ملتزمين بهذا الجزء من العالم ومع اقسام اخرى من العالم منها في اوروبّا، وخصوصا بأمن واستقرار وازدهار لبنان. بعد قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي من المهم الحفاظ على علاقاتنا التجارية مع مختلف البلدان وقبل ذلك يجب انجاز الاتفاق النهائي مع الاتحاد الاوروبي وهذه فرصة لتوطيد العلاقات الثنائية بين بريطانيا وبقية بلدان العالم، وانا متأكد بأننا سنعمل بشكل وثيق مع الاوروبيين وحلفاء وشركاء آخرين حول العالم.