“مصدر دبلوماسي”
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان اسرائيل “ابلغتنا عبر الولايات المتحدة ان ليس هناك من نوايا عدوانية” في اعمالها الاخيرة على الحدود وستستمر بالعمل من داخل الاراضي التي تحتلها. ونحن ايضاً لا نوايا عدوانية لدينا، وبالتالي لا خطر على السلام، انما يجب اخذ بعض التدابير لازالة سبب الخلاف، ونحن مستعدون العمل في هذا المجال ولكن بعد الحصول على التقرير النهائي وتحديد المواضيع التي يجب معالجتها”.
ولفت رئيس الجمهورية الى ضرورة تفعيل العلاقات مع النمسا على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في المجالات كافة، بما يخدم مصالحنا المشتركة، وتمنى للمنتدى الاقتصادي اللبناني-النمساوي الذي سيطلق اليوم، النجاح في تسهيل فرص الاستثمار الثنائي.
وبالنسبة الى الوضع الحكومي، اوضح الرئيس عون انه بعد “العجز عن معالجة المسألة الحكومية بالطريقة التقليدية بين رئيس الحكومة وبقية الاطراف، رأينا انه من الواجب اخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة لان الاخطار اكبر من قدرتنا على تحملها . وشدد على وجوب نجاح المبادرة، “والا سنكون امام كارثة، ونحن نملك رأياً للتوفيق بين كل الاطراف”.
من جهته، اشاد الرئيس النمساوي الكسندر فان در بيلين بالعلاقات اللبنانية – النمساوية، معرباً عن تقديره لاستقبال لبنان العدد الكبير من اللاجئين السوريين، وهو امر “لم نشهد له مثيلاً”. وقال إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين جيدة وخالية من التوتر، ولكن يمكن تحسينها وتقويتها ورفعها الى المستويات التي نريدها. واتمنى ان تنجح لقاءات المنتدى الاقتصادي النمساوي – اللبناني، وتعطي الزخم الضروري للعلاقات الاقتصادية الثنائية”.
مواقف الرئيسين عون وفان در بيلين جاءت خلال المحادثات اللبنانية – النمساوية التي جرت قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، واعقبها مؤتمر صحافي مشترك ثم غداء على شرف الرئيس الضيف وقرينته.
الاستقبال الرسمي
وكان الرئيس النمساوي وصل وقرينته السيدة دوريس شمايداور Doris Schmidauer إلى القصر الجمهوري عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، يرافقهما رئيس بعثة الشرف وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا التويني، حيث كان في استقبالهما رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون. واقيمت للرئيس الضيف مراسم الاستقبال الرسمي التي بدأت بعزف النشيدين الوطنيين النمساوي واللبناني، ثم استعرض الرئيسان عون وفان در بيلين ثلة من حرس الشرف.
بعد ذلك، صافح الرئيس النمساوي أعضاء الوفد اللبناني وهم: الوزير التويني، الوزير بيار رفول، سفير لبنان في النمسا ابراهيم عساف، مدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم، المستشار العسكري والامني لرئيس الجمهورية العميد المتقاعد بولس مطر، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدبلوماسية السفير شربل وهبه، رئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الاستاذ رفيق شلالا، والمستشار في وزارة الخارجية اسامة خشاب.
ثم صافح عون أعضاء الوفد الرسمي السويسري وهم: نائب رئيس رئيس الغرفة الاقتصادية الفدرالية النمساوية الدكتور ريتشارد شانز Richard Schenz، سفير النمسا في لبنان ماريان وربا Marian Wrba، مستشارة الرئيس النمساوي للشؤون الاوروبية والدولية السفيرة بتينا كيرنباور Bettina Kirnbauer، مدير مكتب الرئيس النمساوي اوليفر كورشيل Oliver Korschil، ممثل اتحاد الصناعات النمساوية مايكل لوفي Michael Lowy، المستشار العسكري للرئيس النمساوي الجنرال توماس ستارلينغر Thomas Starlinger، الناطق باسم الرئيس النمساوي راينهارد بيكل هيرك Reinhard Pickl-Herk، المسؤول في الخارجية النمساوية مارتن غارتنر Martin Gaertner.
المحادثات
وتوجه بعد ذلك الرئيسان عون وفان در بيلين إلى “صالون السفراء” حيث عقدا جلسة محادثات ثنائية أعقبتها محادثات موسعة بحضور الوفدين الرسميين اللبناني والسويسري. وخلال الخلوة والمحادثات الموسعة، شكر الرئيس عون مشاركة النمسا في قوات “اليونيفيل” وتعاون الكتيبة النمساوية مع الجيش اللبناني، إضافة إلى وقوف النمسا إلى جانب لبنان في مناسبات عدة. وتطرق البحث إلى ضرورة تطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيز التعاون بين رجال الأعمال اللبنانيين والنمساويين لا سيما مع وجود فرص تعاون عدة وإمكانية الاستثمار في حقل النفط. وشرح الرئيس عون موقف لبنان من الأزمة السورية وتطوراتها وانعكاساتها على لبنان أمنياً واقتصادياً وديموغرافياً، عارضاً لموقف لبنان لجهة ضرورة عودتهم الآمنة إلى سوريا من دون انتظار الحل السياسي. كما تناول الرئيس عون موقف لبنان من أزمة الشرق الأوسط ومبادرته لإنشاء “أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار”.
بدوره شكر الرئيس النمساوي الرئيس عون على دعوته منوهاً بقيادته الحكيمة للبنان والتي حققت استقراراً للبلاد، مقدراً خصوصاً رعاية لبنان للنازحين السوريين على رغم الأعداد الكبيرة منهم ما شكل عبئاً ثقيلاً على لبنان وشعبه. ولفت إلى أن بلاده استقبلت أعداداً قليلة من النازحين وهي تساعد أيضاً من خلال الصليب الأحمر النمساوي في تقديم الاسعافات والرعاية الصحية للنازحين في المخيمات في لبنان، معرباً عن أمله في أن يعود السوريون قريباً إلى بلادهم. وركز الرئيس النمساوي على أهمية التعاون الاقتصادي بين لبنان والنمسا وحرص بلاده على التعاون بين رجال الأعمال في كلا البلدين.
المؤتمر الصحافي المشترك
وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون وفان در بيلين مؤتمرا صحافيا مشتركاً، استهله الرئيس عون بكلمة جاء فيها:
” سعدت اليوم بلقاء السيد الكسندر فان در بيلين رئيس جمهورية النمسا، في مستهل الزيارة الرسمية التي يقوم بها والسيدة قرينته الى لبنان. وكان اللقاء مناسبة عبّرت له فيها عن امتنان لبنان لوقوف بلاده الدائم الى جانب قضايانا المحقّة في المحافل الاوروبية والدولية. واستذكر بكثير من التقدير تصويت بلاده في الامم المتحدة لصالح مطالبة اسرائيل بدفع التعويضات عن أضرار البقعة النفطية التي تسبّبت بها في مياهنا الاقليمية في حرب تموز 2006، واستمرار النمسا في دعم وكالة “الاونروا”، الى جانب مشاركتها الفاعلة في قوات اليونيفيل في الجنوب، وتعاونها المتواصل مع الجيش اللبناني.
وعرضت لفخامة الرئيس للتهديدات الاسرائيلية المتواصلة ضد لبنان، والتي ارتفعت وتيرتها في الآونة الاخيرة. وهي تصبّ في اطار الضغوط التي تمارسها اسرائيل على لبنان، في ظل استمرار انتهاكها لسيادته برا وبحرا وجوا. وشددنا على اهمية توحيد الجهود الدولية من اجل مكافحة الارهاب الذي بات خطرا شاملا. كما ركزنا على ضرورة الاسراع في ايجاد حل لازمة النازحين السوريين يساهم في اعادتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، من دون انتظار التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، لا سيّما وانّ لبنان لم يعد بمقدوره تحمّل المزيد من الاعباء نتيجة ضخامة حجم هذا النزوح. وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته في هذا السياق.
وانطلاقا من عمق الروابط المتعددة التي تجمعنا، توافقنا على ضرورة تفعيل علاقاتنا الثنائية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في ما بيننا في المجالات كافة، بما يخدم مصالحنا المشتركة. وفي هذا الاطار، رحبّت بوفد رجال الاعمال المرافق لفخامته، متمنيا للمنتدى الاقتصادي اللبناني – النمساوي الذي سيطلقه، النجاح في تسهيل فرص الاستثمار الثنائي.
وكان توافق على انّ ما يجمع بلدينا اكبر من مجرّد التمسك بقيم السلام والديموقراطية، بل يتعداه الى احترام التعددية وحق الاختلاف والتنوع، وصولا الى الدفاع عمّا يصون كرامة الانسان وحقوقه. وفي هذا الاطار، اطلعت فخامته على المبادرة التي اطلقتها من على منبر الامم المتحدة بانشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” في لبنان، طالبا دعم بلاده في تحقيق هذا الهدف، كآلية تلاقي من آليات عالم الالفية الثالثة.”
كلمة الرئيس النمساوي
ثم تحدث الرئيس النمساوي فقال: ” فخامة الرئيس، سيداتي سادتي، يسرني ان احلَّ ضيفاً عليكم في لبنان، واسمح لي فخامة الرئيس، ان اشكرك على هذه الدعوة. كما يسرني ان تكون هذه الزيارة في وقت تترأس فيه النمسا مجلس الاتحاد الاوروبي. لقد نجحتم، فخامة الرئيس والحكومة، في رفع التحدي المهم رغم الاضطرابات المحيطة بكم، وذلك بفضل التعددية والتنوع الطائفي والديمقراطي والقدرة على التعايش في نظام ديمقراطي برلماني حر، وهو امر ليس بالسهل. ونحن نعرب عن تقديرنا بشكل خاص، للوضع السياسي والاقتصادي في المنطقة واثره على الوضع في لبنان. كما بحثنا في موضوع محوري هو الوضع في سوريا، حيث ان النمسا والاتحاد اوروبي يدعمان مبادرة الامم المتحدة هناك، والتدخلات الانسانية الدولية في هذه الازمة. واعرب عن تقديري العميق لحسن استقبال اللبنانيين للاجئين السوريين في هذه الظروف الصعبة للغاية، وهو امر لم نشهد له مثيل، ويظهر العبء الذي يرزح تحته لبنان جراء هذا الوضع.
قمت بالامس بزيارة الى مخيم حوش النبي في البقاع لتكوين صورة ملموسة عن الاوضاع، والتحديات التي يواجهها لبنان ومنها الوضع الاقتصادي بسبب ازمة اللاجئين وهو امر ندركه. ان النمسا هي من الدول الاوروبية التي تلقت اكثر عدد من طلبات اللجوء اليها مقارنة بعدد السكان، ولكن عدد الطلبات واللاجئين في لبنان لا يمكن مقارنته ابداً بتلك التي تلقيناها. ان بلادنا تدعم لبنان ووضع اللاجئين من خلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي، وعلى الصعيد الثنائي ايضاً اضافة الى المتعددة الطرف وذلك عبر صندوق الاتحاد الاوروبي. وسنعقد اليوم بعد الظهر منتدى اقتصادياً، ولدينا عدد مهم في الوفد المرافق من رجال الاعمال النمساويين الذين سيلتقون نظراءهم اللبنانيين. ان العلاقات الاقتصادية بين البلدين هي برأيي خالية من التوتر وجيدة، ولكن يمكن تحسينها وتقويتها ورفعها الى المستويات التي نريدها. واتمنى ان تنجح لقاءات المنتدى الاقتصادي النمساوي- اللبناني، وتعطي الزخم الضروري للعلاقات الاقتصادية الثنائية.
سأتوجه غداً الى الناقورة لتفقد الكتيبة النمساوية ضمن عداد “اليونيفيل”، وهي موجودة هناك منذ العام 2011، ولدينا 180 جندياً التحقوا بالقوات الدولية.
اجدد شكري لكم، فخامة الرئيس، على حسن الضيافة، واتمنى للبنان السلامة والتطور والتنمية الاقتصادية السلمية التي يرغب فيها، ونحن متأثرون بما حققه اللبنانيون خلال العقد الاخير، واننا مع الاتحاد الاوروبي مستعدان لدعم لبنان في هذا المسار”.
حـــوار
بعد ذلك دار حوار بين الصحافيين والرئيسين عون وفان در بيلين، فسئل الرئيس عون عن التطورات في جنوب لبنان جراء الاعمال الاسرائيلية والتوتر القائم بعد الحديث عن الانفاق، وما اذا كانت ستؤدي الى تدهور الاوضاع ام هناك دوافع داخلية اسرائيلية دفعت الى هذا الامر؟
واجاب الرئيس عون: “ان قضية الانفاق تم اخذها بجدية، وقد ابلغتنا اسرائيل عبر الولايات المتحدة ان ليس هناك من نوايا عدوانية وستستمر بالعمل من داخل اراضيها. ونحن ايضاً لا نوايا عدوانية لدينا، وبالتالي لا خطر على الاستقرار على الحدود، انما يجب اخذ بعض التدابير لازالة سبب الخلاف، ونحن مستعدون العمل في هذا المجال ولكن بعد الحصول على التقرير النهائي وتحديد المواضيع التي يجب معالجتها.”
كما سئل الرئيس عون عن الدعم الذي يتوقعه لبنان من النمسا والاتحاد الاوروبي في مواجهة تداعيات الازمة السورية. فأجاب رئيس الجمهورية: “ان الحرب في سوريا حمّلتنا نتائج عديدة ومنها ازمة النازحين، والحل السياسي سيساعدنا على انهاء مشكلة النازحين وهي اصعب ما تحملناه، بعد ان وضع الجيش اللبناني حداً لتسلل الارهابيين الى لبنان من الاراضي السورية. ولكن الحل السياسي لا يخضع لارادتنا او لارادة سوريا، فهناك دولتان كبيرتان هما روسيا والولايات المتحدة تتنازعان النفوذ على الاراضي السورية، وبالتالي فإنهما يحاولان التوصل الى حل سياسي، ولكن هذا الامر من الصعب تحقيقه في مدى زمني قصير. ولبنان لا يعاني من خطر اجتياح اراضيه من قبل الارهابيين، ويعيش مرحلة استقرار وسلام.”
ثم اجاب الرئيس النمساوي: “طالما ان الازمة مستمرة، ولم تنته الحرب في سوريا، فإن دور النمسا في الدعم الاجتماعي والانساني يقتصر على تقديم الدعم الطبي والخبرة في تأمين الصرف الصحي في مخيم اللاجئين، وما نقوم به حتى الآن هو عبر الصليب الاحمر. ان الاموال غير كافية ابداً ويجب تأمينها عبر القنوات المتعددة والثنائية الاطراف. عندما تضع الحرب اوزارها قريباً ان شاء الله، نرغب في المشاركة في اعادة اعمار سوريا ودعمها بأفضل السبل، وهو امر يهم الاتحاد الاوروبي وهو يصب في مصلحة اللاجئين الراغبين في العودة والقادرون عليها.”
وسئل الرئيس در بيلين عن موقفه من مواصلة اسرائيل اعتداءاتها ضد لبنان، فدعا الى اعتماد الهدوء طالما ان الامور بمثابة “الابرة التي توخز”، فـ”أنتم في منطقة ستكون الحياة صعبة فيها خلال العقود المقبلة طالما ان ليس هناك اتفاقات سلام بين اسرائيل والدول المجاورة ولكن في الوقت الراهن، اعتقد ان هناك امكانية لوضع حد للعنف في غزة، ولا اعتقد بأن الاعتداءات ستمتد الى لبنان فهذا امر استبعده، لانه من مصلحة كافة الدول في المنطقة المحافظة على الوضع على الحدود كما هو عليه لاسباب اقتصادية واجتماعية وتنموية، وليست اسرائيل باستثناء في هذا المجال.”
كما سئل الرئيس النمساوي عن افق التعاون الاقتصادي بين البلدين وكيفية تحسينه، فاعتبر انه وفق الارقام، تصدّر النمسا الى لبنان اكثر مما يصدّره اليها، وهو امر جدير بالتفكير به. ليست المشكلة اقتصادية فالاختلاف في الميزان التجاري يمكن تعويضه بسبل اخرى كالخدمات والرساميل وغيرها، مما يشكل اسس العلاقات الاقتصادية. ويجب التشديد على ان الاستقرار السياسي في غاية الاهمية بالنسبة الى التجارة والاستثمارات المباشرة، فالاستقرار يضمن ثباتاً في القوانين واحترام سيادة القانون، ويمكن التعويل على النظام القضائي. وفي ما خص الوضع اللبناني، فأعتقد ان الاهم هو انتهاء الحرب في سوريا وعندها تتحسن الاوضاع من تلقاء نفسها، ومنها الوضع السياحي الذي سيتغيّر للافضل حتماً بعد الاستقرار في سوريا. وفي هذا المجال، ارغب جداً في العودة الى لبنان كسائح.”
وسئل الرئيس عون عن الوضع الداخلي والمبادرة التي قام بها بالنسبة الى مسألة تشكيل الحكومة، فأوضح انه “بعد تعثر الوضع الحكومي والعجز عن معالجته بالطريقة التقليدية بين رئيس الحكومة وبقية الاطراف، رأينا انه من الواجب اخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة لان الاخطار اكبر من قدرتنا على تحملها ولن نكررها لانكم تعرفونها. ان قيامنا بهذه المبادرة كي تنجح، ويجب ان تنجح، والا سنكون امام كارثة، وهذا بصراحة سبب تدخلي، وآمل ان تنجح هذه المبادرة لاننا نملك رأياً للتوفيق بين كل الاطراف”.
سجل الشرف
وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، التقط الرئيس عون وضيفه وعقيلتاهما صوراً تذكارية في صالون السفراء، ثم دوَّن الرئيس النمساوي في سجل الشرف الكلمة التالية:
” نرغب، عقيلتي وانا، ان نشكر فخامة الرئيس العماد ميشال عون وعقيلته السيدة ناديا، على ضيافتهما الرائعة والتمني لهما التوفيق في مهمتهما ودوام الصحة، واطيب التمنيات للشعب اللبناني”.
الغداء الرسمي
واقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء رسمي على شرف الرئيس النمساوي وعقيلته، حضرها إلى أعضاء الوفدين اللبناني والنمساوي، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، وعميد السلك الدبلوماسي السفير البابوي في لبنان جوزيف سبيتاري وسفراء الاتحاد الاوروبي، اعضاء لجنة الصداقة اللبنانية النمساوية، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، وعدد من الشخصيات الاقتصادية والسياسية وكبار الموظفين في رئاسة الجمهورية.
وشرب الرئيس عون نخب الرئيس الضيف وبلاده وقال: “السيد الرئيس الكسندر فان در بيلين والسيدة الاولى النمساوية، لقد شئتم ان تكون تلبيتكم دعوتنا في فترة الاعياد المجيدة، ونحن نتمنى لكم ولصحبكم الكرام، عيد ميلاد مجيد وسنة جديدة مفعمة بالنجاح والازدهار. إن علاقة الصداقة اللبنانية – النمساوية، دفعتكم لتجسيدها عبر حضوركم اليوم، كدليل اضافي على الرغبة الصادقة في تعزيز هذه العلاقات وتطويرها، لتكون صورة عن مدى النقاط المشتركة التي تجمعنا كبلدين وشعبين صديقين، رغم وجودنا في قارتين مختلفتين، ولكن الفارق الجغرافي اختزلته الرؤية الموحدة لمبادىء الحرية والحق والسمو بالانسان الى مراتب اعلى.
السيد الرئيس، التزاماً منا بالحفاظ على قيم الصداقة التي تجمع بلدينا وشعبينا، وعلى رؤيتنا المشتركة، ارفع كأسي لاشرب نخبكم وعقيلتكم وشعبكم وبلدكم الصديق. عاشت النمسا، عاش لبنان”.
كما شرب الرئيس فان در بيلين نخب لبنان وقال: ” بداية، اسمحوا لي ان اشكركم على حسن الضيافة لي ولزوجتي وللوفد المرافق. انه لشرف وسرور لي ان اكون هنا معكم في هذه الزيارة الرسمية، فهذا البلد الذي كانت له الكثير من مساهماته في اوروبا والعالم منذ اكتشاف الابجدية وحتى اليوم، قد تمكن حتى الان، وبفضل قيادتكم، ان يرسي قواعد السلام والعيشر المشترك، كما اثبت امكانية التعايش في ظل التنوع الثقافي والديني والطائفي.
ان استقرار لبنان دلالة على قدرتكم الوطنية على الصمود، ويبين كيف ان لبنان كان عرضة للاحداث المأساوية في المنطقة ولكنه بقي صامدا. ندرك ان لبنان يستقبل اكثر من مليون و300 الف لاجىء سوري ونعجب كيف انه قادر على استيعاب هذا الكم الهائل من اللاجئين، ونعبر لكم عن اعجابنا لضيافتكم وكرمكم. واسمحوا لي ان اعبر لكم ايضا عن كل الاحترام والتضامن معكم تجاه ما تعيشون. ان النمسا تقدم المساعدة الانسانية عبر برامج ومشاريع كثيرة كما اننا نعمل ايضا مع اللبنانيين لمساعدتهم في هذه المحنة.
ان النمسا تشارك كذلك في قوات حفظ السلام في اليونيفيل في جنوب لبنان، وسأقوم غدا بزيارة الى الناقورة لتفقد الكتيبة النمساوية. ونعرب عن التزامنا من جديد لاحترام الحدود الذي يشكل الشرط الاساسي للعلاقات على اساس السلام والاستقرار.
ان عبارة التعايش السلمي cohabitation عبارة فرنسية تبنيناها نحن ايض في النمسا ولدينا الان حكومة تعايش في بلدنا. ان النمسا تتطلع الى دور لبنان لانها تدرك تماما انه مفتاح الاستقرار والسلام في المنطقة، وان التنمية الاقتصادية هي ايضا اساسية في هذا المجال. يرافقني وفد من رجال الاعمال وعلى رأسه نائب رئيس غرفة الاقتصاد النمساوية السيد شنز وهو ايضا رئيس غرفة الاقتصاد العربية النمساوية. واليوم بعد الظهر ستسنح لنا فرصة للقاء رجال اعمال اللبنانيين في المنتدى الاقتصادي النمساوي اللبناني. فخامة الرئيس ارفع كأسي لكم ولزوجتكم، واتمنى لكم مستقبلا مزدهرا في لبنان وميلادا مجيدا”.
لقاء السيدة عون والسيدة شمايداور
من جهتها، استقبلت اللبنانية الاولى زوجة الرئيس النمساوي السيدة دوريس شمايداور Doris Schmidaeur، بحضور رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيدة كلودين عون روكز، وزوجة سفير النمسا في لبنان السيدة تاتيانا وربا، ومديرة مكتب اللبنانية الاولى السيدة ميشال فنيانوس.
في مستهل اللقاء، رحبت السيدة عون بضيفتها، متمنية لها وللوفد المرافق اقامة طيبة في لبنان، ومشيدة بعلاقات الصداقة التاريخية والتعاون التي تربطه بالنمسا. فردَّت السيدة شمايداور شاكرة حسن الاستقبال، ومؤكدة على وجود الكثير من الاهتمامات المشتركة مع السيدة عون. وأوضحت أنها من جهتها تركز جهودها على دعم مؤسسة كاريتاس في بلادها، والعمل من أجل حماية النساء ذوات الأوضاع الاجتماعية الهشة.
واشارت إلى زيارتها وزوجها بالأمس، احد مخيمات النازحين السوريين في لبنان، مبدية تأثرها بأوضاعهم، ومثنية على ما يقوم به لبنان من أجلهم، وخصوصاً تقديم فرص التعليم لأطفالهم، وعلى روح الضيافة والاحتضان التي يبديها الشعب اللبناني تجاههم. وذكرت أن بلادها فتحت بدورها أبوابها أمام اللاجئين السوريين، حيث تستضيف النمسا نحو 200 ألف لاجىء.
ولفتت السيدة شمايداور إلى أن الفرصة سنحت لها أيضاً لزيارة المكتبة الوطنية في بيروت، وأبدت أعجابها بجماليتها وبما تحتويه من ثروات فكرية وأدبية، وبالانجاز الذي تحقق باعادة اطلاقها، وفتح ابوابها أمام العامة من باحثين وقراء.
السيدة عون عرضت بدورها لعدد من الملفات التي تحظى باهتمامها، وخصوصاً القضايا المتعلقة بدعم حقوق المرأة، وتحقيق المساواة في المجتمع. واوضحت أنها تهتم بشكل خاص بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث رعت عدداً من المبادرات في هذا المجال، لاسيما تلك التي تهدف إلى دمج هذه الشريحة في المجتمع، إن كان في المدارس أو العمل أو الرياضة، وغيرها من المجالات. وفي هذا الإطار، لفتت السيدة شمايداور إلى أن دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس النمساوية، هو إلزامي في مختلف المؤسسات التربوية، إضافة طبعاً إلى وجود مؤسسات متخصصة بهم يمكن اللجوء اليها للمساعدة.
ثم اشارت السيدة عون إلى اهتمامها ايضاً بالقضايا البيئية، وخصوصاً تشجيع حملات التشجير في عدد من المناطق اللبنانية، ونشر ثقافة إعادة التدوير في المجتمع.
وتحدثت بعدها السيدة كلودين عون روكز، عارضة لنشاطات الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وابرزها مكافحة العنف الذي تتعرض له المرأة، وتشديد العقوبات في هذا المجال، والعمل على تعديل القوانين المجحفة بحقها وتحقيق المساواة في المجتمع، وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، وخصوصاً على مستوى البلديات والمجلس النيابي.
فأثنت النمساوية الأولى على هذه الأهداف والنشاطات التي تضطلع بها الهيئة، عارضة لتجربة بلادها في مجال دعم المرأة، وانخراطها في الحياة العامة، حيث تشكل النساء نسبة 35 % من أعضاء مجلس النواب، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن نحو 20% من النساء في النمسا ما زلن يتعرضن للعنف، وأن بلادها تبذل قصارى جهدها لحمايتهن، ودعمهن، ومعاقبة الفاعلين، اضافة الى السعي الى معالجة هذه المشكلة.