“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشرته مجلة “الأمن العام” في عددها الـ62 الصادر في تشرين الثاني الحالي. لقراءة المزيد من مواضيع المجلّة الضغط على الرابط الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
تشير الرتب والوظائف الدبلوماسية لممثّلي البعثات الخارجية الى اهمية موقع البلد الذي يعيّن فيه دبلوماسي برتبة ووظيفة محددتين. ينحو الاجتهاد اللبناني احيانا الى “نفخ” رتبة الدبلوماسي وتضخيم وظيفته من دون اسناد علمي. هنا اطلالة على الرتب الدبلوماسية ووظائفها في لبنان وبعض الدول.
نشأت البعثات الدبلوماسية تاريخيا بهدف ارساء التواصل مع الملوك والرؤساء في الدول البعيدة جغرافيا، وبسبب الافتقار الى وسائل النقل والتواصل تمّ اعتماد “سفراء فوق العادة” او “مطلقي الصلاحية” اي يتمتعون بحق التفاوض باسم دولهم دون الرجوع اليها.
وبالتالي فان لقب “سفير فوق العادة” و”مطلق الصلاحية” نشأ منذ ذلك الحين، وهو موجود لغاية اليوم في بعض البلدان ويمنح لجميع السفراء، إلا في حالة ارسال مستشار بلقب سفير، اي قبل وصوله الى مرحلة ترقيته سفيرا، فيرسل لادارة البعثة بلقب سفير من دون ان ينال الرتبة.
يشرح السفير المتقاعد حسين رمّال انواع البعثات الدبلوماسية وهو تولّى مهاما دبلوماسية في السنغال والقاهرة وعمّان وباريس وآخر مناصبه كسفير كانت في فنزيلا وكوريا الجنوبية وسويسرا (2012).
يقول السفير رمّال انه يوجد نوعين من البعثات: الدبلوماسيّة والقنصلية.
تكون البعثات الدبلوماسية كناية عن سفارة مؤلّفة من سفير ومن مستشار وسكرتير وملحق، في حين تتألف البعثات القنصلية من قنصل عام او قنصل يدير بعثة قنصلية لا تتمتّع بكامل الصلاحيات التي تتمتّع بها البعثة كسفارة.
تتألف البعثة الدبلوماسية من ملاكين، الملاك الدبلوماسي والملاك القنصلي، والاخير اي القنصلي غير موجود في هيكلية وزارة الخارجية في لبنان، اذ تمّ دمج السلكين الدبلوماسي والقنصلي معا.
يسمّى الدبلوماسي قنصلا حين يعمل في قنصلية عامّة ويسمّى سكرتيرا او مستشارا حين يعمل في سفارة.
تبنّى لبنان الرتب والوظائف الدبلوماسية التي تعتمدها وزارة الخارجية الفرنسية، لكنّه لم يعمد الى تعديلها كما فرنسا. يمكن تعداد 4 القاب دبلوماسية رسمية في لبنان هي: ملحق، سكرتير، مستشار وسفير. تختلف وظيفة الدبلوماسي بين فئة واخرى مع تبدّل طفيف في التسميات تبعا للموقع الذي يشغله سواء في سفارة او في قنصلية عامّة.
تتدرّج المراتب الدبلوماسية في وزارة الخارجية والمغتربين بعد المباراة التي يخوضها الدبلوماسيون في مجلس الخدمة المدنية كموظفين فئة ثالثة، فيدخلوا الى الوزارة برتبة “ملحق متمرّن” او “نائب قنصل”، وهي الدرجة الاولى.
وبعد عامين يرقّى الدبلوماسي من “ملحق متمرّن” الى “سكرتير” او “قنصل”.
يتوزع الدبلوماسيون في السفارات اللبنانية بحسب اهمية البلد، في فرنسا ولندن يوجد مثلا سفير و4 او 5 دبلوماسيين، في نيويورك يوجد مندوب لبنان الدائم برتبة سفير وعدد من الدبلوماسيين 4 او 5 آخرين يعاونونه وكذلك الامر في واشنطن.
وفي بقية سفارات العالم يوجد سفير ومعه دبلوماسي ثان من الممكن ان يتمّ تكليفه بالاعمال القنصلية بالاضافة لعمله الدبلوماسي (سكرتير) ويكون تحت رعاية السفير.
بالاضافة الى الطاقم الدبلوماسي، يوجد الموظفين المحليين. يعيّن هؤلاء بقرار من السفير وبموافقة وزير الخارجيّة في البلد حيث تتواجد السفارة (سائق، حاجب، طبّاخ، مدخّل معلومات (اي كاتب) وسكرتيرة لرئيس البعثة) هؤلاء يأتمرون باوامر الدبلوماسيين.
تتطلب الفترة التي يحق للملحق الترقية بعدها لرتبة سكرتير سنتين، وبعدها يصبح سكرتيرا او قنصلا بحسب المكان الذي يعيّن فيه.
يجب ان يمرّ على وجود السكرتير 12 عاما في موقعه حتى تتمّ ترقيته الى مستشار على ان يحوز على الدرجات الثلاثة العليا. ( كل سنتين ينال درجة وما ان يصل الى الدرجة الرابعة حتى يحق تصنيفه لمستشار). يعتبر التصنيف الى رتبة مستشار سلطة استثنائية لوزير الخارجية او للجنة الادارية في الوزارة (تتألف من وزير الخارجية وامين عام الوزارة ومدير الشؤون الادارية والمالية) وهي التي تقرر التصنيف وترفع قرارها لمجلس الخدمة المدنية لنيل موافقته.
يكون المستشار في السفارة ثاني السفير ويقوم بمقام قائم بالاعمال بالوكالة، ويقوم بعمل دبلوماسي وسياسي ويتحرّك بتوجيهات السفير. وقد يتم تعيينه قنصلا عاما في بعثة في قنصلية عامّة (توجد قرابة 14 قنصلية عامة للبنان في الخارج) وتتركز هذه القنصليات غالبا حيث توجد جاليات لبنانية، لا يتعاطى القناصل العامّون الا بالشؤون القنصلية ويسهّلون معاملات الجاليات.
تتطلب الترقية من مستشار الى سفير بحسب القانون اقلّه 8 اعوام، ويرقّى الى سفير اذا كان من الدرجات الثلاثة العليا اي ما يزيد عن 6 اعوام. “تتبدل القواعد اليوم وتحصل استثناءات بناء على اعتبارات سياسية”، بحسب السفير حسين رمّال.
بعد ترقية المستشار الى سفير توجد فئتين، بعض البلدان تسمّي سفير، وبعضها تضع مرتبة هي اقل من سفير واعلى من مستشار تسمّى “وزيرا مفوّضا”. تعود هذه الرتبة الى زمن كانت فيه بعض البلدان تعاني من نقص في عدد السفراء لديها فتسمي وزيرا مفوّضا وهي تعني تخفيضا للتمثيل الدبلوماسي، لكن “الوزير المفوّض” يتمتع بصلاحيات السفير ذاتها. اعتمد لبنان هذه الفكرة في خمسينيات القرن الفائت، فأسّس مفوضيات عامة ومن ابرز الوزراء المفوّضين كان كميل شمعون في لندن. وبعد تأسيس السلك الخارجي واستقرار الدولة اللبنانية لم يلحظ القانون رتبة للوزير المفوّض.
“المستشار بلقب سفير” يكلّف برئاسة بعثة وقد يتقاعد بلا ان ينال رتبة سفير، وفي لبنان لا يترقى المستشارون أحيانا الى رتبة سفير وذلك يعود الى التقسيم الطائفي للوزارة.
يشرح السفير رمّال هذه “الميزة” اللبنانية بوجود 69 سفيرا موزعين مناصفة بين المذاهب المسيحية والمسلمة بالاضافة الى منصب امين عام وزارة الخارجيّة ويحتسب من الفئة المسلمة. وكلّما شغر مركز في مكان ما يعبّأ بحسب طائفة صاحب المركز الشاغر. وبالتالي لا يوجد خلاف، اذا كان لدينا 140 دبلوماسيا بين مستشار وسكرتير (غير السفراء) يكون التوزيع مناصفة على أن توزّع المناصب في السفارات (قرابة الـ80 سفارة) بحسب التوازن الطائفي.
هذا الامر يؤدي الى امكانية وصول المستشار الى وقت يكون فيه الملاك مغلقا فلا يتمّكن من الترقية”.
بعض البلدان تعتمد سكرتير أول وثاني وثالث، وهي رتب غير موجودة في لبنان لان التراتبية في ملاك الخارجية هي بحسب الاقدميّة في الوظيفة.
في السفارات ايضا يعمل ملحقون عسكريون وسياحيون واقتصاديون وثقافيون. ماذا عنهم؟
-الملحق العسكري: تعيّن وزارة الدفاع الملحق العسكري من احد ضباطها الناجحين في مهامّهم العسكرية وهو يؤمّن التواصل بين وزارة الدّفاع اللبنانية ووزارة الدّفاع في البلد المعيّن فيه ولا علاقة له بالسفارة والدبلوماسيين فيها، بالرغم من ان مكتبه يكون في السفارة، ويعطى بطاقة اقامة كملحق عسكري، لكن اذا غاب السفير وغاب السكرتير يكلّف بادارة السفارة موظف إداري محلّي ولا يكلّف الملحق العسكري. وفق الاصول كل التقارير التي يكتبها الملحق العسكري تصل الى وزارة الدفاع عبر وزارة الخارجية اللبنانية ويطلّع عليها حكما رئيس البعثة اي السفير قبل ارسالها.
-الملحق الامني :بعض السفارات تعيّن ملحقين امنيين او مخابراتيين، وهو امر تعتمده بعض الدول. وتعتمد بعض الدول على المعلومات المخابراتية اكثر من اعتمادها على التقارير الدبلوماسية بسبب زيادة التطرّف والإرهاب والحاجة الى معلومات امنيّة. وبحسب السفير رمّال ليس للبنان اي ملحقين امنيين.
-الملحق السياحي، بعد استقلال لبنان تمّ ارسال ملحقين سياحيين الى العواصم الكبرى كالقاهرة وباريس ولندن وواشنطن للترويج للسياحة في لبنان. ينتدب الملحق السياحي من وزارة السياحة الى وزارة الخارجيّة التي ترسله الى السفارات في الخارج، وقد يكون رئيس دائرة او مديرا عاما.
-الملحق الاقتصادي او التجاري تختاره وزارة الاقتصاد وترسله للسفارات في الخارج بموافقة وزارة الخارجية اللبنانية، ويسجّل في الدولة حيث السفارة اللبنانية هي التي تعدّ له اوراقه. عيّن اخيرا 22 ملحقا اقتصاديا مرّوا بمباراة وبالاتفاق مع وزارة الإقتصاد.
-الملحق الثقافي، “انقرض نهائيا من السفارات اللبنانية في الخارج منذ قرابة الاربعين عاما” بحسب تعبير السفير رمّال. ويعتبر دوره مهما للترويج الثقافي للبلد الذي يمثله فينظم المعارض الثقافية والندوات ويكتب تقارير عن الثقافة من بلد لآخر. اليوم يكلّف الدبلوماسي العادي في السفارة بالامور التجارية والثقافية والاقتصاد والسياسة باستثناء الشؤون العسكرية لانها ليست من اختصاصه.
ولغياب الملحق الثقافي سلبيات كبرى، اذ اعتبر في لبنان انه غير مجدي ولا مردود له بوجود الكتب ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى منصب الملحق الثقافي في باريس الغي، ومن الاسماء المعروفة التي يذكرها السفير رمّال عبد الله نعمان وكان ملحقا ثقافيا في باريس ولمّا الغي المركز اصبح موظفا محليا.
علما بان منصب ملحق ثقافي موجود في كل السفارات الاجنبية العاملة في لبنان وفي معظم السفارات العربية ايضا.