“مصدر دبلوماسي”- خاص
نظّمت “الإستشارية للدراسات” ندوة حول التحولات في الإقليم والتحديات الأمنيّة في مصر، في مقرها في بيت مري، وتحدّث فيها الكاتب المتخصص في الشأن المصري وسام متّى، فيما كانت مداخلة من القاهرة للأستاذ كريم السّقا.
وخلال الندوة، التي شارك فيها متخصصون من الأردن ولبنان، جرى عرض الأحداث الأمنية من ليبيا الى سوريا، ومناقشة دور المؤسسات الدينية في تعزيز روح المواطنة لحماية أسس الدولة وتحقيق التنمية في المشرق.
وعرض الكاتب المتخصص في الشأن المصري ومراسل وكالة “سبوتنيك” ومؤسس موقعي “المسكوبية” و”بوسطجي” الزميل وسام متّى سرداً وافياً لبداية العنف الجهادي في مصر عموماً وشبه جزيرة سيناء على وجه الخصوص، معتبراً أن “ثورة 25 يناير” كانت نقطة تحوّل حقيقيّة في هذا السياق.
و تطرق متّى الى تطوّر عنف الحركات الاسلامية في مصر، من ذاك الذي مارسه “التنظيم الخاص” في جماعة “الاخوان المسلمين” في أربعينيات القرن الماضي، مروراً بتنظيرات سيّد قطب بشأن تكفير المجتمع و”جاهلية القرن العشرين”، والتي شكلت اللبنة الأولى في الأساس الايديولوجي الذي اتبع لاحقاً من قبل الحركات السلفية الجهادية، التي كثفت نشاطها في مصر منذ نهاية السبعينيات، فضلاً عن الحركات الأكثر تشدداً مثل تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.
واشار متّى الى أن ثمة تداخلاً بين الإخوان المسلمين وبين السلفية الجهادية بدأ يبرز بعد “ثورة 25 يناير”، التي تخللها تشكيل عدد من الأحزاب السلفية، ومن بين رموزها سلفيون جهاديون، بعضهم مقرّب من “الإخوان”، متطرقاً في هذا الإطار الى حوادث مفصلية منها “جمعة قندهار” حيث تمّ تشكل مجموعات في ميدان التحرير، واستعراض قوّة في العريش بشكل متزامن.
وتطرق متّى الى بعض الأسئلة التي لا تزال قيد البحث حول عدد من الحوادث خلال حكم الإخوان المسلمين في مصر من عمليات قتل الجنود الى خطف آخرين، وسواها، والتبدل في المرجعيات في سيناء، والعلاقة الملتبسة بين “الإخوان” و”القاعدة” وزيارة الرئيس “الإخواني” محمد مرسي الى باكستان.
واشار متّى الى أنه بعد سقوط الإخوان المسلمين في مصر في صيف العام 2013، حصلت ثلاث تحوّلات: صدمة إرتدادية في صفوف شباب “الأخوان” أدّت الى ازدياد اعمال العنف بأهداف وأدوات بسيطة بين عامي 2013 و2014، في ما يمكن وصفه بالعنف العشوائي، الذي سرعان ما شهد نقلة نوعية في مطلع العام 2014، مع تشكيل أول تنظيم “إخواني” مسلّح بإسم “أجناد مصر” (يناير 2014-يناير 2015)، فيما شهد عام 2015 تبلور مهم في عنف “الإخوان”، وهو ما تبدى في ما سمي “نداء الكنانة”، حيث كانت دعوة مباشرة للعنف واعتبار النظام الحاكم عدواً للإسلام، وبرزت دعوات للعنف من قبل رموز السلفية الجهادية (محمود فتحي)، وهو ما ترجم بشكل سريع في تشكيل تحالف “حركات المقاومة الشعبية” (حركة المقاومة الشعبية، “حسم”، ثوار بني سويس، القصاص الثوري وكتيبة الإعدام).
وانتقل متّى إلى الحديث عن جهاديي سيناء، لا سيما مبايعة جماعة “انصار بيت المقدس” المتشددة لزيعم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي، وتأسيس “ولاية سيناء”، والى العمليات النوعية ضد نقاط الجيش، وإسقاط الطائرة الروسية، وتهديد المسيحيين واستهداف الصوفيين.
ورأى متّى أن التحول الاخطر يتمثل في انتقال الإرهاب “الداعشي” خلال السنتين الماضيتين من سيناء الى وادي النّيل حيث تم استهداف الأمن الوطني في شبرا والقنصلية الإيطالية، بالإضافة إلى تفجير الكنائس واستهداف المسيحيين في مناطق عدة.
وأشار إلى ان بعض عمليات “ولاية سيناء” في القاهرة على سبيل المثال كانت مسرح عمليات مشترك مع مجموعات تابعة لـ”الاخوان” مثل “العقاب الثوري (الهرم) و”حركة المقاومة الشعبية” (حلوان)، لافتاً إلى أن التفسيرات المحتملة للكثير من الوقائع المشابهة تشي إما بوجود تنسيق الفردي أو جماعي بين “ولاية سيناء” وبعض مجموعات “الإخوان”، وإما بنجاح “داعش” في استقطاب عدد من الكوادر الشبابية في “الإخوان”.
واشار متّى الى أن مرجعيات وشعارات الإخوان تحوّلت الى الجهادية السلفية (ثوار –جهاديون)، ولفت الى أن الإخوان بدأوا في اعتماد اسلوب داعش” فيما عمدت الأخيرة الى اختراق للمنظومة الأمنية العسكرية. “
ولفت متّى الى أهمية الإضاءة على موضوع الإرهاب الجهادي في مصر لأن “الموضوع لا يحظى بالتغطية الكافية في بلدنا”.