“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
أجمع المناخ الدبلوماسي العربي والغربي في لبنان على أهمية الخطوة الدبلوماسية التي بادر اليها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل اليوم الإثنين بدعوته 73 سفيرا وقائما بالأعمال وممثلا لمنظمة دولية الى جولة على 3 مواقع تردّد أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذكرها في خطابه أمام الجمعية العامة في نيويورك في دورتها الـ73 مصوّبا بشكل خاص على مطار رفيق الحريري الدولي.
مبادرة مقنعة للبعض وغير حقيقية للبعض الآخر
تفاوتت الآراء الدبلوماسية حول كمّ الإقناع الذي تضمنته المبادرة، وقد تمنّى أحد السفراء الذي رفض الكشف عن إسمه في دردشة مع موقع “مصدر دبلوماسي” بألا تكون “ضربا من الخيال العلمي”، في حين كثرت اسئلة وتعليقات مراسلي الصحف الأجنبية المشككة، وحمل أحدهم ورقة طبع عليها المواقع التي صوّب عليها نتنياهو في الأمم المتحدة سائلا باسيل في المحطة الأولى للجولة في “نادي الغولف” عن سبب المجيء الى هذا النادي… لأنه غير مشمول بالمواقع التي ذكرها نتنياهو!
بغض النظر عن كلّ ذلك، فقد حملت هذه الخطوة رسالة دبلوماسية قوية وغير مسبوقة من لبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية. ولعلّ سفير روسيا في لبنان ألكسندر زاسبيكين كان أشدّ المتحمسين لها وقال لموقعنا:” نحن الآن بحاجة الى خطوات مماثلة، وهذا الجواب اللبناني على تصريح نتنياهو ذكيّ جدّا و”شاطر”، فالمناخ الدبلوماسي يحفل حاليا بتصريحات وتصريحات مضادّة، ونحن بحاجة الآن الى تصوير الوقائع لتصويب الأمور”.
وعن تشكيك البعض بشفافية وحقيقة هذه الخطوة وإمكانية أن تكون صورية، سأل زاسبيكين: وماذا يمكن أن يفعل لبنان أكثر من ذلك ليقنع العالم؟ هل أعطونا موادّ مخدّرة كي لا نرى مخازن الأسلحة؟! لا أعتقد ذلك!.
وعمّا إذا كان يتوقع خطر ضربة اسرائيلية ضد لبنان قال زاسبيكين:” إن رأيي الشخصي أنه لن يحصل أي شيء من هذا القبيل، لكن الحذر واجب، ويجب اتخاذ كل الإجراءات التي ترمي في نهاية المطاف الى تحقيق هذا الهدف. لدينا أولويات اخرى تتمثل بالقضاء على الإرهاب ونحن لا نريد أية صدامات في المنطقة بين جميع الأفرقاء”.
دبلوماسية ميدانية لوزارة الخارجية
أما مناخ وزارة الخارجية والمغتربين فكان متفائلا جدّا بأهمية الخطوة إذ اعتبرت أوساط مسؤولة في “قصر بسترس” بأنها المرّة الأولى التي تحصل فيها “دبلوماسية ميدانية” بهذا الشكل بتاريخ لبنان، وتكمن أهمية الخطوة اللبنانية بأن الدولة اتخذت المبادرة بشنّ هجوم دبلوماسي مضاد واستباقي ضدّ اسرائيل أمام الرأي العام الدولي”. وتضيف الأوساط:” كما استخدم نتنياهو منبر الأمم المتحدة فإن لبنان إستخدم الأمم المتحدة في لبنان من خلال سفراء الدول الأعضاء الذين شهدوا اليوم على تزوير نتنياهو”.
وأضافت بأن “وزير الخارجية كان واضحا بقوله أنه إذا كان “حزب الله” لديه صواريخ في هذه المنطقة فهو سيفهم أن ما يقوم به خطأ، لكنه اشار الى أنه مقتنع بأن ليس لـ”حزب الله” أي تواجد في هذه المنطقة، لذلك فإن السفراء هم شهود أيضا على كذب نتنياهو وما يحضّره للبنان”.
باسيل: الدول تقف اليوم لتشهد على كذب نتنياهو
وكان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل جال برفقة وفد دبلوماسي من سفراء دول عربية وأجنبية وممثلين لمنظمات دولية معتمدين في لبنان في جوار مطار بيروت الدولي في ردّ دبلوماسي على ادعاءات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو امام الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي عرض فيها صورا جوية ادعى أنها مخازن لصواريخ دقيقة يملكها “حزب الله” بالقرب من المطار.
وبدأ الوزير باسيل جولته التي استمرت 3 ساعات ونصف الساعة من “نادي الغولف” على طريق المطار، مشيرا أمام الوفد الدبلوماسي المرافق إلى أن “ما عرضه نتانياهو من صور لهنغار كبير في محاذاة النادي، انما هو ملعب مسقوف لنادي السد الرياضي، وهو ناد تمارس فيه رياضة كرة اليد والميني فوتبول”.
بعدها توجه الوفد الى “نادي العهد الرياضي”، حيث كان في استقبالهم رئيس النادي تميم سليمان، الذي رحب بالوزير باسيل والوفد المرافق، وقال: “ان اختصاصنا الأساسي هو تنشئة الجيل والشباب وتشجيعهم على الرياضة، ولكن العدو كان لديه اصرار لضرب مجتمعنا وضرب الرياضة التي تشكل متنفسا لنا”.
وتوجه سليمان إلى الوفد بالقول: “ان نادي العهد الرياضي مهمته نشر ثقافة رياضية وتوعوية، ونشر ثقافة السلام، وهذا ما نؤمن به. والنادي الذي تجرى على ملعبه مباريات الدور الأول، وهو معتمد من الفيفا، من المستغرب أن يواجه بهذا الهجوم اليوم، ونحن نحب الحياة ونحب ان ننتصر في كل الميادين”.
وردا على سؤال قال سليمان: “لدينا كل الثقة بجيشنا ودولتنا، ونعتمد عليهم، ولا نخاف من التهديدات. ونحن شعب مقاوم بطبيعتنا، ومثل هذه الادعاءات لا تزيدنا إلا اصرارا وتصميما على الاستمرار في حبنا للحياة والعيش بإخاء وسلام”.
وبعدها توجه باسيل الى الوفد بالقول: “تستطيعون التجول في كل الأماكن على أرض النادي”، كما وجال باسيل برفقتهم حيث عاينوا ارض الملعب وغرف تبديل ملابس اللاعبين والنادي الرياضي والمسبح”.
وفي ختام الجولة الوزير باسيل الموقع الثالث وهو عبارة عن معمل قديم ومقفل في محاذاة نادي العهد. وقال هناك: “اليوم زرنا ثلاثة مواقع وهي مفتوحة امام الدبلوماسيين والاعلاميين كما ونقف والصحافة المحلية والعالمية شهودا على كذب العدو الإسرائيلي وادعاءاته والتي أطلقها نتنياهو عن منبر الشرعية الأممية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وكان نتانياهو تطرق في شكل خاص إلى نادي العهد، وأشار إلى المسافة التي تفصله عن المطار وهي 500 متر فقط، وادعى أنه المركز الرئيسي للصواريخ الدقيقة. وهنا تكمن النيات التدميرية من الاسرائيلي للبنان، واحتمال القيام بأي عدوان. وهنا نكشف زيف الادعاءات، ليكون كل العالم على بيّنة ان ما من شيء صحيح مما ادعاه نتنياهو. وكي نتصدى عبر الدبلوماسيين المعتمدين والدفاع عن محاولة المسّ او الاعتداء على المطار برمزيته”.
ولفت باسيل الى “اننا لسنا بكشافة للمواقع، وإنما لنخبر العالم كله بالحقيقة والشهادة والكلمة لكم”.
واكد ان لبنان “لن يقصر امام مهماته الدبلوماسية، واهم رد على نتانياهو هو الاعلام العالمي الذي رأى كل المواقع. وللاسف نحن نعمر وهم يخربون، وثمة طرف يريد إفتعال حرب مع لبنان الذي هو بلد التعايش والحوار والسلام. وثمة من لا يريد الكلام مع احد الا بالقتل والعنف”.
وختم باسيل: “ان صورة لبنان هي صورة التعددية والتسامح والحوار وهذا ما يزعج الاسرائيلي الذي يعمل على الفتنة وبناء الجدران والذي يعتمد يهودية الدولة ونحن سنبقى متمسكين بحقنا في الدفاع عن النفس، لأن في كل المراحل التاريخية وحتى عندما أبرز لبنان كل قوته في تموز 2006 كان في مكان الدفاع عن النفس. وسنقاوم في كل الميادين وبخاصة ديبلوماسيا لكي نحافظ على حقنا”.
وردا على سؤال صحافي قال: “الأماكن التي حددها العدو الاسرائيلي وزعم ان فيها صواريخ وهي مفتوحة امام الجميع، واكثر شيء معبر هو نادي العهد الرياضي، وهذا النادي مفتوح امام الجميع للرياضة، ويمكن لاي شخص بحسه النقدي ان يعرف هل هذا المكان يصنع به صواريخ لاطلاقها بالدقة التي هي فيها وبحجمها”.
وأشار الى ان “رئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة يفرحون اننا نعمل من اجل الدفاع عن لبنان، بغض النظر عن التنسيق الدائم بيننا، وكل فرد يقوم بعمله”.
وقائع المؤتمر الصحافي
وكان وزير الخارجية والمغتربين أكد في مؤتمر صحافي سبق الجولة ان لبنان ملتزم بالقانون الدولي والقرارات الدولية وهو لا يلتزم النأي بالنفس عندما يتعلق الامر بالدفاع عن ارضه وشعبه مشيراً الى أن اسرائيل لا تحترم المنظمة الدولية ولا تطبّق قراراتها وفي لبنان لم تحترم القرار ١٧٠١ وهي انتهكت ارضنا وجونا وبحرنا 1417 مرة خلال الاشهر الثمانية الاخيرة.
واعتبر باسيل ان اسرائيل تسعى من خلال هذه الادعاءات الى تبرير عدوان جديد على لبنان توجّه الى السفراء قائلا:”سنذهب الى المواقع التي تحدث عنها نتنياهو قرب مطار بيروت وستكونون شهوداً على كذبه، والمنطق العام الذي يقول انه بقرب مطار دولي كمطار بيروت توضع صواريخ من النوع الذي وضع عندنا، ولنتمكن من رؤية اي اثر لها او لمنصات بحجمها ولنتأكد اذا كان ذلك ممكنا، وأيضاً لنقول لحزب الله اذا كان ذلك قد حصل أعتقد انه لا يمكن ان يكون من مصلحة المطار وحركته والامان حوله. واذا كان ذلك لم يحصل كما نعتقد نحن، لا بعقل وحكمة حزب الله ولا لمصلحة لبنان، ما يبرهن لنا ان اسرائيل هي المعتدية الاولى على النظام الدولي والشرعية الدولية والخارقة الاولى لقراراتها ولسيادة لبنان 1417 مرة في الثمانية اشهر الأخيرة بحرا وبرا وجوا خلافا للقرار الدولي 1701″.
تابع الوزير باسيل :” اسرائيل التي تتهم الناس بالارهاب هي الدولة الاولى للإرهاب و تمارس بامتياز الارهاب الدولي على الشعوب من خلال قتلها جماعياً ونحر سيادتها وعدم احترام الشرعية الدولية ولن يقبل اللبنانيون ان تُستعمل الامم المتحدة منبراً للاعتداء على سيادة لبنان والتحضير لاعتداء جديد عليه من خلال ادعاتءات كاذبة وغير ثابتة.
ومن حق لبنان الدائم بالدفاع عن نفسه و استعمال كل وسائل المقاومة المشروعة لتحرير ارضه من الاحتلال الاسرائيلي الذي لا يزال جاثماً على بعض الاراضي اللبنانية المحتلة. على هذا الاساس ولان نتنياهو اختار منبر الشرعية الدولية للتوجّه الى كل دول العالم ومرة جديدة يلقي بتهمه ويمارس إرهابه على دولة مسالمة مثل لبنان الذي لم يعتد على احد بل هو دائماً عرضة للاعتداء، وهو دائماً في موقع الدفاع عن النفس وسيبقى كذلك ولكن شعبه سيبقى مقاوماً ويواجه وينتصر. وليتذكر نتنياهو انه عندما يتكلم عن لبنان يكون يتكلم عن بلد وشعب انتصر عليه وعلى غطرسته وعدم احترامه للشرعية الدولية، وانه شعب مستعد مرة جديدة ليقاوم وينتصر لانه يدافع عن ارضه ولا يعتدي على أحد”.
وتوجه باسيل الى السفراء قائلاً: “على هذا الاساس وجهنا لكم الدعوة لانها الطريقة الاسرع، ونحن لا نقبل بوجود منصات صواريخ كهذه في محيط مطار بيروت، ولكن انتم أيضا لا تقبلوا ادعاءات كاذبة كهذه من على منبر الامم المتحدة لتُستعمل للاعتداء على لبنان. ويجب أن تضعوا حدّاً من قبلكم ومن قبل دول العالم ومن قبل الشرعية الدولية لما هو ارهاب الدولة لان ارهاب الجماعات مسؤولة عنه الجماعات وتلاحق بالقوانين الدولية اما ارهاب الدولة هو مسؤولية الامم المتحدة والشرعية الدولية التي لا يجب ان تسمح ان تكون بين اعضائها مثل هذه الممارسات وهذا هو المبرر الاول لوجود الامم المتحدة لذلك ندعوكم للاطلاع سوياً على هذا الامر “.
وردا على سؤال قال الوزير باسيل :” في التاريخ تمر مراحل فيها جنون ومجانين واحيانا تلتقي هذه العوامل مع بعضها و تؤدي الى امور خارج المنطق. فالمنطق يقول ان لبنان محمي وقوي كفاية ليمنع الاعتداء عليه. و الهدف من سياستنا حماية لبنان والدفاع عنه ولن نرضى يوما ان نغطي اعتداء من لبنان او من لبنانيين على الخارج، نحن بلد كل همه ان يعيش بسلام ويتمكن من حماية نفسه لذلك اذا كنتم تبحثون عن السلام يجب ان تكونوا في موقع القوة لتتمكنوا من حفظ هذا السلام وتحقيقه “.
وعن غياب السفيرة الاميركية عن هذه الجولة قال الوزير باسيل انها مسافرة.
وعن كلام رئيس الاركان الاسرائيلي قال الوزير باسيل “ان الجيش اللبناني هو من يرد عليه، اما انا فأقول لكل اسرائيل انها لم ولن ترهبنا يوماً، وهي حين تهدد ندرك ضعفها”.
ورداً على سؤال قال الوزير باسيل:” نحن لسنا لجنة تقصّي حقائق وأشدّد على ذلك وفي كل مرة يصدر كلام من أي طرف وتحديداً اسرائيل عن وجود لموقع عسكري ليس من مهامنا الكشف لنقول نعم او لا نحن لسنا كشافة للعدو الاسرائيلي. ولكن لاننا نعرف ما هي النوايا الاسرائيلية للاعتداء ثانيا ولأن الكلام حكي من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة ولأنه مطار بيروت مع ما يرمزه في التاريخ من اعتداء وفي الحاضر من استقرار في البلد وفي المستقبل من وعود للبنان، انه مطار للسلام ليقوم بإعمار لبنان وسوريا وليربط لبنان بثقافته ورسالته بين لبنان المقيم والمنتشر وليس ليكون مكاناً للاعتداء الارهابي، لذلك واستثنائيا قمنا بهذه المبادرة. إنّ لبنان بصموده ومقاومته ومواجهته استطاع تحرير ارضه في العام 2000 وسنة 2006 تغلّب على الاعتداء عليه في حرب تموز وديبلوماسياً هو في مواجهة دائمة ليثبت قضيته من خلال تقديمه البراهين والشكوى الى مجلس الامن. ديبلوماسياً، هذه واجباتنا وفي حركتنا السياسية والديبلوماسية نتكلّم عن الامور كما هي، واعود واكرر ان سياستنا الاساسية وسلاحنا الاساسي هو الدفاع عن النفس وحماية وطننا من الاعتداء عليه من الخارج”.
وعن موقف حزب الله قال الوزير باسيل: “لا اعتقد ان حزب الله مع ان يتم الكشف عليه في حال توجيه اتهام او ادعاء او افتراء، لكن في كل الاحوال اود القول انه ليس من مهام وزارة الخارجية الذهاب ومراقبة المنطقة هناك ولكن قمنا بهذه الجولة بعد أن ابرز نتنياهو صورا وادعاءات كاذبة من على منبر الأمم المتحدة.