“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
يتقاسم وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي وجهة نظر كثر من اللبنانيين في ما يخص عودة النازحين السوريين، وربّما يكون الوزير المعروف بتصاريحه النارية والمشاكسة من المتشددين في موضوع العودة والعمالة السورية، لكنّه ليس مستعدّا لأن يطلق إشارة العودة الخضراء للسوريين في ظلّ ما يعتريها من تهديدات جدية ستواجههم برأيه من قبل النظام السوري الذي يناصبه العداء. وهنا يجدر التذكير بأن المرعبي -كما رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري- هو من الشخصيات اللبنانية المطلوبة للمحاكمة في سوريا مع عدد آخر من الشخصيات يقول المرعبي أنها تشكّل”لائحة الشرف”.
لا يستكين الوزير، إبن عكار العتيقة عن العمل على هذا الملفّ ولو في فترة تصريف الأعمال، ولا يتردد في انتقاد خصومه السياسيين غير آبه بردود الفعل، وبالرغم من عدم وجود أدوات عمل حقيقية للوزارة التي تضطلع بدور تنسيقي بين 8 وزارات إلا أن المرعبي تمكّن من تسجيل انجازات كانت مرشحة لتكون أكبر لو كان التعاون حقيقيا وجديا وخصوصا من قبل وزير الخارجية جبران باسيل الذي يقول المرعبي بأن وزارته هي الجهة الوحيدة التي لا تتعاون معه، ولا يتردد عن القول بأن “باسيل مقصّر” في هذا الملف، كاشفا بأن وزير الخارجية اللبناني لا يحضر اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة بملف النزوح برئاسة الحريري.
أما المبادرة الروسية فدونها -بحسب المرعبي- عقبات وخصوصا مالية، في حين يصف لجان العودة التي شكلها “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” بأنها “مهزلة”، رابطا العودة بتوفير الظروف الملائمة ومشددا على أن “الظروف” ليست “شروطا” كما يحلو للبعض التكهّن. أطلق المرعبي أخيرا سلسلة حوارات مع أكاديميين وخبراء للنقاش في موضوع العودة، وله بصمات في موضوع التشدد في تنظيم العمالة للسوريين في المهن المتعلقة بالبناء والزراعة فحسب ملقيا دورا أساسيا على البلديات لكبح اية مخالفة، وبادرت الوزارة في اتجاه التعاون مع وزارات الإقتصاد والإعلام والداخلية حيث سعى بنجاح الى تسجيل ولادات السوريين بمعية وزير الداخلية والبلديات وبعد أن كان الأمر يحتاج الى قرار قضائي. هنا حوار مع المرعبي الذي يصر على القول بأن وقف تسجيل النازحين منذ 2014 ينعكس سلبا على معرفة أعداد وهويات الذين أتوا الى لبنان. وكانت الوزارة أول من أطلق النقاش حول القانون رقم 10 قبل مؤتمر بروكسيل 2 فضلا عن اقتراحها تصنيف النازحين الى فئات بحسب أسباب نزوحهم وهو ما سمعه المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أخيرا.
في ما يأتي نص الحوار:
*ما هو تقييمكم لزيارة المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الى لبنان وما هي الرسالة التي أوصلتموها اليه بعد اجتماعكم به مع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري؟
-نحن على تواصل دائم مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومع المفوض السامي السيد فيليبو غراندي. كانت لدينا رؤية مشتركة معه تفيد بأن الحل الأساسي للوضع المأسوي للاجئين هو وقف الحرب وإيجاد حل سياسي في سوريا وبتوافر الظروف الملائمة لعودة اللاجئ الى بلاده، وهنا أشدد على مصطلح ظروف وليس شروط للعودة.
ومن أبرز الظروف التي يمكن الإشارة اليها اعادة بناء البنى التحتية وبناء المنازل والمدارس والمستشفيات ليتمكّن اللاجئ من إعادة بناء حياته من جديد. في الوقت عينه، ينبغي إعطاء اللاجئ السوري الضمانات الكافية للحفاظ على حياته ومنع النظام الحالي من إرغام العائدين على الانخراط بالخدمة العسكرية بغية إشراكهم في إرتكاب المجازر ضدّ بعض المحافظات حيث تدور معارك لغاية اليوم.
بالإضافة الى ذلك، تفاهمنا مع غراندي على خطورة القانون الرقم 10 وبقية القوانين المشابهة والتي تنزع وتغتصب الملكية من اللاجئ السوري، هذا القانون وخصوصا الرقم 10 لا يشجّع اللاجئين على العودة الى سوريا ومن الضروري جدّا أن يلغى ويوقف العمل به بأسرع وقت لتسريع عودة اللاجئين السوريين.
*ماذا عن التداول في المبادرة الروسية؟
– بالنسبة الى المبادرة الروسية كان توافق مع المفوضية على أنها أول مبادرة جدّية من دولة عظمى ولديها القوة الأفعل على الأرض وهي تتحكّم بالنظام برأينا، وبإمكان الروس الضغط على الأسد (الرئيس السوري بشّار) لتحقيق هذه العودة لكن يلزمهم الإمكانات المادية من أجل إعادة إعمار سوريا ببناها التحتية وسواها. كان الروس صريحين في اجتماعهم معنا عند الرئيس الحريري بأنهم بحاجة الى مساعدة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية لتمويل إعادة إعمار سوريا، وهم يعوّلون على هذا الموضوع. في حال لم يتمّ تمويل الإعمار فثمّة إستحالة لإعادة السوريين، فإلى أين سيرجعون؟
*لكن يبدو بأن لجنة لبنانية روسية سيرأسها مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم والسفير الروسي ألكسندر زاسبيكين ستبدأ العمل لحل هذه المواضيع كلها؟
-إذا تحدثنا عن “الأمن العام” فهذه المواضيع هي في الأساس من صلب مهامه، أما إذا تحدّثنا بالسياسة في هذا الموضوع فنحن اتخذنا قرارا بأننا لا نريد مناقشة هذا الموضوع بجلسات مجلس الوزراء، لم يقبل الرئيس الحريري بأية لحظة من اللحظات إدراج اي شيء يتعلّق بموضوع التطبيع في العلاقات بين الحكومتين اللبنانية والسورية على جدول أعمال مجلس الوزراء طيلة فترة الحكومة المستقيلة، وبالتالي من الواضح أنه لا يوجد توافق على هذا الأمر بشكل كلّي. بحسب الدستور اللبناني فإن اتخاذ قرار في موضوع أساسي يحتاج الى مناقشة وقرار في مجلس الوزراء لإقراره، وأية لجنة من هذا النوع تحتاج الى مناقشة وينبغي إقرارها في مجلس الوزراء، وبما أن مجلس الوزراء يتعذر عليه الإجتماع حاليا واللجنة الوزارية المعنية باللاجئين أيضا، والى أن يتم هذا الموضوع لكل حادث حديث، وما يجري حاليا بالنسبة للجنة الروسية هو ما يمكن عمله بالوقت الضائع.
*إنتقدتم مكاتب ولجان إعادة النازحين السوريين ووصفتهم بالمتطفلين في حين ان “حزب الله” بدأ إحصاء عدد من العائدين ومنهم ألف نقل أسماءهم للأمن العام كما قال النائب نوار الساحلي لإحدى الصحف اللبنانية؟ ما هو رأيك؟
-نحن لا نعرف ما هي الظروف التي على أساسها تمّ تسجيل هؤلاء، وهل هم سياسيا مع النظام ولا مشاكل لديهم معه؟ من الواضح للمواطن اللبناني ان المشروع الإيراني مستمر بقضم مؤسسات الدولة والقول بأن المقاومة تحلّ مكان كل المؤسسات التابعة للدولة. في هذا الملف يبدو بأن النظام الإيراني موجود بالشراكة بالطبع مع “التيار الوطني الحر” وملحقاتهم، إن التناقض الكبير اليوم هو عندما يحكي تيار سياسي عن “العهد القوي” في وقت يدمّر اسس الدولة من خلال إنشاء هذه المكاتب التي أعتبرها مهزلة والتي لم تحقق شيئا لغاية الآن وهي لن تستطيع تحقيق شيء.
الروس هم الضامنون الأساسيون للعودة، وهم باستطاعتهم الضغط على جميع الأفرقاء في سوريا، قد اعربوا بوضوح بأن موضوع العودة يجب أن يتم بالطرق الرسمية ومن خلال الجهات الرسمية اللبنانية وليس من خلال أحد آخر، ولا تستطيع الدولة الروسية أن تتعاطى مع أحزاب ومع ميليشيات بل مع المؤسسات الرسمية التابعة للدولة، وكان الأمر واضحا في كلام الموفد الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف حين اجتمعنا به، وهو قال بأن نظرتنا لموضوع العودة وآليته واضحة، فلن تكون على الحدود اللبنانية سوى القوى الشرعية اللبنانية والجيش الروسي وجيش النظام، وهذه رسالة واضحة بأنه لن يكون لا “التيار الوطني الحرّ” ولا حزب البعث ولا “حزب الله”. وأخيرا اقول بأن تدخّل “حزب الله” و”التيار الوطني الحرّ” لن يشجّع الدول المانحة على إعادة إعمار سوريا، بالعكس تماما، ولن يشجع اللاجئين السوريين على العودة من خلال وكيف يفعلون ومن من احتل قراهم ودمرها هو الفريق الذي يريد ارجاعهم اليوم.
*تعدّون خطّة جديدة للعودة مع مجموعة من الخبراء والأكاديميين ما هي أسسها؟
-أولا، هي ليست خطّة بل مجموعة مقترحات وهي تشارك بالأفكار مع المهتمين بهذه المأساة الإنسانية سواء في الجامعة الأميركية أو في الجامعة اليسوعية أو في جامعة سيدة اللويزة أو منظمات المجتمع المدني، ومن الضروري الإفادة من أفكارهم وتجاربهم.
هذه المقترحات هي للتداول ونحن نضعها على الطاولة أمام الراي العام ومن حقنا طرحها من خلال الوزارة.
*بما أن دور وزارة الدولة لشؤون النازحين هو التنسيق بين الوزارات المعنية، فهل تنسقون مع وزارة الخارجية والمغتربين؟
-لم يرسل وزير الخارجية أحدا لمتابعة لا المسودّة ولا اي شيء يتعلق بموضوع اللاجئين للمناقشة والمتابعة. في أول شهرين من من عمر الحكومة كان نوع من التعاون ثم حصل انقطاع كلي من قبله، ونحن لدينا تنسيق مع الوزارات كافة ما عدا وزارة الخارجية.