“مصدر دبلوماسي” خاص
مدّد مجلس الأمن الدولي في 30 الجاري سنة إضافية لقوات الطوارئ العاملة في جنوب لبنان في إجتماع انعقد في نيويورك، وذلك عبر القرار
R.2433
رسالة غوتيرس
في ما يأتي الرسالة التي وجهها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس الى أعضاء مجلس الأمن طالبا التمديد، بالإضافة الى رابط القرار بالعربية.
في رسالة مؤرخة 23 تموز/يوليه 2018 موجهة إليَ، طلب وزير الخارجية والمغتربين في لبنان أن يمدد مجلس الأمن ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) فترة أخرى مدتها سنة واحدة، من دون تعديل. وفي هذا الصدد، وإلحاقا بتقريري المقدم إلى المجلس المؤرخ 13 تموز/يوليه 2018 عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (S/2018/703)، أود أن أطلب إلى المجلس بموجب هذه الرسالة أن ينظر في تجديد ولاية اليونيفيل، التي من المقرر أن تنتهي في 31 آب/أغسطس 2018.
وأشيد بالالتزام المتواصل للجيش اللبناني وجيش الدفاع الإسرائيلي بالحفاظ على وقف الأعمال العدائية وكذلك بما يبديانه من تعاون وتنسيق وثيقين مع اليونيفيل. إن استمرار فترة الهدوء النسبي والاستقرار في جنوب لبنان وعلى طول الخط الأزرق يتيح فرصة لإحراز تقدم نحو تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حل طويل الأجل للنزاع، على النحو المطلوب في القرار 1701 (2006).
وفي الوقت نفسه، لم يفِ الطرفان بعد بالتزاماتهما بموجب القرار. فيجب على إسرائيل أن تسحب قواتها من الأراضي اللبنانية وتضع حدا لانتهاكات المجال الجوي اللبناني. ويجب على الحكومة اللبنانية أن تمارس سلطة فعلية على جميع الأراضي اللبنانية، وأن تمنع الأعمال العدائية انطلاقا من أراضيها، وأن تكفل سلامة وأمن السكان المدنيين إضافة إلى سلامة وأمن أفراد وموظفي الأمم المتحدة، وأن تكفل أيضا نزع سلاح كل الجماعات المسلحة بحيث لا يكون هناك أي سلاح في لبنان غير سلاح الدولة اللبنانية أو سلطة غير سلطتها. فوجود السلاح غير المأذون به الخارج عن سيطرة الدولة، إلى جانب الخطاب العدواني الصادر عن الجانبين، يزيد من مخاطر سوء التقدير وتصعيد الوضع حتى يتحول إلى نزاع.
وتواصل اليونيفيل، انسجاما مع أولوياتها الاستراتيجية ، على نحو ما جرى تأكيده في المراجعة الاستراتيجية لعام 2017 (S/2017/202)، وبتنسيق وثيق مع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لشؤون لبنان، العملَ مع الطرفين على الوفاء بتلك الالتزامات وخصوصا دعم الجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لبسط سلطة الدولة في جنوب لبنان، بما في ذلك عبر زيادة قدرات ووجود الجيش اللبناني.
وما زلت أشعر بالتشجيع جراء الخطوات التي ما برحت الحكومة اللبنانية تتخذها لتعزيز قدرات الجيش اللبناني وبسط سلطة الدولة جنوب نهر الليطاني في أعقاب اتخاذ قرار مجلس الأمن 2373 (2017)، الذي دعا فيه المجلس إلى ”النشر الفعال والدائم للجيش اللبناني في جنوب لبنان والمياه الإقليمية اللبنانية بوتيرة متسارعة“،. وقد شملت هذه الخطوات نشر فوج التدخل الخامس في أيلول/سبتمبر 2017، وتدشين المركز الإقليمي للتعاون المدني – العسكري التابع للجيش اللبناني في الجنوب في أيار/مايو 2018 في الجنوب، وإحراز تقدم مطرد في التفعيل العملاني للفوج النموذجي التابع للجيش اللبناني، إضافة إلى بذل جهود للحصول على سفينة إضافية للبحرية اللبنانية. وأتاحت زيادةُ قدرات الجيش اللبناني ووجودُه في جنوب لبنان مواصلةَ التعاون وتنسيق الأنشطة بين الجيش اللبناني واليونيفيل، على النحو المطلوب في القرار 2373 (2017)، بما في ذلك إقامة نقاط تفتيش دائمة ومؤقتة والقيام بعمليات لمكافحة إطلاق الصواريخ. ويشكل بدءُ الجيش اللبناني تسيير دوريات راجلة منسقة على طول الخط الأزرق أمرا له دلالته، وقد سُيرت 213 من هذه الدوريات في حزيران/يونيه ٢٠١٨.
إن تحقيق وجود دائم قوي للجيش اللبناني في جنوب لبنان عنصر حيوي في تعزيز وجود الدولة في جنوب لبنان وفي الانتقال من وقف الأعمال العدائية الهش إلى وقف دائم لإطلاق النار. وهذا الوجود هو أيضا برهان هام على التزام لبنان بالقرار 1701 (2006). إن الأمم المتحدة ملتزمة بتعزيز دعمها لتلك الجهود بما في ذلك في ما يتعلق بكفالة عدم وجود أفراد مسلحين غير مأذون لهم أو أعتدة أو أسلحة غير مأذون بها في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، مع مراعاة أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الجيش اللبناني في هذا الصدد. وستواصل اليونيفيل تكييف وضعها بما يضمن عملها بكل الوسائل المتاحة ضمن ولايتها وقدراتها في ما يتعلق بالوجود غير الشرعي للأفراد المسلحين أو الأسلحة أو البنية التحتية.
وأكرر دعوتي إلى مواصلة تقديم الدعم الدولي إلى الجيش اللبناني، بما في ذلك في إطار مجموعة الدعم الدولية للبنان، بناءً على الالتزامات التي قطعتها الحكومة اللبنانية في ما يتعلق بتنفيذ القرارين 1701 (2006) و 2373 (2017) خلال ”مؤتمر روما الثاني“ الذي عُقد في آذار/مارس ٢٠١٨.
وفي ظل عدم إحراز تقدم نحو تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، لا تزال قدرة اليونيفيل على الردع ومنع نشوب النزاع وخفض تصعيده تتسم بأهمية حيوية. وما زال تشديد اليونيفيل على منع نشوب النزاع يشكل جزءا لا يتجزأ من أنشطتها العملياتية وغير العملياتية. وعبر التخفيف من المخاطر في الوقت المناسب، تواصل اليونيفيل منع وقوع الحوادث الصغيرة وتحوُّلَها إلى عنف واسع النطاق، وتصون وقف الأعمال العدائية. وفي هذا الصدد يتسم الاتصالُ والتنسيق البنّاءان اللذان تتولى اليونيفيل تيسيرهما مع الطرفين، بما في ذلك من خلال الآلية الثلاثية الأطراف، بأهمية بالغة في تخفيف حدة حالات التوتر وبناء الثقة.
وقد اكتسى ذلك أهمية خاصة خلال فترات ارتفاع حدة التوتر في الأشهر الأخيرة على جانبي الخط الأزرق ردا على تطورات معينة، على نحو ما جرى التطرق إليه في تقريريَّ عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (S/2018/2010 و S/2018/703). فقد جرى خفض التصعيد مثلا في نيسان/أبريل ٢٠١٨ في حالةٍ شهدت توترا بشكل خاص جراء أعمال بناء قام بها جيش الدفاع الإسرائيلي في مناطق عدة جنوب الخط الأزرق، وذلك من خلال جهود الاتصال مع الطرفين التي بُذلت بقيادة رئيس البعثة وقائد القوة.
ولا تزال ترتيبات الاتصال والتنسيق، بما في ذلك الآلية الثلاثية الأطراف، تؤدي دورا بالغ الأهمية في الحفاظ على الاستقرار. وما زال المنتدى الثلاثي يشكل إطارا مرنا، مما يتيح للطرفين مناقشة طائفة واسعة من القضايا بينها الترتيبات العملية على الأرض لزيادة استقرار الوضع على طول الخط الأزرق. وفي هذا الصدد، ما برحت اليونيفيل تعمل على تيسير المناقشات مع الطرفين بهدف معالجة النقاط الخلافية على طول الخط الأزرق.
وقامت اليونيفيل بعدد من الخطوات الاستباقية لزيادة وتيرة عملياتها وإبراز أهمية تلك العمليات وتعزيز فعاليتها، وفقا للقرار 2373 (2017). ووسَّعت نطاق تسيير دورياتها الراجلة على طول الخط الأزرق في القرى التي تثير فيها حركةُ المركبات الثقيلة إشكالا، وزادت الدورياتِ الليليةَ على طول الخط الأزرق، واستخدمت العتاد الجوي على نحو أكثر فعالية، بما في ذلك عن طريق زيادة عدد الرحلات الجوية العملياتية، كاستطلاع المناطق الحساسة، وسيَّرت رحلات جوية ليلية لمراقبة الوديان. وزادت اليونيفيل بين آب/أغسطس ٢٠١٧ وأيار/مايو 2018 عددَ أنشطتها العملياتية الشهرية من 362 13 إلى 871 14، إذ زادت الدوريات الراجلة بنسبة ٦٨ في المائة وارتفع متوسط ساعات الطيران لدوريات الاستطلاع الجوي بنسبة 28 في المائة. وتواصل اليونيفيل سعيها إلى إيجاد طرق لتكييف عملياتها في إطار جهد يرمي إلى استمرارها كقوةٍ مرنة ومتنقلة وذات مصداقية.
وحظيت حرية تنقل اليونيفيل عموما بالاحترام في ما خلا الحالات الاستثنائية التي أوردتُها بالتفصيل في تقاريري عن تنفيذ القرار 1701 (2006) (S/2017/964 و S/2018/210 و S/2018/703). وفي كل مرة قُيدت فيها حرية تنقل اليونيفيل، اتخذت القوة إجراءات فورية مع السلطات الوطنية والمحلية المعنية والجيش اللبناني لاستعادة القدرة على الوصول، إما بالمركبات أو سيرا. وفي أعقاب حالات عدة شهدت تقييدا لحرية لحركة في أيار/مايو (S/2018/703)، قام كل من اليونيفيل والجيش اللبناني بخطوات لضمان القدرة على الوصول إلى المواقع التابعة لمنظمة ”أخضر بلا حدود“، الواقعة على مقربة من الخط الأزرق، ومراقبتها من دون عوائق. ولا بد من أن تكون حرية تنقل اليونيفيل محترمة وغير مقيدة بشكل كامل في منطقة عملياتها.
بيد أن زيادة وتيرة العمليات وتسيير الدوريات الأكثر تدخلا التي نُفذت وفقا لتنفيذ القرار 2373 (2017) لم يؤثرا على العلاقة مع السكان المحليين التي ظلت إيجابية إلى حد كبير. وواصلت اليونيفيل تحديد وتنفيذ مشاريع سريعة الأثر ترمي إلى تلبية الاحتياجات الملحة للمجتمعات المحلية، ودعم بسط سلطة الدولة في الجنوب والإسهام في قبول وجود القوة محليا بما ينسجم مع أولوياتها الاستراتيجية.
وواصلت اليونيفيل أيضا انخراطها في العمل مع الجيش اللبناني من أجل استكشاف سبل القيام بأنشطة تعود بالفائدة على المجتمعات المحلية الواقعة جنوب نهر الليطاني. وفي هذا الصدد، سيؤدي المركز الإقليمي للتعاون المدني – العسكري التابع للجيش اللبناني الذي دُشن حديثا دورا هاما لأنه يُتوقع أن يعمل على تعزيز التعاون بين الجيش اللبناني والمجتمعات المحلية في جميع أنحاء جنوب لبنان، بما في ذلك في مجال التأهب لحالات الطوارئ، وحماية المدنيين.
وفي كانون الثاني/يناير ٢٠١٨، أنجزت القوة البحرية التابعة لليونيفيل إعادة تشكيلها بما يتماشى مع توصيات المراجعة الاستراتيجية لعام ٢٠١٧ (S/2017/202). وتواصل القوة البحرية، المكونة حاليا من ست سفن والتي يبلغ العدد الأقصى المأذون به لأفرادها 780 فردا، دعمَ البحرية اللبنانية في القيام بعمليات الاعتراض البحري والتدريب المشترك. ومن خلال إشاعة بيئة بحرية مستقرة وآمنة، لا تسهم القوة البحرية في تعزيز التجارة البحرية فقط، بل تمنع أيضا استخدام المياه الإقليمية اللبنانية لأغراض غير مشروعة.
وفي تموز/يوليه 2018، كان العدد الإجمالي للأفراد العسكريين يبلغ 426 10 فردا. ويضم العنصر المدني لليونيفيل 235 موظفا دوليا و 585 موظفا وطنيا. وأود أن أعرب عن امتناني للبلدان الـ 42 المساهِمة بقوات التي تتكون منها اليونيفيل لالتزامها المتواصل. ولا يزال التأثير الرادع الناجم عن وجود اليونيفيل وعمليتها، برا وبحرا، يؤدي دورا بالغ الأهمية في حفظ الاستقرار في جنوب لبنان وعلى طول الخط الأزرق. ويشكل وجود اليونيفيل أيضا عاملا رئيسيا في إشاعة بيئة مؤاتية لإطلاق عملية سياسية يمكن أن يناقَش فيها التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. إن اليونيفيل، بتنسيق وثيق مع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لشؤون لبنان، على استعداد لتقديم دعمها الكامل إلى الطرفين في تلك العملية.
وفي ما يتعلق بالجوانب المالية لليونيفيل، اعتمدت الجمعية العامة في قرارها 72/299 ومقررها 72/558، المتخذين في 5 تموز/يوليه 2018، مبلغَ 474.4 مليون دولار للإنفاق على القوة للفترة من 1 تموز/يوليه 2018 إلى 30 حزيران/يونيه 2019. وفي 16 تموز/يوليه 2018، بلغت الاشتراكات المقررة غير المسددة للحساب الخاص لليونيفيل 56.2 مليون دولار. وبلغ مجموع الاشتراكات المقررة غير المسددة لجميع عمليات حفظ السلام في التاريخ نفسه 072.2 2 مليون دولار. وسُدَّدت تكاليف القوات عن الفترة الممتدة حتى ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠١٨، في حين سُدِّدت تكاليف المعدات المملوكة للوحدات عن الفترة الممتدة حتى ٣١ آذار/مارس ٢٠١٨، وفقا لجدول السداد الفصلي. وإذا قرر مجلس الأمن تمديد ولاية القوة إلى ما بعد ٣١ آب/أغسطس ٢٠١٨، فستقتصر تكلفة الإنفاق على اليونيفيل على المبالغ التي وافقت عليها الجمعية.
وأود أن أعرب عن تقديري لرئيس البعثة وقائد القوة اللواء مايكل بيري، ولجميع الأفراد العسكريين والموظفين المدنيين في اليونيفيل لما يقومون به من عمل في جنوب لبنان ولالتزامهم بخدمة السلام.
وأود أن أشيد بحفظة السلام الذين ضحوا بأرواحهم في خدمة السلام وبجميع الرجال والنساء الذين خدموا في اليونيفيل منذ إنشائها قبل 40 سنة.
وأود أيضا أن أعرب عن تقديري للدعم الموحَّد والثابت الذي يقدمه مجلس الأمن إلى اليونيفيل والأنشطة المنوطة بها. وفي ضوء ما تقدَّم، أوصي بأن يمدِّد المجلس ولاية اليونيفيل فترة أخرى مدتها 12 شهرا، تنتهي في ٣١ آب/أغسطس ٢٠١٩.
أكون ممتنا لو تفضلتم بإطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة.
(توقيع) أنطونيو غوتيريش
لقراءة التقرير كاملا الضغط على الرابط الآتي:UNIFIL-draft