“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
يغادر السفير الألماني في لبنان مارتن هوت بيروت نهاية الشهر الجاري بعد أن أنهى 3 أعوام من مهمّته الدبلوماسية، وهو سيعود الى الإدارة المركزية في برلين حيث ستولّى مسؤولية العلاقات الثقافية والتربوية والإعلامية للمنطقة الواقعة بين المغرب وباكستان ومن ضمنها لبنان وسوريا.
وفي حوار وداعي مع موقع “مصدر دبلوماسي” حذّر السفير هوت من “الوضع غير الثابت والمتزعزع في لبنان بسبب عدم تشكيل الحكومة”. وفي إشارة لافتة ردّا على سؤال موقعنا عن إتجاه ألمانيا في ما يخص تطبيع العلاقة السياسية اللبنانية السورية قال هوت:” بالنسبة الى العلاقة السياسية بين سوريا ولبنان، فسيكون مقدّرا جدّا استمرار لبنان في سياسة النأي بالنفس، وأعتقد أنه الخيار الصائب في الوضع الموجودة فيه سوريا الآن (…). في شأن ملف النزوح السوري أشار السفير هوت الى أننا “نلاحظ أن بعض اللاجئين بدأوا يعودون بصورة شخصيّة وعلى قاعدة طوعيّة ونحن لسنا ضدّ ذلك مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لكن في الوقت عينه نحن نرى أنه لم يحن الوقت بعد من أجل عودة شاملة للاجئين”.
في ما يأتي نصّ الحوار:”
*وصلت الى لبنان قبل 3 أعوام إبان فراغ رئاسي وتغادره اليوم وسط فراغ حكومي ما هو انطباعك حيال ذلك؟
-صحيح أنني أتيت وسط فراغ رئاسي ولحسن الحظ أنه انتهى في تشرين الأول 2016 وأعقبه تشكيل للحكومة وحصلت تطورات إيجابية متلاحقة أبرزها الإنتخابات البلدية ثمّ النيابية وتمّ عقد 3 مؤتمرات من أجل لبنان، (مؤتمر روما (2) و”سيدر” وبروكسيل (2))، ونحن ننتظر اليوم تشكيل الحكومة الجديدة، ونعتقد أن ثمة قوة دفع إيجابية موجودة، ونأمل بألا تتم خسارتها. بالنسبة إلي كما الى كثر من المراقبين فإن الوضع غير ثابت ومتزعزع بسبب عدم تشكيل الحكومة، إن هذا البلد في حاجة طارئة لإصلاحات سياسية وإقتصادية ولمتابعة نتائج مؤتمر “سيدر”، وبالتالي فإنّ تأخير هذه العملية ليس مفيدا، وأعتقد أن الجميع في لبنان يدركون هذا الواقع وكمّ الصعوبات التي نتمنى أن يتمّ تخطيها.
*ما هي المخاطر المزعزعة التي تراها في هذا الفراغ الحكومي؟
-بالطبع إن خسارة وتخطي قوة الدفع الموجودة هو غير مجد، وبالتالي فإن الوضع ليس مريحا وسط الصراع الموجود في الإقليم، ومع وجود اللاجئين ووسط المشاكل الإقتصادية الهائلة، فإذا لم تتم معالجتها فلن يكون الأمر مفيدا للبنان.
*هل ترون مخاطر أمنية؟
-أعتقد أنه لجهة الأمن فإنّ الوضع تحسّن في السنة الأخيرة بعد العمل العسكري في عرسال وتحرير الأرض من الإرهابيين، وهذا أمر إيجابي وأتمنى ألا تظهر أية مشاكل أمنية أخرى، لكن المشاكل السابقة التي ذكرتها غير الأمن هي كبيرة وهامة بشكل كاف.
*شهدت ولايتك زيارتان مهمتان للبنان الأولى لرئيس الجمهورية فرانك فالتر شتاينماير والثانية للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كيف تمكنت من تحقيق هذا الأمر وماذا تركت هاتان الزيارتان من أثر على العلاقات اللبنانية الألمانية؟
-صحيح، لقد شهدنا زيارتين تاريخيتين لشخصيتين ألمانيتين وهذا يجسّد الأهمية التي نوليها للعلاقات الثنائية مع لبنان وللتعبير عن تقديرنا للوضع الصعب الذي يمرّ به، ونحن ملتزمون بتخفيف وطأة الوضع في لبنان. إن زيارة المستشارة ركزت بشكل واسع على الشق الإقتصادي، وكانت طاولة مستديرة مع إقتصاديين ورجال أعمال. وقد منحت الزيارة الجانب اللبناني الفرصة من أجل تقديم موجز لرؤساء مجلس إدارة الشركات الألمانية عن الفرص الإستثمارية في لبنان.
*ما هي الخطوة المقبلة؟
-إن الخطوة المقبلة تتمثل في أن نتمّكن من فتح فرع لغرفة التجارة الألمانية في لبنان، وهذا الأمر مهم جدا وهو يسهّل خلق وتبادل المعلومات حول إمكانات الإستثمار ويمثل خطوة مهمة. في ألمانيا ينظر الناس الى لبنان كسوق صغيرة، ولكن من المهم أن ندرك ايضا بأن لبنان هو بوّابة مهمّة للمنطقة، لذا فإن الوضع في سوريا مؤثر، ولبنان هو منصّة مهمة للمنطقة سواء للعراق أو لدول الخليج، وبالتالي فإن هذا الأمر مهم لأي مستثمر، وهو يتطلب تحقيق بعض الشروط المسبقة، وأذكر جيدا أن احد رؤساء مجلس ادارة شركة ألمانية قال بشكل واضح أثناء اجتماع مع المستشارة ميركل متوجها الى اللبنانيين: إذا أردتم أن يتم الإستثمار في لبنان فأنتم تحتاجون الى إمدادات كهرباء موثوقة، ولا أحد يستثمر في بلد لا توجد فيه مثل هذه الأساسيات.
*هل ترى أن تطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا ضروري للدّفع بدور لبنان وخصوصا في التصدير؟
-لطالما كانت سوريا جارا مهما للبنان وثمة علاقات ثنائية بين البلدين سواء عن طريق العمال الذين يعملون هنا والتجارة. بالنسبة الى العلاقة السياسية بين سوريا ولبنان فسيكون مقدرا جدا استمرار لبنان في سياسة النأي بالنفس وأعتقد أنه الخيار الصائب في الوضع الموجودة فيه سوريا الآن، وأعلم أن ثمة نقاش حيوي في هذا الشأن في لبنان.
*انت من المناضلين من أجل تأمين عودة آمنة وطوعية للنازحين السوريين، وكانت لألمانيا إبان ولايتك مساهمات في هذا الملف، كيف ترى الى ملف النزوح السوري على ضوء المبادرة الروسية؟
-إن مستقبل اللاجئين هو في سوريا وأدرك تماما أن هؤلاء يريدون العودة الى بلدهم، ونحن نلاحظ أن بعض اللاجئين بدأوا يعودون بصورة شخصية وعلى قاعدة طوعية ونحن لسنا ضد ذلك مع المفوضية. لكن في الوقت عينه نحن نرى أنه لم يحن الوقت بعد من أجل عودة شاملة للاجئين. بالنسبة الى المبادرة الروسية فنحن نعلم بأن ثمة مبادرة تم الإعلان عنها، لكننا لا نمتلك تفاصيل عنها والروس لم يكونوا واضحين بشكل تام في الشرح للناس عن كيفية تنظيمهم لهذه العودة وكيف سيكون إدراج الأمم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ضمن هذه المبادرة، وكيف يرون الضمانات التي يجب أن يتم تقديمها من أجل حفظ أمن العائدين، وأعتقد أن على الروس أن يشرحوا هذه الأمور بشكل أكثر وضوحا.