“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
لا تزال العقد الحكومية الداخلية في خانة “مكانك راوح” وفي حين يحتدم الجدل السياسي الداخلي على خلفيات سياسية ومعيشية وخدماتية لا يزال “حزب الله” يعتصم بهدوء تام، وكأنه لاعب سياسي عادي لا قدرة له على تحريك مجريات الأمور، علما بأنه ينال الحصة البرلمانية الأكبر مع حلفائه ويحظى بسلطة سياسية واسعة وبحلفاء محليين من جميع الأطياف. فلماذا هذا الهدوء؟ وكيف يرى الحزب الى الإصطفاف السياسي القائم حاليا؟ وما هي محاذيره؟ ولماذا يركز على ملفات ستكون من مهام الحكومة المقبلة متى تشكلت؟
يرى “حزب الله” بحسب أوساط عليمة بمناخه بأن العراقيل الموجودة أمام تشكيل الحكومة هي خليط بين عقد داخلية وخارجية تمنع الرئيس المكلف سعد الحريري من المضي في عملية التأليف. وبرأي الحزب أن الحريري عاد بلا أدنى شك للإصطفاف في الخط السعودي وهذا ما أحدث اصطفافا جديدا في لبنان، في الماضي كان الإنقسام سنيا شيعيا وبين قوى 8 و14 آذار. أطاحت التسوية الرئاسية اصطفاف قوى 8 و14 آذار ولما اتى الحريري رئيسا للحكومة انتهى التوتر السني الشيعي، ما تقوم به السعودية اليوم -من وجهة نظر الأوساط المقربة من “حزب الله”- هو إعادة إحياء الإصطفاف السابق عبر تحريكها للحزب التقدمي الإشتراكي و”القوات اللبنانية” و”تيار المستقبل” من جهة ضد “التيار الوطني الحر و”حزب الله” وحلفائهما من جهة ثانية، وهذا ما أعادة اصطفاف 8 و 14 آذار الى الواجهة وثمة خشية من أن يعود التوتر السني الشيعي عبر زيادة منسوب اللغة المذهبية.
لا يبدو “حزب الله” مستعدا لمزيد من التدخل لتسهيل تشكيل الحكومة المقبلة، وفقا للأوساط المذكورة فإنه توجد مشكلة بين “التيار الوطني الحرّ” و”تيار المستقبل” يتمّ العمل على معالجتها، وهنالك مشكلة بين “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” لا يمكن لـ”حزب الله” بالأساس أن يتدخّل فيها. جلّ ما يفعله الحزب هو المطالبة بتسريع تشكيل الحكومة، وأن تكون حكومة وحدة وطنيّة موسعة بتمثيل صحيح لا يظلم فيها أحد وهي ليست المعايير التي ينادي بها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي يستند الى معايير الإنتخابات النيابية.
أليس الإبطاء في تشكيل الحكومة و حصار العهد الذي يؤيده “حزب الله” إضعاف لسياسة الحزب؟
تشير الأوساط المذكورة الى أن انعكاس هذا التأخير يطال جميع اللبنانيين بمن فيهم “حزب الله”، لأن الإسراع في تشكيل الحكومة يحمل في طياته مصلحة لحل الأزمات الإقتصادية والإجتماعية.
تدحض الأوساط المذكورة كلاما بأن “حزب الله” مستعجل من أجل تشكيل الحكومة خوفا من العقوبات، وتشير: “إذا قال “حزب الله” أنه ليس مستعجلا سيقال بالأصل هو لا يريد حكومة لأنه “دولة ضمن الدولة” ومن مصلحته عدم التشكيل. لكن الواقع أن من مصلحة “حزب الله” تشكيل حكومة بمعزل عن رأي القوى السياسية وبمعزل عن العقوبات الأميركية وبمعزل عن وضعه على لوائح الإرهاب وبمعزل عن لعبة الأحجام، لأن البلد والإقتصاد والقضايا الأمنية والإستقرار كل ذلك يشكل مصلحة في تشكيل الحكومة”.
لا يرى “حزب الله” مع الأسف مفاوضات جدية حول تشكيل الحكومة بل هي مفاوضات “لكي ينتزع كلّ طرف حصّة أكثر مما ينبغي له”. بينما يطالب “بمعايير موحّدة مطبقة على الجميع فتحصل العدالة في توزيع الحقائب”.