“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يعتبر رفع العقوبات الإقتصادية الأميركية والأرووبية عن سوريا هدفا رئيسيا في المرحلة المقبلة للدولة السورية برئاسة بشار الأسد. واستنادا الى تقرير نهاية المهمة الذي نشره مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إثر انهاء المقرر الخاص ادريس الجزائري زيارته الى سوريا واعداد تقريره عن الآثار السلبية للإجراءات الأحادية الجانب للعقوبات على حقوق الإنسان والذي سوف يعرض في خلال الدورة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان في أيلول فالأمر يبدو حيويا للسوريين.
ويطالب النظام السوري برفع العقوبات التي يتركها الغرب سيفا مسلطا فوق رأسه لإرغامه على إبداء المزيد من المرونة في إطار الحل السياسي العام المقبل على سوريا.
وقد كان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي واضحا حيال هذا الموضوع الذي تطرق اليه أثناء تصريحه أمس في وزارة الخارجية والمغتربين بعد زيارته للوزير جبران باسيل لمتابعة موضوع النزوح السوري فقال بأن “ العقوبات الاقتصادية يجب ان تُرفع لانها السبب الرئيسي في هجرة الغالبية من السوريين الذين لديهم معاملهم ومزارعهم وحقولهم وخبراتهم ولديهم صناعة دواء متقدمة في دول المنطقة وعندما تُرفع هذه العقوبات يتمكن السوري من مساعدة نفسه ومساعدة اشقائه”.
العقوبات وآثارها المدمّرة
أبرز العقوبات التي تطرّق اليها المقرر الخاص إدريس الجزائري تتعلق بالقطاع الصحي، (شراء التجهيزات الطبية أو قطع الغيار) والخدمات الأساسية والتقييدات المصرفية التي اعتبر أن لها أبلغ الأثر في تدهور حالة الإقتصاد السوري نظرا الى كونها تطال كافّة أوجه الحياة والنشاط الإقتصادي، فهي تضعف القدرة الإنتاجية والتوظيف، مع ما ينتج عن ذلك من إفقار للشعب ونقص في الإحتياجات الأساسية بسبب ما يعرف بشل الإقتصاد وعدم القدرة على القيام بأي عمل ولا سيما في ظل تمنّع أو خوف المصارف من تمويل النشاط الإقتصادي أو حتى الشركات المعنية بالإستيراد والتصدير من الإقدام على التعاملات بسبب الخوف من العقوبات.
فضلا عن عدم وجود الخبرة القانونية الكافية والإرشاد القانوني لكيفية التعامل مع أنظمة العقوبات المختلفة.
أنظمة عقوبات مختلفة أوروبية وأميركية
ولفت الجزائري في تقريره الى أن العقوبات ضد سوريا والتي توصف بأنها “ذكية” ليست كذلك، ولها تداعيات على عموم الشعب. وأضاف أن ما يزيد الأمر سوءا هو وجود عدّة أنظمة مختلفة للعقوبات أهمها تلك التابعة للإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية فضلا عن التي تنفذها 8 دول مختلفة (الدول الغربية) مما يجعل القيام بأي عمل في سوريا شبه مستحيل لصعوبة المواءمة بين مختلف هذه الأنظمة، موضحا بأن صغار الصناعيين أو أصحاب المؤسسات التجارية والإقتصادية هم أكثر من يعانون بسبب الآثار المتداخلة لأنظمة العقوبات.
عقوبات شاملة وتدهور الإقتصاد السوري
كما أضاف بأن الصعوبات لا تقتصر فقط على القطاعات الحكومية إذ أن العقوبات تشمل ايضا الهيئات والجمعيات الوطنية منها والدولية، إذ يصعب عليها استيراد المواد أو حتى قبول الهبات في ظل العقوبات، وهو ما يدفع لنشوء سوق سوداء أو إقتصاد مواز.
كما عرض لحالة الإقتصاد السوري الذي تدهور بشكل كبير منذ عام 2011، إذ انخفض الدخل القومي بنسبة الثلثين، واستنفد احتياطي العملات الصعبة نتيجة التضخّم الهائل الذي فاق الـ82 في المئة والإرتفاع الهائل بسعر الدولار الأميركي نسبة الى الليرة السورية ولا سيما بين عامي 2011 و2013، ما أدى الى افقار فئة الموظفين الذين يتقاضون راتبا ثابتا.
هذا فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة من 8،5 في المئة عام 2011 الى 50 في المئة حاليا وارتفاع اسعار المواد الغذائية 8 مرات، الذي تسبب بحالة عامّة من انعدام الأمن الغذائي شملت ثلث الشعب السوري.
الفلسطينيون في سوريا
وخصص الجزائري جزءا من مداخلته للفلسطينيين في سوريا والذين قدّر عددهم بـ500 ألف ممن نزحوا وهم بحاجة لمساعدة إنسانية.
وختم الجزائري بالإشارة الى الدمار الهائل في البلاد، مشيرا الى وجود 5 ملايين سوري يعيشون حاليا تحت خط الفقر ودون خدمات اساسية، داعيا الدول الحاضرة الى تطبيق الإستثناءات التي ينص عليها نظام العقوبات بفاعلية لتخفيف معاناة الشعب السوري، والى ما أسماه ضرورة تخطي العائق اللفظي او الخطابي بين التمويل واعطاء حق الوصول الإنساني لدى الحوار مع الدولة السورية، ولا سيما في المناطق العائدة الى سيطرتها. ولفت الى تطور الأمور بسرعة أخيرا ونبّه من تزايد الضغوط على دول الجوار وتاليا أوروبا، داعيا لإجراءات صغيرة وإنما فعالة لبناء الثقة، وتخطي النقاش حول كيفية وصول الأمور الى ما وصلت اليه والتركيز على ما بالإمكان فعله لتخطي الوضع الحالي. ولهذا الغرض، واستنادا الى تجربة انهاء العقوبات التي كانت تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على السودان اقتراح الجزائري ما يلي:
-تفعيل نظام الإعفاءات او الإستثناءات الذي تنص عليه أنظمة العقوبات لتمكين الجهات الحكومية والجمعيات الحصول على رخص الإستيراد اللازمة.
-إنشاء مجموعة عمل تنظر بالوسائل الممكنة للقيام بالنشاط الإقتصادي عبر انشاء مكتب تموين تحت اشراف الامم المتحدة لضمان عدم خرق العقوبات.
-وضع آلية لتأمين حاجات الفلسطينيين في سوريا
-البدء باجراءات ثقة بين الحكومة السورية والدول التي تفرض عقوبات عليها للبدء بردم الهوّة التي تعاظمت بينهما، وقد أورد اقتراحا سمعه من المصرف المركزي السوري يقضي بتسييل بعض الأصول المجمّدة خارجا لشراء القمح.
-بدء حوار حول كيفية وضع لوائح بالخدمات الأساسية المتأثرة بالعقوبات تمهيدا للحل ومواكبة للتطورات التي ترافق خفض التصعيد واجراءات وقف القتال.