مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشرته مجلّة “الأمن العام” في عددها الصادر في شهر تموز 2018. لقراءة المزيد من مواضيع المجلة زيارة الموقع الآتي:
http://www.general-security.gov.lb/ar/magazines
تندرج مهام مديرية الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية والمغتربين ضمن فلسفة “الامن الإقتصادي” في الداخل اللبناني وفي الخارج ما يجعل التعاون بين الوزارات المختصة والبعثات اللبنانية في الخارج اساسيا في تدعيم الاقتصاد اللبناني وتحصينه. اطلالة على صلاحيات هذه المديرية والملفات التي تعالجها تظهر اهمية التشبيك الاقتصادي في الداخل كما في الخارج.
السفير بلال قبلان: الامن الاقتصادي عمل دبلوماسي دؤوب
يولي وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل اولوية لعمل هذه المديرية التي تحتل المرتبة الثالثة بالاهمية بعد الامانة العامّة ومديرية الشؤون السياسية والقنصلية. هذه الاهمية منحها اياها المشترع بموجب المرسوم رقم 2389 الصادر في 5 كانون الاول 1944 المنظم لوزارة الخارجية، الذي اصبح اساسا لجميع المراسيم ذات الصلة وآخرها المرسوم رقم 1306 الصادر في 18 تموز 1971.
تندرج مهام المديرية ضمن فلسفة “الامن الإقتصادي” وتتشعب صلاحياتها إذ ترتبط فيها معظم القطاعات الإقتصادية في لبنان.
وسط الظروف الاقتصادية المتردية كان لا بد من انعاش هذه الوحدة الدبلوماسية وتنشيطها، وهذا ما ينكبّ عليه باسيل وفريق العمل الذي يتولاه مدير الشؤون الاقتصادية السفير بلال قبلان الذي تسلّم مهامه منذ 5 اشهر مع فريق عمل اداري قوامه 3 (الحاجة الفعلية الى 8) و6 دبلوماسيين.
81 بندا اساسيا تتابعها المديرية لعل ابرزها التعاون مع مؤسسة “ماكينزي” التي ستقدم تقريرها حول الرؤية الاقتصادية للبنان قبل نهاية تموز الحالي بحسب العقد الذي وقعته مع الحكومة اللبنانية، واجتمع ممثلون عنها مع وزير الخارجية والمغتربين ومع مديرية الشؤون الاقتصادية التي ستشارك في وضع الملاحظات على المسودّة الاخيرة.
وتتابع المديرية موضوع التجارة المثلثة بين قبرص واليونان ولبنان وهو مفهوم جديد في الاقتصاد العالمي لتوسيع الاسواق. وتعدّ لزيارة وفد رجال الاعمال اللبنانيين في 25 آب الى ارمينيا. الى مواضيع شتى ابرزها: متابعة مذكرات تفاهم مع جامعات لبنانية، وموضوع تطوير العلاقات الاقتصادية مع الصين، والبنك الاوروبي للاستثمار والتطوير، وتحضر للقمة الاقتصادية العربية. ومن أبرز الملفات التي تتناولها تطوير العلاقات الاقتصادية مع إيران وقد بدأ التواصل مع السفارة الايرانية ضمن نظام العقوبات الدولية بحسب السفير قبلان، الى العمل على خطة لفتح الاسواق اللبنانية من البلدان القريبة الى الابعد وايجاد تكامل اقليمي مع بعض المجموعات، ودور لبنان في اعمار سوريا، وملف تسويق النبيذ اللبناني، ومتابعة دبلوماسية المطبخ اللبناني وتطبيق توصيات مؤتمرات الطاقة الاغترابية والشراكة مع القطاع الخاص، الى متابعة الاوضاع الاقتصادية والاستثمارية في افريقيا.
ومن الملفات ايضا اعداد المديرية لمراجعة لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لان الميزان التجاري لم يكن لصالح لبنان لغاية الآن.
واخيرا تم تعيين 20 ملحقا اقتصاديا سيلتحقون بالبعثات الدبلوماسية في الخارج بعد الخضوع لدورة تدريبية وستكون مهمتهم الرئيسية تسويق المنتجات اللبنانية بتوجيهات المديرية.
هذه الملفات المتشعبة تظهر بوضوح ان مديرية الشؤون الاقتصادية تتابع العديد من المواضيع وتنسق بين وزارة الخارجية ومختلف الوزارات المعنية بالاقتصاد في بيروت. كما تحضّر بعض الدراسات والمشاريع الموجزة لصالح الوزارات الاخرى او لمجلس الوزراء. وهل من صلاحيات متداخلة مع وزارات اخرى؟ يقول مدير الشؤون الاقتصادية السفير بلال قبلان لـ”الامن العام”: صحيح ان ادوارا عدة تتقاطع مع وزارة الإقتصاد، لكن من حق المديرية توجيه الاهتمام لوجود مشاريع تطور العلاقات الاقتصادية”.
من الامثلة ان صلاحية وزارة العمل هي الترخيص للعمالة الأجنبية ولكن الاتفاقيات التي تعقد عبر السفارات في الخارج تكون عبر المديرية.
يروي السفير قبلان ان” ثمة عمال من جنسيات مختلفة يقيمون بشكل غير شرعي في لبنان، ما يخسر الدولة اللبنانية الكثير من الاموال التي قد تجنيها من الاقامات التي يجب ان يدفعها هؤلاء وهي قرابة الالف دولار اميركي في السنة، وهو امر قد نتابعه مع وزارة العمل واذا اضطر الامر عبر السفارات في الخارج”.
يضيف:” هذا الواقع يؤدي الى الهدر والى تشجيع شبكات معينة تتعاطى الفساد ويؤثر على البطالة في لبنان وعلى الجدوى الاقتصادية لان ثمة تحويلات تخرج من لبنان عبر هذه العمالة يحتاج اليها السوق، ومن الضروري معرفة كمياتها وايقاعها وحجمها الاقتصادي والا نكون في صدد تهريب للاموال”.
لا تنتهي مهام مديرية الشؤون الاقتصادية هنا، فهي توفر متابعة بالنسبة الى اتفاقية الشراكة الاوروبية مع وزارة الاقتصاد وبالنسبة الى ملف انتساب لبنان الى منظمة التجارة العالمية وتنسق بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الجامعة العربية حيث سيستضيف لبنان القمّة الإقتصادية العربية في بيروت في كانون الثاني من السنة الجديدة. تعمل على دراسة تقارير وتحاليل تصدر من البعثات اللبنانية في الخارج حول الفرص الاستثمارية وحول فرص التصدير من لبنان، وتنظم العلاقة مع وزارة المالية عبر اتفاقيات مالية بالنسبة للضرائب وللإستثمار.
وتقوم بالتنسيق مع وزارة الأشغال والنقل وتتابع موضوع الصادرات الصناعية مع وزارة الصناعة، وتنقل المديرية لايدال اهتمام اي مستثمر بالخارج بالموضوع المالي، وتتعاون مع وزارة الزراعة في شأن المنظمة الدولية للزيتون، ومع الفاو، ومع الايرفد وسواها من المنظمات وتنسق مع وزارة الصحة بالنسبة للمختبرات وصحة السياح ومع وزارة السياحة.
كذلك تنسق المديرية مع “الامن العام”، عبر التشاور في الإتفاقيات المتعلقة بالسياح والتأشيرات وبالتعاون ايضا مع مديرية الشؤون السياسية.
ويكشف السفير بلال قبلان عن فكرة لا تزال قيد الدراسة مع وزارتي الصناعة والاقتصاد و”الامن العام” وهيئة إدارة قطاع النفط والبترول، لتشكيل وحدة اقتصادية مشتركة لتحليل المعطيات الاقتصادية وانماط السوق والنشاطات الاقتصادية لدول ثانية سواء صديقة او عدوّة وتحديد اين تقع مصلحة لبنان وتنبّه الى المخاطر الاقتصادية التي تواجه لبنان بسبب تداعي الوضع الاقتصادي او بسبب المنافسة الاقتصادية في بلدان معينة وتحدد المخاطر وترفع فيها تقارير لترشيد اي قرار تتخذه وزارة الاقتصاد او مجلس الوزارء.
ويشرح السفير قبلان بأن “الامن العام” مسؤول عن الامن الاقتصادي، وبم ان من صلاحياته الامن الخارجي فبالتالي إن اية تداعيات اقتصادية في الخارج قد يكون لها تأثير على لبنان يشارك في تحليلها الأمن العام”.
وحدة الامن الاقتصادي ستكون مشتركة وقد صدر الطرح من المديرية الاقتصادية لا سيما مع اقتراب انتاج النفط، وثمة حاجة مثلا لتحليل المخاطر الإقتصادية مع دول الجوار، الى مواضيع تتعلق بمنافسة الجاليات اللبنانية في بعض الدول ما يؤثر على المصالح الاقتصادية للبنان، ويمكن ان ترفع التوصيات لوزارة الاقتصاد ولمجلس الوزراء”. بحسب السفير قبلان الذي يشير الى ان الفرقاء لا يزالون في طور وضع الفكرة وسترفع لمجلس الوزراء للبتّ في شأنها.
ويشير الى ان هذه الفكرة طرحت على مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي قال انه يرحب باية فكرة تصب في مصلحة لبنان واقتصاده وتحميه ويتم العمل عليها ضمن الأصول”.
معوقات عدة لا تسهّل عمل المديرية. يشير السفير قبلان الى ان ” بنية الاقتصاد اللبناني والادارة العامة مهترئة والخدمات قديمة وثمة ضرورة لتطوير التشريعات بسبب النقص في القدرة الانتاجية وعدم وجود يد عاملة مدرّبة بشكل كاف وشحّ الموازنة”. يضيف:” في ظل هذه الظروف “بالموجود بدنا نجود”، ثمة عناصر جيدة لديها ارادة العمل لكن الموارد قليلة”.
من اهم المشاكل التي اكتشفها السفير قبلان في غضون 5 اشهر على تسلّمه مديرية الشؤون الاقتصادية تتعلق بالمتابعة مع الوزارات ومشاكل في التنسيق بين الوزارات في بينها. ” في غضون 5 أشهر قمت بجولات على الوزارت من اجل إيجاد إطار تنسيقي والعمل على نظام متابعة مكثف يتخطى البيروقراطية وغياب الإرادة في بعض الأماكن”.ويشير قبلان الى أن ” الوزير جبران باسيل مصرّ على تفعيل العمل وكانت نشاطات منها دبلوماسية تتعلق بتسويق المطبخ اللبناني وعقد ورشة عمل في 28 حزيران الفائت في فندق “الحبتور” صدرت عنها ورقة استراتيجية للتصدير في لبنان “.
ويشير الى أن هدف “المديرية هو ان تكون نقطة التقاء للوزارات كلها وهذا لا يحتاج الى كادر بشري كبير بل الى كادر نشيط ومتابع، وثمة خطة لتطوير المديرية من ناحية التجهيزات”.
تحاول المديرية حاليا ملء الفراغ في ما يتعلق بالبحث عن اسواق خارجية جديدة الى حين وضع رؤية ماكينزي المشتركة. في هذا الوقت اطلقت وزارة الخارجية والمغتربين مبادرات ضمن الامكانات المتاحة بالتعاون مع الوزارات الاخرى. ابرز ما انجز هو تشجيع رجال الاعمال على مواكبة الوزير باسيل في جولاته الخارجية، تقديم منتديات اقتصادية متخصصة لرجال الاعمال انجزت في مؤتمرات الطاقة الاغترابية، توثيق التعاون مع الهيئة الوطنية للنفط، تعيين 20 ملحقا اقتصاديا، توثيق العلاقات مع بعض الوزارات في مواضيع مثل تسويق النبيذ في سويسرا والبرازيل، التحضير لمراجعة اتفاقية الشراكة مع اوروبا واتفاقية التسيير الاقتصادية العربية المشتركة لان دولا عربية عدة لا تلتزم وتفرض الضرائب على لبنان في بعض المنتجات.