“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تحولت الحرب في اليمن الى تجاذب اعلامي ضروس يستخدم المعلومات المتضاربة وكان آخر فصوله المعارك التي يقودها التحالف العربي بقيادة المملة العربية السعودية والحكومة اليمنية للإستيلاء على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون وتتهمهم السعودية بأنهم يستخدمونه لاستقبال اسلحة إيرانية مهرّبة، علما بأن الميناء هو الشريان الحيوي الوحيد الذي يمد اليمن بالمساعدات الإنسانية.
وتتكدس تغريدات وتصريحات السياسيين من دول التحالف العربي مهللة للسيطرة على الميناء في مقابل دحض الحوثيين لذلك مؤكدين بأن الميناء يعمل بشكل طبيعي.
موقع “مصدر دبلوماسي” التقى السيد توفيق الخامري وهو شخصية يمنية معروفة عربيا ودوليا يشغل مناصب عدة أبرزها نائب رئيس المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين وهو من الشخصيات المستقلة غير الحزبية والمرشحة لتولي دور سياسي في مستقبل اليمن وقد ترشح للرئاسة اليمنية عام 2006.
ينتهج الخامري خطابا سياسيا تصالحيا ويدعو جميع الأطياف اليمنية للجلوس حول طاولة حوار تديرها المملكة العربية السعودية مؤكدا أنه لا يمكن حصول حسم عسكري في اليمن، ولو انتهت معركة ميناء الحديدة، داعيا في الوقت عينه ايران الى طمأنة جيرانها الخليجيين والعرب والتعاون معهم حول مصالح مشتركة.
ويشير الخامري لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن الخسائر البشرية في اليمن باتت لا تحصى وهي تزايدت بسبب الأمراض، لافتا الى أن الخسائر في القطاع الخاص اليمني تبلغ قرابة الـ100 مليار دولار أميركي وأن اليمن بحاجة اقله من 70 الى 100 مليار دولار أميركي لإعادة إعماره. ويشير الخامري المعروف عنه صراحته في تسمية الأمور بأسمائها بأن المساعدات التي تأتي لليمنيين من قبل الأمم المتحدة والدول الخليجية شحيحة وثمة فساد كبير في ادارتها من قبل “تجار الحروب” كما يسميهم.
هنا نص الحوار:
* المعلومات متضاربة يوميا في شأن المعارك في ميناء الحديدة، ما حقيقة الوضع؟
-أعتقد أن حقيقة الوضع تحتاج الى وقت طويل لمعرفتها لأن الحديدة مدينة كبيرة ومأهولة بعدد كبير جدا من السكان المدنيين. أودّ التذكير بأن المآسي في اليمن موجودة اينما كان وهي في تعز مثلا أكثر من الحديدة، وبالتالي فإن العملية تستهدف تدمير شعوب المنطقة وهذا لا يجوز. أنا لا اعرف من يستفيد من تجريب بعض الأسلحة على المدنيين. هذه الحرب المستمرة تديرها دول التحالف ومعها بعض اليمنيين، كنت أتمنى أن تدير هذه الدول السلام عوض إدارة المعارك، ولكن أعتقد أنه في نهاية هذه الحروب التي تؤدي الى مقتل الأبرياء لن تكون النهاية إلا في الجلوس حول طاولة الحوار، علينا الإتجاه صوب الحوار كي لا تستمر هذه الحرب لأعوام طويلة.
*مرت ثلاثة أعوام على اندلاع الحرب اليمنية، هل تتوقع انتهاءها بحسم عسكري يسجله أحد الطرفين؟
-أعتقد أن ما يحصل في اليمن هو جزء من الصراع الاقليمي ومن حرب بالوكالة يدفع ثمنها الشعب اليمني مزيدا من الفقر والبؤس، وعوض مساعدة الشعب اليمني على التنمية وايجاد فرص عمل، بات هذا الشعب يحارب في المنطقة وتحجب عنه فرص العمل. علما بأن اليمنيين أسهموا في التنمية في دول الخليج برمّتها.
بالنسبة الينا كيمنيين، نعتبر دول الخليج دولا شقيقة وهي امتداد لنا، وكان يفترض بهذه الدول الخليجية وتحديدا المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي أن يجمعوا اليمنيين على طاولة واحدة والمملكة هي الطرف الوحيد القادر على القيام بذلك من أجل إرساء حوار يصب في مصلحة مستقبل اليمن.
لكن ما يحدث اليوم -بحسب التسريبات التي نسمعها- أن المطلوب هو تدمير اليمن واليمنيين لأن هذا البلد، لديه إرادة وحضارة وتاريخ وشعب قوي، هم يريدون تمزيق أي بلد مثل اليمن. أتمنى أن يكون هؤلاء الذين يتداولون بهذه المعلومات ليسوا على حق. نحن نتمنى من الأميركيين والأوروبيين والخليجيين منح فرصة للعملية السلمية وجمع جميع الأطراف على طاولة واحدة وتحصل انتخابات، وفي اليمن احزاب وشخصيات وتنوع، ومن المحزن أن تصبح الحروب والقتل هي اللغة السائدة بين شعوب منطقتنا العربية وبحسب الدين والمذهبية. نحن ننصح الى عودة اليمنيين الى الحوار وايجاد حل لهذه الحرب الدامية التي دمرت اليمن واليمنيين وحتى المنطقة، لأن هذه النار المشتعلة ستمتد الى المنطقة برمّتها إذا لم يتم تداركها، وأتمنى من السعودية ودول التحالف إيجاد حلول بين اليمنيين جميعهم لأنني أعتقد أنه في النهاية لن يحصل اي انتصار عسكري حاسم في اليمن.
*هنالك مأخذ من الدول الخليجية بأن اليمنيين الحوثيين تحركهم ايران ما هي المسؤولية الايرانية في هذا المضمار؟
-من المفترض أن يتعامل الإيرانيون اليوم بمصداقية مع دول الخليج والمنطقة وأن يعمدوا الى طمأنتها، وعوض تصدير الحرب يمكن تصدير السلام، واتمنى ان تعمد ايران ودول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية الى الخوص في الكلام عن المصالح عوض التكلم عن الدمار والقتل. لا يجوز ان تكون المناطق التي تطحنها الحروب عربية واسلامية، وفي النهاية إن إيران دولة موجودة في المنطقة وعليها أن تطمئن جيرانها والتحدث بالمصالح المشتركة. أنا أحزن لما يحصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، هذا التمزّق غير مقبول والقادم لا يزال مجهولا.
*هناك قراءات تشير الى أن اليمن سيكون موضوع مقايضة بين السعودية وايران لصالح بقاء النفوذ الإيراني في سوريا، كيف ترى الى ذلك؟
-إن حديث المصالح والنفوذ هذا متداول باستمرار، ولكن نحن نتمنى ان تكون المصالح والنفوذ في المجال الإقتصادي وليست عسكرية تقود الى تدمير. ما هي مصلحة بعض الدول في تدمير العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ من المفترض الإسهام في التنمية والقيم بمشاريع للبناء وليس للهدم كخطة مارشال مثلا، لماذا لا تتم تنمية اليمن وتنشأ فيه مشاريع استراتيجية عوض البؤس والفقر. إن دولنا هي أحق بالمليارات التي تذهب الى أوروبا وأميركا، علما أنه من مصلحة الدول الكبرى بيع استراتيجيات واسلحة ويهمها افلاس المنطقة برمتها.