“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
أوضح اللقاء الذي جمع في جنيف أمس وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي نقاطا كثيرة مبهمة بين الطرفين وساده مناخ إيجابي، بالرغم من أنه لم يخل في بداياته من شدّ حبال بين الطرفين وخصوصا وان غراندي ذي خبرة سياسية واسعة ويدرك الإرتباط السياسي العميق لوضع اللاجئين بالحل النهائي في سوريا واهمية هذه الورقة للمجتمع الدولي، في مقابل الوزير باسيل الذي تميز بقدرة دبلوماسية فائقة وتسلّح بجدلية منطقية ومتسلسلة تستند الى ملفّ متكامل وبصلابة لا تتزحزح في الملفات الوطنية الشائكة.
وفي معلومات خاصة بموقع “مصدر دبلوماسي” فإن اللقاء شكّل خطوة متقدّمة الى الأمام في العلاقة بين لبنان والمفوضية، وأزال التباسات عدّة بدا واضحا أن مكتب المفوضية في لبنان كان أحد أسبابها نظرا الى أدائه المحلي، والأهم أنه أوجد نقطة تقاطع مشتركة بين الطرفين تمثلت في تبنّي غراندي لفكرة باسيل بضرورة التدقيق والمراجعة للفئات الثلاثة للنازحين الموجودين في لبنان والتي قدّمها باسيل في الملف الذي أعده مع عدد من السفراء المتخصصين من دوائر مختلفة أبرزها مديرية الشؤون السياسية والقنصلية التي يرأسها السفير هادي الخوري ومديرية الشؤون الاقتصادية برئاسة السفير بلال قبلان ومديرية المراسم التي ترأسها السفيرة نجلا رياشي عساكر.
فئات النازحين الثلاثة التي سيتم “فلترتها” هي الآتية:
الاولى هي النازحون السوريون الاقتصاديون الذي يذهبون باستمرار الى سوريا ويستفيدون من بطاقات النزوح التي توفر لهم مساعدات ليس من المفترض ان يحصلوا عليها، واعرب المفوض السامي عن موافقته على هذه النقطة ورأى انه يجب نزع البطاقات منهم، وتم الإتفاق على متابعة هذه المسألة المطروحة منذ عام 2015.
اما الفئة الثانية فهم السوريون الذين يودون العودة وكل ظروف عودتهم مؤمنة بما فيها منزلهم وارضهم والموافقة من السلطات السورية، كذلك وعد غراندي بمعالجة هذه النقطة.
والفئة الثالثة هي السوريون الراغبون بالعودة لكنهم خسروا منازلهم، فسأل الجانب اللبناني لم لا يشملهم برنامج مساعدات المفوضية في داخل سوريا مطالبا الا يهدد الراغب بالعودة من هذه الفئة بقطع المساعدة عنه.
وبدا غراندي متفهّما للموقف اللبناني الذي عبّر عنه وزير الخارجية ، وطلب بشكل مباشر ألا يعمد باسيل الى اتخاذ المزيد من الخطوات التصعيدية الى حين اتخاذ المفوضية في جنيف الخطوات الآيلة الى تصويب الأمور. وفي بداية الحوار حاول غراندي التلميح الى عدم فائدة الإصطدام مع الأمم المتحدة، مشيرا الى وجود مانحين للبنان. وقد دحض باسيل هذه الفكرة موضحا لغراندي أن لا منح مجانية يتم تقديمها للبنان في ملف النازحين بل قروض، أما الحديث عن مؤتمر “سيدر” فهذا أقل واجب المجتمع الدولي الذي يتحمّل لبنان عبئا كبيرا عنه منذ 7 أعوام بسبب أزمة النزوح في حين رفضت معظم الدول تلقف كرة النار هذه.
وشرح غراندي لباسيل أن المفوضية من ضمن مهامها الرئيسية حماية النازح ولا يمكنها أن تعمد الى طرد النازحين. فأوضح الوزير باسيل من جهته أن لا أحد في لبنان يريد طرد النازحين، بل المطلوب الوضوح في مقاربة هذا الملف، وعدم منع النازحين الذين يرغبون بالعودة وإخافتهم إذا كانت مناطقهم آمنة.
ووافق غراندي على هذا الأمر مشيرا الى أهمية ما طرحه باسيل لناحية التفريق بين 3 فئات من النازحين، وهنا بدأ التفاهم يتسع بين الطرفين. وأشار باسيل الى أن المفوضية في لبنان رفضت تزويد الوزارة وبالتالي البلد المضيف بأية “داتا” محدثة، وفي كل مرة يتم طلب الإحصاءات عن الأعداد ووجهة المساعدات تقدّم داتا تعود الى عام 2015.
وأحال الوزير باسيل غراندي الى ما سبق وكتبه موقع المفوضية في بيروت عن ان ابرز أولويات سنة 2018 هو منع العودة المبكرة، (تم تغيير العبارة بعد كشفها من قبل موقع “مصدر دبلوماسي” واستبدلت بعدم جواز العودة القسرية)، فتعجب غراندي وسأل أحد مساعديه عن الأمر فأشار بأن المفوضية في جنيف تعطي التوجيهات العامة لكنها ليست معنية بكيفية تظهيرها في البلد المضيف وان الأمر هو من مسؤولية مكتب المفوضية في بيروت.
ووعد غراندي بإرسال وفد من المفوضية في جنيف الى بيروت لإعادة تقييم الأوضاع وصولا الى تصويب الأمور وذلك في غضون أسبوعين.
جيرار تتخطى دورها
ولمّا ألمح غراندي الى تضامن السفراء الغربيين مع ممثلة المفوضية في لبنان ميراي جيرار تمّ إعلامه بأن جيرار هي التي اتصلت بالسفراء داعية إياهم الى مكتب المفوضية للتضامن معها، ما يشير الى أن جيرار تحاول لعب دور أكبر من الدور المناط بها. فاستمع غراندي بتعجب الى هذا الأمر.
في تقييم دبلوماسي للقاء أنه كان إيجابيا، وأن غراندي دبلوماسي يتمتع بذكاء وخبرة ويعرف كيفية كسب الوقت وخصوصا وأن الحل السياسي النهائي لم يلح في سوريا بشكل واضح، لكنّه في الوقت عينه تفّهم وجهة نظر لبنان ووعد بتعديل طريقة الأداء للمفوضية في هذا الملف الشائك وأظهر نوايا جيدة بالتعاون.