“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تصوير: عبّاس سلمان
تعتبر روسيا أنها حققت انجازات عدة في سوريا مع علمها بأن ثمة الكثير لإنجازه بعد لا سيما في ما يخص محاربة الإرهاب. وبعد إعادة تنصيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا للمرة الرابعة ولفترة جديدة تمتد 6 أعوام، لا تزال روسيا تتمسك بخريطة الطريق ذاتها في سوريا بحسب سفيرها في بيروت ألكسندر زاسبيكين الذي يلخص الأجندة الروسية المقبلة في حوار خاص بموقع “مصدر دبلوماسي” “بالقضاء على الإرهاب وتطبيع الأوضاع في سوريا والتقدم نحو التسوية السياسية”. ويؤكد السفير زاسبيكين على الإعتماد على مسار آستانة، واصفا اللقاء الذي جرى في 17 الجاري بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد بأنه “يكتسي أهمية استراتيجية لأنه يتوّج جهود المرحلة السابقة ويضع خطة للمرحلة القادمة ويؤكد على صحة النهج الذي تمّ وذاك الذي سيبدأ”. ويؤكد زاسبيكين على “ضرورة الإنتقال الى طلب انسحاب القوى غير الشرعية الموجودة في سوريا وبدرجة أولى القوات الأميركية”.
من هذه النقطة نبدأ الحوار مع السفير زاسبيكين، وهل يشمل هذا الكلام الخبراء والمقاتلين الإيرانيين الموجودين في سوريا؟ وذلك في ضوء تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تحدث فيه أخيرا عن الحاجة الى انسحاب القوات الأجنبية من سوريا وفسّره مبعوثه الى سوريا ألكسندر لافرنتيف بأنه يعني ” كل المجموعات العسكرية الأجنبية الموجودة على أراضي سوريا بما فيها الأميركيون والأتراك و”حزب الله” والإيرانيون”؟.
هذا الكلام الروسي استدعى ردّا إيرانيا ضمنيا على روسيا أمس، إذ نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء “إرنا” عن الناطق بإسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي قوله:” وجودنا في سوريا هو بناء على طلب حكومة ذلك البلد، وهدفنا هو محاربة الإرهاب”. واضاف أن طهران ستواصل مساعداتها لسوريا ما دام خطر الإرهاب قائما وما دامت حكومة ذلك البلد تريد من إيران مواصلة مساعداتها”.
يذكر أن قاسمي سئل في لقائه الصحافي الأسبوعي عمّا نقل عن مسؤولين روس في شأن انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، فأجاب:” لا يمكن لأحد أن يجبر إيران على القيام بذلك، لأن لدينا سياسات مستقلة خاصة بنا”. ورأى أن” من عليه مغادرة سوريا هم أولئك الذين دخلوها من دون إذن حكومتها”.
يرفض السفير الروسي في لبنان الدخول في على خطّ هذا الجدل القائم بين المبعوث الرئاسي الروسي وبين الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية. مكتفيا بالقول لموقع “مصدر دبلوماسي”: “كتحليل شخصي أرى بأن تصريحات المسؤولين الروس تعني القوات غير الشرعية الموجودة في سوريا، أما القوات الموجودة بطريقة شرعية فتتطلب تسوية بينها وبين السلطات الرسمية السورية”.
*هل يعني ذلك بأن القوات الموجودة بطلب من الحكومة السورية هي ذي وضع مختلف؟
يقول السفير زاسبيكين:” لكلّ حادث حديث، فإذا كانوا موجودين على أساس شرعي بالإتفاق مع السوريين فمستقبلهم يحدّد بالإتفاق مع السلطات السورية”.
*حققت سوريا تقدما في سوريا وثمة طلب بخروج القوات الأميركية، ماذا عن مسارات آستانة وسوتشي وجنيف؟
-يبدو بأن تشكيل لجنة دستورية مرتبط بمسار جنيف وهي بإشراف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وأنا أظن بأنه لا مجال إلا لاعتماد مسار جنيف حتى لو كان بطيئا إلا أنه في هذا المسار تم تحقيق أشياء مهمة سياسية ووضع بعض المبادئ. الأمر الآخر، يجب تحصين ورفع نوعية مسار جنيف وتجنيبه الشروط التعجيزية والحوار بعد النجاحات الميدانية، والحوار يجب أن يكون بالتعاون والتفاوض وليس وكأن المعارضة تطلب شيئا من النظام، بل الأفضل حصول تفاعل لإيجاد القواسم المشتركة للمجتمع السوري ككل، من هنا أهمية مسار سوتشي وضرورة تطوير هذه التجربة للمرحلة القادمة.
* تتحدث في الآونة الأخيرة عن مرحلة صعبة من العلاقات الدولية مع أميركا كيف سينعكس ذلك على المسار السوري والملفات في الشرق الأوسط؟
-الخطة الروسية هي نفسها، فمن حيث المبدأ نرى أن الحلول لكافة النزاعات في المنطقة سواء في ليبيا أو سوريا أو اليمن، يجب أن تقوم على اساس الحوار الوطني، ونحن تقدّمنا كثيرا الى الأمام في سوريا على أساس أن نشتغل بمسارات عدة ومتنوعة لكن المبدأ هو نفسه، كذلك يهمنا إيجاد التوافق في المجتمع وعدم فرض الحلول من الخارج على الشعب السوري، وهذه هي الخطة لسوريا للمرحلة القادمة، من هنا ضرورة إنسحاب القوات غير الشرعية من أراضي سوريا وإعادة السيادة إليها والعمل على نوعية الحوار ليكون بناء وليس تصادميا بل مثمرا لأن الحوار يؤدي الى الى أية تعديلات دستورية في حال كانت مطلوبة بحسب الشعب والخبراء.
*بالرغم من الإقتراب من الحل السياسي الذي كانت روسيا تعمل عليه في سوريا ثمة محاولات لتغيير الوقائع عبر الضربات الصاروخية المتتالية الأميركية والإسرائيلية والتي قيل أنها استهدفت أهدافا إيرانية في سوريا، كيف تقرأ روسيا هذه التطورات؟
-هنالك أطراف تريد تعطيل التقدم نحو التسوية وعرقلتها، ويأتي الأميركيون بالدرجة الأولى. أشير الى الدسائس الأميركية-الإنكليزية بمشاركة الآخرين في موضوع العودة الدائمة وفي موضوع الاسلحة الكيميائية وسوء استخدامه. باتت طبيعة هذه الدسائس معروفة. هؤلاء يتهمون السلطات الرسمية السورية فورا باستخدام السلاح الكيميائي من دون أية أدلّة ويلجأون الى ذلك عند الضرورة ونحن نقف بحزم في وجه هذه المحاولات، كذلك وسّعوا هذا الأسلوب وحاولوا توريط روسيا عبر فبركة موضوع تسميم الجاسوس سكريبال في إنكلترا ويبدو أنهم سيواصلون هذه المحاولات، وبالتالي يجب أن أن نكون حذرين، في وجه هذه المحاولات في المرحلة القادمة.
بالنسبة الى الضربات، فهذا شيء يختلف ولكل حادث حديث. وأريد القول أن المواجهة بين محور المقاومة وإسرائيل كانت موجودة قبل اندلاع الأزمة السورية، وهي تستمر ونحن نرى أنه من الحق السياسي لسوريا أن تدافع عن نفسها في هذه المواجهة. إن المشاركة الروسية في سوريا هي ضد الإرهاب وليست في موضوع النزاع العربي الإسرائيلي وبالتالي لا شيء جديدا في هذا الموضوع.
*ماذا عن الغاء الأميركيين للإتفاق النووي مع إيران؟ هل يؤثر على موضوع السلام في سوريا؟
-إن الأميركيين هم من ابتدعوا هذه المشكلة، وقد كان كلّ شيء على ما يرام، هذا الإتفاق هو إنجاز للمجتمع الدولي، وكان كل شيء على ما يرام وإيران تطبقه بشكل واضح. لكن الأميركيين ابتدعوا هذه المشكلة لأهدافهم الخاصة وصعدوا الأوضاع ما يشكل إساءة لكل المواضيع المرتبطة بهذا الملف من موضوع عدم انتشار الأسلحة النووية الى مواضيع أخرى. والشروط الأميركية الأخيرة الـ12 تعجيزية وليس واردا الإجابة عنها، ونحن نريد أن تكون المعاهدة مطبقة مثلما هي وهي مصدقة من قبل مجلس الأمن الدولي.
*هنالك تصعيد أميركي شامل من مع روسيا وإيران وفي فلسطين المحتلة حيث تم افتتاح السفارة الأميركية في القدس الشرقية، ما هو موقف موسكو؟
-أنا لا أعثر على أسباب هذا النهج التوسعي العدواني، ولكن يبدو بأن الأميركيين يشعرون بأن لديهم مشاكل لذا يريدون إيجاد مخرج منها، والجدير فعله هو التعاون وليس الهروب الى الأمام عبر خلق المشاكل من الكوريتين الى إيران الى فلسطين الى سوريا وصولا الى الضغوط على الأوروبيين بموضع الغاز… الى مواضيع عدة أخرى، لكن حساباتهم ليست مدروسة بشكل جيد لأن العالم لم يعد يقبل قطبا واحدا. حتى لو كان البعض يريد إيجاد مكان له لكن الأمر غير جيد لغالبية الدول، حتى حلفاءهم ليسوا مرتاحين، لذا على هؤلاء ممارسة نهج هادئ ومدروس بدون تقلبات يرتكز على أساس النفع المتبادل من الجميع. والأجدى العودة الى عملية السلام العربية الإسرائيلية وليس اختراع تصعيد جديد مع التركيز على إيران وكأنهم يريدون تمديد حالة الغليان حول موضوع الإرهاب التكفيري الى حالة غليان حول التناقضات بين محور المقاومة وبين الدول الأخرى.
*ماذا عن العقوبات الجديدة الأميركية-الخليجية الجديدة ضد “حزب الله”؟
-تندرج هذه العقوبات ضد “حزب الله” من الخليج والأميركيين في هذا السياق.