“مصدر دبلوماسي”:
بمناسبة يوم أوروبا في 9 أيار، أقامت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن حفل استقبال في “متحف سرسق” التاريخي. ومثّل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ومثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب عاطف مجدلاني، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل السفيرة نجلا عساكر.
حضر الحفل رسميون وشخصيات دبلوماسية وسياسية وعسكرية وأمنية ودينية واقتصادية واجتماعية وإعلامية ومن المجتمع المدني.
وكانت كلمة للسفيرة لاسن هنا نصها:
مساء الخير وأهلاً وسهلاً بكم.
يشرفني أنا وفريق بعثة الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن أرحب بكم جميعاً للاحتفال بيوم أوروبا معنا هذا المساء.
دعوني أبدأ بالترحيب بممثل مميز جداً لفخامة رئيس الجمهورية دولة الرئيس سعد الحريري. كما أرحّب بممثل دولة رئيس مجلس النواب سعادة النائب عاطف مجدلاني، وممثلة معالي وزير الخارجية السفيرة نجلا عساكر، وجميع الوزراء والنواب والرسميين الحاضرين معنا.
اليوم مناسبة خاصة بالنسبة إلينا. ففي التاسع من أيار من كل عام، نحيي ذكرى توقيع إعلان شومان في عام 1950 والذي أطلق عملية التكامل الأوروبي وأوجد الاتحاد الأوروبي الذي نعرفه اليوم. إنه يوم نفكر فيه بما حققناه خلال نحو 70 عاماً في واحد من أهم مشروعات السلام في التاريخ. وتظهر أحداث الأمس أنه في عالم اليوم، بات الاتحاد الأوروبي ضرورياً أكثر من أي وقت مضى كقوة للسلام والاستقرار في العالم.
إنّ هذا الأسبوع أيضاً مميز جداً بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي في لبنان لأننا شهدنا على أول انتخابات نيابية منذ عام 2009.
لقد دعا الاتحاد الأوروبي لسنوات وبإصرار إلى إجراء الانتخابات حتى يتمكن المواطنون اللبنانيون من ممارسة حقوقهم الديمقراطية. وقد حدث هذا الأمر على أساس قانون انتخابي جديد. وأخيراً!
قبل عام من اليوم، عندما التقينا هنا للمرة الأخيرة، كانت قلة قليلة ترى أن هذا الأمر سيكون ممكناً.
يسعدنا أن تكون الحكومة قد طلبت مرة جديدة من الاتحاد الأوروبي نشر بعثة مستقلة لمراقبة الانتخابات. وقد أصدرت البعثة أمس تقريرها الأولي، ورغم بعض الملاحظات والدروس المستقاة، فقد لاحظت البعثة أن الانتخابات قد أُجريت بشكل جيد وفي أجواء سلمية عموماً.
من جهتي، كنت آمل لو أن هذه الانتخابات قد سمحت بوصول المزيد من النساء إلى مجلس النواب. فهذا أمر نؤّيده بشدة نحن في الاتحاد الأوروبي منذ وقت طويل. وسيستمر الاتحاد الأوروبي بتشجيع النساء على الترشّح والاقتراع وعلى أن يكنّ ناشطات في السياسة، ونأمل خلال الانتخابات المقبلة في أن تحقق النساء خرقاً.
من خلال إجراء الانتخابات وسط الاضطرابات الإقليمية، أظهر لبنان مجدداً قدرة ملفتة على التكيّف.
بالإضافة إلى الانتخابات، ساهمت المؤتمرات الدولية التي انعقدت في الشهرين الماضيين والتي ركزت على لبنان في جوانب مختلفة من استقرار هذا البلد الذي نعتز به جميعاً.
قبل شهرين، اجتمعت الأسرة الدولية في روما في إشارة قوية إلى دعم المؤسسات الأمنية الشرعية اللبنانية.
وفي الشهر الماضي في باريس، أيّد المجتمع الدولي الرؤية الاقتصادية للحكومة وتعهد بدعم خطتها الاستثمارية الرأسمالية الطموحة، مع التشديد على الحاجة إلى إصلاحات هيكلية وقطاعية من أجل نجاح تلك الخطة.
وقبل أسبوعين فقط، في بروكسل، اجتمع 80 وفداً من جميع أنحاء العالم لدعم البلدان الأكثر تضرراً من الأزمة السورية – ولاسيما لبنان – لتقديم دعمهم السياسي والمالي لأولئك الذين يتحملون عبء استضافة اللاجئين السوريين إلى حين تمكّنهم من العودة إلى بلدهم.
ليس من قبيل المصادفة أن العواصم الثلاثة التي ذكرتها للتو هي أوروبية – الأخيرة هي عاصمة الاتحاد الأوروبي! و ليس من قبيل المصادفة أيضاً أنه في المؤتمرات الثلاثة، جاء الدعم الأكبر من أوروبا والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء.
يظهر كل هذا أن أوروبا تلتزم بدعم استقرار لبنان وأمنه وتنميته الاقتصادية. والأهم أن كل هذا يظهر أن أوروبا هي أفضل صديق للبنان. والسبب لا يعود إلى كوننا نحب هذا البلد حصراً لجماله وشعبه، بل لأن لبنان شريك أساسي لنا ولأنه الجار القريب لأوروبا.
لقد بات لبنان رمز التعايش والتسامح ليس فقط في هذه المنطقة، بل في العالم كله. فهو بلد يصنع – رغم كل شيء – وعلى حد تعبير دولة الرئيس الحريري خيراً عاماً عالمياً لسائر أنحاء العالم باستضافة 1.5 مليون لاجئ.
إنه بلد تتشاطر معه أوروبا قيماً أساسية وكذلك بعض التحديات الأساسية كالإرهاب والهجرة والحاجة للنمو الاقتصادي.
يساهم كل هذا في شرح دوافع الاتحاد الأوروبي للعمل مع لبنان ودعمه بأفضل ما يمكن وكذلك للتعلم منكم. لذلك فإن هدفنا هو مساعدة لبنان وجعل هذا البلد يستمر كرسالة!
نسمع غالباً نقداً يطاول الخدمات والمؤسسات التي لا تعمل بشكلٍ كافٍ في هذا البلد. فمن التلوث البيئي إلى انقطاع الكهرباء والفساد والحوكمة السيئة، كلها مسائل سلّط المرشحون الضوء عليها خلال الانتخابات.
آمل في أن تُتاح للمجلس النيابي الجديد وللحكومة العتيدة الفرصة للاستفادة من الزخم الإيجابي الذي أوجدته مؤتمرات الدعم والانتخابات لإجراء الإصلاحات الضرورية والاقتراب أكثر من لبنان الذي تتحدثون عنه وتحلمون به جميعاً. الفرصة سانحة لكم الآن للتغيير. ونحن نرغب في دعم لبنان حتى النهاية لأن أوروبا هي كما قلت أفضل صديق للبنان.
يعمل الاتحاد الأوروبي مع لبنان في كل القطاعات تقريباً. ولكن الشيء الوحيد الذي يجمعها كلها هو تراثنا الثقافي والتاريخي المشترك والروابط البشرية. فالصلات بين الأشخاص هي ما يجعلنا أقوياء حقاً.
لذلك فإن أحد برامج الاتحاد الأوروبي التي نفخر بها هو برنامج إيراسموس + لتبادل الطلاب. لقد ساعد إيراسموس + الطلاب من الجامعات اللبنانية في السفر إلى أوروبا للدراسة والعيش في مدينة من اختيارهم. ويعودون جميعهم إلى لبنان بقلوبهم وعقولهم المليئة بذكريات وخبرات لا تنسى. وندرك أنهم يعودون كسفراء مذهلين لأوروبا.
لقد استضفت أخيراً بعض هؤلاء الشباب، ويمكنني أن أقول لكم إنها كانت تجربة مؤثرة للغاية. سواء كانوا في فنلندا أو فرنسا أو بولندا أو البرتغال، كانوا مقتنعين بأن بلدهم المختار هو الأفضل في العالم. وقبل أن أنهي كلمتي، أدعوكم لتستمعوا إلى بعض الشهادات التي تعكس حماستهم.
هذا ما يجعلك فخوراً وسعيداً بأن تكون أوروبياً. والأكثر فخراً وسعادةً هو أن تمثل أوروبا في هذا البلد الرائع، في لبنان.
عاش لبنان! وعاش الاتحاد الأوروبي!
شكراً على حضوركم هذا المساء وأتمنى لكم أمسية رائعة.