“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
…وصار للقديس فرنسيس الأسيزي شارع في مدينة طرابلس في شمالي لبنان وتحديدا في الميناء.
حدث تسليم مدينة طرابلس مفاتيحها وتخصيص شارع بإسم قديس هو أول من نادى بالحوار بين الأديان لم يستوقف الإعلام اللبناني بشكل مماثل لما استوقفه تخصيص شارع في “الزيتونة باي” بإسم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ولم يثر فضول الصحافة اللبنانية كما أثاره تسليم رئيس اتحاد بلديات كسروان وجبيل مفتاح القضاء لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله ممثلا بالمرشح عن المقعد الشيعي الشيخ حسين زعيتر.
ولعلّ هذا الأمر أعجب القديس فرنسيس، قديس الفقراء، المجبول بالشقاء والذي ولد في اصطبل واختار ترك كلّ الدنيويات لخدمة الله ممثلا بالفقراء.
ولمن لا يعرف من هو “فرنسيس” فهو القديس الإيطالي الذي بنى جسور الحوار بين الأديان في الشرق الأوسط. التقى عام 1229 السلطان مالك الكامل في دمياط في مصر، معلنا “طريقة جديدة للعيش سويا ترتكز على الحوار والتسامح والسلام على خطى يسوع المسيح”، بحسب الأخ كيريكو كاليكا رئيس دير القديس فرنسيس والمحرّك الأول لهذه المبادرة. ويقول الأخ كاليكا:” إن مقاربة القديس فرنسيس هو كل ما نحتاجه اليوم لوضع حدّ للصراعات المحلية والإقليمية، وفي هذا الإطار فإن لمدينة طرابلس القدرة لتصبح نموذجا للحوار بين الأديان في الشرق الأوسط برمته”.
يتزامن افتتاح “شارع القديس فرنسيس” مع الإحتفالات العالمية بمرور 800 عام على وجود الرهبانية الفرنسيسكانية في الشرق الأوسط، وهي جمعت في حنايا المدينة فاعليات عسكرية ومدنية ودينية من لبنان والفاتيكان وإيطاليا.
وكانت كلمة مميزة لمفتي طرابلس وشمال لبنان الدكتور مالك الشعار، الذي شدد على الطابع التاريخي لمدينة طرابلس “كمكان التقاء بين المسيحيين والمسلمين”. واشار الشيخ الشعار الى أن “العلاقات الأخوية بين المسيحيين والمسلمين متجذرة في القرآن الكريم وفي تعاليم النبي محمد”.
وقال المفتي بأنه “حين بدأ عصر الإسلام في الشرق الأوسط كان المسيحيون قادرين على بناء الكنائس وعلى ممارسة إيمانهم من دون اية قيود” (…). وحذر المفتي الشعار من وجود “نقص في المعرفة الدينية، وهذا النقص يحوّل الإختلافات بين الأديان الى حقد وخصوصا بين الشباب”. ولفت الى أن “المسيحيين لديهم كامل الحقوق المدنية والسياسية بغض النظر إن كانوا أكثرية أو أقلية”. ولفت المفتي الشعار الى أن “شارع القديس فرنسيس في طرابلس يقرّب بين المسيحيين والمسلمين، ويمتّن شراكتهم ويحثّ رؤساء الطوائف أن يتحملوا مسؤولياتهم وأن يطفئوا الصراعات ويخططوا للسلام”.
تجدر الإشارة الى أن افتتاح شارع القديس فرنسيس يحصل في وقت تصدر فيه إشارات إيجابية في الشرق الأوسط حول دور الأديان. وأخيرا تمّ توقيع اتفاقية في السعودية بين الرابطة الإسلامية العالمية والمجلس الحبري للحوار بين الأديان لمزيد من التعاون بين المسلمين والمسيحيين وخصوصا في مجالي التربية ونزع التطرف.
“يبدو بأن مرحلة جديدة هي في طور البدء” كما يقول إيميليانو ستورنيللي رئيس “مجلس الأمن والأديان” لموقع “مصدر دبلوماسي” بعد انتهاء الإحتفالات في طرابلس.
” إن مستوى التطرف بلغ ذروته مع انبثاق تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، لكنه تراجع اليوم، مفسحا المزيد من المساحة للإعتدال ولكل ممثلي الأديان المعتدلين”. ولفت ستورنيللي الى ” تبدّل المحيط في طريقة تجعل العامل الديني يلعب دورا بنّاء في مواجهة التطرف ويلاقي الطلبات الكثيرة لشروط العيش بسلام وأمان، وهذا ينطبق على طرابلس ولبنان وينسحب على المنطقة بشكل واسع” بحسب قوله.