“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
قّلما كان مرشّح للإنتخابات النيابية نجما وهو آت من العمل في الظل لأعوام طويلة بلا كاميرات، لكنّ الشيخ حسين زعيتر وبشهادة النائب السابق وغريم “حزب الله” الدكتور فارس سعيد هو “نجم” المعركة الإنتخابية القادمة بعد أيام في دائرة كسروان جبيل.
لا أحد كان يعرف أن إبن القصر في قضاء الهرمل يتحدّر من أصول جبيلية من بلدة أفقا حيث لا تزال عائلته تسكن لغاية اليوم، ولم يكن أحد يدري بأن الشيخ الوقور تسلّم مسؤوليات منطقة جبل لبنان والشمال في “حزب الله” ولا يزال منذ عام 2004 وهو يعرف هذه الدوائر بيتا بيتا، ويقيم صلات مع فاعلياتها منذ أعوام طويلة.
ولعلّ المفارقة التي تحدث اليوم هي أن الشيخ زعيتر الذي كان أحد البناة الأساسيين للعلاقة مع “التيار الوطني الحر” وساعده وهو الخبير الإنتخابي للفوز في انتخابات 2009 يخوض اليوم معركة مستقلة عن لائحة “التيار الوطني الحر” بعد أن آثر رئيس التيار جبران باسيل تشريح شيعي آخر.
أما المفارقة الأشد وطأة هو أن منافسيه في لائحة “التيار الوطني الحر” يضعونه في عين المجهر مهاجمينه مع حزبه بالأساليب كلها، متناسين منافسيهم في اللوائح الأخرى وكأن ثمة كلمة سرّ مع هؤلاء، والمعطيات الموجودة لدى الشيخ زعيتر في هذا الإطار كثيرة ودامغة.
يسكن الشيخ زعيتر في ضاحية بيروت الجنوبية ويعتبر أحد القياديين البارزين في “حزب الله” وهو صديق مقرب جدّا من أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله. الشيخ جليل بوقاره، لكنّه مبتسم دوما، معتاد على التواصل مع الإعلام ويحاور بسلاسة وثقة وجرأة، منفتح صاحب خطاب وطني جامع، يرتبط بعلاقات صداقة مع الكثير من الشخصيات المارونية أبرزها البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومع شخصيات جبيلية مثل رئيس “لائحة التضامن الوطني” الذي يخوض معه الإنتخابات الوزير السابق جان-لوي قرداحي، ومع رئيس اتحاد بلديات كسروان جبيل ورئيس بلدية جونيه جوان حبيش.
وبعد استدعاء وزارة الداخلية لحبيش أمس على خلفية تقديمه مفتاح كسروان الى الشيخ زعيتر ليقدمه بدوره الى السيد نصر الله إثر اللغط الذي أحدثته بعض أحزاب المنطقة المناوئة لـ”حزب الله”، وذلك لسؤاله عن ظروف تقديم المجسّم المفتاح يعلّق الشيخ زعيتر لموقع “مصدر دبلوماسي” قائلا: ” هذا استدعاء تعسّفي، الشيخ جوان لم يعتد على أحدـ فبأي حق يتم استدعاؤه؟ وتحت أي عنوان في الدستور أو القانون يتم استدعاء رئيس اتحاد بلديات؟ ويضيف الشيخ زعيتر:” هنا أود التذكير بأن الشهيد رفيق الحريري قدّم مفتاح العاصمة بيروت لغازي كنعان، فلم لم يتم استدعاؤه آنذاك؟ وأشير الى أن السيد نصر الله هو قامة لبنانية كما هو غبطة البطريرك الراعي الذي تسلّم عام 2011 مفتاح مدينة صور عربون احترام ومودّة، هؤلاء قامات وطنية لها احترامها”.
ويحرص على التأكيد:” إن ما حدث من جدل أخيرا في شأن “مفتاح كسروان” لا يعبّر عن السواد الأعظم لأهالي كسروان بل هو يمثل بعض القوى السياسية التي تستغل أي عمل للتحريض الإنتخابي”. ويعود الى ورقة التفاهم مع “التيار الوطني الحرّ” سائلا:” هل يتم التشكيك بمصداقية فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي فتحنا له قلوبنا لأنه يشكل قيمة وطنية وضمانة؟ لا يمكن التشكيك، وبالتالي لا داعي لتخويف الناس في هذه الدائرة لإبعادها عن “حزب الله” ليست هذه الطريقة الفضلى، وأنا متأكد بأن الذين بلبلوا أقلية. أشبّه ما حدث بشخص يدخل في مجموعة كبرى ويحمل طبلا فغطى بصوته على الجميع. إن المتضررين هم من اصحاب الطبول، وهؤلاء متضررون من صداقتنا مع جوان حبيش وهو من الشخصيات المسيحية الشريفة. بالنسبة الينا قد يكون الصوت التفضيلي مركزا عند أبناء الطائفة الشيعية لكن البيوت التي فتحت لنا في الشارع المسيحي كثيرة وعزيزة على قلوبنا”.
أصواتنا في المتن الشمالي والبترون لـ”التيار الوطني الحرّ”!
بالرغم من الفراق الإنتخابي مع “التيار البرتقالي” في دائرة جبل لبنان الأولى، يجد الشيخ زعيتر تبريرات من “أن بعض القوى لا يمكنها استنهاض قواعدها ما لم تلجأ الى استفزاز الطرف الآخر، ويقول بأن الجميع يعرف مدى القوة التجييرية للآخر ولا داعي للمبالغة”. ويكرر زعيتر بأن “التيار الوطني الحر” هو الأقوى ولكن لائحته في جبيل ليست كذلك”.
وكيف يدير معركته عندما اصبح الحليف منافسا؟
يقول: “إن اللغط الذي حصل في الشارع حمّل البعض مسؤوليته لورقة التفاهم مع التيار وهذا غير صحيح، إن ورقة التفاهم مع “التيار الوطني الحر” هي بنظرنا ثابتة. لدينا ثوابت وسياسات واضحة في التعاطي مع الحلفاء ولدينا وفاء لجميع الحلفاء الذين وقفوا مع حركة المقاومة، لا يجب التفريط بكل ذلك في لحظة انتخابات بغية خدمة بعض المصالح الإنتخابية. وقد كان سماحة السيد واضحا معددا الأسباب التي لم تجعلنا في لائحة واحدة مع “التيار الوطني الحر”. علما بأن لا قطيعة كاملة في الإنتخابات ونحن متحالفون في بعبدا وبيروت الثانية”.
ويكشف الشيخ زعيتر بأن “حزب الله” سيجير “أصواته في المتن الشمالي وقوامها 6 آلاف صوت للائحة “التيار الوطني الحر”، وثمة قرابة الألف صوت في البترون سوف تجيّر أيضا للائحة التيار، ويتساءل: ما الذي يمكن لحليف أن يفعله لحليفه غير ذلك؟”.
لم نأت من المريخ!
ويعلّق على استثمار البعض الفراق الإنتخابي مع التيار البرتقالي بقوله:” إن الحالة التي يشكلها بعض السياسيين المتضررين من خلال خيار “حزب الله” تشكيل لائحة مستقلة ليست بمحلها. فنحن لم نأت من المريخ، ولا يحاول أحد تصويرنا وكأننا غزاة للمنطقة الشيعية في بلاد جبيل وكسروان، حيث الشيعة أقلية ولا يمكن استخدامهم لتخويف الآخرين بهم، فهذه الأساليب ليست ضرورية”.
يحمل الشيخ زعيتر هموم الدائرة التي يعرفها بيتا بيتا، ويطمح الى أن يتشكل تكتّل نيابي يضم جميع الأطراف التي تفوز في الإنتخابات المقبلة، حتى نواب “القوات اللبنانية” وذلك لوضع مخطط توجيهي للمنطقة حيث أزمات عدة إنمائية “وهي بحاجة الى توجيه حركتنا انمائيا وكذلك الإنفتاح والتواصل”.
وعن أجندته الإنمائية يقول الشيخ زعيتر “أنا سأكون من ضمن “كتلة الوفاء للمقومة” وملتزم بسياستها، وسأنقل اليها ما تعانيه المنطقة وخصوصا قضاء جبيل حيث لا يوجد مستشفى حكومي ولا فروع للجامعة اللبنانية، وكذلك ثمة حاجة ملحّة الى نقل عام، وكل هذه المشاريع وسواها يتوقف نجاحها على مدى جدية الحكومة المقبلة”.
ويختم بقوله:” قدرنا في لبنان هو أن نكون سويا وأن نتعايش مع بعضنا البعض لحماية البلد وللإكمال به. الجميع قدّم تضحيات من أجل لبنان، أذكر هنا الشهداء من كسروان وجبيل هؤلاء لبنانيون قدموا ارواحهم للدفاع عن لبنان وهم ابناء المنطقة ونحن نقدر كل من ضحى بحياته من أبناء المنطقة الأحرار لحماية هذا البلد. قد نختلف بالسياسة لكن ذلك لا يجوز أن يقودنا الى التفريط بالبلد”.