“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة
كان ينقص “همروجة” الإنتخابات النيابية في دائرة كسروان جبيل قضية تسليم رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح ورئيس بلدية جونيه جوان حبيش مفتاح القضاء الى أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله حتى تنفجر موجات الإستثمار السياسي الرخيص والمتمادي.
وكان ينقص المرشح عن المقعد الشيعي في الدائرة الأولى في جبل لبنان الشيخ حسين زعيتر أن يكون هو من تسلّم المفتاح شخصيا في احتفال بلدة المعيصرة الكسروانية، حتى تصدح ضده مجددا أصوات استنكار عادت تردد نغمة أنه “إبن البقاع” بالرغم من ترعرعه وعمله السياسي في كسروان جبيل منذ أعوام.
لم تجد الأحزاب والشخصيات المسيحية في كسروان الفتوح مادّة لشدّ العصب المسيحي المتراخي من حولها بسبب ادائها السياسي والإجتماعي والإنمائي الفاشل على مدى أعوام طريقة لشدّ العصب سوى المفتاح الرمزي الذي قدّمه سليل اعرق العائلات الكسروانية الشيخ جوان حبيش للسيد نصر الله.
بلغ الإفلاس السياسي بهذه الأحزاب والشخصيات حدّا أن أطلق هؤلاء العنان لأبواق محازبيهم أو مناصريهم عبر “السوشال ميديا” للإنتقام من حبيش، وبلغ حدّ بعض المتحمسين نعته بأنه “يهوذا الإسخريوطي” الذي سلّم السيد المسيح لعلماء اليهود بثلاثين من الفضة. علما بأن حبيش الذي يمتلك أجمل دير في ساحل علما هو دير مار جرجس من أشرس المدافعين على الكنيسة والموارنة وكسروان، وبحسب معلوماتنا أنه لم يقبض من “حزب الله” لا ثلاثين من الفضة ولا سواها، بل قام بخطوته كرسالة انفتاح وطنية بامتياز.
لكنّ الأقلام المسنونة بالمصلحة السياسية الإنتخابية الآنية وبحقد على كلّ من يمتّ الى خارج الدائرة المارونية الأشد تعصبا لأهلها اغتنموا الفرصة ليصوّبوا عليه من خلال “حزب الله” وكأن السيد نصر الله سيتوجه فورا الى كسروان ويستوطن فيها.
صحيح أن للإنتخابات النيابية حروبها، وسلاحها، وهي تشرّع المحظور في كثير من الأوقات، ولا سيما مع قانون بات “الصوت التفضيلي” فيه هو الحلم والحاصل الإنتخابي هو المرتجى، لكنّ مسوقي هذه الحملة الشرسة ضد حبيش نسوا أو لم يتنبهوا الى تعرضهم أيضا الى صورة هذه الدائرة الوطنية، وهي أيضا من نماذج العيش المشترك لأن فيها قرى وبلدات شيعية موجودة عبر تاريخها الطويل.
شدّت الأحزاب المسيحية بلا استثناء عصب المتعصبين أصلا، لكنها لم تتنبه في المقابل الى أنها شدّت عصب الشيعة الذين باتوا يتساءلون عن مستقبل تفاهم قابل للنسف بمفتاح رمزي!
بات شيعة كسرون وجبيل اليوم يذكرون في مجالسهم الخاصة بأنهم جزء من نسيج المنطقة وليسوا سّياحا طارئين، وعادوا يذكرون الأحزاب المسيحية برمتها وفي مقدمتها “القوات اللبنانية” الضليعة بإدارة الحملات الدعائية الهجومية كيف سلّح الحزب أبناء القاع القواتيين لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي ومنعه من الإعتداء على قراهم، فإذا بـ “حزب الله” اليوم بات يعدّ العدة لاجتياح كسروان بمفتاح؟!
ويتساءل الشارع الشيعي الكسرواني: “هل يكرهوننا الى هذا الحدّ؟ هل هذا هو الوفاء”.
في الشارع الشيعي مناخ عتب كبير من حملة مبرمجة ومصطنعة، ولكنّ هذا الشارع واع -بحسب أكثر من مصدر- ويدرك أن الحملة القواتية تطاول بعض المحازبين والقليل ممن يركبون الموجة، لكنّ الكسروانيين في مجملهم يدركون في قرارتهم أن الحملة سياسية وهمية.
ما لم يتنبه إليه الكسروانيون أن كرة الكره اللبناني المتبادل التي رماها البعض بالأمس وتمثلت بأقذع التعابير انقلبت الى تعاطف صامت من الكثيرين مع شيعة كسروان لا بل مع “حزب الله”. كذلك لم يتنبه هؤلاء الى الخدوش التي نالت صورة دائرتهم “المودرن” والمنفتحة المظللة بتمثال العذراء مريم سيدة حريصا الموجودة تقريبا في معظم بيوت الشيعة اللبنانيين.
“خبرية” على الهامش، أحد أوائل المرشحين الجبيليين في الدائرة الذي رمى بكرة النار عبر “السوشال ميديا” يفاوض “حزب الله” على تبادل الأصوات التفضيلية: ألف شيعي بألفي مسيحي! ولا مجال لمزيد من التفاصيل.