“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
في سياق التسريبات التي بدأتها منذ أيام صحيفة “الأخبار” حول وثائق وتقارير سياسية قالت الصحيفة انها تعود الى سفارات دول رئيسية في لبنان أبرزها الإمارات العربية المتحدة والأردن والكويت وتتعلق خصوصا بالفترة التي سبقت وأعقبت وجود رئيس الحكومة سعد الحريري في الرياض والإستقالة الغامضة التي قدّمها في 4 تشرين الثاني الفائت، إنقسم الرأي العام اللبناني كالعادة بحسب الولاء السياسي.
وقد تفاعلت هذه القضية اليوم من خلال اتصال اجراه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بسفير الإمارات في لبنان الدكتور حمد الشامسي مستنكرا التعرّض للعلاقات الثنائية بين الإمارات ولبنان، واشار دريان في اتصاله الى أسفه من “محاولات تشويه العلاقة الأخوية بين لبنان ودولة الامارات الشقيقة”، وأكد ان “لبنان وشعبه يثمن عاليا ما قدمته دولة الامارات والاشقاء العرب للبنان في كل المحطات والمراحل الصعبة التي مر بها“.
كذلك غرّد وزير شؤون التعاون الدولي الإماراتي الدكتور انور قرقاش قائلا:”تستمر الأخبار الكاذبة من المصادر الإيرانية ضدّ الإمارات والسعودية مثل “وكالة فارس”، أو جريدة “الأخبار”، لنتحرى المصدر والمروّج المرتبك دائما لندرك حجم حملة التشويه التي تستهدفنا”.
في هذا السياق الدبلوماسي المتوتّر، لم يكن من ردّ رسمي من اي من السفارات التي تمّ تسريب وثائق منها ينفي أو يدحض صحتها، باستثناء حملة من أصدقاء هذه السفارات دافعت عنها وعن السفراء المعنيين. في حين اكتفى السفير الإماراتي حمد الشامسي بزيارة أمس الى رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي اعقبه “سلفي” وابتسامة متبادلة تشير الى عدم وجود اي تداعيات لتسريبات مماثلة مع عبارة:” لا تعليق”.
في هذا الإطار، رصد موقع “مصدر دبلوماسي” صمت لبناني رسمي مطبق حول الوثائق المسرّبة التي تحمل مضمونا سياسيا مثيرا للجدل ولا سيما انه يطاول ايضا سياسيين لبنانيين ورؤساء أحزاب بارزين وضعوا في سلّة الإتهام في التواطؤ سواء ضد الحريري أو ضدّ دول ابرزها السعودية.
تعيد أوساط دبلوماسية متابعة هذا الصمت الرسمي اللبناني الى أن المسؤولية لا تقع على عاتق الإعلام اللبناني، فالصحافي ما إن يحصل على وثيقة مسرّبة فله الحق بنشرها مهما كان مضمونها، لأن الأمر يندرج في إطار “السكوب” أي السبق الصحافي المشروع. وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح هو عن الجهات المسرّبة وهل هي من ضمن السفارات المعنية أم من عواصم معينة؟
وبالتالي المشكلة ليست بمن نشر بل بمن سرّب هذه الوثائق.
وتشير المعلومات الى أن تحقيقات داخلية تحصل ضمن السفارات المعنية، “وهذا حق وواجب لها، أما في حال لم تكن هذه الوثائق دقيقة فبإمكان السفارات المعنية إرسال بيانات نفي تشير الى أن المعلومات المنشورة عارية من الصحة، ويتوجب على الصحيفة المعنية نشر هذه الكتب في مكان بارز ومن دون اي شرط.
وعمّا تسببه هذه التسريبات من تعكير لصفو العلاقات الدبلوماسية التي تربط لبنان بدول صديقة كالإمارات العربية المتحدة التي لها أياد بيضاء في لبنان سواء عبر المساعدات المستمرة للنازحين وللمجتمع اللبناني المضيف أو عبر بناء مستشفيات ومدارس أو تقديمها مساعدات مهمة للبنان آخرها التعهد بمبلغ 200 مليون دولار أميركي للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية؟ قالت الأوساط الدبلوماسية بأنّه “بات معلوما كيف يتصرف الإعلام اللبناني، فكل جهة تعكّر على الجهة السياسية المخاصمة لها، فالتعكير المتبادل أمر عادي في لبنان، لكن المسؤولية تقع على الجهات المسرّبة وليس على الإعلام الذي يحق له النشر، لكن عليه نشر اي تكذيب يصله من الجهات المعنية والتي تعتبر نفسها متضررة”.
وعن الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها السفراء العرب والأجانب في لبنان والتي ضمنتها الإتفاقيات والمواثيق الدولية وهل يجوز التعرض لقامات دبلوماسية وازنة تعمل في لبنان؟ قالت الأوساط بأن “الحصانة والإمتيازات تطاول عدم جواز ملاحقة رئيس البعثة والدبلوماسيين في جرائم ومخالفات يرتكبونها على ارض دولة أخرى، وعدم تدفيعهم الضرائب والرسوم وعدم جواز تفتيشهم الى ما هنالك من امتيازات، لكن الأمر لا يشمل حرية الكتابة والنشر وهذا أمر معروف في تاريخ لبنان الصحافي والإعلامي الذي يتميز بحرية كاملة لا يمكن لجمها”.
يذكر أن تسريبا جرى نشره اليوم أيضا في موقع “ليبانون ديبايت” لفيديو يصوّر سفير لبنان في باريس رامي عدوان يرقص مع الجالية اللبنانية في حفل خاص، ما اعتبره الموقع أمرا غير جائز.
في هذا الإطار، تقول الأوساط الدبلوماسية أنه في زمن الإنتخابات فإن “الرقص هو الموضة الرائجة سواء على وقع التسريبات أو الشتائم أو الحفلات الإنتخابية الصاخبة وعلى الإخوة العرب والخليجيين الإعتياد على هذا المناخ”.