“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
وجّهت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا ضربات فجر أمس السبت الى منشآت عسكرية ومدنية في سوريا، ما اعتبرته دول عدة ومنها روسيا والصين وإيران وحتى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي لأن الضربات لم تأت بتفويض من مجلس الأمن الدولي.
بعد مرور قرابة الأعوام السبعة على اندلاع حرب سوريا وبعد أن بدأ الحديث عن حلّ سلمي إثر استعادة جزء كبير من الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي و”جبهة النصرة” هل من الممكن أن تبدّل هذه الضربة الصاروخية موازين القوى في سوريا؟
وما هي وجهة نظر إيران؟ وماذا عن التنسيق الروسي الإيراني التركي وخصوصا وأن تركيا ايدت هذه الضربات؟
من وجهة النظر الإيرانية فإن هذه الضربات “هزيلة محدودة وغير مجدية”. فمنذ قرابة العامين بدأت عمليات تحرير المناطق السورية من “داعش” الإرهابي ومن “جبهة النصرة” وتم تحرير حلب والرقة وأخيرا الغوطة الشرقية التي كان من الممكن ضرب العاصمة دمشق من قبل المسلحين فيها وهم من “جيش الإسلام”. وبعد اجتماع أنقرة الثلاثي بين روسيا وتركيا وإيران جاء تحرير الغوطة الشرقية كمنعطف وكمؤشر لبداية نهاية الأزمة السورية. تجدر الإشارة الى وجود فكرة مضمرة تفيد بقبول غير معلن لإيران وروسيا بالدور الذي تلعبه تركيا في سوريا، وخصوصا أن الدولتين تهتمان الى أن تكون تركي الى جانبهما ميدانيا بغض النظر عن المواقف السياسية المعلنة لها. يرى الإيرانيون الذين وصف مرشد ثورتهم رؤساء الدول الثلاثة المهاجمة بأنهم من “المجرمين” بأن هذه الضربة محدودة وليس لها أي مخطط مستقبلي. وتشير أوساط متابعة للمناخ الإيراني تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي” الى أن إيران وروسيا باتتا أكثر ارتياحا الى دورهما في سوريا مستقبلا، فقد كانت هذه الضربة التي هدد بها دونالد ترامب وحلفاؤه آخر فرصة لتغيير موازين القوى في سوريا وهو ما لم يحدث، وبالتالي عجزت أميركا عن ذلك، وهي قامت بهجومها تحت ضغط سعودي واضح بعد الزيارة الطويلة للولايات المتحدة الأميركية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولكن ايضا تحت ضغط بعض الرأي العام الأميركي الذي يغضب لسماعه باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد مدنيين.
من وجهة النظر الإيرانية، أن موازين القوى في سوريا تبدّلت بشكل جذري منذ قرابة العامين ولم يعد الكلام عن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد ذو مغزى.
بالنسبة الى الموقف الروسي، فقد أسقطت الدفاعات الروسية قرابة الـ71 صاروخا مهاجما، وروسيا بحسب تحليل حلفائها الإيرانيين لا تعترض على ذهاب أميركا الى لعب هذا الدور ما دام ليس لديه أي تأثير على موازين القوى القائمة، بالرغم من الكلام القاسي الذي وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحق الهجوم والمهاجمين.
وبالتالي ثمة رؤية إيرانية روسية مشتركة في الموضوع السوري والهجوم الغربي لم يكن باستطاعته تغيير موازين القوى عبر استهداف أهداف تتعلق بمراكز قيل انها تحوي أسلحة كيمياوية أو للتدريب على إنتاج اسلحة مماثلة. وترى الأوساط أن فشل هذه الضربة قوى إيران وروسيا وقد بات لديهما تأثير اعمق ما سينعكس مرحلة جديدة في سوريا.
وعن كلام أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله عن بداية مواجهة أميركية إسرائيلية إيرانية مباشرة إثر الهجوم الإسرائيلية على قاعدة “تيفور” تشير الأوساط الى أن كلام السيد نصر الله جاء في إطار رسالة التحذير والتهديد لا أكثر، ووجود إيران في سوريا متين في قواعد مختلفة ما يقلق اسرائيل بشكل كبير، لذا تتوقع إيران هجمات إسرائيلية مستمرة على مواقع تخص إيران و “حزب الله” في سوريا وهذا ما يعكس خوفها، وستكون الهجمات متصاعدة مستقبلا لكن لن يكون لها أي تأثير على موازين القوى في سوريا بحسب قراءة الأوساط المتابعة للشأن الإيراني.