“مصدر دبلوماسي”:
اكدت زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الفرنسي جان-إيف لودريان الى إيران أخيرا على اهمية استمرار وتمتين التواصل بين إيران ودول اوروبا الفاعلة على الساحة الإقليمية وخصوصا فرنسا.
وكشفت دراسة أعدتها نشرة “ميدل ايست استراتيجيك پيرسپيكتيڤ” عبر نشرتها
Lettre M
المخصصة للعلاقات الفرنسيّة الشرق أوسطية ان لودريان لم ينجح في طرح جدي ومقنع للملفات الكبرى التي تعني المسؤولين الايرانيين وعلى رأسها ملف الاتفاق النووي وملف البرنامج الباليستي والملف المتعلق بالدور الاقليمي للجمهورية الاسلامية وبتدخلاتها المؤثرة على الاستقرار الاقليمي وعلى امن الدول العربية.
هل حققت هذه الزيارة التي هيأت لها سلسلة من الاتصالات بين المسؤولين الإيرانيين والفرنسيين، ومن ضمنها مكالمة هاتفية عشية وصول لودريان، بين الرئيسين إيمانويل ماكرون وحسن روحاني، أهدافها المتمثلة ب:
– احتواء تهجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاتفاق النووي، الذي تهدد الولايات المتحدة بالانسحاب منه إذا لم يجد الأوروبيون حلاً في أيار المقبل.
– اعطاء الضمانات لإيران بالالتزام فرنسا ودول أوروبا بالاتفاق النووي، وهو التزام يشكك فيه الإيرانيون الآن بشكل متزايد بعدما باتوا مقتنعين بعزم ترامب على تحييد التدخلات الأوروبية.
– دعم مصالح فرنسا، بما في ذلك مصالحها الاقتصادية في إيران (فرنسا هي ثاني أكبر شريك تجاري لإيران في الاتحاد الأوروبي، من بعد إيطاليا، حيث تجاوز حجم التجارة بين البلدين 3.69 مليار يورو في 2017، بزيادة حوالي 79.64 في المئة مقارنة بعام 2016).
الجواب الاولي على أسئلتنا هو كلا، لم تقدّم زيارة لودريان جديدا عمليا في هذه الملفات الاساسية، إذا نظرنا إلى الأوساط الإصلاحية التي لم تلمس أي اقتراح جديد من لودريان. الأكثر تفاؤلاً يعتبرون أنه من المبكر الإجابة على هذا السؤال.
ومع ذلك، فإن الزيارة نفسها، وعلى الرغم من التصريحات الحذرة وحتى الساخرة التي أطلقتها الأوساط الأكثر راديكالية في طهران، تعدّ خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في العلاقات بين البلدين. هذا من الناحية النظرية، لأنه بعد انتهاء المحادثات الفرنسية-الإيرانية، يتبين أن بـ “الاستقرار” نعني بالأحرى، في السياق الحالي، أننا تمكننا من تجنب الانهيار الكامل، وفق قراءة أكثر تشاؤما …
فلودريان، الذي افتتح معرض اللوڤر في المتحف الوطني الايراني في غياب لافت لنظيره محمد جواد ظريف، حاول مواجهة هجمة المحافظين التي بدت منظمة ضده شخصيا وضد الرئيس ايمانويل ماكرون وضد فرنسا وسياساتها في المنطقة. فبحسب تقرير MESP، بدت العلاقة الفرنسية الايرانية متوترة ولم يفلح لودريان بترتيبها بالرغم من مباحثاته الصريحة والمباشرة مع الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته ظريف وامين عام مجلس الدفاع الوطني علي شمخاني.
فالثقة بدت مهتزة ان لم تكن مفقودة بين باريس وطهران التي تعتبر بأنّ مفتاح معالجة ملفاتها ليس في اوروبا ولا في فرنسا انما بين يدي الرئيس الاميركي دونالد ترامب. فزيارة لودريان والتي تمهد عمليا لزيارة لاحقة للرئيس ماكرون الى طهران، لم تعط وزير الخارجية الفرنسي المخضرم حقه بحيث انه شعر وكأنه مطوق بالضغوط من الجوانب كلّها: من المحافظين الايرانيين والذين يستغلون التطورات الاقليمية وتعثر الملف النووي للتصويب على خصومهم وعلى دول يعتبرونها مناهضة لمصالحهم ولطموحاتهم، ومن الادارة الاميركية المتشددة ايضا تجاه إيران ونفوذها المتمدد في المنطقة.
لكن نشرة MESP تعتبر ان للزيارة الفضل في ابقاء التشاور بين باريس وطهران وتجنب الانهيار الكامل للعلاقات ولمصالح البلدين المشتركة ومنها الاقتصادية. على اي حال، لا يمكننا اليوم وقبل الوقوف على ما ستؤول اليه تطورات الملف النووي وملفات اقليمية اخرى تخص ايضا حلفاء فرنسا الاساسيين، من ان نقيّم فعليا نتائج الاتصالات الفرنسية- الايرانية المستمرة والمتنامية خصوصا منذ الاتفاق النووي عام 2015
فزيارة لودريان ان لم تنجح في طرح فعال للملفات الشائكة، فقد ساهمت في تفادي خسارة فرنسا جميع مكتسباتها في إيران.
لقراءة هذه الدراسة كاملة باللغة الفرنسية الضغط على الرابط الآتي لموقع MESP:
https://www.mesp.me/2018/03/12/ledrian-iran-la-diplomatie-francaise-montre-ses-limites/