“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة:
لا تبدو الحلحلة وشيكة في ملف النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، ولا يبدو بأن الوساطة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد بين بيروت وتل أبيب عارضا وساطة أميركية في شأن ترسيم الحدود البحرية قبل شروع شركات النفط التنقيب في البلوك (9) قد أفضت الى نتيجة.
ويقارب لبنان هذا الملف من منظور سيادي، معتبرا بأن سيادته الوطنية تتعرض للإعتداء من قبل إسرائيل، وهو بالتالي لن يعمد الى وضع أية خطة بديلة تجعله يحيد عن خط الدفاع المشروع عن السيادة، بحسب أوساط مسؤولة واسعة الإطلاع تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي”.
وتشير الأوساط المتابعة عن كثب لهذا الملف لدى سؤالها عن إمكانية نشوب حرب اسرائيلية ضد لبنان على خلفية النزاع البحري الى أنّ “إسرائيل ليست قادرة على خوض حرب ولا هي قادرة في الوقت عينه على السكوت، فخوض حرب يعتبر مواجهة مؤجلة إذ لا يمكن لإسرائيل تحمّل تكلفتها الباهظة وكونها غير مضمونة النتائج أما السكوت فيعني زيادة هيبة “حزب الله” وسطوته، من هنا حراجة الوضع السائد حاليا”.
وتعليقا على المبادرات الأميركية الأخيرة تشير الأوساط الى أن “الولايات المتحدة الأميركية تحاول حلّ النزاع البحري مع إسرائيل عبر تقديم مبادرات مختلفة لكنها لم تؤد الى نتيجة لغاية اليوم”.
وما هي الخطة “باء” التي يمتلكها لبنان غير التشبث بموقفه؟ تشير الأوساط الى أن ” ثمة مقياسان للحل، سيادي أو اقتصادي مالي. اللجوء الى الحل الثاني يمكّن لبنان من حل النزاع في وقت زمني محدود، لكن لبنان اعتمد المقياس السيادي المتمثل في حقه بحدوده البحرية والبرية، وهو يرفض ترك حقوقه مستباحة للتفتيش عن كسب عائدات مالية سريعة، وبالتالي فإن لبنان يستند في موقفه الى القانون الدولي والإتفاقيات المعقودة ولا حلول ثانية”، وماذا عن حل التحكيم الدولي الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون؟ تقول الأوساط بأنّ ” حل التحكيم هو أحد الحلول المطروحة”.
وعن مدى متانة الخرائط التي يمتلكها لبنان؟ تقول الأوساط الواسعة الإطلاع:” نحن أصحاب حق ولسنا بحاجة الى جهد لإثباته، ما يجري هو اعتداء على حقوقنا ومن المشروع الدفاع عنها”.
لم يطرح موضوع الحدود البحرية في اجتماع اللجنة الثلاثية في الناقورة التي انعقدت في 22 شباط الفائت لأنه ليس من اختصاصها، بل تم طرح موضوع بناء الجدار الإسمنتي الإسرائيلي حيث يتحفظ لبنان على 13 نقطة، وقد تم التوافق على حلّ مبدئي حول بعض النقاط العالقة ولكنه حل موضعي ومشروط.
وفي المحصلة فإن الوساطة الأميركية لساترفيلد لم تفض الى شي أما وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون فقد شجع المسؤولين اللبنانيين على إيجاد حلول ولم يغلق الباب على اي ممنها”.
وكان دايفيد ساترفيلد قدّم للمسؤولين اللبنانيين عرضا قديما جديدا يتمثل بما اسمي “خط هوف” الذي اقترحه الموفد الأميركي السابق السفير فريديريك هوف عام 2012، ويعطي لبنان قرابة الـ60 في المئة من المساحة المتنازع عليها وهي 860 كيلومتر مربع في حين يعطي اسرائيل 40 في المئة.
هذا العرض الذي دغدغ عقول بعض المسؤولين اللبنانيين عاد وقوبل برفض لبناني شامل، فلم يقبل لبنان الرسمي التنازل عن حقوقه في ثروته النفطية رافضا العرض الأميركي لغاية اليوم.
وتشير أوساط متابعة للمفاوضات التي تجري عبر ساترفيلد الى أن القوى الدولية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية حريصة على عدم حصول توتّر في هذا الملف كما في ملف بناء اسرائيل للجدار الإسمنتي لأن أي توتر قد يشعل حربا ليست في مصلحة أحد. من هنا لا أحد يريد أن يصل الوضع جنوبا حدّ الإنفجار. وتشير الأوساط الى وجود عنصر ثان مهدّئ يتمثل بوجود مليون و800 ألف نازح سوري قد يصبحون عنصر توتر داخل لبنان.