“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة
فرض قانون الإنتخابات النسبي والصوت التفضيلي على “حزب الله” اسلوبا شديد الدقة في اختيار مرشحيه الحزبيين وقد أعلن أمينه العام السيد حسن نصر الله” أخيرا أسماء هؤلاء المرشحين الـ13 في انتظار اكتمال تشكيل اللوائح ونهائية التحالفات.
فعين “حزب الله” كانت على صحة التمثيل الحزبي والمناطقي والعائلي وعلى مناطق التحالفات من جهة وعلى الحاصل الإنتخابي من جهة اخرى لان الامر سينعكس في طريقة توزيع الأصوات التفضيلية بين المرشحين على لوائحه مع معرفة مسبقة لدى المعنيين بان خسارة مقعد أو اثنين أمر وارد بسبب التنافس الحاد.
في حسابات انتخابية تقوم بها شركات مختصة بأن نتائج الإنتخابات النيابية المقبلة ستأتي مرجحة بشكل كبير لـ”حزب الله” وحلفائه وتصل بعض الأرقام الى حد وضع 86 نائبا بما فيهم نواب النائب وليد جنبلاط في جانب “حزب الله”، و42 من المناوئين له. ويتساءل بعض هؤلاء عن عنوان صحيفة “الواشنطن بوست” في اليوم التالي لانتهاء الجولات الإنتخابية مقترحا عنوان: “حزب الله” يسيطر على البرلمان اللبناني. وبعيدا من التخيلات فإن هذه التوقعات إن صحّت تعني بأن “حزب الله” انتقل من السيطرة العملية على القرار في لبنان أي من سيطرة
De Facto
الى السيطرة الشرعية وهو ما لم يحصل في السابق.
نفى السيد نصر الله هذه السيناريوهات واضعا اياها في خانة الحرب النفسية من خصومه لشد عصب قواعدهم وداعميهم، وبرأي أوساط عليمة بمناخ “حزب الله” أن لا أحد سيتمكن من نيل أكثرية ساحقة في القانون الحالي او الحصول على مقاعد تفوق حجمه وهو ما كان متاحا في القانون الأكثري بسبب التحالفات.
في القانون النسبي انتقلت المعارك من بين اللوائح الى معارك بين المرشحين على اللائحة ذاتها، وبالتالي لا يتوقع “حزب الله” أن تبقى اللوائح كما هي مرتبة، وترى الأوساط أن كل توقع سابق لأوانه مبالغ فيه، معترفة بأن الإحصاءات تعطي “حزب الله” بعض “الأرجحية النسبية لكنها عرضة لتغيرات”.
وتشير الأوساط الى ان “حزب الله” لا يطمح للسيطرة على برلمان 2018 كما يتم ترويجه من أجل التخويف لا أكثر ولا أقل، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بالتحالفات السياسة في لبنان ما بعد الانتخابات، وهي بدورها عرضة للتغيير وللتقلبات كما اثبتت في الآونة الاخيرة، ومن المبكر الخوض فيها.
لا يبدو “حزب الله” مسترخيا كليا لنتائج الإنتخابات وهو بالتالي يريد من قواعده الشعبية الا تعمد الى الاسترخاء خوفا من مفاجآت وخصوصا وان ثمة اصوات اعتراضية علت في البيئة الشيعية بعد اعلان السيد نصر الله اسماء مرشحي الحزب.
طالت بعض التساؤلات دائرة كسروان جبيل حيث رشح الحزب الشيخ حسين زعيتر عن المقعد الشيعي في جبيل وهو من بلدة القصر في البقاع وله باع طويل في العمل الحزبي في المنطقة يفوق الـ13 عاما، الى اعتراضات على ترشيح أنور جمعة في دائرة البقاع الاولى في زحلة، وفي صور اعتراض على ترشيح حسين جشي (دائرة الجنوب الثانية) لأنه ليس من المدينة نفسها.
وثمة اعترض لدى البعض على تبني “حزب الله” ترشيح مدير عام الأمن العام السابق اللواء جميل السيد في اللائحة في بعلبك الهرمل وهو ترشيح ضمن البيئة السياسية الطبيعية له، وقد فرض القانون النسبي عدم ترشحه في زحلة حيث له أيضا خدمات وشعبية واسعة لا سيما لدى المسيحيين.
في زحلة ايضا لم يتم الاتفاق مع ميريام سكاف وخصوصا بعد الإجتماع مع نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، وقد اقترح قاسم على سكاف دعمها لوحدها، وهكذا فعل أيضا الرئيس سعد الحريري، وبعد ان اصرت سكاف على تشكيل لائحة لوحدها تترأسها مؤلفة من كاثوليكي وماروني وارثوذكسي مع شيعي (اشترطت ألا يكون منتميا الى “حزب الله” بل من بيئته)، عادت وقررت خوض الإنتخابات لوحدها متأملة بأن تحصل على المقعد الوحيد المعروض عليها من “حزب الله” ومن “تيار المستقبل”، بلا “جميل” من الطرفين في حين ان قوتها الحقيقية مبالغ فيها بحسب تقييم “حزب الله”.
لا خوف لدى “حزب الله” من خروق ممن يطلق عليهم “الشيعة المستقلين” لا في الجنوب ولا في بيروت ولا في جبل لبنان مع قليل من الغموض في البقاع بسبب تنوع التركيبة الطائفية والعشائرية ما يترك امكانية لقوى اخرى بالقيام بخرق ربما في المقعد الشيعي.
قاسم يلتقي باسيل قريبا لوضع اللمسات الأخيرة على اللوائح المشتركة
بحسب اوساط عليمة بمناخ “حزب الله” فإن التحالف مع “التيار الوطني الحر” محسوم في اكثر من مكان، وقد انتهى الخلاف مع رئيس “التيار” جبران باسيل نتيجة “الفيديو المسرّب” في بداية هذا الشهر والذي كانت له تداعيات في الشارع، وقد بدد كل هذه الأمور اتصال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس المجلس النيابي نبيه بري. وبعد لقاءات عدة وفي غضون أيام سيلتقي باسيل مع نائب أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم للتباحث حول موضوع الانتخابات النيابية والتحالفات والتنسيق. ويبدو بأن الإتفاق سينسحب انتخابيا كما هو سياسيا. تشذ عن هذه القاعدة بضع دوائر منها صيدا وجزين ما يحتم ايجاد صيغة تعاون ترضي الطرفين.
يتحالف “حزب الله” في دائرة صيدا جزين مع حركة “أمل”، حيث العين على أوسامة سعد وابرهيم عازار في حين يتحالف “التيار الوطني الحرّ” مع “تيار المستقبل” وعينه بهية الحريري والمرشح الماروني.
في زحلة والشوف وبعبدا وكسروان وجبيل اتفاق (يلتزم التيار الوطني الحر بمرشح الحزب الشيعي في كسروان جبيل) اما في البترون حيث توجد أصوات شيعية ايضا فالأمر على بساط البحث في التفاصيل. ويبدو بأن التأخير يعود الى تأخر “التيار الوطني الحر” في دراسة وانجاز ملفاته، وهو لم يعلن بعد اسماء مرشحيه.
الانتخابات مهمة للاستقرار السياسي بنظر “حزب الله”، وبرأي الأوساط المطلعة على مناخ “الحزب” بأن النتائج المقبلة للانتخابات لن تفضي الى سيطرة كبيرة وكاسحة لأي قوة رئيسية لوحدها، هذا يعني وجود كتل للأحزاب الكبرى فضلا عن اشخاص مستقلين، وهذا يعني أن لا احد يمكنه احتكار الحياة السياسة لوحده. لذا يحرص “حزب الله” على ان يوفر البرلمان المقبل اكبر قدر من التمثيل فضلا عن مظلة سياسية للاستقرار الامني في البلد.