“مصدر دبلوماسي”: باسكال دياب
بالرغم من توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، لا يزال البعض يتحدث عن تأجيل اجراء الانتخابات النيابية مما يشير الى أن أصحاب النفوذ والمال الموجودين في السلطة يحاولون صرف نظر “المعارضين” من خارجها والمستقلين عن ضرورة الاستعداد والعمل على دعايتهم الانتخابية: فأصحاب الماكينات الانتخابية الكبرى يملكون ما يكفي من المال للقيام بحملاتهم في وقت قصير.
لكن المؤكد أن “لبنان سينتخب”، وأن الانتخابات ستتمّ في مواعيدها الدستورية، فالشارع لن يسكت البتة على تمديد جديد وخصوصا مع انتفاء كلّ الحجج. هذا الاستحقاق انتظره الناخب اللبناني طويلا، والان “إجت الرزقة”، فالأموال والمساعدات والخدمات ستنهمر على الناخب كما هي العادة في كلّ موسم انتخابي أو “موسم الدعم”، وفيه تبدأ الغيرة على مصلحة المواطن… لذا ما من داع للقلق فقبل 6 أيّار لن يكون كبعده.
في مثل هذه الايام يحتار المرشحون كيف يوّزعون خدماتهم، فقد اجاز القانون لكل مرشح انفاق مبالغ طائلة لتمويل حملته الانتخابية حيث يجوز له انفاق مبلغ ثابت قدره 150 مليون ليرة لبنانية يضاف اليها مبلغ متحرّك قدره5000 ل.ل عن كل ناخب مسجل في الدائرة الانتخابيّة ليصل الانفاق في الدوائر الانتخابيّة الكبرى الى ما يزيد عن الـ2 مليار ليرة.
وهنا وبعمليّة حسابية بسيطة يمكننا ان نقدّر عدد المرشحين الذين سيفتتحون حملاتهم في 5 شباط المقبل تاريخ فتح باب الترشيحات، ونضربها بالمبلغ الذي حدده القانون، مع العلم أن المبلغ سيتضاعف عند بعضهم، يمكننا ان نعرف أن مليارات الدولارات ستصرف مما سيحرّك عجلة الاقتصاد. فالمبالغ التي بقيت مجمّدة في المصارف والتي سحبت من جيوب المواطنين ستعود نسبة منها الى جيوبهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
بالرغم من تريّث بعض المرشحين بالبدء بحملاتهم الانتخابيّة لشكهم بالتأجيل، الا انهم سرعان ما سيتحركون، فمن اليوم ستختفي “البرغر” عن اللوحات الاعلانية، لن ترى في الاشهر الاربعة القادمة صورا” لهيفا أو اليسا، بل ستعلو اللوحات صورا” للمرشحين بابهى حللهم مع شعارات تشعرك ان الوضع بعد 6 أيّار سيختلف عن قبله. وهنا “إجت الرزقة ” لاصحاب اللوحات فهناك تعرفة معيّنة تتفاوت وفق حجم الاعلان. فقسم من النفقات سيصرف على المطبوعات والملصقات واليافطات واللوحات الإعلانية فضلاً عن المدفوعات المخصصة للأشخاص العاملين في الحملة الانتخابية والمندوبين.
وللوسائل الاعلامية هنا حصّتها من “الرزقة” بحيث أن الحملات الانتخابية ضرورية وعرض المواقف على المواطنين هو حق للمرشح ولا يحق لوسائل الاعلام أو الاعلان ان ترفض اي اعلان انتخابي مطلوب من لائحة او مرشح وذلك بعد ان تتقدم هذه الوسائل بتصريح تعلن فيه عن رغبتها في المشاركة بالدعاية الانتخابية مع لائحة بالاسعار لهيئة الاشراف على الانتخابات. فخلال هذه الاشهر ستجد الوسائل الاعلامية مصدر تمويل جيّد لها.
أمّا المميز في انتخابات 2018 فهو أن المرافق السيّاحيّة لن تستفيد بحيث أن المال الانتخابي لن يصرف على اقامة المغتربين، فصناديق الانتخابات ستجول عليهم خارجا” وهذا المال سيصرف من اجل تعبئة بعض المغتربين وحثهم على الاقتراع.
فبعض صناديق الخارج قد تهدي الفوز لبعض المرشحين في دوائر ستكون المنافسة بفارق القليل من الاصوات التفضيلية، علماً بأن عدد المقترعين المسجلين في الخارج قد قارب ال94 ألفا بحسب أرقام وزارة الخارجية والمغتربين. والفارق بين انتخابات 2018 وبين سابقاتها أن كلفة مجيء 3 الاف ناخب حينها بلغت 33مليون دولار أما اليوم فمن المتوقع أن لا تتعدى كلفة جولات الزعماء الخارجية مبلغ الـ3 ملايين دولار بحسب التقديرات المتداولة في الصالونات السياسية.
أما الجمعيات الخيرية والثقافية والاجتماعية والدينية والنوادي الرياضية فقد حرمها القانون من “الرزقة” بحيث أن القانون قد اعتبر أن التقديمات النقدية محظورة إلّا إذا كانت مقدمة من مرشح أو مؤسسة يراسها المرشح وقد اعتاد على تقدمتها منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء الحملة الانتخابية.
فالمرحلة المقبلة ستشهد دينامية بالإنفاق وهنا يؤكد مسؤولو بعض الماكينات الانتخابية أنهم قد اعدّوا العدة لبرامجهم وشعاراتها للمرحلة المقبلة ولا يبقى سوى انتظار لحظة الاعلان النهائي عن اللوائح الانتخابية التي ستخوض الانتخابات في مهلة أقصاها 27 آذار المقبل.