“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر مقابلة شاملة مع السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين نشرتها مجلة “الأمن العام” في عددها لشهر كانون الثاني 2018.
مارلين خليفة
تشتعل الجبهة الروسية الاميركية في اكثر من بقعة ولا انسحاب اميركيا طوعيا من منطقة الشرق الاوسط لصالح موسكو على عكس القراءات الرائجة. ولعلّ دول المنطقة المشتعلة الجبهات وفي مقدمتها سوريا والعراق واليمن هي الاشد تاثرا بهذا الاشتباك، في حين يتلقى لبنان هزات ارتدادية لزلازل المنطقة.
تتعدد الامثلة حول المواجهة الروسية- الاميركية المحتدمة: خروج اميركا من معاهدة النظام المضاد للصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى ما يشكل خطرا على السلم الدولي، وضع قيود اعلانية على وسائل الاعلام الروسية، اثارة موضوع المنشطات للرياضيين الروس، عدم تطبيق اتفاق مينسك (2) في اوكرانيا، الاستفزاز الاميركي الياباني والكوري الجنوبي لبيونغ يانغ ما تسبب في الاشهر الاخيرة بمناورات صاروخية هي الاخطر من قبل الجانبين، وسواها من المسائل الشائكة التي يلخصها السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين في حوار بداية السنة مع مجلة “الامن العام” بقوله “ان ثمة هجمة اميركية لا تريد الشراكة مع روسيا وهي تعمل على التأثير السلبي على موسكو من خلال العقوبات وعبر الخروج من المعاهدات العسكرية”، ولا يرى زاسبيكين انه يوجد تراجع اميركي في الشرق الاوسط لصالح روسيا ، بل “هم مضطرون للتراجع” بحسب تعبيره “نتيجة نجاحات روسيا في سوريا عبر تحالفها مع ايران و”حزب الله””.
لكن الاميركيين المطالبين بالانسحاب الفوري من سوريا -بحسب زاسبيكين- يريدون العودة واعادة الامور الى المربع الاول.
في ما يأتي حوار شامل مع السفير الذي يتابع مهامه الدبلوماسية في لبنان منذ 7 أعوام. وهو حرص على توجيه رسالة تفاؤل الى اللبنانيين عشية السنة الجديدة قائلا: اتمنى ان يستمر تطبيق الاجندة الداخلية مثلما بدأت: “فقد انتخب اللبنانيون رئيسا جيدا وشكلوا حكومة وهم تغلبوا على مشكلة الاستقالة ( استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في 4 تشرين الثاني الفائت) بنجاح، وهنالك تمهيد الآن لاجراء الانتخابات النيابية في أيار 2018 وهذا أمر جيد”. يضيف:” إن فرصة التغلب على الصعوبات موجودة، بسبب تحسن الاحوال في سوريا وهذا يضمن الا يتكرر اي حادث امني في لبنان ويفتح مجالا لعودة النازحين ولمشاركة لبنان في اعادة الاعمار في سوريا، لا نعرف التوقيت الدقيق لغاية اليوم لكن روسيا ستبذل جهودا للاستعجال في هذه المجالات كلّها”.
يشدد زاسبيكين في حواره مع “الامن العام” على اولوية اعادة سوريا كعضو فاعل في جامعة الدول العربية ويقدم نصحا بأهمية اعادة العلاقات المباشرة بين لبنان وسوريا نظرا لمصالحهما الاقتصادية والامنية المشتركة.
*مرّ لبنان بقطوع سياسي في 4 تشرين الثاني الفائت بعد استقالة الرئيس سعد الحريري الغامضة من السعودية ثم عودته عنها الى رفع شعار النأي بالنفس، كيف تقرأ روسيا ما حدث بعدما حذرت شخصيا من تداعيات تدويل الازمة؟ وهل ترى ان مفاعيل الخلافات الداخلية التي سببها هذا الحدث خطرة على الاستقرار في لبنان؟
-كان موقفنا واضحا منذ البداية، فنحن ايدنا الحكومة وتمنينا بقاءها حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة، كذلك تمنينا اعادة النظر في الاستقالة، وشعرنا بالارتياح حين نجحت الجهود التي صبّت في هذا الاتجاه، اذ تمّت العودة الطبيعية للعمل سواء في مجلس الوزراء وفي جميع مؤسسات الدولة.
في ما يخص تعديل النهج لجهة النأي بالنفس، فهذا ليس شأنا روسيا مباشرا، وطالما ايدت روسيا هذا الامر آخذة في الاعتبار وجود قراءة لبنانية واتفاق بين اللبنانيين انفسهم حول مفهوم النأي بالنفس، وتبدو هذه القراءة مقبولة حاليا من قبل الاطراف الاساسية في الحكومة، لذا لا نرى مشكلة في هذا الامر. في ما يخص روسيا، فان التعاون مع الجيش السوري وحلفائه بما في ذلك “حزب الله” في سوريا لعب دورا هامّا جدّا في مكافحة الارهاب وبالنجاح الذي وصلنا اليه أخيرا.
*هل ترى بان الخلاف الايراني – السعودي المحتدم سينعكس سلبا على الاستقرار في لبنان ام ان مظلة الاستقرار الدولية لمّا تزل موجودة؟
-ان المظلة الدولية شيء والخلاف السعودي الايراني شيء آخر. فالمظلة الدولية موضوع عام وشامل يتعلق بالامن وبالاستقرار وبالتأييد للدولة اللبنانية، وكانت مفيدة في ضوء النزاعات في المنطقة وخصوصا في مرحلة مواجهة الارهابيين على الاراضي اللبنانية. اما الخلافات الايرانية-السعودية فامر آخر وكنا نقف مع تنقية الاجواء بين الطرفين، ولكن أظن بان هذا الخلاف توسّع واكتسب الآن طابعا اقليميا وحتى دوليا على اساس ان الولايات المتحدة الاميركية تشجع الان ضد كل شيء معاد لايران، ويعتبر هذا من العناصر الاساسية لنهجها في منطقة الشرق الاوسط واظنّ بان هذا الامر خطر.
أريد الاضافة انه بالنسبة الى العقوبات الاميركية التي يتم التحدث عنها ضد “حزب الله”، فانها تؤثر سلبا على الاجواء في لبنان، ولذلك نحن نتحدث بانه في ظل الاجماع الدولي حول الاستقرار يجب الاعتراف بان اجراءات مماثلة لا تنفع هذا الهدف.
*هل ترى بان التشجيع الاميركي ضدّ ايران سيتصاعد؟
-نحن نشاهد الآن هذا التصعيد يوميا، اعتقد بان هذا التوجه خطر.
*هل ترى بان السيناريو الذي شهدناه في لبنان جراء هذا الامر سيتكرر؟
-هذا التوجه يؤثر على الاوضاع بشكل كامل في منطقة الشرق الأوسط.
*ما هي البلدان الاكثر تأثرا؟
– كل البلدان، في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
*ما هو الدور الذي تلعبه روسيا وسط هذا المناخ لمساعدة لبنان؟
-نحن نطور علاقات التعاون مع لبنان وكانت زيارة لرئيس الحكومة سعد الحريري الى موسكو، ونحن نتواصل مع كل الاحزاب اللبنانية، وعلى هذا الاساس كانت زيارات لاحزاب ولشخصيات لبنانية رئيسية الى روسيا. تأخذ روسيا في الاعتبار خصوصيات لبنان وهو امر مفيد يصب في منحى تأييد المناخ الايجابي في السياسة اللبنانية ولدى المجتمع اللبناني برمّته.
*كيف ترى موسكو الى الخلاف اللبناني في شأن اعادة العلاقات الى مجراها الطبيعي مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد؟
– مع الأخذ بالاعتبار بان العلاقات الثنائية امر يتعلق بالطرفين، فان لقضية سوريا طابع دولي وشرق اوسطي. كانت روسيا اساسا ضدّ ابعاد سوريا من جامعة الدول العربية، ولذلك فان الشيء الاساسي براينا هو ضرورة عودة سوريا الى جامعة الدّول العربية. في ما يتعلق بالقضايا المشتركة بين سوريا ولبنان، فمن الافضل وجود تواصل مباشر بين الطرفين من أجل المصلحة المشتركة، وخصوصا في الظروف التي نعيشها، وهنالك مصالح اقتصادية وامنية مشتركة وعائلات تعيش بين سوريا ولبنان وبينها اقارب، الى مسألتي عودة النازحين واعادة اعمار سوريا، كل ذلك يتطلب التواصل المباشر بين الدولتين. لكن تنبغي الاشارة الى ضرورة وجود توافق داخل المجتمع اللبناني وعلى اساسه يتخذ القرار في الحكومة.
*تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحافي عقده في 14 كانون الأول الفائت عن دور تؤديه موسكو في ما يخص عودة النازحين السوريين، وقال انه لا يمكن ان تتم عودة النازحين السوريين بلا المساعدة الروسية، كيف ذلك؟
-نحن ندخل الآن الى مرحلة جديدة في سوريا بعد الانتصار على المجموعات الارهابية الاساسية، وكان الرئيس بوتين يقصد الجهود الروسية خلال هذه المرحلة. هذه الجهود متنوعة تشمل الترتيبات الامنية وتثبيت الاستقرار في الربوع السورية، وهنالك جهود لتحسين الاوضاع الانسانية ومن بينها عودة جميع النازحين الى المناطق الاصلية. وهذا يتعلق بنازحي الداخل الذين انتقلوا في داخل حدود سوريا وسيشمل ذلك المحيط لاحقا. لقد بدأت العودة اليوم في الداخل وتؤيد روسيا هذا الامر، المطلوب اعادة الاعمار للمرافق وللمنشآت، وما قصده بوتين هو العمل الحالي بالتعاون بين السلطات السورية والآخرين. تشارك روسيا في هذه الجهود والدور الرئيسي يعود الى الحكومة السورية والسلطات السورية المعنية والى قدرات السوريين وذلك بمساعدة اصدقائهم وشركائهم بما فيهم روسيا.
*زار رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري روسيا وكان حديث عن تسليح روسي للجيش اللبناني، ماذا عن التعاون الروسي مع الجيش ومع الأجهزة الامنية اللبنانية ومنها الامن العام اللبناني؟
-بالنسبة الى التعاون الامني فقد اصبح تقليديا، وجرى بشكل جيد في الاعوام الاخيرة، اما بالنسبة الى التعاون العسكري فتجري الآن مفاوضات تتطلب عدة اشهر ونتمنى ان تكون نتائجها ايجابية. بالنسبة الى التعاون مع الامن العام اللبناني فاشكاله معروفة عند الخبراء في هذا المجال، وانا أؤكد بان هذا التعاون يسير بشكل جيد.
*دخل لبنان عصر استخراج النفط بعد سماح مجلس الوزراء لشركتين ايطالية وفرنسية ولثالثة روسية هي “نوفاتيك” التنقيب في رقعتين هما (4) و(9)، ما هو الدور الروسي في هذا الملف ليس في لبنان فحسب بل في في سوريا ومصر وقبرص واسرائيل؟
-هنالك اهتمام روسي واضح لهذه المنطقة والشركات الروسية ستشارك حتما، لكن حجم التعاون يتعلق بالشركات وبسياساتها، والدولة الروسية تشجع وتعتبر بان هذا الامر مهم لمصلحة روسيا. بالنسبة الى الجانبين التجاري والاقتصادي فالشركات تعرف مصلحتها بشكل افضل. هنالك اهتمام روسي في المنطقة وقد تطرق الرئيس الحريري الى هذا الشأن مع رئيس الحكومة ديميتري ميدفيديف، وقد اشار وزير الطاقة الروسي الى الاهتمام بتطوير التعاون في هذا المجال مع لبنان.
*هل لا يزال مشروع تصدير النفط والغاز الى أوروبا عبر تركيا قائما؟
-صحيح، وكان تأكيد على تنفيذ هذا المشروع اثناء زيارة الرئيس بوتين اخيرا الى تركيا ولقائه الرئيس رجب طيب اردوغان.
* زيارة الرئيس بوتين الى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية واعلانه بدء سحب قوات بلاده بشكل جزئي في وقت ناقش فيه الملف السوري في القاهرة وانقرة هو منعطف جديد ماذا يعني؟
– كانت زيارة هامّة جدا بالنسبة الى تطور الاوضاع في سوريا، لانها توجت المرحلة الماضية التي ركزت فيها روسيا على محاربة الارهاب، وقد سمح النجاح الذي حصل باعلان انسحاب القوات الروسية من سوريا. ندخل الآن الى مرحلة جديدة بمواصفات جديدة، ونركز على استكمال ترتيب الاوضاع في انحاء سوريا برمتها واعادة سيادة الدولة السورية على اراضيها كلها وتثبيت نظام وقف الاعمال العدائية ومناطق خفض التوتر وتحسين الاوضاع الانسانية واعادة الاعمار وعودة النازحين. نضع هذه الاهداف كلها امامنا، وسنواصل بذل الجهود لتنفيذها والتعاون مع السلطات الرسمية السورية. كما انه يوجد تنسيق مستمر في مسار آستانة، وهذا الوضع الجديد يسمح لنا التركيز اكثر على التسوية السياسية وسنعزز الجهود في هذا المجال. وسيكون ايضا استمرار لمسار جنيف، من ناحية، ومن ناحية اخرى سيتم تطبيق فكرة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي الذي سيساعد في احراز تقدم وهو مبرمج في شباط المقبل. المهم، في الاحوال كلها اجراء الاصلاح الدستوري في سوريا والتهيئة للانتخابات واجرائها برعاية الامم المتحدة، هذه هي خريطة الطريق التي يجب ان نطبقها. في ما يخص اعادة نشر الدولة السورية في كل الربوع، فمن الضروري تعميم الانسحاب لكل القوى والاشخاص الموجودين بصورة غير شرعية ويأتي الاميركيون بالدرجة الاولى. اظن بأن انسحاب القوات الروسية يجب أن يشجع الجميع على الانسحابات والاميركيون في المقدمة.
* اختتمت الجولة الثامنة من محادثات جنيف في 14 كانون الأول الفائت بفشل، ولم تتمكن الامم المتحدة من اجراء حوار مباشر بين المعارضة السورية والوفد الحكومي السوري الرسمي بسبب المطالبة بسحب بيان الرياض، هل صحيح ما اشيع بان روسيا قد تتخلى عن مسار جنيف لمصلحة تكريس مسار سوتشي كما تخشى الامم المتحدة؟
-نحن لا نعتبر مؤتمر سوتشي بديلا عن مسار جنيف، الا انه يجب انعقاد هذا المؤتمر لانه يشمل ممثلي مكونات المجتمع السوري بصورة جيدة، ونريد ان يسهم هذا المؤتمر في مسار جنيف. ولكن هنالك نواقص لا تزال قائمة في مسار جنيف والجولة الاخيرة اكدت صعوبة التغلب عليها، لان وفد المعارضة لا يزال يطرح شروطا تعجيزية، وطالما رددنا انه يجب الجلوس الى طاولة المفاوضات من دون طرح موضوع رئيس سوريا، لكنهم يعودون دوما الى هذه الفكرة. يجب تغيير هذا الموقف. نحن نفهم ان هذه المعارضة تريد باي شكل من الاشكال تسليم السلطة من النظام اليها، ولكن هذا مستحيل عمليا. الشيء الوحيد الذي ترغب روسيا بالسير به كطريق عملي هو اجراء انتخابات جديدة برعاية الامم المتحدة.
*من سيحضر مؤتمر الحوار الوطني؟
-تكمن الفكرة الاساسية بان لا يضم هذا المؤتمر النظام والمعارضة كما هي الحالة في جنيف، بل ان يتوسع ليشمل ممثلي المجتمع ككل. يجب ان يحضر هؤلاء الناس بتنوعهم الطائفي ومن الاقاليم كافة بما يحقق التمثيل الشعبي الشامل، فيشعر المواطن السوري بانه يوجد اشخاص في المؤتمر قريبين منه بكل مواصفاته وانتمائاته الطائفية او الجغرافية او السياسية. ليس هذا المؤتمر للحوار بين قطبين، بل هو حوار شامل بين ممثلي الشعب.
*ماذا عن مسار آستانة؟
-سيستمر مسار آستانة ونتمنى ان يتعزز لان فكرة التطبيع تعتمد كثيرا على الاجراءات في مناطق خفض التوتر والتعاون بين الاطراف الضامنة الثلاثة وايضا مع بعض الاطراف الاخرى التي تنضم بشكل او بآخر بحسب الحاجة. لكن يبدو الآن بان مهمة القضاء على الارهاب وخصوصا الداعشي هي على وشك الانتهاء في المناطق الشرقية، ولذلك سيكون هنالك تركيز على تحسين الاوضاع في المناطق حيث الوضع غير مستقر. وتعتبر الاوضاع في ادلب من بين الاولويات ويجب ترتيب الاوضاع هناك.
*ماذا عن الدور التركي في هذا السياق؟
-نحن نتعاون مع تركيا في هذا الاطار، ونعتقد بانها تنفذ مهمات في مجال مكافحة الارهاب. هنالك شكوك دائمة من جانب النظام السوري بالنسبة الى اهداف الوجود العسكري التركي في الاراضي السورية ويجب متابعة هذا الموضوع. الا ان الامر الاهم يكمن في النتيجة النهائية وهي ابعاد اي وجود لــ”جبهة النصرة” او للمتعاونين معها وتثبيت وقف الاعمال العدائية بين الجميع وصولا الى تسوية سياسية.
*ماذا عن الدور الايراني في سوريا وماذا عن التعاون الروسي الايراني، وكيف تواجه موسكو التهديدات الاسرائيلية من اي دور ايراني على حدودها؟
-عندما نتحدث عن تعاون روسيا مع النظام السوري ندرك انه يوجد تعاون بين الجيش النظامي السوري وبين الحلفاء الايرانيين و”حزب الله”. لذلك فان التعاون الشامل في هذا الاطار هو امر اساسي لنا لتحقيق اهداف مكافحة الارهاب خلال الاعوام الاخيرة. من هنا تقيّم روسيا ايجابيا الدور الايراني في سوريا. بالنسبة الى الهواجس الاسرائيلية فنحن نريد ان يكون الامن مضمونا للدول كلها في هذه المنطقة ولدول الجوار السوري بالدرجة الاولى بما في ذلك اسرائيل. اما المخاطر من جانب اسرائيل فلا نرى اي شيء خاص بالنسبة الى هذا الموضوع، ونحن نعرف ان هنالك هواجس اسرائيلية تجاه ايران، وباي حال توجد منطقة خفض توتر في الجنوب وهذا يضمن انه لا يوجد اي خطر هناك.
* كيف ترى روسيا الى القرار الاميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس؟ وهل يقوض قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرص السلام؟
-هذا القرار الاميركي مخالف لثوابت عملية السلام، التي لا تزال موسكو تتمسك بها من مبادرة مدريد الى سائر مسار المفاوضات الذي تابعته روسيا خلال الاعوام التي تلت مؤتمر مدريد وصولا الى فشل هذه المفاوضات اخيرا وما اعقبها من توقف عملية السلام. القرار الاميركي يعرقل العودة الى عملية السلام، ولكن انا اظن بأن الاجواء غير مؤهلة للعودة الحقيقية الى عملية السلام، لان الاولويات تغيرت بالنسبة الى عدد كبير من الدول هنا، وكيف يمكن الحديث عن عملية السلام في ظروف نزاعات في سوريا والعراق خصوصا واليمن وليبيا، هذا كله يخلق اجواء غير مناسبة ويجب بذل الجهود لمعالجة الاوضاع في المنطقة والعودة الى اولوية النزاع والى التسوية العربية الاسرائيلية، لانه في الظروف السائدة الحالية فان اسرائيل لا تقبل حتما القرارات الدولية في هذا المجال، هذا هو الواقع. وهنا الفت مجددا الى ان سوريا هي الآن خارج جامعة الدول العربية، ويجب تأمين عودة سوريا، كذلك فإن التوجيه ضدّ إيران يعرقل الجهود السلمية حتما، لنكن واقعيين، لا يمكن في آن واحد تعيين ايران و”حزب الله” كإرهابيين ثم التحدث حول الحل العادل للقضية الفلسطينية، هذا مستبعد برأيي.