“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
سيخرج “حزب الله” من سوريا بمقاتليه وليس بقياداته العليا استعدادا للإنضواء أكثر في السياسة اللبنانية الداخلية على عكس ما يشتهي خصومه ويدفعون في اتجاهه. هذه القراءة تقدمها أوساط سياسية واسعة الإطلاع على مواقف الأطراف اللبنانية الفاعلة، وهي تبدو مكمّلة لمضمون خطاب أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله في 19 الجاري حين اعلن الانتصار على تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق.
للتذكير، قال نصر الله في خطابه انه بعد تحرير “راوة” وهي آخر مدينة وآخر قضاء في العراق من “داعش” وبانتظار أن تُعلن الحكومة العراقية النصر النهائي “وعلى ضوء التطور الميداني العراقي، سنقوم بمراجعة للموقف. واضاف: إذا وجدنا أنّ الأمر انجز ولم يعد هناك حاجة للقادة وللمدربين والخبراء من “حزب الله” سيعودون للاتحاق بأي ساحة أخرى”. وأشار: “بالنسبة إلى “حزب الله”، فإن المهمة أنجِزت في العراق”.
وكان نصرالله واضحا بانّ كلامه “لا علاقة له ببيان وزراء الخارجية العرب، مشيرا الى أن “داعش” لحقت بها الهزيمة المطلوبة ولا حاجة لوجود هذا العدد من المجاهدين والكوادر”.
وتعلق الأوساط المذكورة بأن نصر الله قد يكون يعدّ خطابا مشابها يعلن فيه في المستقبل غير البعيد الإنسحاب من سوريا، كعلامة لانتهاء مهمة “حزب الله” في محاربة الإرهاب والقضاء عليه.
وبناء عليه، ترجح هذه الأوساط بقوة أن يخرج “حزب الله” في الاسابيع أو الأشهر المقبلة من سوريا لتعود الأمور الى مسارها الطبيعي في لبنان، فإيران ربما لا تتفق مع الولايات المتحدة بشيء إلا بقرار الحفاظ على استقرار لبنان، وهذا الهدف تتقاسمه طهران ايضا مع الدول الأوروبية.
ولن يكون لخروج “حزب الله” (المحتمل) بحسب الأوساط المذكورة التي تحدثت الى موقع “مصدر دبلوماسي” أي تأثير سلبي على موقعه وهالته، لأنه سيخرج من موقع المنتصر.
تشعر إيران اليوم بأنها ربحت الحرب في العراق وسوريا وأيضا في لبنان بسبب عدم نجاح المخطط السعودي في الساحة اللبنانية.
والملفت بأن إيران المعنية الأولى بالحرب الضروس التي تشنها الرياض حاليا ضدها عبر الساحة اللبنانية والتي بدأتها في 4 تشرين الثاني الحالي تشعر بنوع من الرضى لأن الجزء الأول من المحاولة السعودية باء بالفشل، لكن ذلك لا يمنع التوجس الإيراني من ردة الفعل السعودية المستقبلية والتي لا يبدو أنها مقتنعة بما آلت اليه الأمور من توافق داخلي حيّد اي هجوم داخلي ضدّ “حزب الله” وهذا ما أفضت اليه بوضوح المشاورات التي اجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل سفره الى إيطاليا.
يبدو الإيرانيون –بحسب اوساط مطلعة على مناخهم- مقتنعين بأنه لا يوجد اي طرف دولي يعارض مشاركة “حزب الله” في الحكومة الحالية إلا السعودية. وترجح إيران بقاء هذه الحكومة برئاسة سعد الحريري وهو أمر لا يزعج الإيرانيين لأن الحريري من منظورهم يلعب دورا وسطيا في لبنان، ولذا ترجح طهران ومعها واشنطن وأوروبا ترجح بقاءه في السلطة وصمود التسوية السياسية المستمرة منذ عام.
وبرأي الأوساط أن المحنة الأخيرة منحت الحريري صلابة بسبب جرعات الدعم الأميركية والأوروبية والمصرية التي تلقاها قبل ان تغط طائرته في لبنان.
لكن ما يثير الإهتمام أن أبرز ملف شائك حاليا هو إمكانية فتح كوّة في العلاقات بين سوريا ولبنان ويبدو بأن ثمة أفكار متداولة في المطابخ السياسية بأن عملية النأي بالنفس سوف تطرح مستقبلا بالإتجاهين، الأولى تتمثل بخروج “حزب الله” من سوريا والثانية من خلال قبول الحريري بعملية التنسيق مع الحكومة السورية وخصوصا في موضوع النازحين السوريين، فهل تتم هذه المقايضة التي سيربح بموجبها الحريري أيضا “نأي” حزب الله بنفسه تماما أيضا عن الملف اليمني؟ علما بأن أمين عام “حزب الله” قال ردا على بيان وزراء الخارجية العرب أخيرا بأن “حزب الله” لا علاقة له بالصاروخ الباليستي الذي اطلق في اتجاه الأراضي السعودية ولا وبالصواريخ السابقة، كما أنه لم يرسل حتى مسدسا الى اليمن. وهذا يدل بحسب شرح الأوساط المذكورة بأن “الحزب” مستعد للبحث في دوره في المنطقة بعد انتهاء مهماته من العراق وسوريا وحتى اليمن.