“مصدر دبلوماسي”
اعلن رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري من القصر الجمهوري في بعبدا، التجاوب مع تمني رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التريث في تقديم استقالته و”التشاور في اسبابها وخلفياتها السياسية”، آملاً في ان يشكّل ذلك “مدخلا جديا لحوار مسؤول يجدّد التمسّك باتفاق الطائف ومنطلقات الوفاق الوطني ويعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الاشقاء العرب.”
واعتبر الحريري ان لبنان يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة الى جهود استثنائية من الجميع لتحصينه، وفي مقدمتها “وجوب الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن الحروب وعن الصراعات الخارجية والنزاعات الاقليمية وعن كل ما يسيء الى الاستقرار الداخلي والعلاقات الاخوية مع الاشقاء العرب.”
وكان رئيس الجمهورية وصل الى قصر بعبدا بعد انتهاء العرض العسكري لمناسبة عيد الاستقلال، فيما انتقل رئيسا مجلسي النواب نبيه بري والوزراء سعد الحريري في سيارة واحدة من مكان الاحتفال الى القصر الجمهوري، حيث عقدوا اجتماعا ثلاثيا جرى خلاله عرض التطورات الاخيرة، ثم غادر الرئيس بري اللقاء ليستكمل النقاش في خلوة ثنائية بين الرئيس عون والرئيس الحريري.
الحريري يتريث
في ما يلي نص الكلمة التي ألقاها الحريري بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون:
تشرفت بلقاء فخامة الرئيس ميشال عون في هذا اليوم الذي نجتمع فيه على الولاء للبنان
والوفاء لاستقلاله. وكانت مناسبة لشكر الرئيس على عاطفته النبيلة وحرصه الشديد على حماية الاستقرار واحترام الدستور، والتزام الأصول والأعراف، ورفضه الخروج عنها تحت أي ظرف من الظروف. وإنني أتوجه من هنا، من رئاسة الجمهورية، بتحية تقدير وامتنان إلى جميع اللبنانيين الذين غمروني بمحبتهم وصدق عاطفتهم، وأؤكد على التزامي التام التعاون مع فخامة الرئيس لمواصلة مسيرة النهوض بلبنان وحمايته بكل الوسائل الممكنة من الحروب والحرائق المحيطة وتداعياتها، على كل صعيد.
واسمحوا لي أيضا أن أخص بالشكر دولة الرئيس نبيه بري الذي أظهر حكمة وتمسكا بالدستور والاستقرار في لبنان وعاطفة أخوية صادقة تجاهي شخصيا.
لقد عرضت اليوم استقالتي على فخامة الرئيس، وقد تمنى علي التريث في تقديمها والاحتفاظ بها لمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها السياسية، فأبديت تجاوبي مع هذا التمني آملا ان يشكل مدخلا جديا لحوار مسؤول يجدد التمسك باتفاق الطائف ومنطلقات الوفاق الوطني ويعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب.
إن وطننا الحبيب يحتاج في هذه المرحلة الدقيقة من حياتنا الوطنية إلى جهود استثنائية من الجميع لتحصينه في مواجهة المخاطر والتحديات. وفي مقدمة هذه الجهود، وجوب الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن الحروب وعن الصراعات الخارجية والنزاعات الإقليمية
وعن كل ما يسيء إلى الاستقرار الداخلي والعلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب.
وإنني أتطلع في هذا اليوم إلى شراكة حقيقية من كل القوى السياسية، في تقديم مصلحة لبنان العليا على أي مصالح أخرى وفي الحفاظ على سلامة العيش المشترك بين اللبنانيين وعلى المسار المطلوب لإعادة بناء الدولة.
لبنان أمانة غالية أودعها الشعب اللبناني في ضمائر كل الأحزاب والتيارات والقيادات.
فلا يجوز التفريط بهذه الأمانة. حمى الله لبنان وحفظ شعبه الطيب.
الإستقبال الشعبي في بيت الوسط
وبعد الظهر خاطب الحريري في كلمة ألقاها الوفود الشعبية والشخصيات التي قصدت “بيت الوسط” من بيروت ومختلف المناطق لتهنئته بسلامة العودة إلى الوطن، ولتأكيد دعمها وتأييدها لنهجه وسياسته الوطنية، فقال:
“هذه لحظة لا يمكن أن أنساها. هذه لحظة اللقاء مع الأحباب، مع الرفاق، مع الأهل الحقيقيين. هذه لحظة الوفاء معكم أنتم الذين تعلّمون العالم الوفاء.
هذه لحظة الصدق معكم أنتم الذين تعلّمون العالم الصدق. هذه لحظة للتاريخ وللجغرافيا، ولمن له عيون ترى فليرى ومن له أذنان تسمع فليسمع.
وهذه لحظة القلب، قلب سعد رفيق الحريري الذي يقف بينكم، واحدا منكم ولكم لكي أختصر كل شي بكلمة واحدة: شكرا… شكرا…. شكرا
شكرا لكل واحد وواحدة بينكم، لكل لبناني ولكل لبنانية فهم في لحظة واحدة ما هي أهمية الحفاظ على بلدنا وعلى استقرار بلدنا وعلى أمن بلدنا
وعلى الأمان لأهلنا بكل لبنان.
وأنتم أتيتم من كل لبنان لتقولوا لي الحمد الله على السلامة، وأنا أتيت لأقول لكم: الحمد الله على سلامة لبنان والحمد الله على لبنان، الحمد الله على اللبنانيين، الحمد الله على كل واحد وواحدة منكم.
وأنا باق معكم ومستمر معكم، باقون معا ومستمرون معا لنكون خط الدفاع عن لبنان وعن استقرار لبنان وعن عروبة لبنان.
وهذا اللقاء اليوم سيتكرر معكم، ليس فقط هنا. سترونني عندكم في عكار وبالمنية والضنية وطرابلس والقلمون وبكل الشمال. سترونني عندكم في البقاع، كل البقاع، وعندكم في صيدا والجنوب، كل الجنوب. وعندكم في الاقليم والشوف وجبل لبنان، كل جبل لبنان، لندافع سويا عن بلدنا وحرية بلدنا وعروبة بلدنا واستقرار بلدنا.
أنتم اليوم في بيروت مع أهل بيروت، ونحن جميعا اليوم في بيتكم جميعا، بيت الوسط، لنقول سويا: نحنا أهل الوسط، أهل الاعتدال، أهل الاستقرار، أتينا جميعا في عيد الاستقلال لنقول: ليس لدينا أغلى من بلدنا، وليس لدينا إلا بلدنا، ومبدؤنا لا يتغير وشعارنا سيبقى: لبنان أولا، لبنان أولا، لبنان أولا.
عشتم، عاش لبنان.“