“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
نظّمت السفارة البابوية في لبنان حفل استقبال وداعي للسفير البابوي وعميد السلك الدبلوماسي في لبنان المونسينيور غابريال كاتشا، بعد تعيينه من قبل الفاتيكان سفيرا بابويا في الفيليبين. وحضر ممثلون عن رئيس الجمهورية وزير العدل سليم جريصاتي ورئيس المجلس النيابي النائب ميشال موسى ورئيس الحكومة النائب باسم الشاب. وحضرت فاعليات سياسية بارزة منها رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والغربي وفاعليات دينية (البطريرك الماروني بشارة الراعي) وقضائية وإجتماعية. ويحتفل السفير كاتشا غدا السبت عند العاشرة والنصف صباحا بالقداس الإلهي في كاتدرائية سيدة لبنان في حريصا حيث يلتقي في ختامه الحضور “للمصافحة وتبادل التمنيات”.
كلمة المونسينيور كاتشا
وفي كلمته، شكر السفير البابوي الفاعليات السياسية والدينية والأمنية والإجتماعية الحاضرة، وقال ” بأنه بعد هذا التنوع الذي ذكرته، يتبين لنا بأن لبنان هو بلد شديد التعقيد، وأذكر جيدا أنني حينما عيّنت في لبنان قيل لي بأنه عليّ التنبه الى أن لبنان هو بلد صغير جدا لكنّه معقدّ جدا، وكنت أجيب بأنني آت من بلد أصغر لكنه أكثر تعقيدا من لبنان هو الفاتيكان”.
وأضاف كاتشا:” إن ما يصفه الناس بالتعقيد أعطيه شخصيا وصف الثراء (…). وأضاف:” يقال أيضا بأن لبنان ليس بلدا ثريا فهو لا يمتلك البترول ولا الذهب، لكن في الواقع يوجد فيه نفط وتوجد أيضا الثروة المائية وهي الذهب الأزرق، لكن الواقع أن غنى لبنان يكمن في اللبنانيين أنفسهم، هم الذين قدموا للعالم الأبجدية، إنه المؤشر على القدرة على التواصل والإنفتاح وعلى الإرادة الدائمة بالبحث عن اللقاء مع الآخرين، وأنا مقتنع بأن اللبنانيين هم ثراء هذا البلد بثقافتهم وانفتاحهم وقدرتهم على حسن الضيافة ولصمودهم في مواجهة المشاكل، وهذا هو الرأسمال الحقيقي لهذا البلد، بالإضافة الى الحرية وهي في لبنان مرتبطة أيضا بحس المسؤولية، حيث توجد الحرية الشخصية مع الوعي بأن الفرد هو أيضا جزء من عائلة ومجتمع وبالتالي لا يمكن التطرف (…).
ونوه بدور الإغتراب اللبناني “وهو جزء من الثراء اللبناني المنتشر في العالم”. وقال كاتشا أنه اكتشف في لبنان بأن الوحدة لا يعني الذوبان في قالب واحد، وأن الإختلاف لا يعني الإنقسام، “وهي عبرة كبيرة أحملها في قلبي”.
وقال أنه عايش رئيسي جمهورية وفراغا رئاسيا و4 رؤساء حكومات وبطريركين، وأنه عايش أياما كان لبنان خائفا فيها على حدوده من “داعش” ومن الحرب في سوريا، وأنه اغتبط باستقبال قداسة البابا بينيديكتوس السادس عشر عام 2012، (البابا السابق)، وكان لديه الحظ أيضا بترميم مقر البعثة الرسولية البابوية في حريصا الذي استمر عامين ونصف العام (…).
وأضاف كاتشا بأن الأمر الوحيد الذي لم يختبره طيلة 8 أعوام يتمثل بالإنتخابات النيابية، وقال:” أنا وصلت الى لبنان بعد حزيران 2009 وكانت الإنتخابات النيابية قد انتهت، ولذا أترك لخلفي أن يكتشف نتائج القانون الإنتخابي الجديد في أيار 2018 وأتأمل أن تحصل هذه الإنتخابات كما يتمنى الجميع (…)”.
وشبّه لبنان بزورق يسير في بحر الشرق الأوسط، “وعندما تكون المياه هادئة تكون الأمور على ما يرام، وإذا كان البحر هائجا يعاني لبنان من الصعوبات لكي يطفو ولا يغرق، وأحيانا تزيد الصعوبات لأن الأمور لا تتعلق بلبنان وحده بل بالقوى العظمى، ولا يجب نسيان واقع الأمور”.
ولفت المونسينيور كاتشا الى أنه توجد صورة مغايرة :” فحين أتأمل في البحر، أرى أن المياه هي السبب في أن يعوم الزورق أو في أن يغرق، لكن السبب في الحالتين لا يكمن في المياه، بل بالزورق، فإذا كان من فجوة في الزورق فإن المياه ستتسرب الى داخله ويغرق، وبالتالي أعتقد بأن لبنان هذا الزورق الصغير لديه الحظ بأن يعوم إذا لم يحو فجوات. ومع كل هذه التجاذبات الإقليمية، أعتقد أنه توجد إرادة صادقة لدى المجموعات اللبنانية كلها بإنقاذ حرية وسيادة واستقلال لبنان- مع كل القيود الموجودة في الإقليم-، وإذا نسيت إحدى المجموعات هذه الأمور ستقوم المجموعات الأخرى بتذكيرها بذلك، وكل لبنان يعرف بأنه إذا غرق الزورق لا أحد سيكسب، وبالتالي من الأفضل للجميع أن يعوموا جميعا ويبحروا سويا في الزورق نفسه. وأنا أعتقد بأن هذه العبرة في التاريخ يعبّر عنها لبنان أفضل تعبير، لذا بقي لبنان محيّدا عن الحرب التي وقعت في سوريا، وأتمنى أن يحافظ اللبنانيون على هذه الذهنية من أن الوحدة العميقة هي أبعد من الإنقسامات المتنوعة، وإذا حافظنا على هذه الذهنية فإن المستقبل الذي ينتظر لبنان زاهر وكبير”.
وأضاف المونسينيور كاتشا:” أنا أغادر الى بلد بعيد جدّا هو الفيليبين، ولكن أنا أحمل كل واحد منكم في قلبي، أغادر لبنان جسديا ولكنني أحمله في قلبي (…).
وتمنى أن تكون “السيدة العذراء التي يكرمها المسيحيون ويحترمها المسلمون هي التي تحمي لبنان وتعطيه مستقبلا جديرا بأبناء الله”.
وألقى البطريرك الكاردينال بشارة الراعي كلمة أثنى فيها على جهود كاتشا طيلة 8 أعوام في لبنان كان فيها خير رسول ومقرّب بين الأديان. وقدّمت سفيرة فنزويلا في لبنان سعاد كرم الدويهي هدية تذكارية للمونسينيور كاتشا بإسم السلك الدبلوماسي العامل في لبنان.