“مصدر دبلوماسي”:
أحيا سفير مصر في لبنان نزيه النجاري ذكرى مرور 65 عاما على ثورة 23 يوليو في دارته في “دوحة عرمون”، وتلقى النجاري وطاقم السفارة المصرية في لبنان التهاني بالمناسبة بحضور حشد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والدينية والإجتماعية والفاعليات الإقتصادية وإعلاميين.
ومثل وزير الدولة بيار رفول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومثلت رئيس المجلس النيابي نبيه بري عقيلته السيدة رندة بري، في حين مثل رئيس الحكومة سعد الحريري وزير الإتصالات جمال الجراح.
بعد النشيدين اللبناني والمصري ألقى السفير النجاري كلمة جاء فيها:
“يطيب لي بدايةً أن أرحب بحضراتكم جميعاً في بيت مصر لنحتفي معاً بمناسبة مرور خمسة وستين عاماً على ثورة الثالث والعشرين من يوليو، متوجهين بتحية احترام وتقدير لرجال ثورة يوليو، وفي مقدمتهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الراحل محمد نجيب والرئيس الشهيد أنور السادات، وأيضاً لكل من ضحى من أجل القيم النبيلة التي رفعتها الثورة من استقلال القرار وإنهاء الاستعمار وتحقيق العدالة الاجتماعية لأبناء الشعب المصري”.
وقال النجاري:” إن الروح الوطنية الجارفة التي بثتها ثورة يوليو في وجدان شعوبنا العربية والتي كانت وقوداً لملايين العرب في مواجهة الاستعمار والنضال لنيل التحرر الوطني والإرادة الوطنية المستقلة، والتي علمتنا أيضاً جميعاً أن ما يجمعنا ليس فقط وحدة التاريخ وإنما أيضاً وحدة المصير، هي ذاتها الروح التي يتعين علينا جميعاً أن نستلهم منها اليوم حتمية التكاتف العربي في مواجهة التحديات الجسام التي فرضتها التطورات السياسية والأمنية في منطقتنا على مدى السنوات الأخيرة.
ولعل تلك السنوات وما شهدته من أحداث وتطورات قد برهنت على أن الخطر الرئيسي الذي يحدق بأمتنا هو خطر تفكيك الدولة الوطنية الجامعة لمواطنيها والإيقاع بين مكونات شعوبنا المتنوعة من خلال بث فكر مريض متطرف وإرهاب بغيض يعوق أي نهضة أو تنمية في بلادنا، ويلقي بالمنطقة في آتون الحروب اللانهائية بين شعوبنا”.
أضاف:” لقد أدرك الشعب المصري ذلك الخطر مبكراً تحت قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ودعت مصر كافة الدول العربية إلى التضامن في مواجهته سياسياً وأمنياً وفكرياً واقتصادياً، ولعل ذلك تجلى مؤخراً في الموقف الموحد الذي أمن تصدياً عربياً لإصرار دول بعينها في المنطقة على سياسة دعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وإتاحة منابرها الإعلامية لنشر أفكارها ودعايتها الظلامية التي لا تؤدي سوى للتشجيع على المزيد من القتل والتدمير. ولعل هذا التضامن العربي في مواجهة تطرف يهدد مجتمعاتنا يكون مقدمة لعودة تعاون بين دولنا يستعيد قوة العرب وقدرتهم على توجيه مسار الأحداث سوياً في منطقة تشهد تدخلات لا حصر لها. وقد أكد الرئيس السيسي خلال افتتاح قاعدة محمد نجيب أمس الأول أن الشعب المصري سند لأمته العربية في الحق والبناء وليس في القتل والتخريب والدمار”.
ولفت السفير النجاري:” اسمحوا لي في هذا السياق أن أتوجه بأسمى آيات التحية والإجلال لأرواح شهداء مصر من القوات المسلحة والشرطة الذين بذلوا أرواحهم فداء لوطنهم في التصدي لخطر تلك الجماعات الإرهابية المتطرفة، كما استذكر أرواح الشهداء من المواطنين المصريين الأبرياء، وأولئك الذين فقدوا حياتهم نتيجة الهجمات الإجرامية التي استهدف بعضها عدداً من الكنائس في الشهور الأخيرة في محاولة خبيثة لضرب الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي في مصرنا الحبيبة”.
وأشار:”لقد زادت صراعاتنا وأزماتنا في السنوات الماضية وتفاقمت على نحو جعل الخروج من هذا الوضع المتأزم مسألة تتطلب جهداً استثنائياً وإيماناً مطلقاً بقدرتنا كعرب وباتحاد إرادتنـا على تحقيق ذلك الهدف وتلك المصلحة الملحة بعيداً عن الشعارات، فمن سوريا إلى اليمن إلى ليبيا، أزمات سياسية علينا مداواتها وانهاؤها بأسرع ما يمكن، ودور مصر معروف في الملفات الثلاثة وقد نجحت خلال الأيام الأخيرة في التوصل إلى وقف إطلاق نار بالغوطة الشرقية يفتح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية ومعالجة الجرحى ولعله يساهم في تعزيز فرص الحل السياسي مستقبلاً؛ إلا أن علينا أن نذكر أنفسنا بشكل دائم بأم قضايانا العربية، قضية الشعب الفلسطيني الحبيب التي لا استقرار في هذه المنطقة المؤثرة على العالم دون تسوية عادلة ومنصفة لها، تحقق لهذا الشعب المكافح طموحه المستحق في تقرير المصير، وهو الحق الذي بُني عليه النظام الدولي بأكمله في أعقاب الحربين العالمية الأولى والثانية وليس مقبولاً أن يظل الفلسطينيون وحدهم محرومين من هذا الحق الأصيل.
وقد طالبت مصر إسرائيل بالوقف الفوري للعنف والتصعيد الأمني ضد الأخوة الفلسطينيين في القدس ومحيط المسجد الأقصى وأعربت عن استيائها الشديد لوقوع ضحايا ومصابين من المدنيين في المواجهات، كما شددت على ضرورة احترام إسرائيل قدسية الأماكن المقدسة وعلى حق الفلسطينيين في ممارسة الشعائر الدينية في حرية وأمان كاملين.
وفي هذا السياق فقد طلبت مصر وفرنسا والسويد عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن ستبدأ اليوم بين لحظة وأخرى وذلك لبحث سبل إنهاء حالة التصعيد الحالية بأسرع ما يمكن، كما يعقد مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري يوم الخميس”.
وتطرق السفير النجاري الى العلاقات مع لبنان فقال :”تشهد العلاقات المصرية اللبنانية، الضاربة عميقاً في تاريخ المنطقة ووجدان شعبينا، تنامياً كبيراً في الآونة الأخيرة بهدف مواجهة تلك التحديات المشتركة معاً، فالعلاقات السياسية حظت بدفعة كبيرة بدأت بزيارتين قام بهما وزير خارجية مصر إلى لبنان في نهايات العام الماضي، إذ كانت مصر دائماً حاضرة إلى جانب لبنان لمواكبة جهود القوى السياسية اللبنانية التي نجحت دون تدخلات خارجية في انتخاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولم تتأخر زيارة فخامته إلى مصر التي تمت في شهر فبراير/شباط الماضي كما زار القاهرة دولة الرئيس سعد الحريري في الشهر التالي، إذ تم الاتفاق عبر ذلك التواصل الرفيع على التعاون والتنسيق في كل ما يحقق أمن واستقرار البلدين، ونثمن في هذا السياق أيضاً علاقة مصر الوثيقة مع دولة الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب ودوره في دعم العلاقات بين البلدين، كما أن التعاون بين رجال الدين في البلدين والذي تجلى في تنظيم مؤتمر الحرية والمواطنة من قبل الأزهر الشريف ثم مؤتمر سيدة اللويزة مؤخراً في لبنان هو اسهام رئيسي ومؤثر في نشر ثقافة السلام والتعايش ونبذ التطرف والانعزالية في منطقتنا”.
وقال:” كما كان العهد الجديد في لبنان فاتحة خير لمزيد من الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ كانت توجيهات القيادة السياسية باعتماد كل ما من شأنه دعم لبنان والتبادل الاقتصادي بين البلدين، وقد تُرجم ذلك في انعقاد لجنة مشتركة ناجحة برئاسة رئيسي الحكومة في البلدين خلال زيارة الرئيس سعد الحريري إلى مصر بعد توقف تلك اللجنة لفترة سنوات سبع.
وأود أن أنوه هنا إلى تنامي حجم الاستثمارات اللبنانية في مصر التي أصبحت تحتل المرتبة العاشرة في سوق الاستثمارات الأجنبية والتي يجني الشعبان ثمارها بشكل كبير وهو ما يؤكد جودة ظروف الاستثمار في مصر، كما أن التجارة بين البلدين في نمو سنوي منتظم حيث سيقارب اجماليها المليار دولار تقريباً، وتنتعش السياحة بين البلدين أيضاً إذ احتلت السياحة المصرية المرتبة الثانية في السياحة بلبنان خلال الأعوام الأخيرة. كما سجلنا زيادة قدرها 20 في المئة في التأشيرات الممنوحة هذا العام للمواطنين اللبنانيين مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقد أصبحت مدينة شرم الشيخ الآن الوجهة المفضلة لقطاع عريض من اللبنانيين، وأنتهز هذه الفرصة لدعوة الأشقاء في لبنان لزيارة الأقصر وأسوان وسائر المقاصد السياحية المصرية”. (…).