“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
للأزمة الخليجية في الصالونات السياسية اللبنانية نكهة خاصّة، فهي تتضمّن تحليلات بعضها مبني على تحاليل أو قراءات في الصحافة الخليجية أو التركية أو الإيرانية، أو على تغريدات “تويتر” المتضادة بين الأطراف المتناحرة، أو على الموقف السياسي المنقسم في لبنان بين فريق ما يسمّى “الممانعة” الذي يدعم وجهة نظر إيران وحلفائها أو الفريق “غير الممانع” ولكن المهادن لفريق الممانعة.
وإذا كان موقف لبنان الرسمي هو النأي بالنفس عن خلاف البيت الخليجي، فيبدو بأن اللبنانيين من الأفرقاء السياسيين لا ينأون عنه إلا بالشكل، خوفا من خسارة أصدقاء أو مموّلين أو مصالح أو …تأشيرة دخول الى البلدان المعنية.
إستفاق اللبنانيون منذ ثلاثة أسابيع على خلاف بين السعودية والإمارات والبحرين ومعها مصر مع قطر ومعها تركيا وإيران.
وقبل شهر من الأزمة كان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري يزور قطر للمشاركة في مؤتمر إقتصادي على رأس وفد رسمي، وبعد شهر إستقبل الحريري سفراء دول السعودية والإمارات ومصر الذين جالوا على المسؤولين اللبنانيين مستفسرين عن موقف لبنان من الخلاف من قطر شارحين وجهة نظر بلدانهم، وملوّحين بـ”العصا والجزرة” بمعنى أن أي موقف للبنان “متعاطف” مع الإرهاب لن يمرّ على خير.
وكالعادة، فإن الدبلوماسية اللبنانية قررت النأس بالنفس عن خلاف “الأصدقاء الخليجيين”، وهو موقف لم يعجب هذه الدول معتبرة بأن لبنان ينأى بنفسه عن معركة ضدّ الإرهاب، في حين نزل “بردا سلاما” على قلوب القطريين الذين قرروا السماح للبنانيين الدخول الى قطر من دون تأشيرة دخول، وهي إشارة رضى واضحة وصريحة، تشبه جوائز الترضية التي قدمتها الدوحة للسياح الكويتيين والعمانيين في عيد “الفطر ” بحيث تم استقبال هؤلاء مجانا طيلة عطلة العيد.
وإذا كانت عطلة عيد الفطر قد جنبت الدبلوماسيين في هذه البلدان اللقاءات الإجتماعية والمصافحات المحرجة، ومن المعروف أن سفراء الخليج يجولون عادة سويا على المسؤولين اللبنانيين عند أي استحقاق يعتبرونه مفصليا، فإن هذه الصورة لا تبدو أنها ستتكرر بعد احتدام الأزمة، وبعد أن فضحت “تغريدات” بعض السفراء كل ما يعتمل في القلوب من نيران متأججة بفعل الأزمة.
ويبدو اللبنانيون شديدي الحرص على عدم إيذاء مشاعر أي من الطرفين حجتهم الأساسية:” سيتصالح الخليجيون عاجلا أم آجلا، ولا نريد أن نذهب “فرق عملة”!
ففريق “المهادنة” أي فريق 14 آذار يتمسك بفكرة النأي بالنفس وكيف لا يفعل وعلاقاته ومصالحه متميزة جدا مع قطر ومع تركيا خصوصا وكذلك مع السعودية والإمارات ومصر، في حين أن إيران تبدو محيدة بشكل واضح.
أما فريق “الممانعة” فسعيد بتحييد إيران، ويركز في تحاليله على الإنقسام الأميركي حيال الأزمة بين الرئيس دونالد ترامب الذي أوحى في زيارته السعودية الأخيرة بضوء أخضر لبدء الهجوم المضاد ضدّ قطر، في حين يبدو التمايز واضحا بينه وبين المؤسسات الأميركية ومنها وزارة الدفاع والداخلية وحتى وزارة الخارجية.
ويركز هذا الفريق على “التنافس” السعودي الإماراتي مع قطر، ولا يتحدث إطلاقا عن تهمة قطر بدعم الإرهاب. ويفضل هؤلاء انتظار تداعيات انهاء “داعش” في الموصل، والورقتين التركية والإيرانية، متسائلا عن احتمالات التصعيد الخليجي.
في الصالونات اللبنانية، تكثر التكهنات عن إمكانية إخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي ومن جامعة الدول العربية أو سيناريو قاعدة خليجية مصرية في البحرين…
في الصالونات اللبنانية، تنبه لاستبعاد إيران من المواجهة الخليجية، وطرائف لا يمكن سردها تفاديا لأية حساسيات مع الدول المعنية، التي بات داعموها اللبنانيون يحصون أنفاس بعضهم البعض ليس بالكلام فحسب وإنما بالتغريدات واللايكات… وخصوصا وأن الدول المتخاصمة بلا استثناء باتت تعتمد قاعدة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش:” من ليس معنا فهو ضدّنا”.
وأخيرا، يرفع اللبنانيون سواء الداعمين للسعودية والإمارات أو الداعمين لقطر الصلوات لحل الأزمة الخليجية بأسرع وقت ممكن تفاديا لإحراجهم أكثر بمواقف حاسمة ستبدو ضرورية في حال تصاعد الأزمة وتمددها الزمني، وهو أمر يبدو أنه سيحصل بعد تعثر الوساطة الكويتية واقتراب انتهاء المهلة التي أعطتها السعودية والإمارات لقطر لتنفيذ مطالبها الـ13 …للتذكير فإن هذه المهلة تنتهي يوم الإثنين القادم!