“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
إنفجر الخلاف الخليجي مع قطر في سرعة غير مسبوقة فقطعت 3 دول خليجية هي السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة وكذلك فعلت مصر.ومنعت السعودية والإمارات والبحرين دخول أو عبور المواطنين القطريين ومنعت مواطنيها من السفر الى قطر أو الإقامة فيها، وأمهلت هذه الدول البعثات الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة أراضيها. كذلك قررت السعودية والإمارات إغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة الى قطر، وكذلك فعلت مصر.
تدهور الأوضاع مع قطر في شكل دراماتيكي يحمل الكثير من الدلالات عقب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية، مشاركا في القمّة الأميركية العربية الإسلامية.
وإذا كانت الأجواء الخليجية لا تربط بين تفجّر الخلاف مجددا مع قطر وزيارة ترامب مفضلة ردّ التزامن الى حملات إعلامية متواصلة لقناة “الجزيرة” ضد دول عربية وخليجية كمصر والإمارات العربية المتحدة، ولنكث الدوحة تعهدات سابقة لها آخرها عام 2014 بعدم التعرّض الى الأنظمة في الدول العربية والخليجية، فإن لهذا التزامن مغزى اكيد وخصوصا مع تصريحات لافتة أدلى بها عشية زيارة ترامب وزير الدفاع الأميركي السابق بيل غيتس كشف فيها خبايا علاقة قطر بجماعة الإخوان المسلمين المصنّفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
وإضافة الى تصريحات غيتس تحفل التقارير في الصحف الخليجية عن “فضائح” قطر سواء في تقديم الدعم والأموال للإرهابيين في تنظيم “داعش” أو “جبهة النصرة” والحوثيين والحشد الشعبي. ويقدم الأميركيون بحسب غيتس وثائق وأدلة عن دعم قطر لداعش ولجبهة النصرة بالأموال وبالأسلحة الى تقديمها أموالا للحشد الشعبي العراقي.
وتذهب بعض المناخات التي تظهرها الأجواء الخليجية حد الدعوة الى إخراج قطر من منظومة مجلس التعاون الخليجي.
ولعلّ الأدلّة المتراكمة للدعم القطري المستمر لجماعة الإخوان المسلمين وللمنظمات التي تدور في فلكها، هي في صلب هذا الخلاف الخليجي الذي تفجّر عقب تسريبات صحافية لأمير قطر تميم انتقد فيها دولا خليجية وأبدى استعداده للتعاون مع إيران، وتمّ الردّ عليها بحملة إعلامية قاسية قادها الإعلام الإماراتي الخليجي بشكل عام، قوبل منذ يومين بخرق للبريد الإلكتروني لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة والذي اتهمت به فقطر بطبيعة الحال.
وفي معلومات لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن الخلاف الخليجي القطري سوف يتدرّج تصاعديا في الأشهر المقبلة وستنتج عنه قرارات مهمة على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي وفي العلاقة مع الدوحة ومن يدور في فلكها. ولم تفصح الأوساط عن طبيعة هذه التدابير.
في هذا الإطار، يعود الحديث بقوّة عن ترابط بين السلفية الجهادية من جهة وبين حركة “الإخوان المسلمين” من جهة ثانية، وعن دعم قطر وتركيا في آن لجبهة النصرة في سوريا ولجماعات قاعدية في ليبيا وهو ما لا يبشر بالخير لحركة تدعو الى العنف والتفجيرات الإنتحارية في أدبيات القائمين عليها من العلماء ولعلّ أبرزهم يوسف القرضاوي المقيم في الدوحة.
وفي هذا السياق يعاد التذكير بحلقة تلفزيونية مع القرضاوي بثتها قناة “الجزيرة” في بدايات الحرب السورية سئل فيها القرضاوي عن رأيه في شخص يفجر نفسه ليستهدف تجمعا يتبع النظام السوري ؟ وماذا لو نتج عنه خسائر في صفوف المدنيين؟
وبكلّ ثقة يجيب القرضاوي: الأصل في هذه الأمور أنها لا تجوز إلا بتدبير جماعي، في الأصل يقاتل الإنسان فيقتل، أما أن يفجّر نفسه فهذا لا بدّ أن ترى الجماعة بأنها في حاجة الى هذا الأمر، إذا رأت الجماعة أنها في حاجة الى من يفجّر نفسه في الآخرين، ويكون هذا أمرا مطلوبا ومدبّر الجماعة يفعل ذلك بأقل الخسائر الممكنة، وإن استطاع أن ينجو بنفسه فليفعل. يجب أن تسلّم نفسك للجماعة والجماعة هي التي تصرّف الأفراد بحسب احتياجاتها بحسب المطالب وإنما لا تصرّف الأفراد لوحدهم”.
وتحذّر الأوساط المتابعة للخلاف الخليجي القطري من عودة تبشير بعض التيارات بأن الإخوان المسلمين هم خيار سياسي، راوية أكثر من رواية عن دعم قطر لجماعات إخوانية في ليبيا الى اتهامات لدعم قطر لجبهة النصرة في سوريا لتتمكن من الحفاظ على مصالحها الإقتصادية.
“ثمة علاقة واضحة بين الإخوان والإرهاب الذين يحاولون تدمير الدول الأخرى”، بحسب أوساط متابعة لهذا الخلاف، وأكبر دليل على نموذج “الإخوان” هو فشلهم في مصر التي أرادوا محو هويتها المصرية واستبدالها بهوية إسلامية بغض النظر عن مكوناتها، وتحذر الأوساط من نوايا غربية متجددة بإعادة تعويم أفكار المفكر الفرنسي اليهودي برنار هنري ليفي بلم شمل الإسلاميين لأنهم قد يساعدون على عودة المهاجرين الى بلدانهم، وهو ما أثبت عدم صحته.
ويبدو بأن قرار مصر الإنضمام الى الثلاثي الخليجي هو دليل إضافي عن توجّسها من السلوك القطري وهي كانت سباقة بسحب سفيرها من الدوحة منذ أكثر من عامين، وليس تعليق مصر علاقاتها مع قطر سوى دليل إضافي على أن “الكيل طفح من إصرار قطر على دعم الإرهاب وتجاهل مصالح الدول الكبيرة في المنطقة وتجاهل النصائح والضغوط الممارسة عليها لوقف نشاطاتها الضارّة باستقرار المنطقة والعالم” بحسب أحد المحللين المواكبين لهذا الملفّ.