“مصدر دبلوماسي”-
أقام سفير بريطانيا في لبنان هوغو شورتر حفل استقبال في مقرّه في اليرزة تكريما للصحافة اللبنانية، وألقى كلمة تطرّق فيها الى أوضاع الصحافة والإنتخابات النيابية مشددا على أهمية “الكوتا” النسائية”.
في ما يأتي النص الكامل لكلمة السفير شورتر:
احتفلنا في الأسبوع الماضي باليوم العالمي لحرية الصحافة. لا تلقى الصحافة في أيّ بقعة من الشرق الأوسط التقدير والاحترام اللذين تلقاهما الصحافة اللبنانية. لكنّ أحداً لا ينكر في الوقت ذاته الحيّز الهام الذي لا تزال تشغله مسألة حرية الصحافة هنا. كيف لي أن أنسى هذا الواقع وأنا أعيش في ربوع هذا البيت الذي كان يملكه يوماً الصحفي المعروف سليم اللوزي.
فقد واجهت وسائل الإعلام اللبنانية أزمة حادّة هذا العام، حيث اضطر بعضها إلى الإقفال على غرار جريدة “السفير” التي توقّفت عن الإصدار بعد 42 سنة من الخدمة، أو إعادة الهيكلة لمواكبة النمو المتسارع في العالم الرقمي ومواجهة الضغوط المالية. ورأينا في بريطانيا كيف كانت “ذي إنديبندنت” أول صحيفة وطنية تتحوّل إلى موقع إلكتروني عالي الجودة، كما فعل بعض الحاضرين في هذه القاعة الذين سبق أن أنشأوا مواقعهم الإخبارية الخاصة على شبكة الإنترنت. ونحن سعداء لقدرتكم أيضاً على الارتقاء إلى مستوى التحديات.
برأيي، إذا كانت حرية الصحافة تتعرّض مراراً للانتقاد فلأنّ الصحافة، عندما تؤدّي عملها كما يجب، إنّما تزوّد الأشخاص، أي الناخبين، بمعلومات لم يكونوا على علمٍ بها أو تُطلِعهم على وجهة نظر ربما كانوا قد أغفلوها. وهنا تكمن الوظيفة الأساسية لكلّ ديمقراطية سليمة، سواء قبل الانتخابات أو خلالها أو بعدها.
وكما ذكرت سابقاً، أشير مجدداً إلى اقتراب موعد انقضاء المهل الانتخابية مع انتهاء ولاية البرلمان الحالي بعد [40] يوماً من الآن. لذلك نحثّ الجميع، كجري عادتنا، على وضع جدول زمني واضح لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، مع الحرص بالطبع إلى عدم الدخول في نقاش حول ما يجب أن يكون عليه شكل القانون الانتخابي.
ولعلّ الجانب الوحيد من القانون الانتخابي الذي لا أكون محايداً فيه هو ذاك المتعلّق بالكوتا النسائية. 3 في المئة فقط من أعضاء البرلمان في لبنان هم من النساء (20 في المئة في السعودية، و50 في المئة في تونس)، ما يقوّض مصداقية لبنان الديمقراطية ويحرم نصف سكانّه من حقوقهم السياسية الأساسية، ويمثّل هدراً كبيراً للمواهب في نظام سياسي هو أحوج ما يكون إلى جميع المواهب المتوافرة فيه. بالعادة، لست من هواة نظام الكوتا ولكنّ ظروفاً قاهرة قد تدعو إلى تطبيقه بصورة مؤقتة في حالات مماثلة. فانطلاقاً من موقعنا كسفارة بريطانية، نعمل على تنفيذ بعض المشاريع المبتكرة والناجحة دعماً لدخول المزيد من النساء اللبنانيات إلى الحياة السياسية – في ظلّ نظام الكوتا أو غيابه. وأنا ممتن جداً لكلّ من يسعى من بينكم إلى استضافة نساء في برامجكم، أو التحدّث عنهن في أعمدة صحفكم، نظراً إلى الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام في هذه المسألة.
لا يسعني بعد عام ونصف من تسلميّ منصبي كسفير بريطانيا في لبنان، إلاّ أن أعرب عن فخري الكبير بالعمل الذي أنجزناه معكم جميعاً. نحن نقف إلى جانب لبنان بالفعل لا بالقول. ويلخّص الكتيب الذي بين أيديكم مجمل الإنجازات التي حقّقناها بفضل شركائنا الكُثُر ومختلف فئات الشعب اللبناني.
يزخر لبنان بأبطال مجهولين يحمون حدوده ويحاربون الإرهابيين؛ أو يوسّعون نطاق أعمالهم التجارية في بيئة اقتصادية صعبة؛ أو يتحايلون على ميزانيات أسرهم لمساعدة أولادهم على الانطلاق في الحياة في أحسن الظروف الممكنة؛ أو يعملون بكدّ وتعب – في المدارس والمستشفيات والمنظمات غير الحكومية – لتعليم الفئات الضعيفة من اللبنانيين والسوريين على السواء، ومعالجتها، ودعمها. وكم تذهلني أيضاً الحيوية والإبداعية والدينامية التي يتحلّى بها الشباب اللبناني وأصحاب المشاريع الريادية.
لا بدّ أنّ البعض منكم يتابع أخبار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكنّي أودّ التأكيد في معرض هذا اللقاء أنّ خروجنا من الاتحاد الأوروبي لا يعني تخلّينا عن أوروبا، ولا يعني بالطبع تقليص دورنا على الساحة العالمية. بل ستعمل بريطانيا بالتكاتف مع لبنان، على حدّ ما ورد في الكتيّب، على تعزيز الأمن والاستقرار والازدهار.
في الختام، وعلى الرغم من اننا قد نختلف بالآراء احيانا، فمن شأن تبادل وجهات النظر والتواصل والاستماع إلى بعضنا البعض أن يعزّز عامل الموضوعية والثقة ويؤسّس لعلاقة طويلة الأمد في ما بيننا. وباعتباركم عيون الجمهور وآذانه وصوته، فامضوا بمساعيكم لتكونوا فخراً لبلادكم (…).