“مصدر دبلوماسي”- دبي- مارلين خليفة:
يتصدّر الملفّ الليبي أجندة المباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي وولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الزيارة الرسمية التي بدأها السيسي أمس الى أبو ظبي وهي تستغرق يومين. وقد تزامنت زيارة الرئيس المصري وهي الثانية الى الإمارات في غضون 6 أشهر مع نجاح ابو ظبي في تحقيق المصالحة بين رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة فايز السراج مع القائد العسكري اللواء خليفة حفتر بغية العمل سويا لإنهاء الأزمة في البلاد. وقد جاء السيسي ليطلع على تفاصيل الإتفاق الذي نجحت الإمارات في تحقيقه حيث فشلت دول عدة ما يضمن حلا سياسيا يؤدي الى استقرار ليبيا وجيرانها على حدّ سواء.
في ما يأتي إضاءة على زيارة الرئيس المصري الى أبو ظبي مع أستاذ العلوم السياسية سابقا في جامعة أبو ظبي والأستاذ المحاضر في عدّة محافل دولية الدكتور عبد الخالق عبد الله:
كيف يمكن قراءة زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأبو ظبي للمرة الثانية في غضون 6 أشهر؟
صحيح، هي الزيارة الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي الى الإمارات في غضون 6 أشهر، ومن المهمّ أن نفهم بأن العلاقات بين الإمارات ومصر بلغت درجات عالية من التنسيق والتوافق على معظم ملفات المنطقة تقريبا وهي بالتالي ليست بحاجة الى زيارة روتينية بروتوكولية لكي تتوطد. المهم في الزيارة هوالتواصل الشخصي المستمر وهو إستمرار لنهج أسس له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله يقوم على قاعدة تشير الى أن العلاقات الشخصية تتخذ الأهمية ذاتها للعلاقات الإستراتيجية والسياسية. من جهة ثانية، جاءت هذه الزيارة بتوقيت معين، حيث أن الدبلوماسية الإماراتية تمكنت من حلحلة واحدة من الأزمات المعقدة في المنطقة العربية التي استمرت 3 أعوام عصية على الحل بالرغم من تدخلات مصر ودول أوروبية وأقصد بالطبع الملف الليبي.
تمكنت الدبلوماسية الإماراتية من حلحلة الأزمة في ليبيا، ولكي تكتمل هذه الحركة كان لا بدّ من مباركة مصر لها. أعتقد أن هدف الزيارة هو تعميق العلاقات الودية والشخصية من جهة وأن يكون توافق إماراتي مصري من جهة ثانية حول ما تمّ تحقيقه في ليبيا.
في الملف الليبي كيف نجحت الوساطة الإماراتية بعد انسداد أفق طويل؟
وإلام سيؤول الوضع في ليبيا؟
إن الجرح الليبي كان داميا ولا بدّ مداواته، ومن المهم أن الإمارات استطاعت أن تحقق ما لم تتمكن منه لا موسكو ولا القاهرة ولا إيطاليا، وهذا نجاح باهر للدبلوماسية الإماراتية. إن تهدئة الأوضاع في ليبيا يسهم كثيرا في تهدئة مخاوف مصر وتهدئة الأوضاع السياسية والأمنية فيها لأنّ الحدود مع ليبيا كانت مكشوفة وشكلت مدخلا لعدم الإستقرار في مصر، فتهدئة الملف الليبي يخدم ليبيا من جهة ويخدم مصر وهذا ما تسعى إليه الإمارات.
ماذا عن التنسيق الإماراتي السعودي في ملفات المنطقة؟ من اليمن الى ليبيا فمصر؟
إن العلاقات السعودية الإماراتية تعيش عصرها الذهبي بكل المعاني، وهي تمر بواحدة من أكثر اللحظات توافقا في الرؤى والمصالح، والجاري حاليا مأسسة العلاقات عبر خلوة العزم التي عقدة جولتها الأولى في أبو ظبي وعقدت جولتها الثانية في الرياض، بمشاركة واسعة من وزراء ومسؤولين على مستويات متعددة مما يعني أن ثمة رغبة في الإنتقال في العلاقات السعودية الإماراتية من الحدّ الأدنى من التنسيق الى الحدّ الأقصى، وأعتقد أن هذا هو المحور المهم مما يجري في المنطقة، هو التنسيق الذي يجري بين الرياض وابو ظبي في ما يتعلق بالعلاقة بين البلدين ومصر وبقية دول المنطقة. إنها لحظة فيها ارتقاء بمستوى العلاقات بين الإمارات والسعودية على مستويات لم نشهدها طيلة الأربعين سنة الماضية.
نفى ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وجود تباينات سعودية إماراتية حول الموضوع اليمني ماذا عن هذا الأمر؟
ثمة إعلام ذكره الأمير محمد بن سلمان يسعى ويؤكد وجود خلافات ويؤجج من التفاوت في وجهات النظر، لكن المعطيات تؤكد العكس ومنها اجتماع لجنة التنسيق بين السعودية والإمارات واليمن الذي انعقد في جدّة أمس، مما يدل على أن التنسيق قائم في اليمن على عكس ما يشاع. ولا أعتقد أن هنالك من مجال لخلاف ولا سيما وأننا في خضمّ معركة في الوقت الراهن.
في مقابلة الأمير محمد بن سلمان الأخيرة مع “العربية” يبدو أن الخلاف السعودي والخليجي مع إيران مستمر ولا أفق له، كيف ترى الى انعكاسات هذا الأمر، وهل سينعكس تأجيجا أكثر لأزمات المنطقة؟
أنا أعتقد بأن إيران مسؤولة عن هذا التأجيج، ويبدو بأنها تعيش مجدها وعصر ازدهارها وتعتقد بأنها حققت طموحاتها في اختراق المنطقة العربية، وخصوصا في العراق وسوريا وأنها تحقق نجاحا بعد نجاح وصولا الى اليمن بحسب اعتقادها. فعندما نرى ما تشعر به إيران يبدو من من حق السعودية القول بأن لا حوار مع إيران ما دامت هذه هي نظرتها الى المنطقة وبما أنها غير مستعدة لكي تعيد النظر في تمددها وفي خطابها وفي سياساتها. يأتي الأمير بن سلمان ليقول أن معركتنا مع إيران مستمر لأنه لا يمكن للنظام الإيراني أن يطمئن جيرانه، وأعتقد أن المهم في خطاب الأمير محمد بأنه قال أننا سنستمر في هذه المعركة لكننا سننقلها الى الأرض الإيرانية وإذا كان هذا صحيحا فهذا يعني بأن الصراع السعودي الإيراني سيستمر ربما 50 سنة الى الأمام.