“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
تتجه الأنظار في اليومين الأخيرين صوب الحدود الجنوبية مع إسرائيل، فبعد الجولة الإعلامية التي نظمها “حزب الله” (الخميس في 20 الجاري) بتنسيق مع الجيش اللبناني مذكرا إسرائيل بأن حربه في سوريا لم تلهه عن مراقبة تحركاتها كاشفا عن بناء الجيش الإسرائيلي خلال الأعوام الثلاثة الماضية دشما وتحصينات مرتفعة وجدرانا عازلة وخنادق، ثم مسارعة رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم الجمعة للقيام بجولة حدودية ايضا رافقه فيها وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون، كل هذا الحراك يثير هواجس حرب يتمّ الإعداد لها ضدّ “حزب الله” سواء في سوريا أو في لبنان، وهو ما يتوافق مع التسريبات التي تحفل بها الصحف الغربية منذ مدّة، فضلا عن الوفود الدبلوماسية والإستخبارية التي تؤمّ لبنان من مختلف الدول المنغمسة في حرب سوريا.
هنا لقاء مع الخبير الإستراتيجي ومدير عام الإدارة سابقا في الجيش اللبناني اللواء المتقاعد عبد الرحمن شحيتللي يضيء على هذا الموضوع برقعته الإقليمية:
“مصدر دبلوماسي”:
هل من ضربة إسرائيلية وشيكة ضدّ “حزب الله” في لبنان وسوريا في ضوء التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة وتأهب “حزب الله” لها؟
اللواء شحيتللي:
لا قدرة لإسرائيل حاليا على شنّ حرب ضدّ “حزب الله” لأنها ستكون محكومة بالفشل بسبب عجز إسرائيل عن مواجهة القدرة الصاروخية لـ”حزب الله” أولا وقدراته القتالية التي تخوّله اختراق الحدود والقتال خارجها لفترة طويلة، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدا مباشرا لكيانها. لذا لن تجرؤ على القيام بضربة وشيكة، لكنّ ذلك لا يمنع بقائها متأهبة في حال كبا “حزب الله” في سوريا أو إذا تراجعت قدراته، وهذا ما يراهن عليه الإسرائيليون.
يظهر الأميركيون للإسرائيليين حسن نواياهم في هذا الشأن من خلال تصريحاتهم أو عبر الإجراءات التي يتخذونها ضدّ “حزب الله” في سوريا أو في لبنان.
هنا ينبغي التوقف مليا عند إن الإجراءات الأميركية التي منعت أيّ جهة من “قطف” رأس “داعش”: لم تسمح أميركا للأتراك إستكمال عملية “درع الفرات” ولم تسمح للجيش السوري إكمال طريق شقها من تدمر باتجاه دير الزور، وبعد احتلال مطار الطبقة تراكمت المؤشرات التي تعني أن منطقة الرقة ودير الزور سوف تكون منطقة نفوذ أميركي، ربما بشكل غير مباشر في المرحلة الأولى ثمّ بشكل مباشر في ما بعد. يريد الأميركيون السيطرة على خط الإمداد بين سوريا والعراق.
“مصدر دبلوماسي”:
ماذا عن الحدود السورية مع الأردن؟
اللواء شحيتللي:
في حال تمّ ضرب “داعش” على الحدود العراقية السورية، من الممكن أن تتجه بعض قواته نحو الحدود الأردنية السورية، لذا يتحسب الأردن لهذا الإحتمال محاولا إنشاء حزام أمني يمنع تسلل “داعش” الى الأردن. وتحت هذا الغطاء، قد يقدم الأردن على خطوات يتقدم فيها الى داخل الأراضي السورية من الناحية الجنوبية.
“مصدر دبلوماسي”:
هل السيطرة على هذه الحدود ستكون من الأميركيين مباشرة أم عبر حلفائهم الأردنيين وماذا عن إمكانية انخراط المصريين في هذه الحرب في ضوء قيام “داعش” بعمليات متتالية ضدّ كنائس واديار تبناها تنظيم “داعش”؟
اللواء شحيتللي:
ما يحدث في مصر مرتبط بمجريات الوضع في سوريا. إن العمليات التي تقوم بها “داعش” في مصر ترفع مستوى التوتّر بين الجيش المصري والمتطرفين الإسلاميين بشكل عام وخصوصا بعد إعلان “داعش” مسؤوليتها عن تفجير الكنائس. من المحتمل أن تدخل قوات خاصة مصرية في قتال “داعش” إذا حصل غطاء دولي لقوات أجنبية لقتال “داعش” في سوريا.
لا يريد الأميركيون أن يتحوّل الإنتصار على “داعش” لصالح الحكومة السورية وحلفائها أي إيران و”حزب الله”. لذا أتخوّف أن تترافق أية ضربة لـ”داعش” مع عمليات ضدّ “حزب الله” من قبل الأميركيين أو إسرائيل في سوريا.
“مصدر دبلوماسي”:
هل ترتبط العقوبات المالية التي ستصدر عن الكونغرس الأميركي ضدّ “حزب الله” بمناخ الحرب؟
اللواء شحيتللي:
إن الأمن والإقتصاد في لبنان مرتبطين إرتباطا وثيقا، إذا تهدد الإقتصاد في لبنان يتهدد الأمن أيضا، ولا أعتقد بأنه توجد أية مصلحة لأحد بتهديد الأمن في لبنان. ليس الأمر كما يتصوره الأميركيون الذين عليهم إعادة النظر في الموضوع، فهم لا يستطيعون فصل شريحة من الشعب عن شرائح اخرى. إن النسيج اللبناني متداخل بع بعضه في شكل كبير لا سيما في موضوع الإقتصاد والنقد.
لا يمكن وضع عقبوات على شريحة من الشعب اللبناني، فهذا قرار خطر يتخذه الأميركيون ضد المنطقة ولبنان وهو لا يمس الإقتصاد فحسب بل الأمن أيضا. إذا بقي من عقلاء في أميركا فعليهم التنبه لهذا الموضوع.
“مصدر دبلوماسي”:
كيف تقرأ الضربة الأميركية ضدّ مطار الشعيرات في سوريا؟ وكيف ترى الى التعاون الأميركي الروسي في هذا الملف؟
اللواء شحيتللي:
ما لفتني أن الضربة التي وقعت في خان شيخون في إدلب لم تسفر بحسب ما نقل الإعلام الغربي من مشاهد إلا عن مقتل أطفال، وكأن ثمة تحضير للرأي العام العالمي لضربة قادمة على سوريا، وهذا ما حصل ليتقبل الرأي العام العالمي الضربة التي تلت ضد مطار الشعيرات وهي كانت متوقعة.
لا بحث بين الأميركيين والروس في الملف السوري بمعزل عن الملفات الأخرى، إن التعاون الأميركي الروسي في سوريا تحكمه ملفات أخرى سواء على حدود روسيا أو سواها، وثمة انتظار لتسوية كبرى وشاملة.
“مصدر دبلوماسي”:
هل من خطر حرب ضدّ لبنان هذا الصيف؟
اللواء شحيتللي:
لا أحد قادر على شنّ حرب ما دام توازن الرعب موجودا، تقع الحرب عندما يقوى طرف على آخر. لا يمكن لإسرائيل ولا لأميركا شنّ حرب حاليا لأن تدمير لبنان سيؤدي أيضا الى تدمير إسرائيل.
إن “حزب الله” يمتلك قدرة قتالية خارج الحدود تمنع إسرائيل من المجازفة بحرب ضدّه في الوقت الراهن.