“مصدر دبلوماسي”: مارلين خليفة
عطلت روسيا والصين أمس مشروع قرار أعدته الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا لفرض عقوبات على النظام السوري لاستخدام السلاح الكيميائي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وأعاد هذا “الفيتو” المزدوج أجواء الحرب السياسية الباردة المستمرة بين موسكو وواشنطن حول ملفات عدة في العالم وأبرزها في سوريا.
لكن “الفيتو” السابع لا يشكّل بنظر موسكو مواجهة جديدة مع أميركا، ويبدو الروس متريثين في فتح النيران السياسية ضدّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتظار تبلور سياستها الخارجية في ملفات عدّة مطروحة.
وتستمر روسيا متفائلة بمسار جنيف 4 المتعلق بمفاوضات الحل في سوريا، وتتشبث بموقفها من عدم وضع نظام الأسد عرضة للتفاوض المسبق. وفي حين تتشبث بحلفها الوثيق مع إيران وتتفاءل بحلفها المستجد مع تركيا، فإن موسكو لا تسقط أهمية الدور الخليجي في الحل السوري، بل إن سفير روسيا في لبنان ألكسندر زاسبيكين يكشف في حوار مع موقع “مصدر دبلوماسي” بأن موسكو تعمل على تنقية الأجواء بين السعودية وإيران.
في ما يأتي نص الحوار:
كيف تشرح روسيا تقديم مشروع قرار فرنسي بريطاني أميركي الى مجلس الأمن الدولي أمس بغية فرض عقوبات بموجب المادّة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على النظام السوري وسط مفاوضات جنيف 4؟ وهل يعدّ ذلك هجوما أميركيا جديدا ضدّ روسيا؟
لا يمكن اعتبار الأمر موجها ضدّ روسيا بالذات. فقد درج الغرب في الأعوام الأخيرة على تعيين مسؤوليات وتوجيه اتهامات بغض النظر عن الوقائع. هذا نهج غير مستحسن ولا يجوز استخدامه في العلاقات الدولية ولا سيما في مجلس الأمن الدولي الذي يجب أن يبحث قضايا أساسية تتعلق بالسلام والحرب، وخصوصا وأن روسيا تعاونت بشكل كبير في شأن السلاح الكيميائي.
إن طرح مشروع القرار أمس في مجلس الأمن، ثمّ تحديد المتهم مسبقا وهو النظام السوري من دون انتظار نتائج التحقيق الجاري في هذا الإطار أمر سلبي لأن الحقاقق مختلفة.
هذا نوع من تحريض للإرهابيين الذين يستخدمون السلاح الكيميائي لكي يواصلوا الأعمال البربرية التي يقومون بها، وهنا يصبح الغرب حليفا للإرهابيين في هذا المجال الخطر جدّا.
من جهة ثانية فإن هذا الطرح يعرقل المفاوضات الجارية حاليا في جنيف حول التسوية السياسية في سوريا.
لذا اتخذت روسيا هذا الموقف المبدئي في مجلس الأمن الدولي، وخصوصا وسط تكرار هذا النهج مرارا في الآونة الأخيرة من حيث تحميل المسؤولية للأنظمة غير المرغوب فيها، ومن الأمثلة أن أميركا عيّنت روسيا مسؤولة عن إسقاط الطائرة الماليزية مباشرة ومن دون أي تحقيق، وينسحب الأمر على اتهام رياضيين روس بتناول منشطات دون أدلّة، وينسحب الأمر أيضا على تطبيق إتفاق مينسك 2 في أوكرانيا لأن تطبيقه مطلوب من السلطات الأوكرانية في حين يحمّل الغرب روسيا مسؤولية الأمر.
هذا الأسلوب الغربي لتحقيق أهداف سياسية بغض النظر عن الوقائع والمعايير الأخلاقية غير جائز.
نستنتج بأن الخلاف الروسي الأميركي لا يزال قائما مع الإدارة الجديدة لدونالد ترامب؟
لا يسمّى خلافا روسيا أميركيا، لأن هذا الإئتلاف في مجلس الأمن الدولي كان روسيا- صينيا ضدّ موقف غربي صار تقليديا في الأعوام الأخيرة وليس من أمر جديد فيه، لذا ليس بالضرورة التركيز على الموقف الأميركي فحسب، لأن هذا موقف مشترك للمعسكر الغربي.
هذا يعني أن التباين الروسي الأميركي سيبقى مستمرا في عهد ترامب؟
هنالك قضايا عالمية عدّة تنتظر المقاربة ولا يزال من السابق لأوانه تحديد السياسة التي ستمارسها إدارة ترامب. ثمة أجندة واسعة في العلاقات الدولية لذلك من الممكن الإختلاف في بعضها والإتفاق في بعضها الآخر، وبالتالي من السابق لأوانه المسارعة الى استنتاجات إستراتيجيّة.
كيف تقيم روسيا اجتماعات جنيف 4؟
هذه الجولة من المفاوضات مختلفة عن سواها من حيث توسيع مروحة المعارضة ومشاركة فصائل عدّة وخصوصا تلك العسكرية. وهذه خطوة الى الأمام.
ثانيا، وافقت روسيا على الأجندة المقترحة من قبل الأمم المتّحدة وقد أدرج موضوع الإرهاب ضمن الأولويات.
لكن ثمة مشكلات لا تزال تتكرر كأن تطرح اللجنة العليا تغيير النظام وهذا يعرقل سير التفاوض، وبالتالي ليس من توقعات بتقدّم سريع بسبب تشبث بعض الأطراف بالمواقف عينها. مع الإشارة الى أننا تمكّنا من تأسيس مسار تعاون ثلاثي في سوريا بين روسيا وإيران وتركيا وأيضا في الجنوب حيث يوجد تعاون مع الأردن. هذا التعاون الميداني هو أساسي للتقدّم، لكن بعض الأطراف لم تنضمّ الى هذا المسار بعد وأقصد الغرب والخليج.
ماذا عن تركيا؟
بعد الفشل في التعاون مع الأميركيين إنتقلنا الى التعاون الروسي الإيراني التركي ونجحنا قدر الإمكان في تثبيت مسار آستانة. ثمة تعاون وثيق وقديم مع إيران في حين أن التعاون مع تركيا حصل أخيرا لكنّ ثماره كانت جيدة ونحن نستمر بالتفاوض مع الدول الخليجية وتسعى روسيا الى تنفيس الأجواء بين السعودية وإيران، لكن إذا كان من موقف أميركي قريب للبعض وبعيد عن البعض الآخر فإنه لن يجدي نفعا.
تتصاعد التهديدات الإسرائيلية لحرب ضد “حزب الله” سواء في لبنان أو في الجولان السوري، هل التهديد بالحرب هو تهويل أم ثمة نية حقيقية لذلك؟
إن كلّ تصعيد مشابه بالتصريحات هو خطر جدّا، وتريد روسيا ضبطا للنفس من كل الأطراف المتورطة، ونحن لا نرحب بأي تصعيد في اي مجال كان لا إعلاميا ولا سياسيا ولا عسكريا، فالموقف الروسي واضح وصريح وهو ضدّ اي تصعيد واية مواجهة.
ونحن كدبلوماسية روسية لا نؤيد أية طروحات في شأن احتمالات الحرب ونفضل استبعادها ونبذل الجهود لتنقية الأجواء ومنع اية مواجهة أو تصعيد.
إقترح الرئيس دونالد ترامب مناطق آمنة للاجئين السوريين في الشمال السوري ما رأي روسيا؟
لا يزال مضمون هذا الإقتراح غير واضح، لذا يصعب التعليق الدقيق على الفكرة. كان هذا الإقتراح موجودا منذ سنوات وكنا نخشى من أن يكون طرح هذا الموضوع مدخلا للتدخل الخارجي العسكري في الموضوع السوري، أو يحمل أهدافا غير معلنة.
موضوع المناطق الآمنة يجب بحثه مع السلطات السورية الرسمية، ويجب أيضا أن يشمل دورا للأمم المتحدة، واتخاذ القرارات في المستقبل على هذا الأساس، كذلك يتطلب التنسيق مع السلطات السورية الرسمية، ولا يجوز اتخاذ قرارات في هذا الشأن بشكل أحادي لأنه يتعلق بسيادة الدول، وكذلك يجب أن يكون موضوع عودة اللاجئين في ذروة إهتمام المجتمع الدولي.