“مصدر دبلوماسي” يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره اليوم الثلاثاء في 21 شباط موقع “لبنان 24” لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://www.lebanon24.com/articles/1487656180879522500/
تتميّز بالحزم ولا يمكن مفاجأتها بسؤال، إمرأة حديدية قاسية، لا تتوقف عند النقد ولا تردّ عليه بشكل مباشر…هكذا يصف مستشارو زعيمة “الجبهة الوطنية“ مارين لوبن مرشحتهم الرئاسية التي تزور لبنان في إطار حملتها الإنتخابية لدى فرنسيي الخارج.
لوبن التي تنهي اليوم الثلاثاء زيارة الى لبنان، هي إبنة مؤسس “الجبهة الوطنية“ جان ماري لوبن، والسيدة التي تحظى في هذه الدورة الرئاسية الفرنسية بأهمية إستثنائية نظرا الى ازدياد مستوى شعبيتها بشكل ملحوظ، ومن المنتظر أن تحصد 30 في المئة من أصوات الفرنسيين في الدورة الأولى في نيسان المقبل، في حين ستكون الدورة الثانية أكثر شراسة مع منافسيها.
ولوبن التي يرافقها الى لبنان وفد صحافي قوامه 10 صحافيين، خطفت زيارتها الى لبنان إهتمام الإعلام المحلي والغربي، وقد وصل عدد من طلب مقابلتها بحسب أحد مساعديها ومعظمهم من اللبنانيين الى 80 طلبا، وهي اجتمعت بالأمس بمناصريها من “الجبهة الوطنية“ في لبنان والذين يربو عددهم عن الـ200 مناصريضع جميعهم الوردة الكحلية وهي شعار حزبها.
ولاقت زيارة لوبن الى لبنان هجوما من الصحف الفرنسيةالتقليدية ومنها “لوموند” و”لوفيغارو” التي اتهمت لوبن بأنها تزور لبنان بحثا عن شرعية دولية تفتقدها كون العماد ميشال عون رئيس جمهورية لبنان هو أول رئيس جمهورية في العالم يقبل بلقائها.
وعلم “لبنان 24” من أوساط مرافقة للوبن بأن حزب ” الجبهة الوطنية” الذي أسسه والدها وقف الى جانب عون حين كان منفيا في فرنسا واتخذ مواقف داعمة لقائد الجيش المنفي ضدّ رئيس الجمهورية الفرنسية آنذاك جاك شيراك الذي ضيّق الخناق على العماد عون الى درجة أنه رفع عنه الحراسة فجأة في أحد الأيام بسبب كلام قاله عون في مجلس خاص!.
وركزت الصحف الفرنسية التقليدية على العلاقة التي أقامتها “الجبهة الوطنية” مع الأحزاب اللبنانية اليمينية إبا حرب لبنان وقالت بأن أحد مستشاري لوبن ويدعى تيبولت دو لا توكناج شارك في حرب الجبل عام 1983 الى جانب “القوات اللبنانية“. في حين ذكرت صحيفة “لوفيغارو” أنّ أمين الخزانة في “الجبهة الوطنية” واليراند دو سان جوست كان أحد محامي رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع حين كان معتقلا.
بالنسبة الى لوبن فإن ممارسة السياسة هي تراث عائلي لكنها ترأست الحزب بعد خلافات شديدة مع والدها، وهي إختبرت السياسة الفرنسية بعمقها وخاضت معارك مع خصومها الكثر في تسعينيات القرن الفائت.
لوبن المولودة عام 1968 تتميز بخطابها الذي يدعو الى الخروج من الإتحاد الأوروبي وهو خطاب بات يحظى بقبول من الفرنسيين بعد “البركسيت” وخروج بريطانيا من إطار الإتحاد، و تعتمدلوبن خطابا معاديا للمهاجرين، يبدو اليوم “لطيفا“ مقارنة بخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لكنّ لوبن معروفة بأنها دافعت عن قضايا الكثير من المهاجرين المظلومين كما أوردت بعض المؤلفات عنها.
في هذا الإطار تقول أوساط مواكبة للوبن بأنّ زيارة لبنان تأتي نظرا الى الحضور النوعي للبنانيين في فرنسا حيث أكثر من 3 آلاف طبيب وحوالي الـ4 آلاف مهندس فضلا عن عشرات الجمعيات والمؤسسات والشركات التي يديرها لبنانيون والتي لها فروع في لبنان.
كما أن لبنان هو محطة أساسية في الشرق الأوسط في ظل الوضع الحالي، بالإضافة الى مسألة مسيحيي الشرق وهي عنوان تقليدي تجتمع عليه مختلف الأحزاب الفرنسية.
باتت لوبن بحسب متابعي الشأن الفرنسي رقما صعبا في السياسة الفرنسية، ومع تصاعد المشاعر القومية والوطنية في العالم ومع توجهات اليمين المتطرف تضاعفت حظوظها الرئاسية الى درجة باتت تثير هواجس حقيقية لدى الأحزاب الفرنسيةالتقليدية، وإذا وصلت الى سدّة الرئاسة فستشكل جسرا مهما لصعود اليمين المتطرف في أوروبا برمتها.
وتشير الأوساط الى أن صعود نجم لوبن سيؤدي الى تكتّل فرنسي قوي ضدها لمنعها من الوصول الى الرئاسة الفرنسية، لكن لا شيء مستحيل بالنسبة اليها وخصوصا وأن شعبيتها لم تتزحزح عن الـ40 في المئة، وبعد نجاح دونالد ترامب في أميركا فالجميع يتوقع مفاجآت، لأن الرأي العام كذّب الإحصاءات كلّها، علما بأن اليميني فرانسوا فيون الذي تراجعت شعبيته حاليا نتيجة فضيحة “بينيلوب غايت” والرواتب التي دفعها لوظائف وهمية لأفراد عائلته هو الوحيد القادر أن يشكل خطرا على لوبن إذا نجح في الدورة الأولى، أما المرشح الثاني القوي بعد فيون فهو إيمانويل ماكرون الذي يقدّم نفسه مرشحا خارج إطار الأحزاب التقليدية.
مارلين خليفة