“مصدر دبلوماسي”:
أثارت المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية وزعيمة “الجبهة الوطنية” مارين لوبان في لقائها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا مسألة النزوح السوري الى لبنان وقالت:” هذه الازمة لا يمكن ان تستمر الى ما شاء الله بالنظر الى عواقبها الجسيمة التي تطاول الاقتصاد ونظام الصحة ومختلف اوجه العناية بهذا العدد الهائل من النازحين.”
اضافت لوبن التي تزور لبنان في إطار حملتها الإنتخابية “لقد ناقشت مع فخامة الرئيس ايضا مسألة نمو التطرف الاسلامي التي تثير قلقا اساسيا، وسبل مواجهته، الى ضرورة التعاون في هذا الاطار بين مختلف الدول الواعية لهذا الخطر. وان لبنان وفرنسا، نظرا الى تاريخهما المشترك، يجب ان يشكلّا الحجر الاساس في تنظيم النضال ضد هذا التطرف.”
حضر اللقاء النائب سيمون ابي رميا، ورافقها النائب الفرنسي جيلبير كولار ومدير مكتبها نيكولا لو ساج، وعدد من معاونيها وحشد من الصحافيين الفرنسيين.
وتعقد لوبن بعد ظهر اليوم الإثنين لقاء لمؤيدي “الجبهة الوطنية” في لبنان حيث يربو عددهم عن المئتين، وتعقد يوم الثلاثاء لقاءات مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
والتقت اليوم الثلاثاء رئيس الجمهورية العماد عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
في القصر الجمهوري
بعد الاجتماع برئيس الجمهورية تحدثت لوبن الى الصحافيين فقالت: “تشرّفت بلقاء فخامة الرئيس العماد ميشال عون، واثرنا معا الصداقة العميقة والمثمرة التي تربط بلدينا، وتباحثنا بالامور المشتركة التي تشغل بالنا نتيجة ازمة اللاجئين ذات الوطأة الشديدة بالنسبة الى لبنان، وهي تحمّله اعباء كبرى يتمكّن بشجاعته وكرمه من ان يتخطاها. (…).
وقالت: “اضافة الى هذه المواضيع الآنية، عبّرت للرئيس عون عن رغبتي في رؤية العلاقات بين فرنسا ولبنان وقد استعادت ريعان شباب ثانٍ، من خلال الفرانكوفونية على وجه الخصوص التي تشكّل احدى ابرز العناصر المكّونة لبرنامجي الانتخابي. والرئيس عون يشاطرني الاعتقاد انّه تقف خلف اللغة، ثقافة كبرى يجب المحافظة عليها.”
وختمت بالقول: “كما سرّني ان اعرض للرئيس عون المعنى العميق للنضال السياسي الذي اقوم به من اجل الحرية والسيادة، وهو نضال يتلاقى صداه مع نضال لبنان التاريخي من اجل ان يحافظ بنفسه على حريته وسيادته وهويته وجذوره وخصوصيته. وقد تمنى لي الرئيس عون حظا موفقا في الانتخابات الرئاسية، وآني آمل ان تتسنى لي الفرصة في ان استقبله شخصيا في زيارة رسمية بعد انتخابي في شهر ايار المقبل. وسيشكّل الامر بالنسبة اليّ شرفا كبيرا، فنحن نتابع مسيرة الرئيس عون الشجاعة منذ سنوات عدّة، وقد شكّل انتخابه بالنسبة الينا خبرا رائعا، كما بالنسبة الى لبنان، فاتحا بذلك مرحلة استقرار وازدهار وتجدد للبلد على ما اتمناه.”
في السراي الحكومي
وقالت لوبن إثر لقائها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري:” لقد تباحثنا في الأزمة السورية،وقد عبّر كل منا عن موقفه تجاهها، وتبادلنا وجهات النظر حول عدة نقاط، وقد كانت لنا تحليلات مشتركة ولاسيّما حول الضرورة القصوى لوضع كل الدول التي تسعى لمحاربة التطرف الإسلامي حول طاولة واحدة،
وتحديدا تنظيم “داعش” الذي يتوسع بشكل كبير في العديد من الدول، بما فيها فرنسا ويقوم بتجنيد العديد من الأشخاص في الكثير من الدول ايضا ولا سيما في المدن الفرنسية، وهذا التطرف الإسلامي لا زال يحوز على الأهمية والدعم في فرنسا.
بالتأكيد هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر، ولكن هذا لا يدعو إلى الاستغراب نظرا للوضع الجغرافي لبلدينا، وقد اوضحت للرئيس الحريري موقفي حيال الأزمة السورية والذي عبرت عنه منذ بدء هذه الازمة وهو بأنه لا يوجد أي حل قابل للحياة ومعقول خارج الاختيار ما بين الثنائي بشار الأسد من جهة والدولة الإسلامية من جهة أخرى.
وقد قلت بشكل واضح أنه في إطار السياسة الأقل ضررا والأكثر واقعية، أرى أن بشار الأسد يشكل اليوم حلا يدعو إلى الإطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا من الدولة
الإسلامية، اذا تسلم هذا التنظيم الحكم في سوريا، مثلما حصل في ليبيا حيث تسلم الحكم بشكل جزئي بعد غي ابالسيد القذافي.
اضافت لوبن: كما سبق وقلت لقد تبادلنا وجهات نظر مشتركة كما تناقشنا حول اختلافاتنا في تحليل المواضيع، وهذا أمر طبيعي، فلبنان ليس فرنسا وكل يدافع عن مصالحه وهذا امر طبيعي للغاية فكلانا وطنيين كل يدافع عن مصلحة بلده وهي ليست نفسها.
لقد سعدت بلقائي الرئيس الحريري وعبّرت له عن تهانينا للعمل الذي قام به والده وتحديدا اعادة إعمار هذه المدينةالجميلة بيروت”.
من جهته، أكد الحريري خلال استقباله لوبن على “أن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب المتستر بلباس الدين بينما هو في الواقع لا دين له، وأن المسلمين المعتدلين الذي يشكلون الغالبية الساحقة من المسلمين في العالم، هم أول هدف للإرهاب المتطرف باسم الدين، لأنهم في الواقع أول المواجهين له.”
وتابع الرئيس الحريري: “وبالتالي، فإن الخطأ الأكبر في مقاربة هذا الموضوع هو الخلط الطائش الذي نشهده في بعض وسائل الإعلام والخطابات بين الإسلام والمسلمين من جهة وبين الإرهاب من جهة ثانية.
كما أكد الرئيس الحريري أن اللبنانيين والعرب كما بقية شعوب العالم ينظرون إلى فرنسا على أنها البلد المنبع لحقوق الإنسان وفكرة الدولة التي تساوي بين جميع أبنائها من دون أي تمييز عرقي أو ديني أو طبقي.
وشرح الرئيس الحريري أن لبنان الذي لا يتجاوز عدد سكانه الاربعة ملايين نسمة بات يستقبل على أراضيه قرابة مليوني لاجئ سوري وفلسطيني، وهو الأمر الذي يعرض اقتصاده وبناه التحتية لضغط غير مسبوق، وهو الأمر الذي تعمل الحكومة اللبنانية على وضع خطة متكاملة لمواجهة أعبائه، لمطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة في هذا المجال.
في قصر بسترس
والتقت لوبن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وأجابت على أسئلة الصحافيين حول مسيحيي الشرق فقالت:
“إن افضل طريقة لحماية المسيحيين في الشرق الاوسط هي القضاء على التطرف الاسلامي، وهو أمر اخذته على عاتقي في فرنسا لان هذا الخطر قاتل، وقد كنا ضحاياه جراء الهجمات القاتلة التي وقعت في فرنسا، وهي هجمات مستمرة على الاراضي الفرنسية. بالتأكيد هي اقل جسامة لكن عددا لا بأس به من الهجمات يقع اسبوعيا في الوقت الحالي عبر الاعتداء على عناصر من الشرطة ومدنيين، وهم يهتفون “الله اكبر”.
وأضافت: ” إن وسيلة حماية الاقليات المسيحية هي القضاء على اولئك الذين يهدفون الى تدمير كل الاقليات، هذا واضح بالنسبة لي. وذكرت ان ما يهمني في موضوع حماية المسيحيين هو العمل على تمكينهم من البقاء في ارضهم وليس كما اقترح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي منذ سنوات بإقناعهم بترك بلادهم وتحويلهم الى لاجئين في بلادنا. واعتقد ان هذه الرؤية خطيرة لمسيحيي الشرق الاوسط وهذا ليس هدفي، وإنما ما اريده هو جعلهم يواصلون العيش بأمان وطمأنينة في بلدانهم”.