“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا الحوار مع الدكتور عبد الخالق عبد الله الذي نشرته صحيفة “الرياض” السعودية” في 14 شباط 2017 لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://www.alriyadh.com/1570746
تشهد العلاقات الأميركية الإيرانية تدهورا ملموسا منذ بداية حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في تبدّل واضح وصريح مقارنة مع الأعوام الثمانية المنصرمة للرئيس باراك أوباما الذي رعى توقيع الإتفاق النووي بين إيران ودول الخمسة زائد واحد. ولعلّ الردّ الأميركي التصعيدي ضدّ التجربة الصاروخية الإيرانية أخيرا واتهام طهران بانتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي، يشي بما يعتري العلاقات من توتّر، بالإضافة الى منع الإيرانيين من دخول الأراضي الأميركية من ضمن الدول السبعة التي حظر ترامب دخول رعاياها الى بلاده لثلاثة أشهر.
لكنّ يبدو بأن الموقف الروسي متناقض مع الأميركيين، في حين تنظر الدول الخليجية التي طالما اشتكت من تدخلات إيران في ملفات المنطقة بعين الرضى الى الإدارة الأميركية الجديدة. فكيف ستتطوّر الأمور بين طهران وواشنطن؟ وكيف للخليج أن يستثمر هذه العلاقة المتردية لصالحه؟
إضاءة على هذا الموضوع مع أستاذ العلوم السياسية من الإمارات العربية المتحدة ورئيس المجلس العربي للعلوم الإجتماعيّة الدكتور عبد الخالق عبد الله:
مع بداية عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هل نشهد مرحلة جديدة من المواجهة الإيرانية الأميركية؟
المؤكد بأن العلاقات الأميركية الإيرانية سوف تتجه من سيء الى أسوا في الأعوام القادمة، وذلك لأن إدارة ترامب تنسف كل ما قامت به إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. نحن نشهد عمليا إعادة عقارب الساعة الى ما قبل أوباما في تعامل واشنطن مع طهران، لأن إدارة ترامب تعتبر بأن إيران قد تجاوزت خطوط حمراء كثيرة، وهي لن تعطى بعد اليوم أيّ ضوء أخضر أو أصفر من أجل التمدّد والعبث بالمنطقة أو تحدّي أميركا.
هذا يعني عمليا بأن الموازين مختلّة تماما لغير صالح إيران، وأي خطأ ولو بسيط منها في التقدير سيؤدي الى مواجهة ولو بسيطة أو محدودة.
هل التدهور في العلاقات الأميركية الإيرانية هو شكلي أم أن التعاطي الأميركي سيكون مختلفا مع إيران طيلة عهد الرئيس ترامب؟
أعتقد بأن إدارة ترامب مزمعة أن تعيد عقارب الساعة الى الصفر في العلاقات الأميركية الإيرانية وأن تنسف كل ما قام به الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما خلال الأعوام الـ8 الماضية بشكل كلي بما في ذلك ربّما إلغاء الإتفاق النووي وتصعيد المواجهة مع إيران ووقف تمددها في المنطقة، فنحن أمام نهج جديد وصارم ومختلف كليا وجوهريا.
هل يمكن للرئيس الأميركي إلغاء الإتفاق النووي؟
كان الإتفاق النووي اتفاقا وليس معاهدة، وقد وقعه الرئيس الأميركي السابق، ويمكن للرئيس الذي يخلفه ان يلغيه، فهو ليس معاهدة ولم يحصل على موافقة على الكونغرس، وقد راهنت إيران على التزام من سخلف أوباما بالإتفاق، ويبدو بأنها راهنت على الحصان الخاسر لأن بإمكان ترامب أن يلغي الإتفاق النووي نهائيا بتوقيع منه.
من الواضح ان روسيا لا تتقاسم الموقف الأميركي ضدّ إيران، وقد ظهر الأمر جليا في تصريحات المسؤولين الروس حول التجربة الصاروخية الباليستية، وقد رفضت موسكو اتهام ترامب لإيران بأنها “راعية للإرهاب”، كم يؤثر هذا الموقف الروسي على إدارة ترامب؟
ستكون إيران ورقة تفاوضية في أية نقاشات قادمة بين موسكو وواشنطن. من الواضح بأن روسيا تريد الإحتفاظ بمشاغبات إيران، أما أميركا فلن تقبل بالمزيد من مشاغباتها، وباعتقادي أن الطرف الأقوى في المعادلة سيفرض بعض وجهات نظره. بتقديري أنه ليس على روسيا الإختيار بين أميركا وإيران، إنما عليها أن تقدّر بأن الورقة الإيرانية ستصبح من الآن فصاعدا عبئا سياسيا وليس رصيدا استراتيجيا لها.
كيف يمكن للخليج أن يفيد من التردي القائم في العلاقات الأميركية الإيرانية؟
إن دول الخليج مرتاحة لبدايات عهد ترامب لأن الرئيس السابق باراك أوباما كان منحازا لإيران وكان يراهن على تقوية التيار الإصلاحي المعتدل، في حين أن ترامب لا يؤمن بذلك ولا تعتقد إدارته أن هنالك إصلاحيين ومعتدلين في إيران، وهذا أمر إيجابي جدّا من وجهة نظر دول الخليج التي تؤيد الحسم في اتجاه إيران، وإذا كانت أميركا معنا في هذه الجبهة فلها الشكر.
كيف سيؤثر هذا النهج على المقاربة الأميركية لملفات المنطقة من سوريا الى العراق فاليمن؟
أعتقد أننا أمام عهد وأسلوب جديدين فيه عودة الى ما قبل أوباما بمعنى أن أميركا ستقترب أكثر الى حلفائها التقليديين وستتعاون معهم في ملفات المنطقة أكثر مما قامت به إدارة أوباما، وستتعاطى في الوقت عينه تصعيديا مع إيران وقد نصل كما ذكرت الى مستوى إلغاء الإتفاق النووي بما له منى تداعيات، علما بأن الولايات المتحدة الأميركية تتحيّن ايّة فرصة لتوجيه ضربة عسكرية ولو محدودة لإيران من أجل تحقيق إعادة الهيبة لأميركا لدى الأصدقاء والأعداء.
ماذا يطلب الخليج تحديدا من الولايات المتحدة الأميركية في ما يخص الملف الإيراني؟
المزيد من العقوبات الإقتصادية والمزيد من عزل إيران وتحجيم دورها في المنطقة العربية لأنها تمددت أكثر من حجمها الطبيعي، أما كيف سيتم ذلك؟ فعل واشنطن أن تقرر.