“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره السبت 17 كانون الأول 2016 موقع “لبنان 24” لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://bit.ly/2hZox5R
ليس سقوط مدينة حلب نهاية مطاف الحرب السورية، وقد يكون أي “انتصار نظيف” مقبل لروسيا وإيران مع “حزب الله” مقدّمة لتهديد إسرائيلي يحدق بلبنان بحسب أوساط غربية واسعة الإطلاع.
وتشير الأوساط الى أن سقوط حلب هو إنتهاء عملية ترسيم حدود “سوريا المفيدة”، أي سوريا الغربية إنطلاقا حلب وحمص واللاذقية ودمشق. وترتسم حول العاصمة السورية علامات استفهام بعد عمليات القصف التي قام بها الإسرائيليون منذ قرابة الشهر.
وبعد أن دعّم النّظام السوري وحلفاؤه وضعهم في “سوريا المفيدة” يطرح السؤال عن خطوته التالية وعمّا إذا كان سيستعيد شرق سوريا وبأية شروط؟ وبحسب الأوساط الغربية فإن هذا الموضوع سيكون مادّة التفاوض الأولى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب.
وبرأي الأوساط المذكورة فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يتسلّم مهامه رسميا في 20 كانون الثاني المقبل ليس مهجوسا بشخص بشار الأسد ومصيره، بل هو مستعدّ لغضّ الطرف عن أفعاله في حال استمرّ بتقديم نفسه مقاتلا للمتطرّفين الإسلاميين- بحسب تعبير الأوساط الغربية- التي لا تستبعد أن يبقى الأسد في الحكم في المرحلة المنظورة لكنه بالطبع سيكون تحت الوصاية الروسية.
وتشير الأوساط الى أن القدر الجغرافي وضع لبنان حدوديا لجهة “سوريا المفيدة” حيث يتشارك معها قرابة الـ85 في المئة من الحدود التي يمسكها حاليا “حزب الله”، في حين تبقى روسيا بعيدة عنها بفعل اتفاق مع إيران.
وتشير الأوساط الى أنّ هذا الواقع دفع “حزب الله” الى الإقتناع التام بأن “انتصاره” في سوريا قد أنجز كليا وقد حان وقت استثماره سياسيا وخصوصا في لبنان، لذا سهّل الإنتخابات الرئاسية تاركا للبنانيين هامش المناورة مع الإمساك بزمام الأمور التي تهمّه وأبرزها قانون إنتخابات ملائم لا يسمح بإقامة تحالفات قوية وتقزيم الإتفاق المسيحي بين “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” وإعادة الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة مكبّلا كما لم يكن في السابق، وصولا الى إعادة تركيب نظام أكثر توازنا يعطي “حزب الله” امتيازات ليست موجودة لديه في السلطة التنفيذية، من هنا بقاء الخطر القوي على مصير “إتفاق الطائف”.
وتستبعد الأوساط الغربية أية سيناريوهات داخلية لبنانية لتقليص نفوذ “حزب الله” لسبب بسيط هو أن اللبنانيين غير مسلّحين ولا يرغبون بتحويل بلدهم الى ساحة حرب، وتشير الى أن العامل الوحيد الذي قد يقلب هذه المعادلة هو هجوم إسرائيلي -مستبعد لغاية الآن- لأن ما من رئيس حكومة إسرائيلي قادر على تحمّل التوغّل في حرب مع لبنان وخصوصا مع وجود قناعة إسرائيلية تترجم في الصحف الإسرائيلية بأن “حزب الله” قادر على قصف إسرائيل.
لكنّ الأوساط تطرح سيناريو آخر يشير الى أن أي “انتصار” صاف لـ”حزب الله” في سوريا ولبنان قد لا تحتمله إسرائيل، لذا تتكثف الغارات الإسرائيلية في الشام لقصف مخازن السلاح. وتكمن الخطورة في حال “إهتراء” الإتفاق النووي بين إيران والغرب، وعودة إيران الى التخصيب العشوائي، عندها قد تعود أيضا النغمة الإسرائيلية بضرورة ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وتمهيدا لخطوتها قد تعمد إسرائيل الى الهجوم على “حزب الله” في لبنان كونه لا يزال قوة رادعة لها في لبنان وسوريا. وما يزيد المخاوف الإسرائيلية بحسب الأوساط الغربية هو الخبرة القتالية التي اكتسبها “حزب الله” في الحرب السورية، ومعلومات عن تركيبه لقواعد ثابتة قرب حمص وحلب يستطيع عبرها قصف إسرائيل.
لكن تبقى الصعوبة قائمة بأن ليس من رئيس حكومة لغاية اليوم بما فيهم بنيامين نتنياهو يتجرأ على اتخاذ قرار مماثل بعد النتائج الكارثية إسرائيليا التي نتجت عن حرب تموز 2006 .
مارلين خليفة