“مصدر دبلوماسي”
يعيد موقع “مصدر دبلوماسي” نشر هذا التقرير الذي نشره موقع “لبنان 24” الثلاثاء 13 كانون الأول 2016 لكاتبته مارلين خليفة على الرابط الآتي:
http://www.lebanon24.com/articles/1481622354125949100/
بدأت دوائر دبلوماسية غربيّة إستخلاص العبر من “التجربة اللبنانية” التي انتهت بمفهومها لصالح نظام لبناني جديد غير معروف الملامح بعد، وتتحدث أوساط دبلوماسية رفيعة عن أن النظام اللبناني بات على شفير النهاية، وهو لغاية اليوم قابل لبعض عمليات الترميم والتجميل، لكنّها عمليات مؤقتة، إلا أن لبنان الماضي بات في حالة موت سريري.
وتشرح الأوساط أن أفكار نشر العلمانية وإلغاء الطائفية السياسية ومقولة “لبنان الرسالة” هي أوهام في الوضع الحالي الذي يشهد تفتّت الدول وازدياد التشنّج المذهبي في الشرق الأوسط. وبالتالي ترى بأن مقوّمات نشوء هذا البلد الأساسية انتهت، وانتهت معها الهيمنة المارونية التي كانت أساس “لبنان الكبير”، أما من ورثها فهما السنّة والشيعة اللذان يتنازعان النفوذ، في حين أن مشروعهما سويّا لا يمتّ بصلة الى الجينات التي ولد منها لبنان الذي نعرفه.
ومن الأفكار الرئيسية المتداولة في الدوائر الغربية هو توجّه لبنان نحو نظام أقرب الى الفيديرالية أو اللامركزية الموسّعة، وهو نظام سيشبه الى حدّ بعيد النظام السوري المقبل بعد انتهاء الحرب. من هنا لا ترى الأوساط الدبلوماسية ضيرا في استخلاص العبر من “التجربة اللبنانية” في نقاط عدّة أبرزها:
الإعتراف بالطوائف وانقسامها، وبأنه من المشروع تقاسم السلطات بينها ما يضمن مشاركة الجميع في الحكم، وهذا ما سيحصل في سوريا بعد انتهاء الحرب وإنما بطرق مقنّعة أكثر من الحالة اللبنانية. أما العبرة الأهم التي ينبغي أن يستخلصها لبنان أيضا فهي أن التغييرات في الأنظمة السياسية في المنطقة لا تحصل إلا بعد موجات من العنف، ومن الأفضل أن يتجنّب لبنان الإنزلاق الى هذه الدوامة وأن يفهم بأنه ذاهب لا محالة الى اقتسام مختلف للسلطة، فيوفّر على اللبنانيين مآس عاشوها طويلا إبّان الحرب الأهلية.
لكنّ العبرة الأخطر التي توصلت إليها دوائر غربية فاعلة هو أنّ “حزب الله” أكمل سيطرته النهائية على لبنان، وهو وإن قلّم أظافره فلأنه يدرك تماما الكيمياء اللبنانية –بحسب تعبير الأوساط الدبلوماسية الغربية-، لذا فهو يعمل على بسط سلطته بطريقة سلسة، تشوبها أحيانا بعض المبالغات التي يظهّرها كتّاب وسياسيون يدورون في فلكه. وتشير الأوساط الى أن الدليل الأول على إكمال “حزب الله” سيطرته على لبنان هو “فكّه الحجر” عن الرئاسة اللبنانية. وتقول الأوساط: لا يصدّقنّ أحد بأن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع هو من “حشر” “حزب الله” وأحرجه للقبول بإجراء الإستحقاق الرئاسي في هذا التوقيت! فالحزب غير محرج من قتاله في سوريا خارج الأراضي اللبنانية، وبالتالي فإن تحريره للرئاسة اللبنانية جاء بعد تيقّنه من أنه انتصر في سوريا مع إدراكه هو وإيران راعيته الإقليمية بأن هذا الإنتصار وخصوصا بعد انتهاء معركة حلب لصالح النظام السوري ليس صافيا لهما، بل متعلّق بروسيا أيضا، وعاجلا أم آجلا فإن التباين سيقع بين الطرفين.
بات “حزب الله” بحسب قراءة الأوساط الغربية لاعبا على مستوى إقليمي لذا أغلق حسابه في لبنان الذي بات تفصيلا مملا بالنسبة إليه، فـ”حزب الله” بحسب تعبير هذه الأوساط صار يشبه شركة استشارات بالنسبة الى إيران، إذ يسهم بخبراته في العراق واليمن وسوريا وفي أي رقعة تشكّل هدفا للنفوذ الإيراني، أما الدليل الأبرز على ذلك فهو كيفية تعاطيه مع تشكيل الحكومة الأولى للعهد، وهو بتعاطيه هذا كأنه يقول للبنانيين المختلفين على الحصص “أنا منشغل بتحرير حلب والموصل وأركّب سلطات في اليمن وليس لي وقت لمشاكلكم الداخلية”، وهو لذلك أوكل الأمور الداخلية إلى الرئيس نبيه بري وبالأخص ما له علاقة بتشكيل الحكومة.